المزمور السابع والتسعون

 

بحسب السبعينية، عنوان المزمور "لداود لما ارتدت له الأرض" أي بعد أن ارتاح من الحروب ومقاومة الأعداء، وصارت له المملكة.

والمسيح بصليبه إمتلك أرضنا أي جسدنا، فبعد أن كنا متمردين على الله، خضعنا له، وصارت أرضنا ملكه، وأرسل روح قدسه على أرضنا فأثمرت (ثمار الروح) ولذلك نجد هذا المزمور ينقسم إلى قسمين:-

الأول: الآيات (1-6) يصور هياج العالم الطبيعي ولكنه تحت سيطرة الله.

الثاني: الآيات (7-12) يصور النتائج الروحية لمجيء المسيح وعمله الخلاصي وخضوع الكل له.

 

آية (1):- "1اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ، فَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ، وَلْتَفْرَحِ الْجَزَائِرُ الْكَثِيرَةُ."

الله هو خالق وملك الأرض كلها. فقوله اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ = يشير لملكه الجديد بصليبه. وكل خاطئ يتوب ويرجع إلى الله يملك عليه. لْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ= أي الإنسان الذي حرره الرب والفرح من ثمار الروح. وَتَفْرَحِ الْجَزَائِرُ = إشارة للأمم (تك5:10) الساكنين في الجزائر البعيدة. وروحياً فالجزيرة تشير للمؤمن الثابت الذي تحيط به الأمواج من كل ناحية.

 

آية (2):- "2السَّحَابُ وَالضَّبَابُ حَوْلَهُ. الْعَدْلُ وَالْحَقُّ قَاعِدَةُ كُرْسِيِّهِ."

السَّحَابُ = إشارة لأن الله يحجب نفسه فنحن لا نستطيع أن نعاين مجده (أع9:1). وَالضَّبَابُ = إشارة لأن معلوماتنا عن الله ضئيلة جداً. ولكن نعلم أن الْعَدْلُ قَاعِدَةُ كُرْسِيِّهِ.

 

آية (3):- "3قُدَّامَهُ تَذْهَبُ نَارٌ وَتُحْرِقُ أَعْدَاءَهُ حَوْلَهُ."

الله في عدله هو نار آكلة تحرق أعداءه المتمردون عليه (لا1:10،2 +عد35:16 + تك24:19). وقُدَّامَهُ تَذْهَبُ نَارٌ = فإلهنا نار آكلة. والروح القدس حل على التلاميذ على هيئة ألسنة نار. وإلهنا سور من نار حولنا يحفظنا (زك5:2). والروح القدس يشعل نار المحبة في قلوبنا لله (رو12:11 + رو5:5 + مت14:24 + لو32:24 + تث24:4 + عب29:12). وهي نار إحراق وروح إحراق (أش4:4) يحرق خطايانا.

 

آية (4):- "4أَضَاءَتْ بُرُوقُهُ الْمَسْكُونَةَ. رَأَتِ الأَرْضُ وَارْتَعَدَتْ."

أَضَاءَتْ بُرُوقُهُ الْمَسْكُونَةَ = تفهم بمعنيين مثل النار: فتفهم أولاً بأن الله يخيف أعداؤه بالبروق التي تحرق وتدمر. وتفهم أن نور الكرازة شمل العالم كله وأناره. وتفهم البروق أيضاً على أنها وعود الله التي يأتي بعدها تحقيق هذه الوعود، كما يأتي المطر بعد البروق.

 

آية (5):- "5ذَابَتِ الْجِبَالُ مِثْلَ الشَّمْعِ قُدَّامَ الرَّبِّ، قُدَّامَ سَيِّدِ الأَرْضِ كُلِّهَا."

ذابت الجبال = أمام الله تذوب الجبال. فالشعوب الوثنية (الرومان) ذابت في الكنيسة.والجبال اتخذت رمزاً للامم التي قاومت المسيح وكنيسته ( رؤ 17: 9) وكلها زالت وسيزول الباقي، ولكن كنيسة المسيح ستبقي للابد.

 

آية (6):- "6أَخْبَرَتِ السَّمَاوَاتُ بِعَدْلِهِ، وَرَأَى جَمِيعُ الشُّعُوبِ مَجْدَهُ."

يوم عماد المسيح انفتحت السموات وشهد الآب له. ويوم ميلاده سبحت الملائكة ولقد ذاع خبره بالكرازة، وَرَأَى جَمِيعُ الشُّعُوبِ مَجْدَهُ = بالإيمان الذي انتشر في كل العالم، والمؤمنين الذين مجدوا الله باعمالهم.

 

الآيات (7-8):- "7يَخْزَى كُلُّ عَابِدِي تِمْثَال مَنْحُوتٍ، الْمُفْتَخِرِينَ بِالأَصْنَامِ. اسْجُدُوا لَهُ يَا جَمِيعَ الآلِهَةِ. 8سَمِعَتْ صِهْيَوْنُ فَفَرِحَتْ، وَابْتَهَجَتْ بَنَاتُ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ أَحْكَامِكَ يَا رَبُّ."

هنا نرى إيمان الأمم = يَخْزَى كُلُّ عَابِدِي تِمْثَال.. وإيمان اليهود= سَمِعَتْ صِهْيَوْنُ فَفَرِحَتْ. لقد جمع المسيح كرأس للزاوية الأمم واليهود في جسده الواحد.

 

آية (9):- "9لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ عَلِيٌّ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. عَلَوْتَ جِدًّا عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ."

عَلَوْتَ جِدًّا = الله عالي دائماً. ولكنه حينما ارتفع على الصليب مجدته كل الأرض. والمسيح الذي جاء الينا متواضعا ظهر انه هو يهوه العظيم ، وصعد المسيح وجلس عن يمين الآب.

 

آية (10):- "10يَا مُحِبِّي الرَّبِّ، أَبْغِضُوا الشَّرَّ. هُوَ حَافِظٌ نُفُوسَ أَتْقِيَائِهِ. مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ يُنْقِذُهُمْ."

 

آية (11):- "11نُورٌ قَدْ زُرِعَ لِلصِّدِّيقِ، وَفَرَحٌ لِلْمُسْتَقِيمِي الْقَلْبِ."

نُورٌ قَدْ زُرِعَ = نور قد أشرق.. هو المسيح نور العالم. نُورٌ قَدْ زُرِعَ لِلصِّدِّيقِ = المسيح نور من نور. هو ظهر كنور في العالم حين تجسد وبدون زرع بشر ، انما بالروح القدس. ولم يعرفه إلاّ الصديقين. وبعد أن صعد زرع حياته في كل معمد مؤمن، فبولس يقول "لي الحياة هي المسيح" (أف21:1) ويقول "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل20:2). وحسب وعده فهو وسط كنيسته كل الأيام، بل وسط أي إثنين يجتمعان بإسمه.

 

آية (12):- "12افْرَحُوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بِالرَّبِّ، وَاحْمَدُوا ذِكْرَ قُدْسِهِ."