الإصحاح العشرون

 

آية (1):- "1اَلْخَمْرُ مُسْتَهْزِئَةٌ. الْمُسْكِرُ عَجَّاجٌ، وَمَنْ يَتَرَنَّحُ بِهِمَا فَلَيْسَ بِحَكِيمٍ. "

عجاج= الخمر يقود الإنسان لثورة صاخبة مستهزئة. الخمر مثل أي شئ لو أسئ استعمالها لصارت مهلكة للإنسان، والمدمن الخمر أو السكير يهلك نفسه صحياً ومالياً وأدبياً وعائلياً... وهي مستهزئة فهي تغرر بالإنسان وتفقده كرامته (نوح كمثال) فالسكير يتحول إلى مستهزئ وأيضاً يستهزئ به الناس وهو فاقد لوعيه. ولكن هناك استعمالات صالحة للخمر (1تي23:5). "كل الأشياء تحل لي لكن ليس كل الأشياء توافق".

 

آية (2):- " 2رُعْبُ الْمَلِكِ كَزَمْجَرَةِ الأَسَدِ. الَّذِي يُغِيظُهُ يُخْطِئُ إِلَى نَفْسِهِ."

راجع (رو1:13 + 1بط13:2). السلطان من قبل الله فيجب احترام الملك. ولنقارن هذه الآية مع من يخطئ إلى ملك الملوك ويغيظه.

 

آية (3):- "3مَجْدُ الرَّجُلِ أَنْ يَبْتَعِدَ عَنِ الْخِصَامِ، وَكُلُّ أَحْمَقَ يُنَازِعُ. "

الأكثر حكمة هو من في المخاصمات يعترف بخطأه ويبتعد عن المنازعات الكثيرة (في5:4) بل لو كان التنازل عن بعض الحقوق فيه طريق للسلام فليكن هذا أفضل (تك8:13 إبراهيم ولوط).

 

آية (4):- "4اَلْكَسْلاَنُ لاَ يَحْرُثُ بِسَبَبِ الشِّتَاءِ، فَيَسْتَعْطِي فِي الْحَصَادِ وَلاَ يُعْطَى. "

الجوع جزاء للكسل. ولاحظ حجة الكسول هنا هي برد الشتاء.. ودائماً هناك حجة حتى لا يعمل. ولكن من يزرع بالدموع يحصد بالابتهاج. وعلى الخادم أن يخدم في الشتاء أي وسط البرودة الروحية ليجد ثمر، علينا أن نجتهد لنملأ أوعيتنا كالعذارى الحكيمات.

 

آية (5):- "5اَلْمَشُورَةُ فِي قَلْبِ الرَّجُلِ مِيَاهٌ عَمِيقَةٌ، وَذُو الْفِطْنَةِ يَسْتَقِيهَا. "

الحكيم لا يتكلم كثيراً بل يخفي حكمته داخله كما لو كان بئراً عميقة. ومن يكتشف هذا الحكيم سيستفيد من حكمته كما ينتعش المرء من مياه البئر العميقة. ويكون من يكتشفه هو ذو الفطنة. بينما الجاهل يظنه لا يعرف شيئاً فهو لا يتكلم كثيراً مثل الجهال.

 

آية (6):- "6أَكْثَرُ النَّاسِ يُنَادُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِصَلاَحِهِ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَمِينُ فَمَنْ يَجِدُهُ؟ "

كل إنسان مستعد أن يعلن طهارته كما فعل أيوب دون أن يعرف حقيقة قلبه. وهكذا يفعل الفريسيين فهم يعلنون طهارتهم ويسرون بهذا.. ويطيلون أهدابهم. ولكن الأمين حقيقة هو من اختبر الرب وقداسته فإكتشف خطيته واعترف بها (كمن يكتشف بقع في ثوبه في النور). السؤال الذي يسأله الحكيم هنا ان كثيرين يدعون الصلاح ولكن كيف نكتشف الصالح فعلا وسط الناس .

 

آية (7):- "7اَلصِّدِّيقُ يَسْلُكُ بِكَمَالِهِ. طُوبَى لِبَنِيهِ بَعْدَهُ. "

لا يوجد من هو بلا خطية (جا20:7 + 1يو8:1). والبار حقيقة هو من يعلن بره بسلوكه وليس بشفتيه، وأولاد مثل هذا البار لهم بركة (إبراهيم ونسله).

