الإصحاح الحادى عشر

 

نفس قصة الإنسان المؤلمة تتكرر. فالله يعطى بسخاء والإنسان يسقط فى محبة العالم بكل ما فيه من شهوة وكما حدث مع آدم حدث مع سليمان. فلقد رأينا سليمان سابقا فى مجده لكننا رايناه وقد إنجذب لمحبة هذا المجد وعيناه إشتهت أكثر فأكثر فظل ينجرف من شهوة إلى شهوة أخرى. لذلك نجد هنا شمسه وقد بدأت تغيب بسبب قلبه الذى مال وزاغ وراء الخطية. وكما هو متوقع فبعد أن كان فى سلام وراحة من كل الجهات قام أعداء كثيرون فى وجهه. وربما هم قاموا فى وجهه قبلا لكنهم لم يشكلوا أى خطورة إلا فى أيام سقوطه الأخيرة.

 

الآيات (1-8):- "1وَأَحَبَّ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ: مُوآبِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَأَدُومِيَّاتٍ وَصِيدُونِيَّاتٍ وَحِثِّيَّاتٍ 2مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: «لاَ تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ، لأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ». فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ، فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ. 4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلهَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. 8وَهكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لآلِهَتِهِنَّ. "

 بدأ سليمان يشتهى المال ثم إشتهى النساء وهو سقط بسبب النساء ولم يتعظ من درس شمشون ودليلة وكما خالف أمر الله فى زيادة الخيول والذهب خالف أمره فى زيادة النساء وربما كان عدد زوجاته أكثر من سراريه لأنه إهتم بالزيجات السياسية وتكثير داود لنسائه أعطى مثلا سيئا لإبنه بل وتمادى فى هذا الخطأ. وحبه لكل هذا العدد سبب زيادة نفقاته وبالتالى زيادة الضرائب بل ربما أهمل شئون مملكته وأسوأ الكل أن قلبه مال وراء آلهة غريبة هى آلهة نسائه هو لم يترك محبة الله أو ينكره تماما بل فترت محبته الأولى وترك محبته الأولى لذلك لم يكن كاملا أمام الله هو قال كما يقول كثيرين... الأديان كلها لله والطوائف كلها لله فلماذا التعصب!! ولاحظ أنه بَنَى مرتفعة (هيكل) لِكَمُوشَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ = إن هذا يعتبر تحدى لله!! وأى قلب منقسم هذا القلب الذى يرفع إلها آخر فى قلبه أمام الله. وكما يقول أرمياء أنه ذهب يبحث لنفسه عن أبار مشققة لا تضبط ماء (أر 13:2). هو ذهب ليبحث لنفسه عن ماء ليرتوى فإذا به "الماء الذى يشرب منه لابد أن يعطش" (يو 13:4) لذلك يقول أرمياء متعجبا كيف إكدر الذهب (مرا 1:4). شهوات العالم هى الماء الذى من يشربه يعطش فالعالم مشبه بالبحر وماؤه مالح ومن يشربه يزداد عطشا بل بعد فترة بسيطة يتغير لون وجهه ويسود. ولنلاحظ ونفهم ونتساءل:-

1.    هل أنا أحكم من سليمان؟ قطعا لا... فالأحذر حتى لا أسقط "من هو قائم ليحذر حتى لا يسقط".

2.    هل أنا أقوى من سليمان؟ قطعا لا... فلأهرب من الخطية "فكل قتلاها أقوياء".

ونعمة الله تحفظ الذى يجاهد حذرا ساهرا وتحفظ من يهرب من أماكن الشر.

وهناك مشكلة أكبر أن سليمان بسماحه إقامة هذه المذابح الوثنية علم الشعب العبادة الوثنية فصار سبب عثرة لكثيرين وبقيت هذه المذابح حتى أيام يوشيا ولأن الجميع سقطوا فلقد إستحق الجميع العقاب. ولاحظ فى آية (4) أنه يقال فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ وهو مازال إبن خمسين سنة بينما موسى لم تفارقه نضارة وجهه وعمره 120 سنة والسبب فى هذه الشيخوخة الخطية. فالشاب يبدو هرما قبل الأوان وينحط جسديا وعقليا ولاحظ فشهوة الزنا قادت داود للقتل وقادت سليمان للوثنية.

