المزمور السابع والخمسون

 

في أشد أوقات داود لم يترك قيثارته ولا صلواته، وها هو هارب من شاول ولكنه لا يكف عن التسبيح والتضرع إلى الله بثقة (قارن هذا المزمور مع 2كو7:4-11).

على لا تهلك= نشيد معروف يشير إليه، ربما ليرتلونه بنفس النغمة. ومعنى لا تهلك أن لا تقابل الشر بالشر. كما عفا داود عن شاول في المغارة ولم يقتله.

نصلي هذا المزمور في الساعة السادسة، فداود كان في اضطهاد الأقوياء له رمزاً للمسيح. حفروا قدامي حفرة= هذه مؤامرة اليهود. سقطوا في وسطها= هذه نهايتهم استيقظ يا مجدي= استيقظي يا نفسي (سبعينية) هذه نصرة المسيح بالقيامة.

 

آية (1):- "1اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ ارْحَمْنِي، لأَنَّهُ بِكَ احْتَمَتْ نَفْسِي، وَبِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَحْتَمِي إِلَى أَنْ تَعْبُرَ الْمَصَائِبُ."

تكرار ارْحَمْنِي = يدل على أننا محتاجون إلى رحمة الله في الدهر الحاضر وفي الدهر الآتي. وإلى اللجاجة في الطلب. الْمَصَائِبُ = الإثم في السبعينية إشارة للتجارب التي يثيرها الشيطان. جَنَاحَيْكَ = إشارة لعناية الله بنا (مت37:23) والدجاجة إذا هاجمها صقر ترفرف بجناحيها وتضم فراخها تحتها.

 

آية (2):- "2أَصْرُخُ إِلَى اللهِ الْعَلِيِّ، إِلَى اللهِ الْمُحَامِي عَنِّي."

الصراخ لا يعني الصوت العالي بل حرارة القلب والإرادة الأكيدة في الطلب.

 

آية (3):- "3يُرْسِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَيُخَلِّصُنِي. عَيَّرَ الَّذِي يَتَهَمَّمُنِي. سِلاَهْ. يُرْسِلُ اللهُ رَحْمَتَهُ وَحَقَّهُ."

يُرْسِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَيُخَلِّصُنِي = ألم يرسل الآب ابنه الوحيد من السماء ليخلصنا (يو13:3) يَتَهَمَّمُنِي = يطأونني أو يضطهدونني (سبعينية). وهم الشياطين. رَحْمَتَهُ وَحَقَّهُ = فعلي الصليب ظهرت رحمة الله وحقه (عدله)، هذه هي طريقة الخلاص، فالذي استوفى مطاليب الحق الإلهي هو المسيح المصلوب برحمته. فداس لنا أعدائنا.

 

آية (4):- "4نَفْسِي بَيْنَ الأَشْبَالِ. أَضْطَجعُ بَيْنَ الْمُتَّقِدِينَ بَنِي آدَمَ. أَسْنَانُهُمْ أَسِنَّةٌ وَسِهَامٌ، وَلِسَانُهُمْ سَيْفٌ مَاضٍ."

الأَشْبَالِ = هم الاعداء الأقوياء الذين أحاطوا بداود (شاول ورجاله) أو هم كل من اجتمع حول المسيح (الرومان واليهود) (مز13:22). ولم يقل الاسود ، فهؤلاء المحيطين به يعتمدون علي الملك شاول ، كما تعتمد الاشبال علي ابوها الاسد . أَضْطَجعُ = إشارة إلى موت المسيح بالجسد. بَيْنَ الْمُتَّقِدِينَ = يشبه نفسه بالتبن وأعدائه بنيران حارقة.

 

آية (5):- "5ارْتَفِعِ اللَّهُمَّ عَلَى السَّمَاوَاتِ. لِيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ."

في هذه الإشارة نرى الله يقيم المظلوم ويرفعه، وهي نبوة عن قيام وصعود المسيح بالجسد. وفي نصرة المظلوم يرتفع مجد الله أمام أنظار الشعوب. حينما نضع هذه الآية مع آية (8) إستيقظ يا مجدي نفهم أن الله يتمجد ويرتفع حينما يقيم المسيح. والآية وحدها تشير لأن الله يقيم المظلوم ويرفعه، وفي هذا يرتفع مجد الله . مجد داود ليس في ملكه او جيشه او غناه ، انما مجده هو الله " اكون مجدا في وسطها "( زك 2 : 5). اذاً استيقظ يا مجدي هي نداء ورجاء للمسيح ابن الله ليقوم من الاموات ويقيمه هو ايضا، وبصعوده يصعد للمجد ويتمجد مجدا ابديا.

