الأصحاح التاسع عشر

 

الله له طرق يجذب بها النفس للسماء وكل طريقة تتناسب مع حالة الشخص. ففي الإصحاح السابق نجد الله في شركة حلوة مع إبراهيم يجذبه للسماويات وفي هذا الإصحاح نجد صورة عكسية، إنذار بالدينونة والخراب والحريق ليجذب لوط خارج دائرة الشر.

وكانت خطية سدوم وعمورة هي الشذوذ الجنسي وتسمي في العربية اللواط نسبة إلي لوط ولكن في الإنجليزية تسمي السدومية Sodomy نسبة لسدوم وعمورة وهذه أوقع.

 

أية (1):- " 1فَجَاءَ الْمَلاَكَانِ إِلَى سَدُومَ مَسَاءً، وَكَانَ لُوطٌ جَالِسًا فِي بَابِ سَدُومَ. فَلَمَّا رَآهُمَا لُوطٌ قَامَ لاسْتِقْبَالِهِمَا، وَسَجَدَ بِوَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. "

باب المدينة : كان العظماء والوجهاء والقضاة هم الذين يجلسون في باب المدينة فهذا يدل علي عظم المركز وغني لوط الذي وصل لهما. ونجد هنا لوط الذي تربي في بيت إبراهيم يصنع ما صنعه إبراهيم في ضيافة الغرباء.

 

أية (2):- " 2وَقَالَ: «يَا سَيِّدَيَّ، مِيلاَ إِلَى بَيْتِ عَبْدِكُمَا وَبِيتَا وَاغْسِلاَ أَرْجُلَكُمَا، ثُمَّ تُبَكِّرَانِ وَتَذْهَبَانِ فِي طَرِيقِكُمَا». فَقَالاَ: «لاَ، بَلْ فِي السَّاحَةِ نَبِيتُ».  "   

لابل في الساحة نبيت : كان الغريب يبيت في الساحة إذا لم يجد مكاناً اخر (قض 20،15:19) وكان هذا احتجاجاً منهما علي لوط وبيته. إذ فضلا ان يبيتا في ساحة المدينة. نجد في 2بط 8:2 أن القديس بطرس يطلق علي لوط لقب البار فهو بار نسبياً بالنسبة لشعب سدوم وعمورة ولكن بره هذا يتصاغر جداً بالنسبة لبر إبراهيم. وكان خطأ لوط الواضح انه اختار ان يسكن في هذا المكان الشرير وبعد أن اكتشف شره لم يتركه.

 

وهنا مقارنة بين إبراهيم ولوط

إبراهيم

لوط

1.يستضيف الرب وملاكين في شركة حب وصداقة.

1.بالكاد يخلصه الملاكين من الدمار من مدينة أختارها هو.

2.كان لقاء إبراهيم معهم في النهار

(فهو يحيا في النور).

2.لقاء لوط معهم كان في المساء.

3.إستضاف إبراهيم الرب وملاكين.

3.لوط لم يذهب له سوي الملاكين.

4.قبلوا دعوة إبراهيم فوراً. "قالوا هكذا نفعل كما تكلمت".

 

4.رفضوا الدخول أولاً ثم دخلوا بعد إلحاح من لوط بعد ان كانا يفضلان أن يبيتا في الساحة.

5.وليمة إبراهيم تضمنت سر الثالوث والقيامة سر المسيح والمصلوب والمقام فهو عينه مفتوحة.

5.وليمة لوط عادية.

6.إنتهي لقاء إبراهيم معهم بالبركة له ولسارة.

6.إنتهي اللقاء معهم بالكاد بنجاته من الدمار

7.إبراهيم يقف كشفيع عن الأخرين.

7.لوط يتوسل لأن يسكن في صوغر وليس في الجبل.

8.إبراهيم أختار له الله الأرض.

8.لوط إختار لنفسه وترك الصحبة الطيبة.

9.إبراهيم كان قلبه علي الخيمة والمذبح.

9.لوط بحث عن العشب والمراعي (المادة).

10.ظل حراً في محبة الله.

10.فقد شجاعته الأدبية وحريته الشخصية.

