المزمور السادس والتسعون

 

كلمات هذا المزمور تتشابه جداً مع تسبحة داود بمناسبة صعود التابوت إلى أورشليم (1أي7:16-36). وربما كانت تسبحة داود هذه هي الأساس وبعد ذلك تم بعض التعديلات فيها. فنجد أن (أش10:42) هي نفس الآية الأولى من هذا المزمور. والآيات في (1أي23:16-33) هي نفسها تقريباً كلمات هذا المزمور، لذلك نقول أن كاتب هذا المزمور هو داود، ثم أحدثوا بعض تعديلات طفيفة عليه مأخوذة أيضاً من أقوال أنبياء مثل إشعياء ليرنموا به.

 

الآيات (1-3):- "1رَنِّمُوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً. رَنِّمِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ الأَرْضِ. 2رَنِّمُوا لِلرَّبِّ، بَارِكُوا اسْمَهُ، بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ. 3حَدِّثُوا بَيْنَ الأُمَمِ بِمَجْدِهِ، بَيْنَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ بِعَجَائِبِهِ."

أمام عمل المسيح الخلاصي علينا أن نشكر ونسبح. فالمسيح حين شفى العشرة البرص وعاد واحد منهم ليشكره سأل عن التسعة الباقين. واليهود سبحوا الله بسبب كل العجائب التي صنعها معهم. ونحن نسبحه بسبب الخلاص الذي أكمله لنا على الصليب. ويود كل مرنم أن يصل تسبيحه لكل الأرض وكل الشعوب ليعرف الكل عمل الله معه. وهذا ما صنعه الرسل والكنيسة بعدهم أنهم بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ ، وحدثوا بين الأمم بمجده. ونلاحظ تكرار اسم اِلرَّبّ ثلاث مرات، نبوة وإشارة عن الثالوث الذي لم يعرف عنه إلا في العهد الجديد. وهي تسبحة جَدِيدَةً = ترنيمة جديدة أيضاً لأنها تخص العهد الجديد، الذي فيه آمنت الأرض كلها بالله ولم يعد الإيمان قاصراً على الشعب اليهودي فقط.

 

الآيات (4-5):- "4لأَنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ وَحَمِيدٌ جِدًّا، مَهُوبٌ هُوَ عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ. 5لأَنَّ كُلَّ آلِهَةِ الشُّعُوبِ أَصْنَامٌ، أَمَّا الرَّبُّ فَقَدْ صَنَعَ السَّمَاوَاتِ."

هذا التسبيح موجه للرب المصلوب، إذ تؤمن أنه ولو أنه مصلوب إلا أنه مَهُوبٌ عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ (من تسميهم شعوبهم آلهة).

 

آية (6):- "6مَجْدٌ وَجَلاَلٌ قُدَّامَهُ. الْعِزُّ وَالْجَمَالُ فِي مَقْدِسِهِ."

لذلك لا يقف الخطاة أمام الله ولكن يقف أمامه من تبرر بدم المسيح وامتلك فضيلة.

 

الآيات (7-8):- "7قَدِّمُوا لِلرَّبِّ يَا قَبَائِلَ الشُّعُوبِ، قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدًا وَقُوَّةً. 8قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدَ اسْمِهِ. هَاتُوا تَقْدِمَةً وَادْخُلُوا دِيَارَهُ."

هذه الكلمات لا تقال إلا عن كنيسة العهد الجديد، ففي أيام اليهود، كانوا ملزمين بتقديم الذبائح في هيكل أورشليم فقط، ويقول هنا= هَاتُوا تَقْدِمَةً وَادْخُلُوا دِيَارَهُ. وتقدمة مترجمة في السبعينية ذبائح. وقوله دِيَارَهُ دل على الكنائس العديدة في كل العالم، وليس هيكل أورشليم. وفي كل قداس تقدم ذبيحة. وإذا فهمناها تقدمة، يكون المقصود أعمالنا الحسنة نمجد بها أبونا السماوي.

 

آية (9):- "9اسْجُدُوا لِلرَّبِّ فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ. ارْتَعِدِي قُدَّامَهُ يَا كُلَّ الأَرْضِ."

الزِينَةٍ المُقَدَّسَةٍ = هي الفضائل= هي أن نلبس الرب يسوع. ونسجد بخشوع.

 

آية (10):- "10قُولُوا بَيْنَ الأُمَمِ: «الرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. أَيْضًا تَثَبَّتَتِ الْمَسْكُونَةُ فَلاَ تَتَزَعْزَعُ. يَدِينُ الشُّعُوبَ بِالاسْتِقَامَةِ»."

ما هي البشرى التي نبشر بها الشعوب (الأُمَمِ)؟ أن الرَّبُّ قَدْ مَلَكَ = وفي الترجمة السبعينية الرب قد ملك على خشبة. فالرب ملك بصليبه.وهذه الاية والتي تعتبر نبوة عجيبة عن عمل المسيح بصليبه، وكما وردت في هذه الترجمة السبعينية تثبت ان هذه الترجمة هي بوحي من الروح القدس.  وثبت كنيسته= تَثَبَّتَتِ الْمَسْكُونَةُ. فبعد أن كان الناس في اضطراب أعطاهم سلام وثبتهم على صخرة. يَدِينُ الشُّعُوبَ بِالاسْتِقَامَةِ = هذا عمل المسيح في المجيء الثاني، سيكون المسيح هو الديان.

 

آية (11):- "11لِتَفْرَحِ السَّمَاوَاتُ وَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ، لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ."

خلاص البشر صار موضوع تسبيح الملائكة (سفر الرؤيا). وبه صارت السماء والأرض مملكة واحدة. وجاءت الملائكة على الأرض (يو51:1). والبحر يشير للعالم وبعد أن آمن العالم سبحوا لله = لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ.

 

آية (12):- "12لِيَجْذَلِ الْحَقْلُ وَكُلُّ مَا فِيهِ، لِتَتَرَنَّمْ حِينَئِذٍ كُلُّ أَشْجَارِ الْوَعْرِ "

لِيَجْذَلِ الْحَقْلُ = صرنا أرضاً بذر فيها المسيح كلمته لنعطي ثماراً. كُلُّ أَشْجَارِ الْوَعْرِ والتي هي بلا ثمر، هذه تحولت لأشجار مثمرة (الأمم الوثنيين صاروا مؤمنين).

 

آية (13):- "13أَمَامَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ جَاءَ. جَاءَ لِيَدِينَ الأَرْضَ. يَدِينُ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ وَالشُّعُوبَ بِأَمَانَتِهِ."

لِيَدِينَ الأَرْضَ = المسيح في مجيئه الأول جاء ليعطينا معرفة الحق. وسيأتي ثانية في المجيء الثاني ليدين العالم. وتكرار كلمة جَاءَ مرتين لتشير للمجيء الأول والثاني.فالاولي نري فيها عمل المسيح مع شعبه فصار لهم ثمار وصاروا في فرح = أَمَامَ الرَّبِّ = االمسيح الذي جاء فاثمروا وهو فرح بنتيجة عمله ، وكل من ياتي بثمار ينقيه لياتي بثمر اكثر ، وكل من هو بلا ثمر يقطعه في المجئ الثاني = يَدِينُ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ ( يو 15: 1– 5).