الإصحاح السادس والثلاثون

 

هنا محاولة أخرى ولكن عبثاً يسمعون. فهنا أرمياء يكتب كل عظاته التى قالها شفاهة من قبل.

 

الأيات (1-8):-" 1وَكَانَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِيَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، أَنَّ هذِهِ الْكَلِمَةَ صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ قَائِلَةً: 2«خُذْ لِنَفْسِكَ دَرْجَ سِفْرٍ، وَاكْتُبْ فِيهِ كُلَّ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكَ بِهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَعَلَى يَهُوذَا وَعَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ، مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي كَلَّمْتُكَ فِيهِ، مِنْ أَيَّامِ يُوشِيَّا إِلَى هذَا الْيَوْمِ. 3لَعَلَّ بَيْتَ يَهُوذَا يَسْمَعُونَ كُلَّ الشَّرِّ الَّذِي أَنَا مُفَكِّرٌ أَنْ أَصْنَعَهُ بِهِمْ، فَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيءِ، فَأَغْفِرَ ذَنْبَهُمْ وَخَطِيَّتَهُمْ». 4فَدَعَا إِرْمِيَا بَارُوخَ بْنَ نِيرِيَّا، فَكَتَبَ بَارُوخُ عَنْ فَمِ إِرْمِيَا كُلَّ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ فِي دَرْجِ السِّفْرِ. 5وَأَوْصَى إِرْمِيَا بَارُوخَ قَائِلاً: «أَنَا مَحْبُوسٌ لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَدْخُلَ بَيْتَ الرَّبِّ. 6فَادْخُلْ أَنْتَ وَاقْرَأْ فِي الدَّرْجِ الَّذِي كَتَبْتَ عَنْ فَمِي كُلَّ كَلاَمِ الرَّبِّ فِي آذَانِ الشَّعْبِ، فِي بَيْتِ الرَّبِّ فِي يَوْمِ الصَّوْمِ، وَاقْرَأْهُ أَيْضًا فِي آذَانِ كُلِّ يَهُوذَا الْقَادِمِينَ مِنْ مُدُنِهِمْ. 7لَعَلَّ تَضَرُّعَهُمْ يَقَعُ أَمَامَ الرَّبِّ، فَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيءِ، لأَنَّهُ عَظِيمٌ الْغَضَبُ وَالْغَيْظُ اللَّذَانِ تَكَلَّمَ بِهِمَا الرَّبُّ عَلَى هذَا الشَّعْبِ». 8فَفَعَلَ بَارُوخُ بْنُ نِيرِيَّا حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَاهُ بِهِ إِرْمِيَا النَّبِيُّ، بِقِرَاءَتِهِ فِي السِّفْرِ كَلاَمَ الرَّبِّ فِي بَيْتِ الرَّبِّ."

الكتابة تنتشر أكثر وتستمر مؤثرة لفترة أطول ويمكن قراءتها مرات عديدة وهكذا كان بإرشاد الله ووحى الروح القدس كتابة الكتاب المقدس. وعدم الطاعة بعد ذلك يجعل الإنسان بلا عذر. وفى (5) أنا محبوس = غالباً ممنوعاً من الوعظ فى الإجتماعات العامة. ولذلك أملى على باروخ الكتاب وأرسلهُ ليقرأه باسمه علي الناس و فيما بعد صار باروخ هذا نبياً للشعب المسبي وله نبوة في الأسفار القانونية الثانية.وطريقة صنع الدرج هي لصق ورقة بورقة في آخرها في مؤخرة الورقة الأولي وهكذا ليصبح (رول) طويل ثم يلف ولاحظ ان يهوياقيم كان متجهاً للخراب حينما منع النبي من عمله وأسكت صوته.

 ولاحظ في (3) ان الله حينما كلم أرمياء قال لعلهم يسمعون. وحين أملي أرميا أقواله لباروخ قال لعل تضرعهم (7) فالصلاة هى بداية رجوعنا لله. فمن إقتنع بضرورة التوبة عليه أن يصلى ويتضرع لينال نعمة من الله. وكانت النبوات ضد إسرائيل وكل الشعوب المحيطة (2).

