الإصحاح الخمسون

 

 فى هذا الإصحاح وما يليه نبوة على بابل.  وجاءت فى آخر نبوات أرمياء فهى تحققت آخر الكل وحين دارت كأس الرب شرب ملك شيشق (بابل) الكأس آخر الكل (17:25) وبابل قد إستخدمت كعصا تأديب ضد الممالك المجاورة والآن تلقى العصا فى النار. وقد تم خراب بابل بيد كورش. وقد سبق وتنبأ إشعياء عن خراب بابل قبل أن تصل بابل لمجدها والآن وهى فى عز مجدها يتنبأ عنها إرمياء ثانية بخرابها. وكانت نبوات أشعياء عن خراب بابل وخلاص المسبيين تشير للخلاص الذى سيصنعه المسيح على قوات الظلمة. أما نبوات أرمياء فهى تشير بالأكثر لإنتصار المسيح وكنيسته فى الأيام الأخيرة، أيام الوحش ومملكته وهى ما تسمى بابل العهد الجديد. وبابل تشير لمملكة الشر فى الكتاب المقدس فبداية من سفر التكوين نجد بابل تتحدى الله فى بناء برج يتحدون به إرادته. ثم بوثنيتها وشياطينها. وينتهى الكتاب المقدس بسفر الرؤيا الذى فيه نهاية بابل أى مملكة الشيطان. ونستطيع أن نقول كما أن الكنيسة عروس المسيح، هكذا بابل هى عروس الشيطان. العروس الأولى الكنيسة هى المرأة المتسربلة بالشمس (رؤ 1:12) والمرأة الأخرى بابل العهد الجديد هى الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة وهى جالسة على وحش قرمزى مملوء أسماء تجديف (أى معتمدة عليه فهو عريسها) (رؤ1:17-5) وعلى جبهتها إسم مكتوب. سر بابل العظيمة أم الزوانى ورجاسات الأرض. إذاً فهى مملكة الشر، هى العالم بخطاياه، هى العالم الذى قبل من يد الشيطان شهوات وملذات الجسد. وهذه المملكة ستخرب وتُدَمر وعلينا من الأن أن نهرب من خطايا بابل أى نهرب من شر العالم حتى لا يلحقنا أذاها (رؤ1:18-5) أى لا نخرب حينما يخرب العالم. ولاحظ أن مملكة بابل كانت أكبر وأضخم مملكة بالمقارنة بكل ما سبق (موأب وبنى عمون...) فإن كانت هذه الممالك قد ضايقت إسرائيل. فبابل قد سحقتها ودمرتها وإستعبدت شعبها وهذا يشير لإستعباد الشيطان لأولاد الله. ولذلك كانت النبوة ضد بابل أطولهم لتعزية شعب الله المسبى. وما سبق أن تنبأ عنه النبى بإختصار فى (12:25، 7:27) شرحه هنا بالتفصيل وكون الله قد إستخدم بابل كعصا تأديب (هو نفسه) فالله يستعمل الشيطان الأن كعصا تأديب. وكما أدبت بابل يهوذا على خطاياها، هكذا سمح بولس الرسول بأن يؤدب الشيطان زانى كورنثوس لتخلص الروح فى يوم الرب وهكذا مع أيوب بل مع بولس الرسول نفسه (2 كو7:12). ولكن بعد أن إنتهت العصا من التأديب ألقيت فى النار. هذا ما حدث فى خراب بابل وهذا ما سيحدث مع الشيطان بأن يلقى فى البحيرة المتقدة بالنار. وهنا إختلطت نبوات خراب بابل بوعود الله المعزية لشعبه وكأن خراب بابل يجب أن يحدث حتى يوجد هناك طريق لعودة شعب الله. وفى الصليب تحقق لنا الخلاص وتقييد إبليس. وفى اليوم الأخير كمال الخلاص ونهاية إبليس التامة.