 

آية (6):- "6هَيَّأُوا شَبَكَةً لِخَطَوَاتِي. انْحَنَتْ نَفْسِي. حَفَرُوا قُدَّامِي حُفْرَةً. سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا. سِلاَهْ."

حين رأى المرتل مؤامرات الأعداء لإصطياده = شَبَكَةً / حُفْرَةً  وانْحَنَتْ نَفْسِه من أحزانه (حفرة مخفية كشرك ليوقعوه فيها). ولكنهم سقطوا هم فيها (هامان).

وهذا ما حدث مع المسيح في هذه الساعة، إذ نجحت وقتياً خطة الأشرار وصلبوه. وكان في حزن عظيم "نفسي حزينة إلى الموت". سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا = وهذا ما حدث مع المسيح حين أتى إبليس وجنوده ليقبضوا علي روح المسيح فإذ به يقبض هو عليهم. ويقيدهم ألف سنة. وهذا ما حدث مع داود وشاول، فسقط شاول في يد داود.

 

آية (7):- "7ثَابِتٌ قَلْبِي يَا اَللهُ، ثَابِتٌ قَلْبِي. أُغَنِّي وَأُرَنِّمُ."

ثَابِتٌ قَلْبِي = قلبي لم يتزعزع أثناء مقاومة الأعداء لي، بل كنت أغني وأرنم. والقديس أثناسيوس الرسولي يفسر ثابت قلبي (مستعد حسب السبعينية) أن قلبه مستعد لحلول الروح القدس الذي يعلمه الترنيم والتسبيح. والروح القدس حلّ علينا بعد أن تم عمل المسيح الفدائي.

 

آية (8):- "8اسْتَيْقِظْ يَا مَجْدِي! اسْتَيْقِظِي يَا رَبَابُ وَيَا عُودُ! أَنَا أَسْتَيْقِظُ سَحَرًا."

اسْتَيْقِظْ يَا مَجْدِي = استيقظي يا نفسي (سبعينية) إشارة لمجد الله الذي ظهر في إقامة المسيح، وفي معونة من ألتجأ إليه. وفي حلول الروح الذي أعطانا حياة التسبيح. أنا أستيقظ سحراً (مبكراً) سبعينية. فالمسيح قام فجر الأحد. وكل من حل عليه روح الله وإمتلأ به يستيقظ مبكراً ولا يتغافل ويقوم ليرنم.

 

الآيات (9-11):- "9أَحْمَدُكَ بَيْنَ الشُّعُوبِ يَا رَبُّ. أُرَنِّمُ لَكَ بَيْنَ الأُمَمِ. 10لأَنَّ رَحْمَتَكَ قَدْ عَظُمَتْ إِلَى السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى الْغَمَامِ حَقُّكَ. 11ارْتَفِعِ اللَّهُمَّ عَلَى السَّمَاوَاتِ. لِيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ."

أُرَنِّمُ لَكَ بَيْنَ الأُمَمِ = هذه بروح النبوة، فمزامير داود ترتل بها كل الأمم الآن. رَحْمَتَكَ عَظُمَتْ إِلَى السَّمَاوَاتِ = رحمة الله رفعت الإنسان الترابي إلى السماء فسبحت الملائكة السمائيين الله على عمله العجيب. وَإِلَى الْغَمَامِ حَقُّكَ = طلب داود هنا ان يرتفع الله ويتعالي اعلي من السموات والسحاب ، اي عاليا جدا ويري مجده كل الشعوب .والغمام أو السحاب يشير للقديسين (أش1:19 إشارة للعذراء + عب1:12) فكل من عاش حياة مقدسة يشبه بالسحاب لأنه أرتفع عن الأرضيات. ومراحم الله تشبه بالمطر المتساقط على البشر يعطيهم الخير. لِيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ = إيمان كل الأرض.