المزمور التاسع والتسعون

 

هذا المزمور مثل ما سبقه، تسبيح لله الذي أقام مملكته بصليبه على الأرض. وهذا المزمور يشير لأن عمل الله الذي كمل على الصليب بدأ منذ زمان طويل في العهد القديم. وأن الله الذي أظهر مراحمه على الصليب أظهرها بصور أخرى مع شعب العهد القديم، فالله لم يترك شعبه بل تعهدهم بأنبيائه وأخيراً أرسل ابنه "يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد" (عب8:13) مراحم الله ثابتة لا تتغير ولكنها تجلت بصورة عجيبة على الصليب.

هذا المزمور هو واحد من 3 مزامير تبدأ بأن الرب قد ملك، والمرنم يتهلل كنبوة بالمسيح الذي سيملك بصليبه. ولكن المسيح منذ الأزل هو ملك بدليل أنه جالس على الكروبيم وأنه يثبت الاستقامة والحق ومنه ترتعد الشعوب.

 

آية (1):- "1اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. تَرْتَعِدُ الشُّعُوبُ. هُوَ جَالِسٌ عَلَى الْكَرُوبِيمِ. تَتَزَلْزَلُ الأَرْضُ."

تَرْتَعِدُ الشُّعُوبُ = فالمسيح هو الديان الذي دان إبليس على الصليب وبعدله سيدين كل من يتبعه. بل بعمل روحه القدوس في الكرازة، كان من يسمع يرتعد (أع25:24 + أع11:5). فعمل الله بقوة، والكلام الذي من الروح القدس له قوة ترهب من يسمع. والله جَالِسٌ عَلَى الْكَرُوبِيمِ = ملكه أزلى، هو أعلى من الملائكة وكاروب تعني معرفة، فهم مملوئين أعيناً، أي مملوئين حكمة ومعرفة لله وأموره. وقوله جالس تفيد سموه عنهم، وتشير لراحة الله فيهم، إذ هم يعرفونه كملك السماء والأرض. ومن يعرف الله يحبه ومن يرفض الله سيرتعد من أحكامه. تَتَزَلْزَلُ الأَرْضُ = الأرض الجماد، لا تحتمل مجد الله فتتزلزل (خر18:19 + 1مل11:19). وهكذا كل نفس حين تسمع صوت الروح القدس تتزلزل، ومن يستجيب تتغير حياته بالتوبة، ومن لا يستجيب سيجد رعباً.

 

آية (2):- "2الرَّبُّ عَظِيمٌ فِي صِهْيَوْنَ، وَعَال هُوَ عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ."

هذا لأن معرفة الله وناموسه وشرائعه بدأت مع شعب اليهود. وبالمسيح اجتمع اليهود مع الأمم وصار الله عَال عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ= الكل آمنوا بالله.

 

آية (3):- "3يَحْمَدُونَ اسْمَكَ الْعَظِيمَ وَالْمَهُوبَ، قُدُّوسٌ هُوَ."

 

آية (4):- "4وَعِزُّ الْمَلِكِ أَنْ يُحِبَّ الْحَقَّ. أَنْتَ ثَبَّتَّ الاسْتِقَامَةَ. أَنْتَ أَجْرَيْتَ حَقًّا وَعَدْلاً فِي يَعْقُوبَ."

عِزُّ الْمَلِكِ أَنْ يُحِبَّ الْحَقَّ= كرامة الملك أن يحب العدل (سبعينية). والعدل يقول أن الخاطئ يموت، وهذا صنعه المسيح بدلاً عنا وسط يعقوب أي في أورشليم.

 

آية (5):- "5عَلُّوا الرَّبَّ إِلهَنَا، وَاسْجُدُوا عِنْدَ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ. قُدُّوسٌ هُوَ."

عَلُّوا الرَّبَّ إِلهَنَا = علوه ومجده بالرغم من أنكم ترونه الآن متواضعاً على الصليب. لذلك فتسبحة البصخة "لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد.." اسْجُدُوا عِنْدَ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ= يفهم اليهود أن موطئ قدمي الله هو هيكل سليمان (مرا 1:2) وفي العهد الجديد نفهم أن هيكل سليمان يشير لجسد المسيح (يو21:2). فموطئ قدمي الله هو جسد المسيح، فرأس المسيح هو لاهوته لارتفاع علوه وسيادته، وأما قدميه فهو الجسد الذي لبسه ليسير به على الأرض. وصار مكان صليبه هو مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ. ومهما حاولنا أن نرفع عقولنا لندرك علو إرتفاعه سنفشل، ولعلنا نتواضع ونسجد أمامه، أمام سر تجسده ومحبته التي بهما كان يسير على الأرض حباً لنا.

 

الآيات (6-7):- "6مُوسَى وَهَارُونُ بَيْنَ كَهَنَتِهِ، وَصَمُوئِيلُ بَيْنَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِهِ. دَعَوْا الرَّبَّ وَهُوَ اسْتَجَابَ لَهُمْ. 7بِعَمُودِ السَّحَابِ كَلَّمَهُمْ. حَفِظُوا شَهَادَاتِهِ وَالْفَرِيضَةَ الَّتِي أَعْطَاهُمْ."

يسوع هذا الذي نراه مصلوباً، هو من تنبأ عنه الأنبياء، بل هو الذي أرسلهم حباً لشعبه، ليعلموا شعبه الوصايا، فلا يهلك الشعب، بل هم كانوا رجال صلاة يتشفعون عن الشعب، وكانوا يصلون له، فهو يهوه ، وهو يستجيب. هم كانوا كهنة يقدمون ذبائح رمزاً للذبيح الأعظم الذي استجاب أخيراً لصلواتهم وقدم نفسه.

 

آية (8):- "8أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا، أَنْتَ اسْتَجَبْتَ لَهُمْ. إِلهًا غَفُورًا كُنْتَ لَهُمْ، وَمُنْتَقِمًا عَلَى أَفْعَالِهِمْ."

كان الله يستجيب لهم في شفاعاتهم عن الشعب، وينتقم من أعداء الشعب وكل من قاومهم (قورح/داثان.. العماليق..). وقد استجاب أخيراً بصليبه الذي به غفر فعلاً كل خطايا المؤمنين، وبه انتقم من إبليس وأتباعه.

 

آية (9):- "9عَلُّوا الرَّبَّ إِلهَنَا، وَاسْجُدُوا فِي جَبَلِ قُدْسِهِ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَنَا قُدُّوسٌ."