 

آية (8):- "8اَلْمَلِكُ الْجَالِسُ عَلَى كُرْسِيِّ الْقَضَاءِ يُذَرِّي بِعَيْنِهِ كُلَّ شَرّ. "

الملك العادل هو من يضع في قلبه أن يحكم بالعدل ويبحث عن راحة شعبه لا عن لذته هو. وهو يحكم بعدل وحياد ولا تؤثر رعيته عليه فهو مطلق السلطان، وهو يفحص رعيته ليكتشف من منهم الشرير فيعاقبه. وإذا كانت هذه صفات ملك من البشر فكم بالأولى الله ذي العين الفاحصة. يذري = يعزل الشر من وسط الشعب .

 

آية (9):- "9مَنْ يَقُولُ: «إِنِّي زَكَّيْتُ قَلْبِي، تَطَهَّرْتُ مِنْ خَطِيَّتِي»؟ "

إذا كنا كلنا مكشوفين أمام الله فما فائدة أن نعلن بشفاهنا برنا. ولنعلم أنه لا يبررنا شئ سوى دم المسيح، فلماذا نفتخر بأي بر فينا، فكل بر فينا وكل عطية صالحة نازلة من فوق من عند أبي الأنوار فلماذا ننسبها لأنفسنا. ولم ولن يوجد إنسان يستطيع أن يقول أنه بلا خطية سوى المسيح "من منكم يبكتني على خطية".. رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شئ". أما البشر فلا يوجد منهم من يستطيع أن يقول هذا (رو24:7).

 

آية (10):- "10مِعْيَارٌ فَمِعْيَارٌ، مِكْيَالٌ فَمِكْيَالٌ، كِلاَهُمَا مَكْرَهَةٌ عِنْدَ الرَّبِّ. "

معيار فمعيار= أي معايير مختلفة للمعيار الواحد بقصد الغش. وهذا الغش دليل إنعدام الكمال. وكانت هناك رذيلة منتشرة وسط اليهود استخدام معيار للشراء وآخر للبيع بقصد الغش والمكسب السريع لحبهم في المال. والله لا يبارك في تجارة كهذه، فما يأتي بالغش يذهب بالغش.

 

آية (11):- "11اَلْوَلَدُ أَيْضًا يُعْرَفُ بِأَفْعَالِهِ، هَلْ عَمَلُهُ نَقِيٌّ وَمُسْتَقِيمٌ؟"

هذه دعوة لأن نتشبه بالأطفال الصغار، الذين لم يتعلموا إخفاء الحقيقة وإذا أخطأوا يسرعون بالاعتراف ويظهر هذا على وجوههم ويعتذرون سريعاً طالبين الصفح بلا كبرياء ولا مكابرة.

 

آية (12):- "12اَلأُذُنُ السَّامِعَةُ وَالْعَيْنُ الْبَاصِرَةُ، الرَّبُّ صَنَعَهُمَا كِلْتَيْهِمَا."

الرب يمنح المتكلين عليه عيناً مبصرة وأذن صاغية ليعرفوا مشيئته ويسمعوا صوته فيخضعوا لإرادته، وهذه يعطيها الله لمن يعترف بنقصه واحتياجه ويطلبها. وإذا حافظنا على طهارة حواسنا الخارجية سيارك الله في حواسنا الداخلية فنرى ونسمع ونعرف إرادته.

 

آية (13):- "13لاَ تُحِبَّ النَّوْمَ لِئَلاَّ تَفْتَقِرَ. افْتَحْ عَيْنَيْكَ تَشْبَعْ خُبْزًا."

(راجع أف 15:5،16). لنري اهمية الوقت .

آية (14):- "14«رَدِيءٌ، رَدِيءٌ!» يَقُولُ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا ذَهَبَ فَحِينَئِذٍ يَفْتَخِرُ!"

هذا نوع شائع من الخداع. فالمشتري يبخس السلعة التي يريد شرائها ليحصل عليها بأقل سعر فيظلم صاحبها وحين يفعل يبتهج إذ بذكائه خدع صاحب السلعة وهذا أيضاً خطأ للبائع إذا أعطى للسلعة التي يبيعها مواصفات أكثر من قيمتها والله لا يبارك أي غش.

 

آية (15):- "15يُوجَدُ ذَهَبٌ وَكَثْرَةُ لآلِئَ، أَمَّا شِفَاهُ الْمَعْرِفَةِ فَمَتَاعٌ ثَمِينٌ. "

الحكمة الإلهية التي يعطيها الله لأحبائه لهي أثمن من الذهب واللآلئ بل هي أندر. وهي تعطي زينة حقيقية لمن يمتلكها. بل هي تقود للغني ونقصها يقود للفقر.