11.هو أنقذ لوط بشفاعته بل ورث كل الأرض

11.أضاع كل شئ أختاره

ولاحظ أن إلحاح لوط أن يبيت الرجلان عنده كان ليحميهما من شر أهل سدوم الذي يعرفه.

 

أية (3):- "3فَأَلَحَّ عَلَيْهِمَا جِدًّا، فَمَالاَ إِلَيْهِ وَدَخَلاَ بَيْتَهُ، فَصَنَعَ لَهُمَا ضِيَافَةً وَخَبَزَ فَطِيرًا فَأَكَلاَ. "

 

أية (4):- " 4وَقَبْلَمَا اضْطَجَعَا أَحَاطَ بِالْبَيْتِ رِجَالُ الْمَدِينَةِ، رِجَالُ سَدُومَ، مِنَ الْحَدَثِ إِلَى الشَّيْخِ، كُلُّ الشَّعْبِ مِنْ أَقْصَاهَا.  "   

لاحظ فساد الشعب كله من الحدث إلي الشيخ. الكل صار في نجاسة.

 

أية (5):- "5فَنَادَوْا لُوطًا وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ الرَّجُلاَنِ اللَّذَانِ دَخَلاَ إِلَيْكَ اللَّيْلَةَ؟ أَخْرِجْهُمَا إِلَيْنَا لِنَعْرِفَهُمَا».  "        

لنعرفهما: هي لغة الكتاب المهذبة للمعاشرة الجنسية.

 

الأيات (6-7):- "6فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ لُوطٌ إِلَى الْبَابِ وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَرَاءَهُ 7وَقَالَ: «لاَ تَفْعَلُوا شَرًّا يَا إِخْوَتِي. "

 

أية (8):- " 8هُوَذَا لِي ابْنَتَانِ لَمْ تَعْرِفَا رَجُلاً. أُخْرِجُهُمَا إِلَيْكُمْ فَافْعَلُوا بِهِمَا كَمَا يَحْسُنُ فِي عُيُونِكُمْ. وَأَمَّا هذَانِ الرَّجُلاَنِ فَلاَ تَفْعَلُوا بِهِمَا شَيْئًا، لأَنَّهُمَا قَدْ دَخَلاَ تَحْتَ ظِلِّ سَقْفِي». "   

لوط يحاول ان يصلح الموقف ولكن بطريقة فاسدة، أو قال هذا ليخجلهم.

 

أية (9):- "9فَقَالُوا: «ابْعُدْ إِلَى هُنَاكَ». ثُمَّ قَالُوا: «جَاءَ هذَا الإِنْسَانُ لِيَتَغَرَّبَ، وَهُوَ يَحْكُمُ حُكْمًا. الآنَ نَفْعَلُ بِكَ شَرًّا أَكْثَرَ مِنْهُمَا». فَأَلَحُّوا عَلَى الْرَّجُلِ لُوطٍ جِدًّا وَتَقَدَّمُوا لِيُكَسِّرُوا الْبَابَ، "    

وهو يحكم حكماً : لم يحتمل هؤلاء الأشرار أن لوط يمنعهم من الأعتداء الجنسي علي الرجلين فقالوا هل يتحكم فينا هذا الغريب. بل هددوه بأن يفعلوا فيه شراً أكثر منهما. وربما هم إستاءوا من قوله في (7) لا تفعلوا شراً فقالوا هل يحكم هذا الغريب بأن أعمالنا شريرة.

 

أية (10):- "10فَمَدَّ الرَّجُلاَنِ أَيْدِيَهُمَا وَأَدْخَلاَ لُوطًا إِلَيْهِمَا إِلَى الْبَيْتِ وَأَغْلَقَا الْبَابَ. "   

حاول لوط أن يحمي ضيفيه فطلب أن يخرج بنتيه لكن قاما الغريبان بحمايته مع أهل بيته.

