الإصحاح الخامس والأربعون

 

آية (1):- "1هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ، لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَمًا، وَأَحْقَاءَ مُلُوكٍ أَحُلُّ، لأَفْتَحَ أَمَامَهُ الْمِصْرَاعَيْنِ، وَالأَبْوَابُ لاَ تُغْلَقُ: "

لِمَسِيحِهِ لِكُورَشَ = كان الملوك اليهود يمسحون، وهذه هي المرة الوحيدة التي نسمع فيها عن مسح ملك أممى فهو رمز للمسيح. وهى لا تعنى أن أحداً مسح كورش بدهن ولكن هذا يعنى أنه مكلف برسالة وعمل من قبل الله. لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَمًا = ذكر في التاريخ أن كورش فتح 17 مملكة وكانت عادة الملوك المنتصرين أن يدوسوا على أعناق عظماء المملكة التي هزموها (يش 10 :24) وكورش  فى هذا كان رمزاً للمسيح، فهذا قيل عن المسيح " الرب عن يمينك يحطم فى يوم رجزه ملوكاً" (مز 110 : 5) (الملوك رمز للشياطين رؤساء العالم وملوك الوثنيين الذين اضطهدوا المسيحية ) وفى (مز 110 : 10) قيل "حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك " وهذه تناظر لأدوس أمامه أمما. ولنقارن بين الاثنين (1، 5) في مزمور (110) فنرى مرة المسيح عن يمين الآب ومرة الآب  عن يمين الابن. إذاً اليمين ليس مكاناً بل هو إشارة للقوة والمجد. أَحْقَاءَ مُلُوكٍ أَحُلُّ= حل المنطقة علامة ضعف وانكسار وهذا ما حدث لبيلشاصر (دا 5 :6).

 

آية (2):- "2«أَنَا أَسِيرُ قُدَّامَكَ وَالْهِضَابَ أُمَهِّدُ. أُكَسِّرُ مِصْرَاعَيِ النُّحَاسِ، وَمَغَالِيقَ الْحَدِيدِ أَقْصِفُ. "

الْهِضَابَ = هضاب الصعوبات. المِصْرَاعَيِن = ذكر التاريخ أنه كان لبابل 100 باب نحاس مغاليقها من الحديد ونحن في المسيح تنفتح أمامنا الأبواب الأبدية لنحيا للأبد في السماء، وأمام المسيح انفتحت أبواب الجحيم ليخرج الأبرار( مز 24 : 7- 10 )

 

آية (3):- "3وَأُعْطِيكَ ذَخَائِرَ الظُّلْمَةِ وَكُنُوزَ الْمَخَابِئِ، لِكَيْ تَعْرِفَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي يَدْعُوكَ بِاسْمِكَ، إِلهُ إِسْرَائِيلَ. "

ذَخَائِرَ الظُّلْمَةِ = أعتاد الملوك إخفاء كنوزهم حتى لا يأخذها أحد من الأعداء. وكان البابليون قد كنزوا كثيراً من ثروات الشعوب، وقد أخذ كورش كل شيء منهم، كأن الله أعطاه ثمناً لتحرير شعبه.وذخائر الظلمة هم البشر الذين كانوا في ظلمة الخطية والعبودية قبل المسيح ، وحررهم المسيح ، وهم لهم قيمة ثمينة جدا عند الله = ذَخَائِرَ .

وَأُعْطِيكَ = هم كانوا للآب وصاروا للابن ( يو 17 :6 ) لذلك فاسمنا الان مسيحيين .

 

الآيات (4-6):- "4لأَجْلِ عَبْدِي يَعْقُوبَ، وَإِسْرَائِيلَ مُخْتَارِي، دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. لَقَّبْتُكَ وَأَنْتَ لَسْتَ تَعْرِفُنِي. 5أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلهَ سِوَايَ. نَطَّقْتُكَ وَأَنْتَ لَمْ تَعْرِفْنِي. 6لِكَيْ يَعْلَمُوا مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ وَمِنْ مَغْرِبِهَا أَنْ لَيْسَ غَيْرِي. أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. "

لَقَّبْتُكَ = براعيَ ومسيحي. مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إلى مَغْرِبِهَا = المسيح اتي من اجل كل العالم يهودا وامم .

