المزمور العاشر

 

آية (1):- "1يَا رَبُّ، لِمَاذَا تَقِفُ بَعِيدًا؟ لِمَاذَا تَخْتَفِي فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ؟"

سؤال يتساءله الأبرار دائماً. لماذا يترك الله الشرير دون عقاب. (مز73 + أر1:12) بل هذا السؤال هو محور سفر أيوب. بل الشرير ينمو ويزداد شره. لكن الله طويل الأناة.

 

آية (2):- "2فِي كِبْرِيَاءِ الشِّرِّيرِ يَحْتَرِقُ الْمِسْكِينُ. يُؤْخَذُونَ بِالْمُؤَامَرَةِ الَّتِي فَكَّرُوا بِهَا."

هنا نرى البار ينسحق من ظلم الشرير. وهذا التساؤل يدل على نفاذ صبر الإنسان. ولكن السيد المسيح يقول "من يصبر إلى المنتهى فذاك يخلص" فكل تجربة للبار هي لمنفعته فبها يزداد إيمانه وصبره ورجاؤه. والحقيقة أن الله لا يبتعد عنا وقت الضيقة لكن ما يحدث أنه نتيجة لقلة إيماننا نشعر بهذا فنشكو. والعكس هو الصحيح فالله يحيط بنا وقت ضيقتنا ونكتشف هذا في خلوة الصلاة ودراسة الكتاب (الثلاثة فتية في الأتون) وحينما تكتشف النفس وجود الله تنتهي حالة القلق والاضطراب والشك.

ويرى كثيرون أن مواصفات الشرير هنا تنطبق على ضد المسيح في آخر الأزمنة. ونرى المبدأ أن من حفر حفرة لأخيه يسقط فيها = يُؤْخَذُونَ بِالْمُؤَامَرَةِ الَّتِي فَكَّرُوا بِهَا.

 

الآيات (3-11):- "3لأَنَّ الشِّرِّيرَ يَفْتَخِرُ بِشَهَوَاتِ نَفْسِهِ، وَالْخَاطِفُ يُجَدِّفُ. يُهِينُ الرَّبَّ. 4الشِّرِّيرُ حَسَبَ تَشَامُخِ أَنْفِهِ يَقُولُ: «لاَ يُطَالِبُ». كُلُّ أَفْكَارِهِ أَنَّهُ لاَ إِلهَ. 5تَثْبُتُ سُبْلُهُ فِي كُلِّ حِينٍ. عَالِيَةٌ أَحْكَامُكَ فَوْقَهُ. كُلُّ أَعْدَائِهِ يَنْفُثُ فِيهِمْ. 6قَالَ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَتَزَعْزَعُ. مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ بِلاَ سُوءٍ». 7فَمُهُ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَغِشًّا وَظُلْمًا. تَحْتَ لِسَانِهِ مَشَقَّةٌ وَإِثْمٌ. 8يَجْلِسُ فِي مَكْمَنِ الدِّيَارِ، فِي الْمُخْتَفَيَاتِ يَقْتُلُ الْبَرِيَّ. عَيْنَاهُ تُرَاقِبَانِ الْمِسْكِينَ. 9يَكْمُنُ فِي الْمُخْتَفَى كَأَسَدٍ فِي عِرِّيسِهِ. يَكْمُنُ لِيَخْطَفَ الْمِسْكِينَ. يَخْطَفُ الْمِسْكِينَ بِجَذْبِهِ فِي شَبَكَتِهِ، 10فَتَنْسَحِقُ وَتَنْحَنِي وَتَسْقُطُ الْمَسَاكِينُ بِبَرَاثِنِهِ. 11قَالَ فِي قَلْبِهِ: «إِنَّ اللهَ قَدْ نَسِيَ. حَجَبَ وَجْهَهُ. لاَ يَرَى إِلَى الأَبَدِ»."