 

الأيات (9-19):-" 9وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ لِيَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، فِي الشَّهْرِ التَّاسِعِ، أَنَّهُمْ نَادَوْا لِصَوْمٍ أَمَامَ الرَّبِّ، كُلَّ الشَّعْبِ فِي أُورُشَلِيمَ، وَكُلَّ الشَّعْبِ الْقَادِمِينَ مِنْ مُدُنِ يَهُوذَا إِلَى أُورُشَلِيمَ. 10فَقَرَأَ بَارُوخُ فِي السِّفْرِ كَلاَمَ إِرْمِيَا فِي بَيْتِ الرَّبِّ فِي مِخْدَعِ جَمَرْيَا بْنِ شَافَانَ الْكَاتِبِ، فِي الدَّارِ الْعُلْيَا، فِي مَدْخَلِ بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ الْجَدِيدِ، فِي آذَانِ كُلِّ الشَّعْبِ. 11فَلَمَّا سَمِعَ مِيخَايَا بْنُ جَمَرْيَا بْنِ شَافَانَ كُلَّ كَلاَمِ الرَّبِّ مِنَ السِّفْرِ، 12نَزَلَ إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ، إِلَى مِخْدَعِ الْكَاتِبِ، وَإِذَا كُلُّ الرُّؤَسَاءِ جُلُوسٌ هُنَاكَ: أَلِيشَامَاعُ الْكَاتِبُ، وَدَلاَيَا بْنُ شِمْعِيَا، وَأَلْنَاثَانُ بْنُ عَكْبُورَ، وَجَمَرْيَا بْنُ شَافَانَ، وَصِدْقِيَّا بْنُ حَنَنِيَّا، وَكُلُّ الرُّؤَسَاءِ. 13فَأَخْبَرَهُمْ مِيخَايَا بِكُلِّ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعَهُ عِنْدَمَا قَرَأَ بَارُوخُ السِّفْرَ فِي آذَانِ الشَّعْبِ. 14فَأَرْسَلَ كُلُّ الرُّؤَسَاءِ إِلَى بَارُوخَ يَهُودِيَ بْنَ نَثَنْيَا بْنِ شَلَمْيَا بْنِ كُوشِي قَائِلِينَ: «الدَّرْجُ الَّذِي قَرَأْتَ فِيهِ فِي آذَانِ الشَّعْبِ، خُذْهُ بِيَدِكَ وَتَعَالَ». فَأَخَذَ بَارُوخُ بْنُ نِيرِيَّا الدَّرْجَ بِيَدِهِ وَأَتَى إِلَيْهِمْ. 15فَقَالُوا لَهُ: «اجْلِسْ وَاقْرَأْهُ فِي آذَانِنَا». فَقَرَأَ بَارُوخُ فِي آذَانِهِمْ. 16فَكَانَ لَمَّا سَمِعُوا كُلَّ الْكَلاَمِ أَنَّهُمْ خَافُوا نَاظِرِينَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَقَالُوا لِبَارُوخَ: «إِخْبَارًا نُخْبِرُ الْمَلِكَ بِكُلِّ هذَا الْكَلاَمِ». 17ثُمَّ سَأَلُوا بَارُوخَ قَائِلِينَ: «أَخْبِرْنَا كَيْفَ كَتَبْتَ كُلَّ هذَا الْكَلاَمِ عَنْ فَمِهِ؟» 18فَقَالَ لَهُمْ بَارُوخُ: «بِفَمِهِ كَانَ يَقْرَأُ لِي كُلَّ هذَا الْكَلاَمِ، وَأَنَا كُنْتُ أَكْتُبُ فِي السِّفْرِ بِالْحِبْرِ». 19فَقَالَ الرُّؤَسَاءُ لِبَارُوخَ: «اذْهَبْ وَاخْتَبِئْ أَنْتَ وَإِرْمِيَا وَلاَ يَعْلَمُ إِنْسَانٌ أَيْنَ أَنْتُمَا»."