 

الآيات (9-13):- "9فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، 10وَأَوْصَاهُ فِي هذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبعَ آلِهَةً أُخْرَى، فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ. 11فَقَالَ الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذلِكَ عِنْدَكَ، وَلَمْ تَحْفَظْ عَهْدِي وَفَرَائِضِيَ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا، فَإِنِّي أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ عَنْكَ تَمْزِيقًا وَأُعْطِيهَا لِعَبْدِكَ. 12إِلاَّ إِنِّي لاَ أَفْعَلُ ذلِكَ فِي أَيَّامِكَ، مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ أَبِيكَ، بَلْ مِنْ يَدِ ابْنِكَ أُمَزِّقُهَا. 13عَلَى أَنِّي لاَ أُمَزِّقُ مِنْكَ الْمَمْلَكَةَ كُلَّهَا، بَلْ أُعْطِي سِبْطًا وَاحِدًا لابْنِكَ، لأَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي، وَلأَجْلِ أُورُشَلِيمَ الَّتِي اخْتَرْتُهَا»."

قَالَ الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ= ربما عن طريق النبى أخيا فهو الذى كلم يربعام بعد ذلك. ذلِكَ عِنْدَكَ = لأن الخطية فى قلبه الذى فسد. أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ = فماذا تنفعه مركباته وخيله، ذهبه وفضته إن كان الله أصدر الأمر. سِبْطًا وَاحِدًا = فبنيامين قد إندمج فى يهوذا بسبب أنه سبط صغير جدا وصارا كأنهما سبطاً واحداً. فبنيامين بعد حربه مع الأسباط (قض 48،47:20) صار عددهم قليل جدا وهو بالنسبة لسبط يهوذا لا شىء وشمعون أصلا تم إبتلاعه فى يهوذا ولاوى موزع على كل الأسباط. ولكن مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ سيبقي الله سِبْطًا وهذا يعنى

 (1) حتى تبقى عبادة الله فى الأرض سيبقي الله سِبْطًا وَاحِدًا ليحفظ العبادة فى أورشليم

(2) من أجل أن يأتى المسيح إبن داود وحتى يظل النسل الملكى موجودا ليأتى منه المسيح. ولاحظ أن مما ضاعف خطية سليمان عطايا الله الكثيرة له ومعرفته الفائقة وظهور الله له مرتين وهناك إحتمال كبير أن يكون سليمان قد قدم توبة بعد هذا الإنذار وكتب سفر الجامعة الذى يشهد فيه بأن كل شىء جربه إذ إشتهاه فوجده باطل (النساء والفراديس والذهب...).

إذا الله لم يمزق المملكة فى عهد سليمان من أجل أن يقوده للتوبة، طول أناة الله إقتادته للتوبة.

 

الآيات (14-25):- "14وَأَقَامَ الرَّبُّ خَصْمًا لِسُلَيْمَانَ: هَدَدَ الأَدُومِيَّ، كَانَ مِنْ نَسْلِ الْمَلِكِ فِي أَدُومَ. 15وَحَدَثَ لَمَّا كَانَ دَاوُدُ فِي أَدُومَ، عِنْدَ صُعُودِ يُوآبَ رَئِيسِ الْجَيْشِ لِدَفْنِ الْقَتْلَى، وَضَرَبَ كُلَّ ذَكَرٍ فِي أَدُومَ. 16لأَنَّ يُوآبَ وَكُلَّ إِسْرَائِيلَ أَقَامُوا هُنَاكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ حَتَّى أَفْنَوْا كُلَّ ذَكَرٍ فِي أَدُومَ. 17أَنَّ هَدَدَ هَرَبَ هُوَ وَرِجَالٌ أَدُومِيُّونَ مِنْ عَبِيدِ أَبِيهِ مَعَهُ لِيَأْتُوا مِصْرَ. وَكَانَ هَدَدُ غُلاَمًا صَغِيرًا. 18وَقَامُوا مِنْ مِدْيَانَ وَأَتَوْا إِلَى فَارَانَ، وَأَخَذُوا مَعَهُمْ رِجَالاً مِنْ فَارَانَ وَأَتَوْا إِلَى مِصْرَ، إِلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأَعْطَاهُ بَيْتًا وَعَيَّنَ لَهُ طَعَامًا وَأَعْطَاهُ أَرْضًا. 19فَوَجَدَ هَدَدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ جِدًّا، وَزَوَّجَهُ أُخْتَ امْرَأَتِهِ، أُخْتَ تَحْفَنِيسَ الْمَلِكَةِ. 20فَوَلَدَتْ لَهُ أُخْتُ تَحْفَنِيسَ جَنُوبَثَ ابْنَهُ، وَفَطَمَتْهُ تَحْفَنِيسُ فِي وَسَطِ بَيْتِ فِرْعَوْنَ. وَكَانَ جَنُوبَثُ فِي بَيْتِ فِرْعَوْنَ بَيْنَ بَنِي فِرْعَوْنَ. 21فَسَمِعَ هَدَدُ فِي مِصْرَ بِأَنَّ دَاوُدَ قَدِ اضْطَجَعَ مَعَ آبَائِهِ، وَبِأَنَّ يُوآبَ رَئِيسَ الْجَيْشِ قَدْ مَاتَ. فَقَالَ هَدَدُ لِفِرْعَوْنَ: «أَطْلِقْنِي إِلَى أَرْضِي». 22فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ: «مَاذَا أَعْوَزَكَ عِنْدِي حَتَّى إِنَّكَ تَطْلُبُ الذَّهَابَ إِلَى أَرْضِكَ؟» فَقَالَ: «لاَ شَيْءَ، وَإِنَّمَا أَطْلِقْنِي».

