الإصحاح الحادي والعشرون

 

هنا 3 نبوات علي هيئة رؤي :

أ‌)        إ خراب مادي وفارس لبابل (آيات 1-10)

ب‌)  نبوءة علي أدوم.

ج) نبوءة علي بلاد العرب.

 

آية (1):- "1وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَرِّيَّةِ الْبَحْرِ: كَزَوَابعَ فِي الْجَنُوبِ عَاصِفَةٍ، يَأْتِي مِنَ الْبَرِّيَّةِ مِنْ أَرْضٍ مَخُوفَةٍ. "

بَرِّيَّةِ الْبَحْرِ = هي بابل. وهي برية رمز لخرابها القادم ورمز لأن خطاياها حولتها إلي قفر، وهي برية البحر لأن نهر الفرات يشار له بالبحر كما قيل عن نهر النيل سابقاً، أو لأن بابل اتسعت وشملت كثيراً من أ جزاء العالم المعروف. والبحر يشير للعالم والشعوب الكثيرة. والله يكرر هنا وفي عدة أماكن علي خراب بابل وهلاكها فاليهود اشتهوا صداقتها للاتكال عليها حيناً وحيناً أخر خافوا منها، وقد يكونوا اشتهوا خطاياها. ويظهر الله هنا هلاك بابل وأن أوثانها لن تنفعها. ونلاحظ أن حزقيال أيضاً أطلق علي بابل برية ففي تهديده لشعب اليهود بالسبي إلي بابل قال "آتي بكم إلي برية الشعوب وأحاكمكم هناك". وبابل عموماَ تشير لمملكة الشيطان عروس ضد المسيح وستخرب هي أيضاً وفي سفر الرؤيا نسمع "هلم فأريك دينونة الزانية العظيمة... فأخذني الروح إلي برية" فحيثما توجد الخطية يوجد الخراب. كَزَوَابعَ = هي جيش كورش. وهي زوابع لأنها تثور وتخرب ثم تهدأ بعد أن تنهي عملها. وزوابع الجنوب تشتهر بقوتها. مِنْ أَرْضٍ مَخُوفَةٍ = هي أرض مادي وفارس التي ستخرب بابل.

 

آية (2):- "2قَدْ أُعْلِنَتْ لِي رُؤْيَا قَاسِيَةٌ: النَّاهِبُ نَاهِبًا وَالْمُخْرِبُ مُخْرِبًا. اِصْعَدِي يَا عِيلاَمُ. حَاصِرِي يَا مَادِي. قَدْ أَبْطَلْتُ كُلَّ أَنِينِهَا. "

رُؤْيَا قَاسِيَةٌ = علي خراب بابل. والنَّاهِبُ = كورش وعِيلاَمُ = فارس أَنِينِهَا = الرب يبطل الأنين الذي سببه ظلم بابل، أي يحرر الشعوب من ظلمهم.

 

آية (3):- "3لِذلِكَ امْتَلأَتْ حَقْوَايَ وَجَعًا، وَأَخَذَنِي مَخَاضٌ كَمَخَاضِ الْوَالِدَةِ. تَلَوَّيْتُ حَتَّى لاَ أَسْمَعُ. اَنْدَهَشْتُ حَتَّى لاَ أَنْظُرُ. "

هنا النبي رقيق المشاعر يعبر عن انفعالاته لألام بابل كما حزن علي موآب سابقاً.

 

آية (4):- "4تَاهَ قَلْبِي. بَغَتَنِي رُعْبٌ. لَيْلَةُ لَذَّتِي جَعَلَهَا لِي رِعْدَةً. "

لَيْلَةُ لَذَّتِي = الكلام هنا لبيلشاصر الذي جلس يتلذذ ويسكر في يومه الأخير في آنية بيت الرب. وهذا حدث أيام الطوفان إذ أتي بغتة وحدث لسدوم وعمورة الخراب بغتة. ولذلك وصية الله "أسهروا وصلوا"

 

آية (5):- "5يُرَتِّبُونَ الْمَائِدَةَ، يَحْرُسُونَ الْحِرَاسَةَ، يَأْكُلُونَ. يَشْرَبُونَ - قُومُوا أَيُّهَا الرُّؤَسَاءُ امْسَحُوا الْمِجَنَّ! "

أعد البابليين الموائد وأقاموا الحراس ليشربوا ويسكروا. امْسَحُوا الْمِجَنَّ كان المجن يصنع من جلد ممدود علي خشب أو نحاس ومسحه بالزيت يحفظه وقت الحرب وهذه دعوة لرؤساء مادي وفارس بشن الحرب في ليلة سكر البابليين. وهذا ما حدث تماماً (أقرأ دانيال ص 5).