أية (9) وكان فى السنة الخامسة = يبدو أن باروخ كان يعظ بكلام هذا الكتاب لكل من يسمع قبل هذه المناسبة المقدسة. لأن التعليمات بالكتابة أعطيت لأرمياء فى السنة الرابعة ليهوياقيم. وغالباً فالكتابة بدأت فى السنة الرابعة ولكنها إستمرت حتى السنة الخامسة. نادوا بصوم = ربما خوفاً من الغزو القادم أو بسبب قلة المطر. ولكن لا ندرى من الذى طلب هذا الصوم ولكن ما نحن متأكدين منهُ أنه كان صوماً ظاهرياً ولكن القلب كان مبتعداً بعيداً. "لهم صورة التقوى لكنهم ينكرون قوتها" والصوم بدون توبة لن يغير أحكام الرب ضدهم (يو10:3) وفى (10) لاحظ تصرُف الرؤساء. فهم دعوا الشعب للصوم والصلاة ولسماع كلمة الرب ولكنهم لم يصلوا معهم ولم يسمعوا بل جلسوا فى مخدع الكاتب حتى جاءت إليهم أنباء أقوال أرمياء فأين التقوى فى تصرفهم. ولكن يُحسب لهم أنهم تأثَروا بما سمعوا وإرتعبوا ولكنهم كانوا مثل فيليكس الوالى يرتعبون دون أن يؤمنوا. ولم يكن لهم الشجاعة أن ينفذوا ما جاء بهذا الكلام. وبدأوا فى الأسئلة التافهة كيف كتبت كل هذا الكلام (17) وكان رد باروخ سهلاً محرجاً لهم أرمياء كان يقرأ لى وأنا أكتب بالحبر = فكثير من الذين لا يريدون التوبة تكون لهم أسئلة تافهة.

 

الأيات (20-32):-" 20ثُمَّ دَخَلُوا إِلَى الْمَلِكِ إِلَى الدَّارِ، وَأَوْدَعُوا الدَّرْجَ فِي مِخْدَعِ أَلِيشَامَاعَ الْكَاتِبِ، وَأَخْبَرُوا فِي أُذُنَيِ الْمَلِكِ بِكُلِّ الْكَلاَمِ. 21فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ يَهُودِيَ لِيَأْخُذَ الدَّرْجَ، فَأَخَذَهُ مِنْ مِخْدَعِ أَلِيشَامَاعَ الْكَاتِبِ، وَقَرَأَهُ يَهُودِيَ فِي أُذُنَيِ الْمَلِكِ، وَفِي آذَانِ كُلِّ الرُّؤَسَاءِ الْوَاقِفِينَ لَدَى الْمَلِكِ. 22وَكَانَ الْمَلِكُ جَالِسًا فِي بَيْتِ الشِّتَاءِ فِي الشَّهْرِ التَّاسِعِ، وَالْكَانُونُ قُدَّامَهُ مُتَّقِدٌ. 23وَكَانَ لَمَّا قَرَأَ يَهُودِيُ ثَلاَثَةَ شُطُورٍ أَوْ أَرْبَعَةً أَنَّهُ شَقَّهُ بِمِبْرَاةِ الْكَاتِبِ، وَأَلْقَاهُ إِلَى النَّارِ الَّتِي فِي الْكَانُونِ، حَتَّى فَنِيَ كُلُّ الدَّرْجِ فِي النَّارِ الَّتِي فِي الْكَانُونِ. 24وَلَمْ يَخَفِ الْمَلِكُ وَلاَ كُلُّ عَبِيدِهِ السَّامِعِينَ كُلَّ هذَا الْكَلاَمِ، وَلاَ شَقَّقُوا ثِيَابَهُمْ. 25وَلكِنَّ أَلْنَاثَانَ وَدَلاَيَا وَجَمَرْيَا تَرَجَّوْا الْمَلِكَ أَنْ لاَ يُحْرِقَ الدَّرْجَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمْ. 26بَلْ أَمَرَ الْمَلِكُ يَرْحَمْئِيلَ ابْنَ الْمَلِكِ، وَسَرَايَا بْنَ عَزَرْئِيلَ، وَشَلَمْيَا بْنَ عَبْدِئِيلَ، أَنْ يَقْبِضُوا عَلَى بَارُوخَ الْكَاتِبِ وَإِرْمِيَا النَّبِيِّ، وَلكِنَّ الرَّبَّ خَبَّأَهُمَا.