 

الأيات (1-8):-" 1الْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ عَنْ بَابِلَ وَعَنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ عَلَى يَدِ إِرْمِيَا النَّبِيِّ: 2«أَخْبِرُوا فِي الشُّعُوبِ، وَأَسْمِعُوا وَارْفَعُوا رَايَةً. أَسْمِعُوا لاَ تُخْفُوا. قُولُوا: أُخِذَتْ بَابِلُ. خَزِيَ بِيلُ. انْسَحَقَ مَرُودَخُ. خَزِيَتْ أَوْثَانُهَا. انْسَحَقَتْ أَصْنَامُهَا. 3لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَتْ عَلَيْهَا أُمَّةٌ مِنَ الشِّمَالِ هِيَ تَجْعَلُ أَرْضَهَا خَرِبَةً فَلاَ يَكُونُ فِيهَا سَاكِنٌ. مِنْ إِنْسَانٍ إِلَى حَيَوَانٍ هَرَبُوا وَذَهَبُوا. 4«فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذلِكَ الزَّمَانِ، يَقُولُ الرَّبُّ، يَأْتِي بَنُو إِسْرَائِيلَ هُمْ وَبَنُو يَهُوذَا مَعًا. يَسِيرُونَ سَيْرًا، وَيَبْكُونَ وَيَطْلُبُونَ الرَّبَّ إِلهَهُمْ. 5يَسْأَلُونَ عَنْ طَرِيقِ صِهْيَوْنَ، وَوُجُوهُهُمْ إِلَى هُنَاكَ، قَائِلِينَ: هَلُمَّ فَنَلْصَقُ بِالرَّبِّ بِعَهْدٍ أَبَدِيٍّ لاَ يُنْسَى. 6كَانَ شَعْبِي خِرَافًا ضَالَّةً، قَدْ أَضَلَّتْهُمْ رُعَاتُهُمْ. عَلَى الْجِبَالِ أَتَاهُوهُمْ. سَارُوا مِنْ جَبَل إِلَى أَكَمَةٍ. نَسُوا مَرْبَضَهُمْ. 7كُلُّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَكَلُوهُمْ، وَقَالَ مُبْغِضُوهُمْ: لاَ نُذْنِبُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَى الرَّبِّ، مَسْكِنِ الْبِرِّ وَرَجَاءِ آبَائِهِمِ الرَّبِّ. 8اُهْرُبُوا مِنْ وَسْطِ بَابِلَ وَاخْرُجُوا مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ، وَكُونُوا مِثْلَ كَرَارِيِزَ أَمَامَ الْغَنَمِ. "

أية (2) بالرغم من معاملة ملك بابل الطيبة للنبى إلا أنه لا يستطيع أن يمنع كلمة الله. ولاحظ ان النبوة بخراب بابل بصيغة الماضى لأن كلام الله لا يتغير. ولاحظ أن من تنبأ بأن بابل تسود على الأمم وعلى يهوذا، ها هو يتنبأ بنهايتها وهذا دليل عدم ولائه لبابل. بل هو يحرص على الهرب منها لكيلا يشترك فى خطاياها وعقابها. وإرفعوا راية = الراية ترفع فهو يوم نصر. والراية تلفت نظر جميع الشعوب وهى تعطى فرح لشعب الله. خزى بيل = خزيت أصنام بابل فهى لم تستطع حماية بابل وسكانها وهكذا إبليس قد خزى بصليب المسيح. وكل من سار وراء إبليس سيخزى. وفى (3) أمة من الشمال = هى مملكة ميديا التى تقع شمال بابل والتى بدأ منها كورش نزوله على بابل. ولاحظ أن الفرس كانوا يعبدون إله واحد رمزه هو النار وكانوا يكرهون الأصنام ويحطمونها.

وفى (4) صورة رائعة بعد عمل الصليب يأتى شعب الله المتحد، فالمسيح وحدنا فى شخصه وهذا معنى يأتى بنو إسرائيل هم وبنو يهوذا = هم رجعوا لله بالتوبة والتوبة هى بداية لباقى البركات وقد صاحب التوبة بكائهم على خطاياهم. والمتوقع لمن يقدم توبة بدموع أن يحوَل الله حزنه إلى فرح. وهم عادوا بثقة كبيرة لأنهم رأوا أن ألهة بابل قد خزيت.