 

آية (6):- "6لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «اذْهَبْ أَقِمِ الْحَارِسَ. لِيُخْبِرْ بِمَا يَرَى»."

أمر الرب النبي أن يقيم حَارِسَا لِيُخْبِرْ بِمَا يَرَى. وقد يكون هذا في رؤيا فقط.

 

آية (7):- "7فَرَأَى رُكَّابًا أَزْوَاجَ فُرْسَانٍ. رُكَّابَ حَمِيرٍ. رُكَّابَ جِمَال. فَأَصْغَى إِصْغَاءً شَدِيدًا،"

أثنين أثنين = أزواجا = تعبيراً عن أن الجيش يتكون من فرسان مادي وفارس وقد أشتهر الفرس بمركباتهم التي تجرها الحمير، والماديين بالمركبات التي تقودها الجمال.  فَأَصْغَى إِصْغَاءً شَدِيدًا = دخل جيش الفرس بهدوء دون أن يدري به البابليين.

 

آية (8):- "8ثُمَّ صَرَخَ كَأَسَدٍ: «أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَنَا قَائِمٌ عَلَى الْمَرْصَدِ دَائِمًا فِي النَّهَارِ، وَأَنَا وَاقِفٌ عَلَى الْمَحْرَسِ كُلَّ اللَّيَالِي. "

هاجت انفعالات الحارس لأنه أقام في محرسه نهاراً وليلاً دون أن يشعر بشيء، فلم يضبط انفعالاته. (الحراس يقفون علي الأسوار، لكن فارس ومادي دخلوا من خلال نهر الفرات الذي حولوا مساره ولم يدخلوا من الأسوار أو الأبواب المغلقة لذلك لم يدري بهم الحارس).

 

آية (9):- "9وَهُوَذَا رُكَّابٌ مِنَ الرِّجَالِ. أَزْوَاجٌ مِنَ الْفُرْسَانِ». فَأَجَابَ وَقَالَ: «سَقَطَتْ، سَقَطَتْ بَابِلُ، وَجَمِيعُ تَمَاثِيلِ آلِهَتِهَا الْمَنْحُوتَةِ كَسَّرَهَا إِلَى الأَرْضِ»."

كأن الحارس توقف عن الصراخ ثم أخذ بعد فترة يخبر النبي بما رآه عن خراب بابل (رمز لسقوط بابل الروحية في أخر الأيام ) (رؤ 14 : 8   +  18 : 2) فحينما تختفي المبادئ الروحية يصير المكان خرابا.

خراب بابل رمز لانهيار مملكة إبليس وعودة شعب الله له. بابل رمز لمحبة العالم التي تؤدي للبلبلة والإرتباك.  وأورشليم علي العكس هي رؤية السلام. ومن يترك بابل (العالم بخطاياه) ليذهب لأورشليم (الكنيسة) يهرب من خرابها المحتم.

 

آية (10):- "10يَا دِيَاسَتِي وَبَنِي بَيْدَرِي. مَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ. "

دِيَاسَتِي = الذين يدوسون العنب. بَنِي بَيْدَرِي= الذين يعملون في حصاد الحنطة. والمعني أن الله لا يخفي شيئاً عن خدامه.

 

الآيات (11-12):- "11وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ دُومَةَ: صَرَخَ إِلَيَّ صَارِخٌ مِنْ سَعِيرَ: «يَا حَارِسُ، مَا مِنَ اللَّيْلِ؟ يَا حَارِسُ، مَا مِنَ اللَّيْلِ؟» 12قَالَ الْحَارِسُ: «أَتَى صَبَاحٌ وَأَيْضًا لَيْلٌ. إِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَ فَاطْلُبُوا. ارْجِعُوا، تَعَالَوْا»."