 

آية (16):- "16خُذْ ثَوْبَهُ لأَنَّهُ ضَمِنَ غَرِيبًا، وَلأَجْلِ الأَجَانِبِ ارْتَهِنْ مِنْهُ. "

الخراب جزاء لمن يسلك بغير حكمة في ضمان الغرباء. والأجانب هنا تشير للغرباء الذي لا يعرفهم الضامن أو يشيروا للمرأة الأجنبية (الزانية) التي يرتهن الجاهل ماله للزنى معها.

 

آية (17):- "17خُبْزُ الْكَذِبِ لَذِيذٌ لِلإِنْسَانِ، وَمِنْ بَعْدُ يَمْتَلِئُ فَمُهُ حَصًى."

خبز الكذب= قد يكون قوت الإنسان الذي يحصل عليه بالغش والخديعة. وقد يكون هو كل مسرات وملذات الخطية فهي لذات مسروقة وفاكهة محرمة، وهي خبز كذب لأنها خادعة لمن يحصل عليها، تعده بالشبع ولا تشبعه. وكل خبز كذب يكون أولاً حلواً في الفم ثم يتحول لحصى.

 

آية (18):- "18اَلْمَقَاصِدُ تُثَبَّتُ بِالْمَشُورَةِ، وَبِالتَّدَابِيرِ اعْمَلْ حَرْبًا. "

الإندفاع والتهور يتسببا دائماً في الخسائر. لذلك علينا أن نتشاور قبل أن نندفع مع من عُرِفَ عنهم الحكمة (لو31:14،32). وعلى الملك أن لا يعمل حرباً قبل أن يتشاور مع حكمائه. وهكذا علينا في حروبنا الروحية سؤال الآباء المختبرين قبل الاندفاع في أي طريق.

 

آية (19):- "19اَلسَّاعِي بِالْوِشَايَةِ يُفْشِي السِّرَّ، فَلاَ تُخَالِطِ الْمُفَتِّحَ شَفَتَيْهِ. "

مفتح شفتيه= هو من يتملقك في وجهك، ومثل هذا يشي بك في الخلف، فلا تثق به.

 

آية (20):- "20مَنْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يَنْطَفِئُ سِرَاجُهُ فِي حَدَقَةِ الظَّلاَمِ."

على الابن أن يكرم أبويه حتى لو كانوا غير كاملين فمن لا يكرم أبويه لا يكرم الله. وعقوبته ينطفئ سراجه= أي لا يكون له ذرية فالشريعة تحكم برجمه، وإن لم يرجموه بحسب الشريعة فالله سينتقم منه بأن يقصر حياته (الوصية الخامسة) وتنعدم البركة في حياته فتصير حياته مؤلمة بل يخسر أبديته.

 

آية (21):- "21رُبَّ مُلْكٍ مُعَجِّل فِي أَوَّلِهِ، أَمَّا آخِرَتُهُ فَلاَ تُبَارَكُ. "

الملك المعجل= هو من يريد أن يحصل على أكبر قدر من الميراث وبأسرع وقت ممكن وبوسائل مشروعة وغير مشروعة. وفي سبيل هذا لا يهتم الشخص بإثارة الأحقاد والخصومات مع أقربائه، ومثل هذا لا يبارك له الله فيما يحصل عليه.

 

آية (22):- "22لاَ تَقُلْ: «إِنِّي أُجَازِي شَرًّا». انْتَظِرِ الرَّبَّ فَيُخَلِّصَكَ."

هنا دعوة لكل إنسان أن لا يفكر في الانتقام لنفسه، بل علينا أن نستودع حياتنا بين يدي الله مهما كنا مظلومين (رو17:12-19). ولنأخذ مثال شتيمة شمعى لداود. فداود سلم أمره لله واعتبر أن الله يؤدبه على خطاياه بسماحه لشمعي أن يشتمه وبهذا تقبل الأمر على أنه من يدي الله، هو غض النظر عن كل ما هو فرعي في الموضوع ناظراً للرب نفسه ضابط الكل وهو المسئول عنه. فأعطاه الله سلاماً وأتى اليوم الذي سجد فيه شمعي لداود.

آية (23):- "23مِعْيَارٌ فَمِعْيَارٌ مَكْرَهَةُ الرَّبِّ، وَمَوَازِينُ الْغِشِّ غَيْرُ صَالِحَةٍ."

راجع آية (10) وهذه الآية تنطبق على من يدين الآخرين على خطأ ما ولا يدين نفسه على نفس الخطأ.