وفى (5) فى توبتنا نرجع لله وللكنيسة أمنا = يسألون عن طريق صهيون = وهم فكروا فى العودة لوطنهم كواجب لأن وطنهم هو جبل صهيون المقدس حيث بيت الله. ولكن الطريق يبدو صعباً وهم لم يسلكوه قبلاً. ولكن هم سوف يسألون وهذا دور الخدام أن يجيبوا بخبرتهم وإرشاد روح الله لهم. لكن طالما هم قرروا أنهم لن يرتدوا لبابل فهم حتماً سيصلون إلى صهيون، أورشليم السمائية. وفى التوبة نجدد العهد مع الله بعد أن كنا قد كسرناه.

وفى (6) حال الشعب قبل المسيح "الذين قبلى هم سراق ولصوص... أنا هو الراعى الصالح" كهنتهم وأنبيائهم أضلوهم. بل ظنوا أن من حقهم أن يظلموهم (7) ويستغلوهم كما لو كانوا خرافاً ضالة بلا صاحب. وبابل تصوروا أن هذا حقهم لأن هذا الشعب أخطأ لله. هذا ما ردده نبوزردان (3:40) وهذا ما يصنعه الشيطان الأن. وكان مما ضاعف خطيتهم أنهم قالوا عن الله مسكن البر = فهم يعلمون هذا وبضلالهم إبتعدوا عن البر وفى (8) دعوة للهرب من وسط بابل. هى دعوة لكل منا أن يترك طريق الشر لأن باب الحرية قد فتحهُ المسيح لنا بل إهربوا وكونوا مثل كراريز أمام الغنم = كراريز أى ذكور الغنم (الكباش، وهذه تندفع أمام إناثها تقودها. وهذا هو واجب كل واحد أن يكافح ويجاهد ليقود الأخرين لطريق التوبة وفى (أم31:30) نفس المعنى.

 

الأيات (9-20):-" 9«لأَنِّي هأَنَذَا أُوقِظُ وَأُصْعِدُ عَلَى بَابِلَ جُمْهُورَ شُعُوبٍ عَظِيمَةٍ مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ، فَيَصْطَفُّونَ عَلَيْهَا. مِنْ هُنَاكَ تُؤْخَذُ. نِبَالُهُمْ كَبَطَل مُهْلِكٍ لاَ يَرْجعُ فَارِغًا. 10وَتَكُونُ أَرْضُ الْكَلْدَانِيِّينَ غَنِيمَةً. كُلُّ مُغْتَنِمِيهَا يَشْبَعُونَ، يَقُولُ الرَّبُّ. 11لأَنَّكُمْ قَدْ فَرِحْتُمْ وَشَمِتُّمْ يَا نَاهِبِي مِيرَاثِي، وَقَفَزْتُمْ كَعِجْلَةٍ فِي الْكَلإِ، وَصَهَلْتُمْ كَخَيْل، 12تَخْزَى أُمُّكُمْ جِدًّا. تَخْجَلُ الَّتِي وَلَدَتْكُمْ. هَا آخِرَةُ الشُّعُوبِ بَرِّيَّةٌ وَأَرْضٌ نَاشِفَةٌ وَقَفْرٌ. 13بِسَبَبِ سَخَطِ الرَّبِّ لاَ تُسْكَنُ، بَلْ تَصِيرُ خَرِبَةً بِالتَّمَامِ. كُلُّ مَارّ بِبَابِلَ يَتَعَجَّبُ وَيَصْفِرُ بِسَبَبِ كُلِّ ضَرَبَاتِهَا. 14اِصْطَفُّوا عَلَى بَابِلَ حَوَالَيْهَا يَا جَمِيعَ الَّذِينَ يَنْزِعُونَ فِي الْقَوْسِ. ارْمُوا عَلَيْهَا. لاَ تُوَفِّرُوا السِّهَامَ لأَنَّهَا قَدْ أَخْطَأَتْ إِلَى الرَّبِّ. 15اهْتِفُوا عَلَيْهَا حَوَالَيْهَا. قَدْ أَعْطَتْ يَدَهَا. سَقَطَتْ أُسُسُهَا. نُقِضَتْ أَسْوَارُهَا. لأَنَّهَا نَقْمَةُ الرَّبِّ هِيَ، فَانْتَقِمُوا مِنْهَا. كَمَا فَعَلَتِ افْعَلُوا بِهَا. 16اقْطَعُوا الزَّارِعَ مِنْ بَابِلَ، وَمَاسِكَ الْمِنْجَلِ فِي وَقْتِ الْحَصَادِ. مِنْ وَجْهِ السَّيْفِ الْقَاسِي يَرْجِعُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شَعْبِهِ، وَيَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَرْضِهِ. 17«إِسْرَائِيلُ غَنَمٌ مُتَبَدِّدَةٌ. قَدْ طَرَدَتْهُ السِّبَاعُ. أَوَّلاً أَكَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ، ثُمَّ هذَا الأَخِيرُ، نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ هَرَسَ عِظَامَهُ. 18لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا أُعَاقِبُ مَلِكَ بَابِلَ وَأَرْضَهُ كَمَا عَاقَبْتُ مَلِكَ أَشُّورَ. 19وَأَرُدُّ إِسْرَائِيلَ إِلَى مَسْكَنِهِ، فَيَرْعَى كَرْمَلَ وَبَاشَانَ، وَفِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ وَجِلْعَادَ تَشْبَعُ نَفْسُهُ. 20فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذلِكَ الزَّمَانِ، يَقُولُ الرَّبُّ، يُطْلَبُ إِثْمُ إِسْرَائِيلَ فَلاَ يَكُونُ، وَخَطِيَّةُ يَهُوذَا فَلاَ تُوجَدُ، لأَنِّي أَغْفِرُ لِمَنْ أُبْقِيهِ."

