المزمور التاسع والخمسون

 

نرى في هذا المزمور رجال شاول يحاصرون داود وزوجته ميكال تخدعهم وتنزله من الكوة وداود كان في هذا رمزاً للمسيح الذي نجاه الله بقيامته. وما ناله أعداء داود من عقاب مثال لما حدث لليهود وسيحدث لهم في يوم القضاء. ونحن حين نرتل هذه المزامير نذكر إبليس عدونا ونهايته المنتظرة. ومن أعدائنا الأقوياء الشهوة والخطية.

 

الآيات (1-5):- "1أَنْقِذْنِي مِنْ أَعْدَائِي يَا إِلهِي. مِنْ مُقَاوِمِيَّ احْمِنِي. 2نَجِّنِي مِنْ فَاعِلِي الإِثْمِ، وَمِنْ رِجَالِ الدِّمَاءِ خَلِّصْنِي، 3لأَنَّهُمْ يَكْمِنُونَ لِنَفْسِي. الأَقْوِيَاءُ يَجْتَمِعُونَ عَلَيَّ، لاَ لإِثْمِي وَلاَ لِخَطِيَّتِي يَا رَبُّ. 4بِلاَ إِثْمٍ مِنِّي يَجْرُونَ وَيُعِدُّونَ أَنْفُسَهُمُ. اسْتَيْقِظْ إِلَى لِقَائِي وَانْظُرْ! 5وَأَنْتَ يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ، إِلهَ إِسْرَائِيلَ انْتَبِهْ لِتُطَالِبَ كُلَّ الأُمَمِ. كُلَّ غَادِرٍ أَثِيمٍ لاَ تَرْحَمْ. سِلاَهْ."

صلاة للخلاص من الأعداء الأقوياء. وهذا ما فعله ويفعله المسيح لنا، فهو يحمينا من الأعداء الأقوياء= (شاول/ إبليس.. ) وقوله لاَ لإِثْمِي = يشير إلى أنه لم يخطئ إليهم، لكنهم يهاجمونه بلا سبب. ويعدون أنفسهم للفتك بي. اسْتَيْقِظْ = هذا ما قاله التلاميذ للمسيح إذ ظنوه نائماً في السفينة لا يهمه أمر غرقهم. الأُمَمِ = المقصود بهم الأمم الوثنية أي من يعبدون الشياطين. وهو ضم شاول ورجاله لهؤلاء فإبليس هو أبوهم وقائدهم. انْتَبِهْ = أي دع الإمهال وطول الأناة.

 

الآيات (6-7):- "6يَعُودُونَ عِنْدَ الْمَسَاءِ، يَهِرُّونَ مِثْلَ الْكَلْبِ، وَيَدُورُونَ فِي الْمَدِينَةِ. 7هُوَذَا يُبِقُّونَ بِأَفْوَاهِهِمْ. سُيُوفٌ فِي شِفَاهِهِمْ. لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: «مَنْ سَامِعٌ؟ »."

يَهِرُّونَ مِثْلَ الْكَلْبِ = التشبيه هنا بصياد يرسل كلابه وراء الفريسة. والصياد هو شاول الملك. وقوله يَهِرُّونَ أي يصدرون أصوات خافتة كما ينبح الكلب بصوت خافت، وذلك لأنهم يخافون أن يهرب منهم داود. وتشبيه الأعداء بالكلاب (راجع مز22) يعُودُونَ عِنْدَ الْمَسَاءِ= الليل يشير للخطية التي هم فيها. هُوَذَا يُبِقُّونَ بِأَفْوَاهِهِمْ = أي يتجشأون بأفواههم (يُبِقُّونَ = يملئون فمهم هواء ويفرغونه بقوة) . والمعنى أنهم يخرجون من أفواههم فيض من الشر الذي كالسيوف لأنهم يقولون مَنْ سَامِعٌ = هم في جبروتهم يقولون لن يسمع أحد صراخ المظلوم.

 

آية (8):- "8أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَتَضْحَكُ بِهِمْ. تَسْتَهْزِئُ بِجَمِيعِ الأُمَمِ."

تَضْحَكُ.. تَسْتَهْزِئُ = راجع مزمور (2) (صلاة باكر).

 

آية (9):- "9مِنْ قُوَّتِهِ، إِلَيْكَ أَلْتَجِئُ، لأَنَّ اللهَ مَلْجَإِي."