 

أية (11):- " 11وَأَمَّا الرِّجَالُ الَّذِينَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَضَرَبَاهُمْ بِالْعَمَى، مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، فَعَجِزُوا عَنْ أَنْ يَجِدُوا الْبَابَ. " 

ضرباهم بالعمي : الكلمة المستخدمة للعمي تشير لنور شديد يلمع فيفقد الإنسان رؤيته أو يحدث نوع من عدم توافق النظر مع العقل فيضل الإنسان طريقه (وهذا هو حال الخاطئ لهم عيون لكنهم لا يبصرون أع 26:28) فهم ظنوا أنهم يرون باب البيت لكنهم سعوا وراء شئ أخر. (راجع 2 مل 18:6) حيث إستخدمت نفس الكلمة. أو قد تعني أنهم أحيطوا بظلام يتخبطوا فيه. ولاحظ تسلسل ضربات الله للخطاة للتحذير قبل الضربة العظيمة.

1.    وقوعهم تحت الجزية وخضوعهم لكدرلعومر 12 سنة.

2.    الحرب والأسر للنفوس والممتلكات.

3.    ضربة العمي.

4.    كرازة لوط لكنهم اعتبروه يمزح ولم يهرب أحد.

 

أية (12):- "12وَقَالَ الرَّجُلاَنِ لِلُوطٍ: «مَنْ لَكَ أَيْضًا ههُنَا؟ أَصْهَارَكَ وَبَنِيكَ وَبَنَاتِكَ وَكُلَّ مَنْ لَكَ فِي الْمَدِينَةِ، أَخْرِجْ مِنَ الْمَكَانِ، "    

من لك ههنا: نظراً لشفاعة إبراهيم فالملاكان كان مستعدان لإنقاذ أقرباء لوط.

 

أية (13):- " 13لأَنَّنَا مُهْلِكَانِ هذَا الْمَكَانَ، إِذْ قَدْ عَظُمَ صُرَاخُهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ، فَأَرْسَلَنَا الرَّبُّ لِنُهْلِكَهُ».  "  

 

أية (14):- " 14فَخَرَجَ لُوطٌ وَكَلَّمَ أَصْهَارَهُ الآخِذِينَ بَنَاتِهِ وَقَالَ: «قُومُوا اخْرُجُوا مِنْ هذَا الْمَكَانِ، لأَنَّ الرَّبَّ مُهْلِكٌ الْمَدِينَةَ». فَكَانَ كَمَازِحٍ فِي أَعْيُنِ أَصْهَارِهِ.  "  

أصهاره الأخذين بناته: سبق وقال أن بناته لم يعرفوا رجلاً فيكون هؤلاء الأصهار إما في حالة خطوبة للبنات أو كان لوط له بنات اخرين متزوجين وهلكوا مع هلاك سدوم وعمورة.

كان كمازح: فالوعظ لا يصلح إذا كان سلوك الشخص لا يؤيده. وبالنسبة لأهل سدوم نقول إن من اعتاد علي المزاح فحين يأتي وقت الجد نجده مازحاً. فهم كانوا يمكن أن يخلصوا لكن في كل جيل يري الأشرار في إنذارات الله هزلاً ومزاحاً فيستخفون بها.

 

أية (15):- "15وَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ كَانَ الْمَلاَكَانِ يُعَجِّلاَنِ لُوطًا قَائِلَيْنِ: «قُمْ خُذِ امْرَأَتَكَ وَابْنَتَيْكَ الْمَوْجُودَتَيْنِ لِئَلاَّ تَهْلِكَ بِإِثْمِ الْمَدِينَةِ». "    

قم: هي دعوة من السماء أن نقوم مع المسيح القائم من الأموات في الفجر.

 

أية (16):- "16وَلَمَّا تَوَانَى، أَمْسَكَ الرَّجُلاَنِ بِيَدِهِ وَبِيَدِ امْرَأَتِهِ وَبِيَدِ ابْنَتَيْهِ، لِشَفَقَةِ الرَّبِّ عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَاهُ وَوَضَعَاهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ."     

عجيب أن يجذب الملاكان لوط وعائلته لخارج المدينة. فهم متمسكون بالدنيويات للنفس الأخير. فكان لوط متمسكاً بالمكان وبثروته لا يريد أن يتركها.