أية (9) جمهور شعوب عظيمة أى مادى وفارس ومن هو متحد معهم وهؤلاء سيأخذوها  = من هناك تؤخذ = أى من الذين إصطفوا أمامها وحاصروها وهم بقيادة كورش. والأن كل المؤمنين يفعلون هذا بإبليس بقيادة ربنا يسوع المسيح الذى خرج غالباً ولكى يغلب (رؤ2:6) وفى (11) كعجلة فى الكلأ = أى تدوس المرعى. والمعنى لشماتتهم فى خراب شعب الرب وهذا ما تفعله الشياطين. فإذا كان هناك فرح فى السماء بخاطىء واحد يتوب فهناك فرح عند الشياطين بكل إنسان يضل الطريق ويترك الله. ويُصوَر هنا فرحهم بعجلة تجرى فرحة وحصان يصهل فرحاً ونشوة. يدوسون المرعى أى يدوسوا هذا الإنسان الساقط. وفى (12) تخزى أمكم = أى يا أيها الشامتون ستخزون حينما تسقط بابل وتخزى. ها أخرة الشعوب = فى هذا الوقت كانت بابل هى آخر دولة عظمى ولكن ها هى سوف تصبح خراباً. وكم من دولة عظمى الأن يحكمها الشر سوف تصبح خراباً.

والأيات حتى (15) تصوَر خرابها العجيب (بابل = تعنى بلبلة، ومن يتبع إبليس (رمزه بابل) فنصيبه ضلال وبلبلة على الأرض وخراب هنا وهناك). وعلماء الأثار بذلوا جهوداً خرافية للعثور على بقاياها بلا فائدة مع العلم بأن أسوارها كانت من عجائب الدنيا وفى (16) كل العاملين بعد خرابها (العمال المسخرون) سيطلقون ويرجع كل واحد إلى وطنه.

والأيات (17-20) يظهر فيها عمل المسيح = يطلب إثم إسرائيل فلا يكون = وهذا لم يكن إلا بصليب المسيح الذى قال وهو معلق عليه "يا أبتاه إغفر لهم" ومن هنا بدأ عمله الشفاعى. "فدم يسوع يطهرنا من كل خطية". وبعد أن تشتت شعب الله وداسهُ أشور وبابل أى الشياطين، عاقبهم الله ورد شعبه إسرائيل لمسكنه. فهذا حقه أن يتمتع بكرمل وباشان وهى جبال عالية فالله رد شعبه ليعيش فى السماويات وأشبعه فى جبل أفرايم = هو أشبعنا من جسده ودمه وتعزيات روحه القدوس. وهو يرعانا فى مراع خضر.