 

آية (7):- "7مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ، صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هذِهِ. "

خَالِقُ الشَّرِّ= فبعض الأمم الوثنية ومنهم الفرس كان لهم إيمان بأن هناك إلهين اله للخير وإله للشر. والمعنى هنا أنه ليس سوى إله واحد والشر هو بسماح منه. والله لا يتسبب في الشر أو الخطية، فالخطية هي عدم القدرة أو فشل الإنسان في أن يحيا في بر، فالسرقة هي فشل الإنسان أن يحيا أميناً. ولكن الشَّر المقصود هنا هو ما يحسبه الإنسان شراُ مثل الحروب والأمراض والموت، وهذه يسمح بها الله وهدفها التأديب. وكلمة شر هنا جاءت ليست بمعنى خطية ولكن الأثار التي تسببها الخطية من حزن وضيق وآلام. هذه الأثار هي نتيجة الخطية ولكن الله بمحبته حول هذه الآلام للتأديب للخلاص وهنا معنى ما نصلى به بالقداس الغريغورى "حولت لي العقوبة خلاصاً".

آية (8):- "8اُقْطُرِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ مِنْ فَوْقُ، وَلْيُنْزِلُ الْجَوُّ بِرًّا. لِتَنْفَتِحِ الأَرْضُ فَيُثْمِرَ الْخَلاَصُ، وَلْتُنْبِتْ بِرًّا مَعًا. أَنَا الرَّبَّ قَدْ خَلَقْتُهُ. "

هنا إشعياء ينتقل بالوحي لخلاص المسيح بدلاً من خلاص كورش الزمني. هنا نرى البر الذي لن يكون سوى بذبيحة المسيح. أقْطُرِي = أي أن البر سيأتي من السماء كما ياتى المطر من السماء. ونلاحظ أن الأرض هي الأخرى تنبت بِرًّا = والأرض لن تنبت إلا بنزول المطر. وإذ فهمنا أن الأرض هي إشارة للجسد المأخوذ من تراب الأرض نرى هنا جهاد الإنسان الذي به يقبل نعمة الله، فتصير اعضاءه الات بر  (رو6: 13) 

 

آية (9):- "9«وَيْلٌ لِمَنْ يُخَاصِمُ جَابِلَهُ. خَزَفٌ بَيْنَ أَخْزَافِ الأَرْضِ. هَلْ يَقُولُ الطِّينُ لِجَابِلِهِ: مَاذَا تَصْنَعُ؟ أَوْ يَقُولُ: عَمَلُكَ لَيْسَ لَهُ يَدَانِ؟"

عَمَلُكَ لَيْسَ لَهُ يَدَانِ = ليس من حق الإناء الخزفي أن يعترض على الخزاف قائلاً لماذا لم تصنع يدان لي. وهذا الكلام موجه لإسرائيل، حتى لا يتذمروا على الله جابله سائلاً لماذا تأخر الخلاص، أو لماذا كان الخلاص على يد كورش وليس على يد ملك منهم. وايضا ليس لهم الحق ان يرفضوا خلاص الامم .

 

آية (10):- "10وَيْلٌ لِلَّذِي يَقُولُ لأَبِيهِ: مَاذَا تَلِدُ؟ وَلِلْمَرْأَةِ: مَاذَا تَلِدِينَ؟»."

لا يليق بإنسان أن يتذمر على أبويه معترضاً على فقره أو الحال التي هو فيها او التي هم عليها كعائلة.

 

آية (11):- "11هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ وَجَابِلُهُ: «اِسْأَلُونِي عَنِ الآتِيَاتِ! مِنْ جِهَةِ بَنِيَّ وَمِنْ جِهَةِ عَمَلِ يَدِي أَوْصُونِي! "

أسألوا تعطوا... صلوا بإيمان فالصلاة جزء من نظام تعاون بين الله والإنسان. مثل الفلاح عليه أن يزرع وعلى الله أن ينمى.