 

الأيات (17-22):- " 17وَكَانَ لَمَّا أَخْرَجَاهُمْ إِلَى خَارِجٍ أَنَّهُ قَالَ: «اهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ، وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ. اهْرُبْ إِلَى الْجَبَلِ لِئَلاَّ تَهْلِكَ». 18فَقَالَ لَهُمَا لُوطٌ: «لاَ يَا سَيِّدُ. 19هُوَذَا عَبْدُكَ قَدْ وَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ، وَعَظَّمْتَ لُطْفَكَ الَّذِي صَنَعْتَ إِلَيَّ بِاسْتِبْقَاءِ نَفْسِي، وَأَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَهْرُبَ إِلَى الْجَبَلِ لَعَلَّ الشَّرَّ يُدْرِكُنِي فَأَمُوتَ. 20هُوَذَا الْمَدِينَةُ هذِهِ قَرِيبَةٌ لِلْهَرَبِ إِلَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ. أَهْرُبُ إِلَى هُنَاكَ. أَلَيْسَتْ هِيَ صَغِيرَةً؟ فَتَحْيَا نَفْسِي». 21فَقَالَ لَهُ: «إِنِّي قَدْ رَفَعْتُ وَجْهَكَ فِي هذَا الأَمْرِ أَيْضًا، أَنْ لاَ أَقْلِبَ الْمَدِينَةَ الَّتِي تَكَلَّمْتَ عَنْهَا. 22أَسْرِعِ اهْرُبْ إِلَى هُنَاكَ لأَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا حَتَّى تَجِيءَ إِلَى هُنَاكَ». لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُ الْمَدِينَةِ «صُوغَرَ». "

طلب الملاكان من لوط أن يهرب إلي الجبل فإختار ان يذهب إلي مدينة صوغر!! وعجيب أن يختار الله لإنسان المكان الأمن فيختار الإنسان لنفسه فهل رأي لوط أن اختياره أفضل والأعجب أنه بعد أن رفض الصعود للجبل عاد وصعد للجبل (أية 30). فهل كان لوط متعباً لا يستطيع صعود الجبل وهل يتعب من يجذبه ملاكان. هل خاف لوط أن لا يستطيع الوصول للجبل قبل أن يأتي الدمار؟ هذا مردود عليه فالملاك أفهمه أنه لا يستطيع أن يفعل شئ إن لم يهرب لوط وينجو (22) أو هل هو طمع أن تكون صوغر ملكاً له فيقول "اليست هي صغيرة فتحيا نفسي" : أي هي صغيرة فلاخذها ميراثاً لأحيا عوضاً عن كل ما خسرته في سدوم. وصوغر كانت أصغر مدن الدائرة. وهذا حال كثيرين يدعوهم الله لصعود الجبل المقدس فيكتفوا بصوغر أي بنصيب مادي أرضي. مهما كان كبيراً فهو تافه بالنسبة للسماويات.

 

أية (23):- "23وَإِذْ أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ عَلَى الأَرْضِ دَخَلَ لُوطٌ إِلَى صُوغَرَ، "

 

الأيات (24-25):- "24فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ. 25وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ، وَكُلَّ الدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ، وَنَبَاتَ الأَرْضِ. "

الله في رحمته لم يمطر علي سدوم وعمورة قبل أن يدخل لوط إلي صوغر فهو حريص علي لوط كانسان بار "قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ"

فأمطر الرب… من عند الرب: هذه تشبه "قال الرب لربي" والمعني أن الابن أمطر من عند الآب وغالباً كان خراب سدوم وعمورة عن طريق بركان قذف حمماً فطبيعة المنطقة كبريتية وباطن الأرض به غازات مكتومة مضغوطة قابلة للإشتعال وقد إنطلقت بفعل أحد الزلازل ثم إشتعلت ونزلت علي الأرض بشكل أمطار ملتهبة. وربما كانت هناك صواعق من السماء تشعل أبار الحمر الموجودة بكثرة. المهم أن غضب الله احرق المدن بطريقة ما بسبب شرها . وهكذا كل من يجري وراء شهوته ستحرقه نار غريبة (يه 7) وما حدث في سدوم وعمورة هو نموذج للنار الأبدية .قلب مدن الدائرة = غالباً تشير لغرقهم في البحر الميت، بحر الملح.

 

أية (26):- " 26وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ."    