 

الأيات (21-32):-" 21«اِصْعَدْ عَلَى أَرْضِ مِرَاثَايِمَ. عَلَيْهَا وَعَلَى سُكَّانِ فَقُودَ. اخْرِبْ وَحَرِّمْ وَرَاءَهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَافْعَلْ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ. 22صَوْتُ حَرْبٍ فِي الأَرْضِ، وَانْحِطَامٌ عَظِيمٌ. 23كَيْفَ قُطِعَتْ وَتَحَطَّمَتْ مِطْرَقَةُ كُلِّ الأَرْضِ؟ كَيْفَ صَارَتْ بَابِلُ خَرِبَةً بَيْنَ الشُّعُوبِ؟ 24قَدْ نَصَبْتُ لَكِ شَرَكًا، فَعَلِقْتِ يَا بَابِلُ، وَأَنْتِ لَمْ تَعْرِفِي! قَدْ وُجِدْتِ وَأُمْسِكْتِ لأَنَّكِ قَدْ خَاصَمْتِ الرَّبَّ. 25فَتَحَ الرَّبُّ خِزَانَتَهُ، وَأَخْرَجَ آلاَتِ رِجْزِهِ، لأَنَّ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ عَمَلاً فِي أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ. 26هَلُمَّ إِلَيْهَا مِنَ الأَقْصَى. افْتَحُوا أَهْرَاءَهَا. كَوِّمُوهَا عِرَامًا، وَحَرِّمُوهَا وَلاَ تَكُنْ لَهَا بَقِيَّةٌ. 27أَهْلِكُوا كُلَّ عُجُولِهَا. لِتَنْزِلْ لِلذَّبْحِ. وَيْلٌ لَهُمْ لأَنَّهُ قَدْ أَتَى يَوْمُهُمْ، زَمَانُ عِقَابِهِمْ. 28صَوْتُ هَارِبِينَ وَنَاجِينَ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ، لِيُخْبِرُوا فِي صِهْيَوْنَ بِنَقْمَةِ الرَّبِّ إِلهِنَا، نَقْمَةِ هَيْكَلِهِ. 29اُدْعُوا إِلَى بَابِلَ أَصْحَابَ الْقِسِيِّ. لِيَنْزِلْ عَلَيْهَا كُلُّ مَنْ يَنْزِعُ فِي الْقَوْسِ حَوَالَيْهَا. لاَ يَكُنْ نَاجٍ. كَافِئُوهَا نَظِيرَ عَمَلِهَا. افْعَلُوا بِهَا حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَتْ، لأَنَّهَا بَغَتْ عَلَى الرَّبِّ، عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ. 30لِذلِكَ يَسْقُطُ شُبَّانُهَا فِي الشَّوَارِعِ، وَكُلُّ رِجَالِ حَرْبِهَا يَهْلِكُونَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ. 31هأَنَذَا عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْبَاغِيَةُ، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ، لأَنَّهُ قَد أَتَى يَوْمُكِ حِينَ عِقَابِي إِيَّاكِ. 32فَيَعْثُرُ الْبَاغِي وَيَسقُطُ ولاَ يَكُونُ لَهُ مَنْ يُقِيمُهُ، وَأُشْعِلُ نَارًا في مُدُنِهِ فَتَأْكُلُ كُلَّ مَا حَوَالَيْهَا."