27ثُمَّ صَارَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَى إِرْمِيَا بَعْدَ إِحْرَاقِ الْمَلِكِ الدَّرْجَ وَالْكَلاَمَ الَّذِي كَتَبَهُ بَارُوخُ عَنْ فَمِ إِرْمِيَا قَائِلَةً: 28«عُدْ فَخُذْ لِنَفْسِكَ دَرْجًا آخَرَ، وَاكْتُبْ فِيهِ كُلَّ الْكَلاَمِ الأَوَّلِ الَّذِي كَانَ فِي الدَّرْجِ الأَوَّلِ الَّذِي أَحْرَقَهُ يَهُويَاقِيمُ مَلِكُ يَهُوذَا، 29وَقُلْ لِيَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: أَنْتَ قَدْ أَحْرَقْتَ ذلِكَ الدَّرْجَ قَائِلاً: لِمَاذَا كَتَبْتَ فِيهِ قَائِلاً: مَجِيئًا يَجِيءُ مَلِكُ بَابِلَ وَيُهْلِكُ هذِهِ الأَرْضَ، وَيُلاَشِي مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ؟30لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: لاَ يَكُونُ لَهُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ، وَتَكُونُ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً لِلْحَرِّ نَهَارًا، وَلِلْبَرْدِ لَيْلاً. 31وَأُعَاقِبُهُ وَنَسْلَهُ وَعَبِيدَهُ عَلَى إِثْمِهِمْ، وَأَجْلِبُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ وَعَلَى رِجَالِ يَهُوذَا كُلَّ الشَّرِّ الَّذِي كَلَّمْتُهُمْ عَنْهُ وَلَمْ يَسْمَعُوا».32فَأَخَذَ إِرْمِيَا دَرْجًا آخَرَ وَدَفَعَهُ لِبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا الْكَاتِبِ، فَكَتَبَ فِيهِ عَنْ فَمِ إِرْمِيَا كُلَّ كَلاَمِ السِّفْرِ الَّذِي أَحْرَقَهُ يَهُويَاقِيمُ مَلِكُ يَهُوذَا بِالنَّارِ، وَزِيدَ عَلَيْهِ أَيْضًا كَلاَمٌ كَثِيرٌ مِثْلُهُ."

أظهر الملك عدم رغبته وعدم صبره على التوبة وإظهاره إصراراً على عدم التوبة فهو لا يحتمل أن يخبره أحد بخطاياه. فهو لم يستدع أرمياء أو باروخ للتحقق منهما بل أحرق الكتاب وعمل الملك هذا أعطى شجاعة للرؤساء الذين كانوا قد إرتعبوا سابقاً عند سماعهم أقوال أرمياء(24،16) وظن هذا الأحمق أنه حين تحوَل الكتاب إلى رماد أن أقوال الله إندثرت وزال تأثيرها. وهذا ما يفعله كثيرون حتى اليوم من الذين يُحرفون أقوال الكتاب المقدس أو يقولون أنها أساطير أو أنه لا يناسب العصر الحديث. هذا كله مقدمة للإرتداد العام والإيمان بالنبى الكذاب. وهؤلاء هم السابقين لهُ كما سبق يوحنا المعمدان المسيح. ومن يُحرَف الكتاب المقدس لهو اخطر من يهوياقيم الذى مزقه. وقارن موقف يهوياقيم وإحراقه للكتاب مع موقف يوشيا أبوه وتمزيقه ثيابه حين سمع كلمة الرب. ولاحظ فى (26) الله خبأهما = فالله هو الذى يحمى أولاده إلى أن تجىء ساعتهم. وحين أعاد أرمياء كتابة كتابه زاد عليه تهديدات جديدة فحينما يعاند شخص الله يزداد غضب الله عليه.