آية (12):- "12أَنَا صَنَعْتُ الأَرْضَ وَخَلَقْتُ الإِنْسَانَ عَلَيْهَا. يَدَايَ أَنَا نَشَرَتَا السَّمَاوَاتِ، وَكُلَّ جُنْدِهَا أَنَا أَمَرْتُ. "

أنا فعلت كل هذا فهل يعسر علىَ أمر، هل يعسر علىَ إصلاح ما أفسده إبليس.

 

آية (13):- "13أَنَا قَدْ أَنْهَضْتُهُ بِالنَّصْرِ، وَكُلَّ طُرُقِهِ أُسَهِّلُ. هُوَ يَبْنِي مَدِينَتِي وَيُطْلِقُ سَبْيِي، لاَ بِثَمَنٍ وَلاَ بِهَدِيَّةٍ، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ»."

الله أنجح طريق كورش ليفك أسر شعبه .وأنجح طريق المسيح ليحررنا ويؤسس هيكل جسده (كنيسته) وكان هذا مجاناً (رو 3 : 24،25).

 

آية (14):- "14هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «تَعَبُ مِصْرَ وَتِجَارَةُ كُوشٍ وَالسَّبَئِيُّونَ ذَوُو الْقَامَةِ إِلَيْكِ يَعْبُرُونَ وَلَكِ يَكُونُونَ. خَلْفَكِ يَمْشُونَ. بِالْقُيُودِ يَمُرُّونَ وَلَكِ يَسْجُدُونَ. إِلَيْكِ يَتَضَرَّعُونَ قَائِلِينَ: فِيكِ وَحْدَكِ اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ. لَيْسَ إِلهٌ»."

الرب يذكر هنا 3 شعوب بالنيابة عن كل الأمم وانضمامهم للكنيسة. إذاً الخلاص لكل العالم. وستقدم الشعوب ثرواتها وكل مالهم من تعب أو زراعة أو تجارة للمسيح. والله أطلق شعبه من مصر ومن بابل أغنياء، وأطلقنا من عبودية إبليس مملوئين من الروح القدس، فالله لا يحرر أولاده ثم يتركهم فارغين. بِالْقُيُودِ = المقصود ليس سلاسل بل تسلط الحق على عقول الناس وضمائرهم. هي تعنى إيمان حر بالله، به يقيد الإنسان نفسه بحريته بالمسيح. وحدث بعد السبي أن تحول الكثيرين إلى اليهودية (إش 8 : 17 + زك 8 : 23) وتحقق هذا في الكنيسة.

 

الآيات (15-16):- "15حَقًّا أَنْتَ إِلهٌ مُحْتَجِبٌ يَا إِلهَ إِسْرَائِيلَ الْمُخَلِّصَ. 16قَدْ خَزُوا وَخَجِلُوا كُلُّهُمْ. مَضَوْا بِالْخَجَلِ جَمِيعًا، الصَّانِعُونَ التَّمَاثِيلَ. "

إِلهٌ مُحْتَجِبٌ = أفكاره تسمو عن أفكارنا وهكذا كل طرقه وحكمته.

 

آية (17):- "17أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَيَخْلُصُ بِالرَّبِّ خَلاَصًا أَبَدِيًّا. لاَ تَخْزَوْنَ وَلاَ تَخْجَلُونَ إِلَى دُهُورِ الأَبَدِ. "

خَلاَصًا أَبَدِيًّا = إذاً المقصود خلاص المسيح وليس خلاص كورش.

 

آية (18):- "18لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «خَالِقُ السَّمَاوَاتِ هُوَ اللهُ. مُصَوِّرُ الأَرْضِ وَصَانِعُهَا. هُوَ قَرَّرَهَا. لَمْ يَخْلُقْهَا بَاطِلاً. لِلسَّكَنِ صَوَّرَهَا. أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. "

الله خلق الأرض ومنها أرض اليهود لا ليتركها خراباً بلا سكان، إذاً فهذا وعد بالعودة. كل شيء خلقه الله له قيمته ولا يوجد شيء باطل أي لا فائدة منه. وأي إنسان يقول أنه خلق بلا فائدة فهذا خطأه هو نفسه.