أية (21) مراثايم = إسم لبلاد جنوب بابل ومعناها تمرداً مضاعفاً. وهى قطعة من أرض بابل جزء منها فى أشور وجزء فى أرمينيا. وفقود كانت بلداً فى بابل إستولى عليها كورش فى نزوله على بابل. ويقولون أنها ضاحية من ضواحى العاصمة التى أبادها كورش. والمعنى أن الرب أبادها لتمردها. وفى (23) كانت بابل مطرقة الأمم [ تستخدم مطرقة (تجارب) لضرب الماس (المؤمنين) والماس الحقيقى (الأبرار) لا يتأثر والمغشوش (الأشرار) ينكسر]. = فهى ضربت الجميع وهكذا الشيطان فقد أذل الجميع. والأن فتح الرب خزانته (25) وأخرج الرب منها جيش فارس ليحطم بابل. فالله لهُ أدواته وألات رجزه لتأديب العصاة. فالرجال العظماء  والدول ما هم إلا ألات لتنفيذ أغراض الله. وكانت فارس شركاً لبابل (24) والله حكم بهذا على بابل لأنها كانت مطرقة طالما أذت وأضرت شعب الله وكانت تكسره وهى أيضاً خاصمت الرب (24) أى حاربته وعارضته وتمردت عليه وهى خربت أورشليم وبيت الله. وهذا ما صنعه الشيطان بأن دمر أولاد الله. ورمز الشيطان هنا بابل أم الوثنية فى العالم.

وفى (26) أهراءها = أى خزائنها أو مخازنها فكل ما تملكه سيذهب عنها وفى (28) نقمة هيكله = فبابل دنست أنية بيت الرب وهيكله. والشياطين دنسوا أولاد الله لذلك سينتقم منهم. ولكن من عَرِف عمل الرب وفداؤه أى كل مبشر وكارز سيبشر بأن الله إنتقم. والأيات هنا تشبه سفر الرؤيا فى خراب بابل الباغية (34).

 

الأيات (33-46):-" 33«هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَنِي يَهُوذَا مَعًا مَظْلُومُونَ، وَكُلُّ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ أَمْسَكُوهُمْ. أَبَوْا أَنْ يُطْلِقُوهُمْ. 34وَلِيُّهُمْ قَوِيٌّ. رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ. يُقِيمُ دَعْوَاهُمْ لِكَيْ يُرِيحَ الأَرْضَ وَيُزْعِجَ سُكَّانَ بَابِلَ. 35سَيْفٌ عَلَى الْكَلْدَانِيِّينَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَعَلَى سُكَّانِ بَابِلَ، وَعَلَى رُؤَسَائِهَا، وَعَلَى حُكَمَائِهَا. 36سَيْفٌ عَلَى الْمُخَادِعِينَ، فَيَصِيرُونَ حُمُقًا. سَيْفٌ عَلَى أَبْطَالِهَا فَيَرْتَعِبُونَ. 37سَيْفٌ عَلَى خَيْلِهَا وَعَلَى مَرْكَبَاتِهَا وَعَلَى كُلِّ اللَّفِيفِ الَّذِي فِي وَسْطِهَا، فَيَصِيرُونَ نِسَاءً. سَيْفٌ عَلَى خَزَائِنِهَا فَتُنْهَبُ. 38حَرٌّ عَلَى مِيَاهِهَا فَتَنْشَفُ، لأَنَّهَا أَرْضُ مَنْحُوتَاتٍ هِيَ، وَبِالأَصْنَامِ تُجَنُّ. 39لِذلِكَ تَسْكُنُ وُحُوشُ الْقَفْرِ مَعَ بَنَاتِ آوَى، وَتَسْكُنُ فِيهَا رِعَالُ النَّعَامِ، وَلاَ تُسْكَنُ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ تُعْمَرُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. 40كَقَلْبِ اللهِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَمُجَاوَرَاتِهَا، يَقُولُ الرَّبُّ، لاَ يَسْكُنُ هُنَاكَ إِنْسَانٌ، وَلاَ يَتَغَرَّبُ فِيهَا ابْنُ آدَمَ. 41هُوَذَا شَعْبٌ مُقْبِلٌ مِنَ الشِّمَالِ، وَأُمَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَيُوقَظُ مُلُوكٌ كَثِيرُونَ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ. 42يُمْسِكُونَ الْقَوْسَ وَالرُّمْحَ. هُمْ قُسَاةٌ لاَ يَرْحَمُونَ. صَوْتُهُمْ يَعِجُّ كَبَحْرٍ، وَعَلَى خَيْل يَرْكَبُونَ، مُصْطَفِّينَ كَرَجُل وَاحِدٍ لِمُحَارَبَتِكِ يَا بِنْتَ بَابِلَ. 43سَمِعَ مَلِكُ بَابِلَ خَبَرَهُمْ فَارْتَخَتْ يَدَاهُ. أَخَذَتْهُ الضِّيقَةُ وَالْوَجَعُ كَمَاخِضٍ. 44هَا هُوَ يَصْعَدُ كَأَسَدٍ مِنْ كِبْرِيَاءِ الأُرْدُنِّ إِلَى مَرْعًى دَائِمٍ. لأَنِّي أَغْمِزُ وَأَجْعَلُهُمْ يَرْكُضُونَ عَنْهُ. فَمَنْ هُوَ مُنْتَخَبٌ فَأُقِيمَهُ عَلَيْهِ؟ لأَنَّهُ مَنْ مِثْلِي؟ وَمَنْ يُحَاكِمُنِي؟ وَمَنْ هُوَ الرَّاعِي الَّذِي يَقِفُ أَمَامِي؟ 45لِذلِكَ اسْمَعُوا مَشُورَةَ الرَّبِّ الَّتِي قَضَى بِهَا عَلَى بَابِلَ، وَأَفْكَارَهُ الَّتِي افْتَكَرَ بِهَا عَلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ: إِنَّ صِغَارَ الْغَنَمِ تَسْحَبُهُمْ. إِنَّهُ يَخْرِبُ مَسْكَنَهُمْ عَلَيْهِمْ. 46مِنَ الْقَوْلِ: أُخِذَتْ بَابِلُ. رَجَفَتِ الأَرْضُ وَسُمِعَ صُرَاخٌ فِي الشُّعُوبِ."