23وَأَقَامَ اللهُ لَهُ خَصْمًا آخَرَ: رَزُونَ بْنَ أَلِيدَاعَ، الَّذِي هَرَبَ مِنْ عِنْدِ سَيِّدِهِ هَدَدَ عَزَرَ مَلِكِ صُوبَةَ، 24فَجَمَعَ إِلَيْهِ رِجَالاً فَصَارَ رَئِيسَ غُزَاةٍ عِنْدَ قَتْلِ دَاوُدَ إِيَّاهُمْ، فَانْطَلَقُوا إِلَى دِمَشْقَ وَأَقَامُوا بِهَا وَمَلَكُوا فِي دِمَشْقَ. 25وَكَانَ خَصْمًا لإِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ سُلَيْمَانَ، مَعَ شَرِّ هَدَدَ. فَكَرِهَ إِسْرَائِيلَ، وَمَلَكَ عَلَى أَرَامَ. "

فى (1 مل 4:5). وجدنا أن الرب أراح سليمان من كل جهة. ولكننا نسمع الآن عكس هذا فها هو الله يقيم خصوما لسليمان. هم كانوا موجودين من قبل إلا أن الله كان يبطل مشورتهم ولكن الله الآن تركهم لتأديب سليمان. وفى هذا الإصحاح نجد جميع خصوم سليمان وهم بدأ عداؤهم له منذ فترة لكنهم بدأوا فى الهجوم عليه حينما رأوا علامات الضعف فى مملكته.

 الخصم الأول :-

هَدَدَ الأَدُومِيَّ:- هرب من مذبحة يوآب أثناء إنشغال يوآب فى دفن قتلى المعركة = لِدَفْنِ الْقَتْلَى. وكان يُوآبَ قد قتل كُلَّ ذَكَرٍ = من جيش أدوم القادم وليس كل ذكر من آدوم وشعب آدوم بدليل (2 صم 14:8) ولاحظ أن الله يسمح لهدد أن يهرب ليكون عصا تأديب لسليمان. وهروب هدد إلى مصر كان لأن مصر فى أيام داود لم تكن على علاقات وثيقة بإسرائيل كما فى أيام سليمان. ولقد قبل فرعون لجوء هدد إليه لأنه إبن ملك بل صاهره مِدْيَانَ = إمتدت من طور سيناء وخليج العقبة إلى الشمال والشرق وأدوم كانت إلى الغرب والشمال من مديان وفَارَانَ برية شمال طور سيناء فى الجزيرة وإمتدت إلى تخم يهوذا الجنوبى. وغالبا ففرعون صاهر هدد لأسباب سياسية حتى يصير حليفاً له فى هذه المنطقة.