 

آية (19):- "19لَمْ أَتَكَلَّمْ بِالْخِفَاءِ فِي مَكَانٍ مِنَ الأَرْضِ مُظْلِمٍ. لَمْ أَقُلْ لِنَسْلِ يَعْقُوبَ: بَاطِلاً اطْلُبُونِي. أَنَا الرَّبُّ مُتَكَلِّمٌ بِالصِّدْقِ، مُخْبِرٌ بِالاسْتِقَامَةِ. "

لَمْ أَتَكَلَّمْ بِالْخِفَاءِ = هنا نرى صفة جديدة لخلاص المسيح أنه خلاص علني فهو عَلَم علانية وصُلِب علانية وأرسل رسله ليكرزوا للعالم علانية. وكانت عادة الكهنة الوثنيين أن يتكلموا في الظلمة وبألفاظ مبهمة، أما أعمال المسيح فكانت علانية. لَمْ أَقُلْ بَاطِلاً اطْلُبُونِي = فالله يسمع الصلاة ويستجيب.

 

آية (20):- "20«اِجْتَمِعُوا وَهَلُمُّوا تَقَدَّمُوا مَعًا أَيُّهَا النَّاجُونَ مِنَ الأُمَمِ. لاَ يَعْلَمُ الْحَامِلُونَ خَشَبَ صَنَمِهِمْ، وَالْمُصَلُّونَ إِلَى إِلهٍ لاَ يُخَلِّصُ. "

اجْتَمِعُوا  أَيُّهَا النَّاجُونَ = من بابل بعد أن تعلمتم أن الأصنام لا قيمة لها ولا تخلص تابعيها الذين يحملونها ولا تحملهم. لاَ يَعْلَمُ = أي أن الجهال هم الذين يحملون خشب أصنامهم.

 

آية (21):- "21أَخْبِرُوا. قَدِّمُوا. وَلْيَتَشَاوَرُوا مَعًا. مَنْ أَعْلَمَ بِهذِهِ مُنْذُ الْقَدِيمِ، أَخْبَرَ بِهَا مُنْذُ زَمَانٍ؟ أَلَيْسَ أَنَا الرَّبُّ وَلاَ إِلهَ آخَرَ غَيْرِي؟ إِلهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ. لَيْسَ سِوَايَ. "

أَخْبِرُوا قَدِّمُوا = ذكر الرب مراراً في هذه النبوة أن الإعلان عن المستقبل هو دليل الإلوهية. وهنا هو يعلمهم بكورش وعمله. إِلهٌ بَارٌّ وَمُخَلِّصٌ = بار لأنه ينفذ مواعيده بالخلاص.

 

الآيات (22-23):- "22اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرَ. 23بِذَاتِي أَقْسَمْتُ، خَرَجَ مِنْ فَمِي الصِّدْقُ كَلِمَةٌ لاَ تَرْجعُ: إِنَّهُ لِي تَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، يَحْلِفُ كُلُّ لِسَانٍ. "

القسم هنا يدل على أن الكلام الذي يأتي بعده مهم وهو تَجْثُو لِي كُلُّ رُكْبَةٍ فمن كان يصدق وقتها أن الأرض كلها تجثو للرب أي تؤمن به. نرى هنا قبول الأمم وقارن مع (في 2 : 10) فللمسيح تجثو كل ركبة وهذا لأن المسيح هو الله.

 

الآيات (24-25):- "24قَالَ لِي: إِنَّمَا بِالرَّبِّ الْبِرُّ وَالْقُوَّةُ. إِلَيْهِ يَأْتِي، وَيَخْزَى جَمِيعُ الْمُغْتَاظِينَ عَلَيْهِ. 25بِالرَّبِّ يَتَبَرَّرُ وَيَفْتَخِرُ كُلُّ نَسْلِ إِسْرَائِيلَ»."

قَالَ لِي = قال الرب للنبي. بِالرَّبِّ الْبِرُّ وَالْقُوَّةُ = هذا من جهة الرب أنه صادق في كل مواعيده وقادر أن يتممها. جَمِيعُ الْمُغْتَاظِينَ = هؤلاء يخزون ويسلمون للمسيح لأنهم ليسوا قادرين على مقاومته. أما بنو إسرائيل أي الكنيسة فيفتخرون بالرب.