فى (33) يشير للظلم الذى وقع من بابل ضد يهوذا أو من إبليس ضد شعب الله (آدم ونسله). ولكن الله كان يرى ذُلَ شعبه إسرائيل ويهوذا من بابل وأنهم فى ضعفهم كانوا غير قادرين أن يُخلصوا أنفسهم ولكن (34) وليهم قوى = هو الذى سيفكهم من الأقوياء الذين سبوهم (بابل أو الشياطين) وكانوا يرفضون تماماً فكهم. وهذا الولى الذى سيدفع الدين هو المسيح الذى إشترانا بدمه. وهذا الكلام ينطبق على كل المسبيين للخطية ويشتكون من ضعفهم ولكن المسيح المخلص يحرر. يريح الأرض ويزعج سكان بابل. ومن (35-40) وصف للخراب القادم على بابل لخطاياها وهى الوثنية والإضطهاد لشعب الله ورفض تحريرهم وفى (38) كانوا يعشقون أوثانهم = بالأصنام تجن فهم أعطوا مجد الله لآخرين. كانوا لا يهتمون بأى تكلفة فى عبادتهم فبابل هى أم الزوانى وأصل الوثنية (رؤ5:17). وهنا سيف الله سيأتى على الجميع "الرؤساء والمخادعين" وهم كهنة الأوثان الذين يستشيرون الكواكب. وسيكون كورش كحَرٌ على مياهها فتنشف وهذا ما فعلهُ كورش الذى حول نهر الفرات لعدة مجارى حتى يتمكن من دخول بابل. وحين إنقطعت المياه عن بابل تحولت لبرية مثل سدوم وعمورة. والأيات (41-43) إستخدمت من قبل فى غزو بابل ليهوذا (22:6-24) والمعنى أن حساب بابل سيدفع من نفس العملة التى دفعتها يهوذا من قبل. ولكن هناك فرق بين مجموعتى الأيات هذه وتلك. فبالنسبة لإسرائيل سمع الشعب فإرتخت يداه وبالنسبة لبابل سمع ملك بابل فإرتخت يداه وبهذا تساوى ملك بابل مع أقل واحد من شعب يهوذا ثم من (44-46) هى نفس الأيات التى قيلت عن آدوم (19:49-24) فالمخرب سيخربه. ويكون واضحاً أن الكلام عن المسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا ليهزم الشيطان وجنوده سواء كانت أدوم بخطيتها أو بابل بخطيتها رمز لهم.