نرى فيها تصورات قلب الأشرار أو إبليس أو ضد المسيح، فهو متكبر، يفتخر بصنع الشر والتجديف على الله والإلحاد فهو يقول لا إله، وإن وجد اله فهو لاَ يُطَالِبُ = أي لا يعاقب، أو أنه ينسى شروره. وهو واثق في نفسه. وعموماً فالكبرياء يؤدي لكل هذا. تَثْبُتُ سُبْلُهُ فِي كُلِّ حِينٍ = الله لا يعاقب فورا . عَالِيَةٌ أَحْكَامُكَ فَوْقَهُ = في نظر المظلوم أن الشرير تثبت طرقه أي لا يجد مقاومة. ولكن المرنم يضيف أن هذا بسماح من الله. والله لأنه فوق هذا الشرير بقوته وحكمته يسمح بذلك إلى حين وليس في كل حين. تَحْتَ لِسَانِهِ مَشَقَّةٌ = مشقة = اي عناء ووجع فلا سلام للاشرار( سبعينية )، فكلامه يسبب الاما لمن يقبلها ولمن يقولها ولمن يعلمها ، بل ولكل شرير .

وإبليس كان يختفي وراء لسان الهراطقة. وهو يكمن في الهراطقة = المختفى ليخدع بهم البسطاء. وهو يحارب بقوة كَأَسَدٍ فِي عِرِّيسِهِ = عرينه. لقد قيل عن ضد المسيح أنه مرتفع على كل ما يدعي إلهاً (2تس4:2). فإبليس أعطاه كل قوته وشره (رؤ2:13).

 

الآيات (12-18):- 12قُمْ يَا رَبُّ. يَا اَللهُ ارْفَعْ يَدَكَ. لاَ تَنْسَ الْمَسَاكِينَ. 13لِمَاذَا أَهَانَ الشِّرِّيرُ اللهَ؟ لِمَاذَا قَالَ فِي قَلْبِهِ: «لاَ تُطَالِبُ»؟ 14قَدْ رَأَيْتَ. لأَنَّكَ تُبْصِرُ الْمَشَقَّةَ وَالْغَمَّ لِتُجَازِيَ بِيَدِكَ. إِلَيْكَ يُسَلِّمُ الْمِسْكِينُ أَمْرَهُ. أَنْتَ صِرْتَ مُعِينَ الْيَتِيمِ. 15اِحْطِمْ ذِرَاعَ الْفَاجِرِ. وَالشِّرِّيرُ تَطْلُبُ شَرَّهُ وَلاَ تَجِدُهُ. 16الرَّبُّ مَلِكٌ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ. بَادَتِ الأُمَمُ مِنْ أَرْضِهِ. 17تَأَوُّهَ الْوُدَعَاءِ قَدْ سَمِعْتَ يَا رَبُّ. تُثَبِّتُ قُلُوبَهُمْ. تُمِيلُ أُذُنَكَ 18لِحَقِّ الْيَتِيمِ وَالْمُنْسَحِقِ، لِكَيْ لاَ يَعُودَ أَيْضًا يَرْعَبُهُمْ إِنْسَانٌ مِنَ الأَرْضِ."

هي صرخة من المرنم ومن كل مظلوم ومن الكنيسة ليتدخل الله الذي يبدو كما لو كان نائماً في السفينة (مت25:8). فالكنيسة وهي تتألم تشبه هذه السفينة التي تلاطمها الأمواج. قُمْ = هنا الكنيسة تطلب سرعة مجيء الرب الديان. ونلاحظ تكرار كلمات "المسكين واليتيم والمتواضع" وهي تشير للكنيسة ككل أو للنفس. فالنفس التي تشعر بأنها يتيمة تسمع الله يقول لها صلوا هكذا "يا أبانا الذي في السموات" والنفس التي تشعر بأنها مسكينة تسمع "طوبى للمساكين" "لن أترككم يتامي لكن أرسل لكم الروح المعزي". قُمْ = الي يقوم فهو يتهيأ ليعمل والكنيسة تصلي لله ليعمل علي ابادة الشر.