الخصم الثانى:-

رَزُونَ (راجع 2 صم 3:8-8) نجد أن هدد عزر ملك صوبة (وهى شرق حماة وشمال دمشق) وكانت دمشق تحت سلطته وضربه داود وجعل محافظين فى آرام دمشق وهرب رزون وجمع له رجالا فصار رئيس غزاة عند قتل داود إياهم أى عند قتله أهل صوبة. وبعد مدة عاد رزون وملك على دمشق وطرد المحافظين الذين من قبل داود وصار لسليمان عدوا. الآن صار لسليمان عدوين أحدهما فى الشمال وهو رزون والثانى فى الجنوب وهو هدد ولم يكن لأحد أن يعادى سليمان لولا أن سليمان عادى الله وهنا حرك الله أدواته لتأديب من يعاديه.

 

الآيات (26-40):- "26وَيَرُبْعَامُ بْنُ نَابَاطَ، أَفْرَايِمِيٌّ مِنْ صَرَدَةَ، عَبْدٌ لِسُلَيْمَانَ. وَاسْمُ أُمِّهِ صَرُوعَةُ، وَهِيَ امْرأَةٌ أَرْمَلَةٌ، رَفَعَ يَدَهُ عَلَى الْمَلِكِ. 27وَهذَا هُوَ سَبَبُ رَفْعِهِ يَدَهُ عَلَى الْمَلِكِ: أَنَّ سُلَيْمَانَ بَنَى الْقَلْعَةَ وَسَدَّ شُقُوقَ مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 28وَكَانَ الرَّجُلُ يَرُبْعَامُ جَبَّارَ بَأْسٍ، فَلَمَّا رَأَى سُلَيْمَانُ الْغُلاَمَ أَنَّهُ عَامِلٌ شُغْلاً، أَقَامَهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِ بَيْتِ يُوسُفَ. 29وَكَانَ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ لَمَّا خَرَجَ يَرُبْعَامُ مِنْ أُورُشَلِيمَ، أَنَّهُ لاَقَاهُ أَخِيَّا الشِّيلُونِيُّ النَّبِيُّ فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ لاَبِسٌ رِدَاءً جَدِيدًا، وَهُمَا وَحْدَهُمَا فِي الْحَقْلِ. 30فَقَبَضَ أَخِيَّا عَلَى الرِّدَاءِ الْجَدِيدِ الَّذِي عَلَيْهِ وَمَزَّقَهُ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ قِطْعَةً 31وَقَالَ لِيَرُبْعَامَ: «خُذْ لِنَفْسِكَ عَشَرَ قِطَعٍ، لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ مِنْ يَدِ سُلَيْمَانَ وَأُعْطِيكَ عَشَرَةَ أَسْبَاطٍ. 32وَيَكُونُ لَهُ سِبْطٌ وَاحِدٌ مِنْ أَجْلِ عَبْدِي دَاوُدَ وَمِنْ أَجْلِ أُورُشَلِيمَ الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَرْتُهَا مِنْ كُلِّ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، 33لأَنَّهُمْ تَرَكُونِي وَسَجَدُوا لِعَشْتُورَثَ إِلهَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَلِكَمُوشَ إِلهِ الْمُوآبِيِّينَ، وَلِمَلْكُومَ إِلهِ بَنِي عَمُّونَ، وَلَمْ يَسْلُكُوا فِي طُرُقِي لِيَعْمَلُوا الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيَّ وَفَرَائِضِي وَأَحْكَامِي كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 34وَلاَ آخُذُ كُلَّ الْمَمْلَكَةِ مِنْ يَدِهِ، بَلْ أُصَيِّرُهُ رَئِيسًا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ لأَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي الَّذِي اخْتَرْتُهُ الَّذِي حَفِظَ وَصَايَايَ وَفَرَائِضِي. 35وَآخُذُ الْمَمْلَكَةَ مِنْ يَدِ ابْنِهِ وَأُعْطِيكَ إِيَّاهَا، أَيِ الأَسْبَاطَ الْعَشَرَةَ. 36وَأُعْطِي ابْنَهُ سِبْطًا وَاحِدًا، لِيَكُونَ سِرَاجٌ لِدَاوُدَ عَبْدِي كُلَّ الأَيَّامِ أَمَامِي فِي أُورُشَلِيمَ الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَرْتُهَا لِنَفْسِي لأَضَعَ اسْمِي فِيهَا. 37وَآخُذُكَ فَتَمْلِكُ حَسَبَ كُلِّ مَا تَشْتَهِي نَفْسُكَ، وَتَكُونُ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ. 38فَإِذَا سَمِعْتَ لِكُلِّ مَا أُوصِيكَ بِهِ، وَسَلَكْتَ فِي طُرُقِي، وَفَعَلْتَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيَّ، وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَوَصَايَايَ كَمَا فَعَلَ دَاوُدُ عَبْدِي، أَكُونُ مَعَكَ وَأَبْنِي لَكَ بَيْتًا آمِنًا كَمَا بَنَيْتُ لِدَاوُدَ، وَأُعْطِيكَ إِسْرَائِيلَ. 39وَأُذِلُّ نَسْلَ دَاوُدَ مِنْ أَجْلِ هذَا، وَلكِنْ لاَ كُلَّ الأَيَّامِ».