دُومَةَ = يدعوا النبي آدم باسم نبوي دومة الذي يعني السكوت والصمت أي سكوت الموت. الاسم يشير لمكان قفر بلا سكان رمزاً للخراب أو لمن يجلس في وادي ظل الموت حيث لا يُسْمَع صوت الله من أحد. لا نبوة ولا رؤية ولا صلاة فهم مرفوضون، هذا هو حال الإنسان (ابن آدم = البشرية عموما) قبل المسيح. ولكن إشعياء صاحب الأذن المختونة الذى يميز صوت الله ويسمعه ويعمل فيه الروح القدس فقد سمع تنهد صوت البائسين، صوت البشرية المعذبة، وإستمع هنا لمن يقول يا يَا حَارِسُ، مَا مِنَ اللَّيْلِ = أي يا حارس هل مازال جزء كبير من الليل الذي نعيش فيه، ألم يقترب الفجر... هذه صرخات من تمرر في ظلام الخطية، وربما هي صرخات الأنبياء والأبرار الذين كانوا ينتظرون خلاص المسيح وهي صرخات النفس الخاطئة لخدام الله... كم تبقي لي في ليل الخطية.ورد عليه أَتَى صَبَاحٌ وَأَيْضًا لَيْلٌ = جاء المسيح نوراً للعالم وأشرق للجالسين في الظلمة ولكن الخطية موجودة ومن يرفض يبقي في الليل..

لذلك ينادي أرجعوا تعالوا.

 

الآيات (13-17):- "13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ، يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ، يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ، وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ، وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16فَإِنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ، 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ»."

يعلن الوحي هنا أن بابل ستسحق القبائل المجاورة ددان وقيدار وهم تجار بين بلاد العرب وترشيش. والنبي يصور حالهم. وقد هربوا عن طريق تجارتهم (بسبب الحرب) ولجأوا للصحراء ينشدون الأمان في القفر. وهؤلاء الهاربين من آلام ضيقات الحرب ينادون أهل تَيْمَاءَ ليقدموا لهم يد المعونة، وهم يكادون يهلكون عطشاً وجوعا. هذا إشارة لمن استهوتهم بضاعة العالم وتجارته (الخطية) وراحوا يتاجرون في الأرضيات ويستغنون بلذات العالم وغناه ومباهجه الكاذبة، هؤلاء سيكون نصيبهم مع العالم في انهياره وزوال مجده. وينادي الوحي أولئك الساكنين في القفر = سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ أن يحضروا خبزاً وماءً في يوم البلية لهذه النفوس الذليلة ويسندوا هؤلاء المنكسرين !! ولكن من أين لهم الماء وهم سكان القفر. فالماء المروي هو عند المسيح فقط (يو 4 :14 + رؤ 3 :18) ولكن لماذا طلب الوحي من سكان القفر أن يمدوهم بالخبز والماء ؟! والله يعلم أنهم لا يملكون. حقاً الله يعلم لكن المشكلة أن من أعتاد الحياة في لذات العالم، ولم يعتاد اللجوء للمسيح هذا إن حاصرته الضيقة لن يلجأ للمسيح، بل سيلجأ لمن يعرفه. ألا وهو العالم القفر. والكلام هنا في اللجوء لتيماء فيه سخرية، فهل تقدر تيماء (العالم) أن تعطي شبعاً ورياً لنفس متألمة.  وقِيدَارَ = أشهر قبيلة في العرب وذكرت هنا بالنيابة وتمت النبوءة بهجوم سرجون علي بلاد العرب خلال سنة من النبوة وقيل أن كلمة العرب هنا أصلها EREB وليسEREB. ARABIA  تعني مساءً فهي تشير لمن يعيش في العالم ولذات العالم. وتجارة العالم ما هي إلا قفر ومساء. هؤلاء في الضيقات لمن يلجأون، نجدهم يلجأون أيضاً لأهل القفار الذين هم بلا ماء ولا خبز فيظلوا علي عطشهم وجوعهم فلا شبع سوي في المسيح. ولكن أن نلجأ لإنسان فنحن نلجأ لقفر لا يُروى أحد.

 

ملخص الاصحاح 1)عالم الشر سيخرب 2)اذاً لنرجع الي الله 3) وليس للعالم الذي لا يخلص ولا ينفع.