الإصحاح الثامن عشر

 

هناك رأيان في هذا الإصحاح :-

الأول: أن كوش هي الحبشة كما هو معروف ويكون معني الإصحاح أن الأحباش وقد وصلهم أخبار غزو أشور أرسلوا ليسألوا يهوذا في أمر سنحاريب، وربما طلبوا عقد تحالف مع يهوذا ضد أشور، لأنه في هذا الوقت كان قادماً علي أورشليم فإذا دخلها لم يعد شيء يقف في سبيله ليدخل مصر وكوش.

الثاني :- أن المقصود ليس كوش الحبشة لأنه يقول التي في عبر أنهار كوش، وهناك مكان آخر يسمي كوش (تك 2 : 13) في منطقة العراق، فيكون المقصود أنها بلاد خارج حدود الحبشة والعراق. وهناك من فكر أنها بلاد قوية تدعم وجود إسرائيل مثل أمريكا وإنجلترا.. الخ ولنبدأ بالتفسير الأول:

 

آية (1):- "1يَا أَرْضَ حَفِيفِ الأَجْنِحَةِ الَّتِي فِي عَبْرِ أَنْهَارِ كُوشَ،"

سميت حَفِيفِ الأَجْنِحَةِ = لعظمة جيوشها وأساطيلها التي لها أشرعة تسمي أجنحة. وفي حزقيال (17) شبه ملك أشور بنسر عظيم ذو منكبين وهكذا شبه في (إش 8:8). ويكون المقصود بذلك السلطان الإمبراطوري الذي يبسط جناحية علي الحبشة والمناطق المحيطة بها (راجع 2مل 9:19) ترهاقة يحارب سنحاريب.

 

آية (2):- "2الْمُرْسِلَةَ رُسُلاً فِي الْبَحْرِ وَفِي قَوَارِبَ مِنَ الْبَرْدِيِّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. اذْهَبُوا أَيُّهَا الرُّسُلُ السَّرِيعُونَ إِلَى أُمَّةٍ طَوِيلَةٍ وَجَرْدَاءَ، إِلَى شَعْبٍ مَخُوفٍ مُنْذُ كَانَ فَصَاعِدًا، أُمَّةِ قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ وَدَوْسٍ، قَدْ خَرَقَتِ الأَنْهَارُ أَرْضَهَا. "

رُسُلاً = المرسلون من ملك الحبشة لأورشليم. فِي الْبَحْرِ = هو نهر النيل وسمي البحر لعظمته ( أش 19 :5). الْبَرْدِيِّ = كانوا يستخدمونه لبناء قوارب سريعة لأنها خفيفة. أُمَّةٍ طَوِيلَةٍ وَجَرْدَاءَ. شَعْبٍ مَخُوفٍ = الشعب المخوف هو إسرائيل لأن إلهه مخوف يدافع عنه حتى والشعب صامت (خر 14 : 14) + ( خر 23 : 27 +  10:34+ تث 28: 10 + يش 2 :9). وهو كان شعب مخوف منذ نشأته إذ خرج من مصر بذراع رفيعة. وهم أُمَّةٍ طَوِيلَةٍ = بدأت منذ إختار الله إبراهيم وتستمر لنهآية الأيام. وَجَرْدَاءَ = بلا ثمر لرفضها المستمر لله خصوصاً حينما تعتمد علي يد آخرين وليس علي يد الله. قَدْ خَرَقَتِ الأَنْهَارُ أَرْضَهَا = إسرائيل بلا أنهار ولكنها قد تشير:-

1)    للخيرات الكثيرة التي يفيض بها الله عليهم.

2)    وقد تشير الأنهار لهجوم أشور عليها (راجع أش 17 : 12، 13)

 

آية (3):- "3يَا جَمِيعَ سُكَّانِ الْمَسْكُونَةِ وَقَاطِنِي الأَرْضِ، عِنْدَمَا تَرْتَفِعُ الرَّايَةُ عَلَى الْجِبَالِ تَنْظُرُونَ، وَعِنْدَمَا يُضْرَبُ بِالْبُوقِ تَسْمَعُونَ. "

هنا الرد الذي ينبغي أن يحمله الرسل. وهو دعوة لكل المسكونة لينظر الناس ويسمعوا حين يعمل الله أعمالا عجيبة في الأشوريين لخلاص شعبه.