40وَطَلَبَ سُلَيْمَانُ قَتْلَ يَرُبْعَامَ، فَقَامَ يَرُبْعَامُ وَهَرَبَ إِلَى مِصْرَ إِلَى شِيشَقَ مَلِكِ مِصْرَ. وَكَانَ فِي مِصْرَ إِلَى وَفَاةِ سُلَيْمَانَ. "

الخصم الثالث :-

يَرُبْعَامُ بْنُ نَابَاطَ: كان أحد عبيد سليمان ونرى بهذا أن المشاكل التى أحاطت بسليمان كانت من الداخل ومن الخارج وغالبا فإن الإفرايميون ومنهم يربعام كان فى داخلهم حسد ضد بيت يهوذا المالك فإفرايم سبط كبير مثل يهوذا خاصة حينما عانوا من ظلم الضرائب وإزدهار يهوذا على حسابهم هم. وغالبا إشتهوا الإنفصال عن الملك والله سهل لهم هذا تأديبا لسليمان رَفَعَ يَدَهُ عَلَى الْمَلِكِ = أى تمرد عليه وفى (39) وَلكِنْ لاَ كُلَّ الأَيَّامِ = فالله يرى المسيح الآتى من نسل داود. وبعد سبى بابل ستعود إسرائيل مع يهوذا فى دولة واحدة ولاحظ أن سليمان هو الذى رفع يربعام لما رآه من نشاطه فإشتهر وسط سبطه وتهيأت له الفرصة لدراسة إحتياجات شعبه ومناقشة مشاكلهم وبعد أن أخبر النبى أخيا يربعام بنبوته ومع أن أخيا أخبر يربعام بأنه لن يملك إلا بعد موت سليمان إلا أن يربعام غالبا ما تعجل الملك فقام بثورة ضد سليمان وإكتشف سليمان المؤامرة فأراد قتله فهرب إلى مصر وهناك تبلورت المؤامرة. ولنلاحظ أن أخيا مزق رداؤه هو وليس رداء يربعام لأن الرداء يرمز للملكة والمملكة لم تكن أبدا ملك يربعام بل ملك الله والنبى هنا يمثل الله يوزع الملك على من يشاء. والثوب كان جديدا لأن الله يقيم مملكة جديدة. وتمزيق المملكة بهذا الرمز تم سابقا حين مزق شاول ثوب صموئيل. ولقد أبقى الله يهوذا كمصباح ليضىء نور الإيمان بالهيكل والكهنوت ولقد أخبر النبى يربعام أن له (10) أسباط فقط حتى لا يطمع فى أن يستولى على يهوذا والمملكة تمزقت بسبب:-

 1- عدم أمانة سليمان.

2- غباوة إبنه رحبعام.

 

الآيات (41-43):- "41وَبَقِيَّةُ أُمُورِ سُلَيْمَانَ وَكُلُّ مَا صَنَعَ وَحِكْمَتُهُ أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أُمُورِ سُلَيْمَانَ؟ 42وَكَانَتِ الأَيَّامُ الَّتِي مَلَكَ فِيهَا سُلَيْمَانُ فِي أُورُشَلِيمَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. 43ثُمَّ اضْطَجَعَ سُلَيْمَانُ مَعَ آبَائِهِ وَدُفِنَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَمَلَكَ رَحُبْعَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. "

كان هناك كتاب كتبه المؤرخون لسليمان ومنه أخذ كاتب سفر الملوك بإرشاد من الروح القدس والكاتب أخذ أجزاء وترك أجزاء آخرى وما إختاره الكاتب الموحى له بالروح القدس هو ما فيه فائدة للعالم وللكنيسة خاصة فالكتاب المقدس ليس كتاب تاريخي.