قُوَّتِهِ = قوة العدو.

 

آية (10):- "10إِلهِي رَحْمَتُهُ تَتَقَدَّمُنِي. اللهُ يُرِينِي بِأَعْدَائِي.

هذه خبرات داود السابقة التي تسنده في ضيقته الحالية (الأسد- الدب- جليات).

 

آية (11):- "11لاَ تَقْتُلْهُمْ لِئَلاَّ يَنْسَى شَعْبِي. تَيِّهْهُمْ بِقُوَّتِكَ وَأَهْبِطْهُمْ يَا رَبُّ تُرْسَنَا."

المرنم يطلب أن يتشتت أعداؤه ليكونوا عبرة لكل شرير. فلو ماتوا لنسى الناس شرهم. وكانت هذه نبوة عن تشتت اليهود بعد صلبهم للمسيح، وأهانتهم 2000سنة في كل مكان. وكل ما نرى ما حدث لليهود نتأكد أنها عقوبة إلهية لأنهم مازالوا غير مؤمنين.

 

آية (12):- "12خَطِيَّةُ أَفْوَاهِهِمْ هِيَ كَلاَمُ شِفَاهِهِمْ. وَلْيُؤْخَذُوا بِكِبْرِيَائِهِمْ، وَمِنَ اللَّعْنَةِ وَمِنَ الْكَذِب ِالَّذِي يُحَدِّثُونَ بِهِ."

مازالت خطية اليهود هي رفضهم وإهاناتهم للمسيح وكذبهم وتحريفهم للآيات والنبوات التي بين أيديهم والتي تنطق بما حدث للمسيح.

آية (13):- "13أَفْنِ، بِحَنَق أَفْنِ، وَلاَ يَكُونُوا، وَلْيَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مُتَسَلِّطٌ فِي يَعْقُوبَ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. سِلاَهْ."

هنا يزداد المرنم غيظاً على هؤلاء الكذابين ويطلب فنائهم، وهذا ما حدث لليهود على يد تيطس سنة 70م. ولاحظ تكرار كلمة أَفْنِ للتأكيد. لعدم إيمانهم أن المسيح ملك متسلط على يعقوب وعلى كنيسته إلى أقاصي الأرض. (يعقوب هو أبو الكنيسة بالجسد).

 

الآيات (14-15):- "14وَيَعُودُونَ عِنْدَ الْمَسَاءِ. يَهِرُّونَ مِثْلَ الْكَلْبِ، وَيَدُورُونَ فِي الْمَدِينَةِ. 15هُمْ يَتِيهُونَ لِلأَكْلِ. إِنْ لَمْ يَشْبَعُوا وَيَبِيتُوا."

الآية (14) هي تكرار للآية (6) ولكن آية (15) تختلف عن آية (7). والفارق بين الحالتين، هو الفارق بين اليهود وهم يدبرون مؤامرتهم ضد المسيح وهم في قوتهم شاعرين أنهم قادرين أن يفعلوا به ما يريدون، وبين اليهود حين تشتتوا وفارقهم الله ففارقتهم قوتهم ورأوا الكنيسة التي يشبعها الله وهم في حالة جوع. في الأول كان لهم سيوف ويبقون بأفواههم. وفي الثاني مشتتين= هُمْ يَتِيهُونَ لِلأَكْلِ إِنْ لَمْ يَشْبَعُوا وَيَبِيتُوا = تترجم ويحسدون ويتذمرون إذ لا يجدون شبعهم.

 

الآيات (16-17):- "16أَمَّا أَنَا فَأُغَنِّي بِقُوَّتِكَ، وَأُرَنِّمُ بِالْغَدَاةِ بِرَحْمَتِكَ، لأَنَّكَ كُنْتَ مَلْجَأً لِي، وَمَنَاصًا فِي يَوْمِ ضِيقِي. 17يَا قُوَّتِي لَكَ أُرَنِّمُ، لأَنَّ اللهَ مَلْجَإِي، إِلهُ رَحْمَتِي."

وَأُرَنِّمُ بِالْغَدَاةِ = أي في الصباح وقارن مع الأعداء الذين يعودون عند المساء (آية6). ونصيب أولاد الله هو المسيح شمس البر نورهم. ونصيب الأشرار سلطان الظلمة أي إبليس. ومن هم في نور المسيح لا يكفوا عن التسبيح.