 

آية (24):- "24مِنَ الرَّبِّ خَطَوَاتُ الرَّجُلِ، أَمَّا الإِنْسَانُ فَكَيْفَ يَفْهَمُ طَرِيقَهُ؟"

الله وحده يعلم بداية كل طريق ونهايته فعلينا التسليم لإرادته. فإذا نجح طريق لنا فلأن الرب بارك فيه، وإن لم ينجح وتوقف فلأن الرب يعلم أنه ليس في صالحنا.

 

آية (25):- "25هُوَ شَرَكٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَلْغُوَ قَائِلاً: «مُقَدَّسٌ»، وَبَعْدَ النَّذْرِ أَنْ يَسْأَلَ!"

من الحماقة أن نتسرع في نذورنا وننذر شئ ثم نكتشف أنه خطأ (يفتاح كمثال) فبعد أن ننذر نحاول أن نتنصل ونعتذر. فعلينا أن نسأل قبل أن ننذر. مقدس = اى مكرس او مخصص لله ، والمقصود فكر جيدا قبل ان تتكلم وتتعهد بان تكرس شيئا لله ثم تكتشف انك لا تستطيع

 

آية (26):- "26اَلْمَلِكُ الْحَكِيمُ يُشَتِّتُ الأَشْرَارَ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمِ النَّوْرَجَ. "

الملك الحكيم ينزع الأشرار من مملكته. والمقصود هنا فصل الحبوب عن القش.

 

آية (27):- "27نَفْسُ الإِنْسَانِ سِرَاجُ الرَّبِّ، يُفَتِّشُ كُلَّ مَخَادِعِ الْبَطْنِ."

نفس الإنسان سراج الرب= هي ضمير الإنسان وعقله اللذان يفحص بهما الأمور. وقد تكون النفس هي الروح أي نفخة الله وبها ندرك الأمور المادية والروحية (1كو11:2-15) والروح القدس الذي يسكن فينا يتصل بهذه الروح الانسانية التي فينا لذا هي سراج وضعه الرب فينا لنرى طريقنا، فالروح القدس هو الذي يفتح حواسنا الداخلية التي تنفتح علي السماء . ومن هنا فالله هو أبو الأنوار (يع17:1) لأنه أبو الأرواح ومصدرها فهي نفخة منه. وبنفخة الله ونوره الذي في كل إنسان يتميز البشر على كل الخليقة بل للإنسان سلطان على الخليقة. ومهما كان الإنسان بدائياً فله هذا القبس من النور الذي يدفعه أن يبحث عن خالقه. وقبل المعمودية كان يوجد الضمير فقط وبعد الميرون صار الموجه الاساسي لنا هو الروح القدس الساكن فينا. وعن طريق الروح يكلم الله الإنسان ويسكب نوره في كل مخدع في كيانه، وبه يفتش الإنسان في أعماقه فيكتشف عيوبه فيقدم توبة. وما قبل المعمودية فالروح يعمل مع الانسان ليقنعه بالمسيح ملقيا النور علي فداء المسيح ، وبهذا النور ينشأ الإحساس بالحاجة إلى الايمان بالمسيح ، فلا احد يقول ان المسيح رب الا بالروح القدس ( 1كو 12 : 3 ) . ولكن من يطفئ الروح فلا يكون له هذا النور لذلك "لا تطفئوا الروح". ومع غير المؤمن بالمسيح فالضمير هو الذي يقوده للتوبة .

 

آية (28):- "28الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ يَحْفَظَانِ الْمَلِكَ، وَكُرْسِيُّهُ يُسْنَدُ بِالرَّحْمَةِ."

رأينا في (26) عدل الملك وهنا نرى الرحمة والحق (الصليب) . وبالرحمة والحق يحب الشعب ملكه.

 

آية (29):- "29فَخْرُ الشُّبَّانِ قُوَّتُهُمْ، وَبَهَاءُ الشُّيُوخِ الشَّيْبُ."

الشباب مرادف للقوة (1يو14:2) والشيخوخة مرادفة للحكمة والاختبار والوقار فلكل سن حسناته وبالشباب والشيوخ تتكامل الكنيسة.

 

آية (30):- "30حُبُرُ جُرْحٍ مُنَقِّيَةٌ لِلشِّرِّيرِ، وَضَرَبَاتٌ بَالِغَةٌ مَخَادِعَ الْبَطْنِ."

الله يسمح بالتأديب لتنقية أولاده مثل الطبيب الذي يجرح لينقي ويشفي الشر المستتر. حُبُر جرح= الندبة الناشئة عن التئام جرح. وعند التئام جرح تحدث بعض الآلام ولكنها لازمة لشفاء الجرح. ضربات بالغة مخادع البطن= الضربات تنقي أعماق الجوف، الضربات هي تأديبات الله.