 

الآيات (4-6):- "4لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ الرَّبُّ: «إِنِّي أَهْدَأُ وَأَنْظُرُ فِي مَسْكَنِي كَالْحَرِّ الصَّافِي عَلَى الْبَقْلِ، كَغَيْمِ النَّدَى فِي حَرِّ الْحَصَادِ». 5فَإِنَّهُ قَبْلَ الْحَصَادِ، عِنْدَ تَمَامِ الزَّهْرِ، وَعِنْدَمَا يَصِيرُ الزَّهْرُ حِصْرِمًا نَضِيجًا، يَقْطَعُ الْقُضْبَانَ بِالْمَنَاجِلِ، وَيَنْزِعُ الأَفْنَانَ وَيَطْرَحُهَا. 6تُتْرَكُ مَعًا لِجَوَارِحِ الْجِبَالِ وَلِوُحُوشِ الأَرْضِ، فَتُصَيِّفُ عَلَيْهَا الْجَوَارِحُ، وَتُشَتِّي عَلَيْهَا جَمِيعُ وُحُوشِ الأَرْضِ. "

الْحَرِّ الصَّافِي = كثيراً ما يبدو الله هادئاً ساكناً كأنه لا يعبأ بأمورنا، يترك ملك أشور حتى أسوار أورشليم، لكنه هو طويل الأناة. ويطمئننا أنه يهْدَأُ وَينْظُر= وفي الوقت المناسب يتدخل. ففي كل الأمور هناك وقت مناسب للحصاد. والله في كل الأمور حين يحتاج المحصول للحر يكون هو حر صافي وحين يحتاج لغَيْمِ النَّدَى = يكون هو غيم الندي. وفي الوقت المحدد يحصد محصوله. والمحصول هنا هو خلاص شعبه وهلاك أعداء شعبه (أشور كرمز أو كمثال) والقضبان التي تقطع هي جيش أشور فتترك للطيور والوحوش.

تأمل :- هذه الايات تشرح تعامل الله مع اولاده . فالله يريد ان يرى فينا ثمار . ولكن حتي يعطي اي نبات ثمار لا بد وان ينضج . والنضج يحتاج حرارة الشمس (هي التجارب لشعب الله ) وحتي لا يحترق النبات من حرارة الشمس يسمح الله ببعض الغيوم لتظلل علي النبات (هي تعزيات الله لاولاده وسط الضيقات حتي لا يفشلوا ) والمعزي هنا ان الله يقول عن نفسه انه هو الحر وهو ايضاً غيم الندي فهو كل شئ لاولاده بحسب احتياجهم . بل النبات حتي لا يحترق ينزل الله عليه بعض الندي صباحاً( هذه هي تعزيات الروح القدس ). وهناك سؤال لماذا يهدأ الله وسط تجاربنا ؟ والاجابة ... لانه يعرف النتيجة فالمستقبل مكشوف امامه. ولكننا نحن لا نعرف المستقبل فكيف نهدأ ؟ والاجابة ببساطة هي بالايمان . الايمان بانه ضابط الكل ، وبان لا احد يحبنا كما احبنا هو وبذل نفسه عنا .

اما من كانت الامنا عن طريقه ، كأداة استخدمها الله لتأديبنا (شيطان او انسان ) فنهايتها الهلاك فالله  ينزعها ويلقيها وتصيف عليها الجوارح وتشتي عليها جميع وحوش الارض 

 

آية (7):- "7فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تُقَدَّمُ هَدِيَّةٌ لِرَبِّ الْجُنُودِ مِنْ شَعْبٍ طَوِيل وَأَجْرَدَ، وَمِنْ شَعْبٍ مَخُوفٍ مُنْذُ كَانَ فَصَاعِدًا، مِنْ أُمَّةٍ ذَاتِ قُوَّةٍ وَشِدَّةٍ وَدَوْسٍ، قَدْ خَرَقَتِ الأَنْهَارُ أَرْضَهَا، إِلَى مَوْضِعِ اسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ، جَبَلِ صِهْيَوْنَ. "

قد تكون هذه الهدية هي إيمان أهل كوش في مستقبل الأيام حين يأتون إلي أورشليم الكنيسة ويتحدوا معها في الإيمان.

 

أما التفسير الثاني

قد تكون أرض حفيف الأجنحة هي أرض النسر التي هي أمريكا أو انجلترا صاحبا أكبر أساطيل بحرية وجوية في العالم، أو أي دول أخري تدعم وجود أو قيام إسرائيل. وهذه الأمم يبدو أنها ستقضي وقتاً طويلاً تدعم إسرائيل ثم تنقلب عليها. والأمة الطويلة الجرداء هي إسرائيل التي عاشت فترة طويلة وهي الآن بلا ثمر، جرداء، معتمدة علي غيرها (الدول العظمي التي تدعمها ) فملعون من اتكل علي ذراع بشر وهم معتمدون في قيامهم ليس علي الله بل علي دول قوية، هي كانت شعب مخوف حينما كانت معتمدة علي الله فوقع رعبهم علي الشعوب المجاورة. والآيات (1-2) تشير لتدعيم الدول الغربية لإسرائيل والآيات (3-6) الرآية هي تجمع اليهود لأرضهم، فيجتمع اليهود المشتتون لإسرائيل ولكن عودتهم تنتهي بآلام عظيمة لهم. وبعد هذه الآلام يكون إيمانهم بالمسيح وهذا هو المعبر عنه بالهدية التي يقدمونها لرب الجنود.