الله حولها بقدرته لعمود ملح. أو أنها اختنقت من الكبريت والدخان ثم غطي الملح جسدها فصار لها قبراً. أو إنهالت عليها الحمم السائلة وجمدت عليها فصارت عمود ملح. لكن لماذا؟ هي نظرت لسدوم مشتهية خطاياها. ولذلك قال السيد المسيح "اذكروا إمراة لوط لو 37:17" فهي إشتهت أشياء عالمية وخطاياها بينما هي صاعدة للجبل فعلينا أن لا ننظر للوراء ونمتد إلي ما هو قدام. والملح في الكتاب المقدس يشير لعدم الفساد فيقال العهد عهد ملح أي أبدي وإمراة لوط أصبحت شاهدة علي نتائج الخطية شهادة أبدية.

 

الأيات (27-28):- "27وَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ فِي الْغَدِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ أَمَامَ الرَّبِّ، 28وَتَطَلَّعَ نَحْوَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، وَنَحْوَ كُلِّ أَرْضِ الدَّائِرَةِ، وَنَظَرَ وَإِذَا دُخَانُ الأَرْضِ يَصْعَدُ كَدُخَانِ الأَتُونِ. "

إبراهيم كان قد عرف قرار الله بالنسبة لسدوم وهو ذهب لينظر حزيناً علي مصيرهما وهو نظر ولم يتحول لعمود ملح فهناك فرق في النظرة وهو لا يشتهي الخطية بل يرثي علي الخطاة.

 

أية (29):- " 29وَحَدَثَ لَمَّا أَخْرَبَ اللهُ مُدُنَ الدَّائِرَةِ أَنَّ اللهَ ذَكَرَ إِبْرَاهِيمَ، وَأَرْسَلَ لُوطًا مِنْ وَسَطِ الانْقِلاَبِ. حِينَ قَلَبَ الْمُدُنَ الَّتِي سَكَنَ فِيهَا لُوطٌ."    

هذه الاية تثبت قوة شفاعة إبراهيم ولاحظ أن إبراهيم لم يتشفع في لوط وعائلته فقط بل للجميع ولكن الله أنقذ كل فتيلة مدخنة. ولنلاحظ المدعوين للخروج.

1.    أصهار لوط: هؤلاء إستهانوا وكان لوط كمازح في أعينهم وهؤلاء هلكوا إذ رفضوا.

2.    إمراة لوط: تمثل المتواجدين في الكنيسة تواجداً جسدياً لكن قلبهم مشتعل بمحبة العالم. هلكت.

3.    إبنتي لوط: خرجتا لكن قلبهما لم يكن نقياً، خرجتا خوفاً من الموت وليس رغبة في عدم الشركة مع الأشرار. كانتا لهما صورة التقوي وداخلهم مملوءاً شراً.

4.    لوط: متردد يمسكه الملاكان ليجذباه، متباطئ، يجادل في كلام الله ويرفض صعود الجبل ويذهب إلي صوغر (مثال لمن يرفض التقديس الكامل) حقاً قصبة مرضوضة لا يقصف.

 

الأيات (30- 38):- "30وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ، وَابْنَتَاهُ مَعَهُ، لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ، وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. 34وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ، فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا، وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا، 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ»، وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضًا وَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي»، وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ."

نجد لوط هنا وقد صعد للجبل وهذا ما قد رفضه أولاً. ولو ذهب أولاً لكان قد ذهب في إيمان ومحبة وطاعة لله كإبن أما الآن فهو يذهب خائفاً كعبد. وهذا الفصل الذي به يختم الكتاب قصة لوط مؤلم فهو أوضح أن إبنتا لوط شربتا الكثير من شر سدوم وعمورة والبعض قدم عذراً لهما أنهن تصورن خراب العالم كله بعد الحريق فأردن أن يحتفظن بالنسل أو هن أردن أن يحتفظن بالنسل المقدس ظنا منهما إن إبراهيم قد مات (فيأتي من نسلهن المسيح) ولكنه حل بشري خاطئ مرفوض. وما فعلوه كان خطية بشعة وكان إبنيهما رأسين لشعبين شريرين موأب (إبن الأب أي منسوب لأبي الأم) وبني عمون (إبن شعبي أي الذي من جنسي). وموأب صار أمة كبيرة ثم إندمج مع بني عمون في الشعوب العربية.