الإصحاح الخامس

 

آية (1):- " 1اُذْكُرْ يَا رَبُّ مَاذَا صَارَ لَنَا. أَشْرِفْ وَانْظُرْ إِلَى عَارِنَا. "

هذا الإصحاح إصحاح صلاة وتضرع، أحزين أحد بينكم فليصلى ويسكب شكواه أمام الله فيكون لهُ عزاء بعد أن يترك الموضوع فى يدى الله وهكذا فعل النبى هنا.

 

آية (2):- " 2قَدْ صَارَ مِيرَاثُنَا لِلْغُرَبَاءِ. بُيُوتُنَا لِلأَجَانِبِ."

 ميراثنا = هى أرض كنعان التى أعطاها لهم الله كنعمة (يش28:24) + (تث21:4) وعلى كل خاطىء إمتلك الشيطان منهُ جزءاً أن يصلى ويتضرع لله حتى يمحو هذا العار.

 

آية (3):- " 3صِرْنَا أَيْتَامًا بِلاَ أَبٍ. أُمَّهَاتُنَا كَأَرَامِلَ."

 حالتهم صارت كالأيتام والأرامل = أى عاجزين عن حماية أنفسنا فالله فارقنا وملكنا فى السبى وأولادنا وشباننا قتلوا "أنظر يارب إلى ضعفى وذلى ومسكنتى ونجنى".

 

آية (4):- " 4شَرِبْنَا مَاءَنَا بِالْفِضَّةِ. حَطَبُنَا بِالثَّمَنِ يَأْتِي."

 نقص الماء يشير لإنعدام التعزية وأفراح الروح. ولكن فلنلاحظ أنهم تركوا الله ينبوع الماء الحى وذهبوا لينقروا لأنفسهم أباراً مشققة لا تضبط ماء" هم تركوا الله الذى عنده التعزية الحقيقية وذهبوا للعالم يبحثون عنده على ملذاتهم. والشيطان دائماً يقنع الإنسان بأن العيشة مع الله مكلفة وسيعيش الإنسان مع الله فى حياة جافة ويعرض الشيطان على الإنسان ملذات كثيرة تقنعه فى أول الطريق. ولكن بعد أن يفقد الإنسان كل شىء، يجد أن تكلفة ملذاته هذه كبيرة فهى كلفته كل عمره بل وأبديته. هذا معنى شربنا ماءنا بالفضة (قارن مع أر13:2).

 

آية (5):- " 5عَلَى أَعْنَاقِنَا نُضْطَهَدُ. نَتْعَبُ وَلاَ رَاحَةَ لَنَا. "

على أعناقنا = هذا هو نير العبودية. فمن وضع عنقه تحت يد الشيطان يشعر بثقل هذا النير. ولا يجد راحة = فلا راحة سوى مع المسيح الذى يحمل عنا أثقالنا ونيره هَين.

 

آية (6):- " 6أَعْطَيْنَا الْيَدَ لِلْمِصْرِيِّينَ وَالأَشُّورِيِّينَ لِنَشْبَعَ خُبْزًا."

عبوديتهم وذلهم للمصريين والأشوريين لأجل الخبز هى عبودية الخاطىء للشيطان.

 

آية (7):- " 7آبَاؤُنَا أَخْطَأُوا وَلَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ، وَنَحْنُ نَحْمِلُ آثَامَهُمْ. "

هذه ليست مثل (أر29:31) أو مثل (حز2:18) فهؤلاء يتمردون على أحكام الله ضدهم قائلين إننا لم نخطىء بل أباؤنا أخطأوا فلماذا تعاقبنا نحن. أما قول أرمياء هذا فهو مختلف لأنه هنا يعترف بخطاياه فى أية (16) ويل لنا لأننا أخطأنا. ولكن هذه الأية هى شكوى الإنسان عموماً من ان آدم أخطأ ونحن نحمل ذنبه ولكن بعد المسيح لم يَعُد هناك مجال لهذه الشكوى فالمسيح أزال عنا عقوبة وخطية آدم. ولكن أيضاً أرمياء فى هذه الأية يعترف بأنهم هم وأباؤهم قد أذنبوا هذه تشبه صلاة دانيال (دا4:9-12).

 

آية (8):- " 8عَبِيدٌ حَكَمُوا عَلَيْنَا. لَيْسَ مَنْ يُخَلِّصُ مِنْ أَيْدِيهِمْ. "

العبيد الذين يحكمونهم هم البابليين وحين يحكم عبد يصير حكمه أشر أنواع الحكم وبذلك لحقت لعنة كنعان بشعب يهوذا. فكانت لعنة كنعان "عبد العبيد يكون لإخوته" فمن رفض حكم الله عليه ومشورات رجالهُ من الأنبياء سيحكمهم آخرين يذلونهم. ومن رفض الخضوع لله يتسلط عليه إبليس. وهم لا يرون طريقاً للخلاص = ليس من يخلص من أيديهم.

 

آية (9):- " 9بِأَنْفُسِنَا نَأْتِي بِخُبْزِنَا مِنْ جَرَى سَيْفِ الْبَرِّيَّةِ."

هناك من يخسر حياته ليحصل على الخبز. وكان هذا فى أثناء الحصار. فمن يحاول الخروج يقتله الكلدانيون وهم هنا سيف البرية. ففى أية (6) وجدنا أنهم يمدون أيديهم ليأكلوا وهنا نجدهم يخسرون حياتهم ليأكلوا. وإذا فهمنا أن هذا يرمز لمن يمد يدهُ للشيطان ويقبل الخطايا لملذاتها فيُعرض نفسه للموت.

 

الآيات (10-16):- " 10جُلُودُنَا اسْوَدَّتْ كَتَنُّورٍ مِنْ جَرَى نِيرَانِ الْجُوعِ. 11أَذَلُّوا النِّسَاءَ فِي صِهْيَوْنَ، الْعَذَارَى فِي مُدُنِ يَهُوذَا. 12الرُّؤَسَاءُ بِأَيْدِيهِمْ يُعَلَّقُونَ، وَلَمْ تُعْتَبَرْ وُجُوهُ الشُّيُوخِ. 13أَخَذُوا الشُّبَّانَ لِلطَّحْنِ، وَالصِّبْيَانَ عَثَرُوا تَحْتَ الْحَطَبِ. 14كَفَّتِ الشُّيُوخُ عَنِ الْبَابِ، وَالشُّبَّانُ عَنْ غِنَائِهِمْ. 15مَضَى فَرَحُ قَلْبِنَا. صَارَ رَقْصُنَا نَوْحًا. 16سَقَطَ إِكْلِيلُ رَأْسِنَا. وَيْلٌ لَنَا لأَنَّنَا قَدْ أَخْطَأْنَا. "

وصف للمجاعة (10) ولهؤلاء الذين طالما تمتعوا بالأفراح فجلودهم إسودت من الجفاف وكرامة نساؤهم إنحطت (11) ورؤساؤهم عُلقوا بعد قتلهم كما حدث مع شاول الملك (12) وفى (13) عمل الطحن هو إهانة للشباب(فهو عمل النساء فقط) مثل ما حدث مع شمشون. ولاحظ أن هذا حدث مع ظالميهم من البابليين بعد ذلك (أش6:47) وفى عبوديتهم كانوا بلا أفراح ويشير لها الرقص والغناء "كيف نسبح تسبحة الرب فى أرض غريبة" وذهب عنهم مجدهم وبهاءهم (هيكلهم وقصر ملكهم) كل هذا لأن الله فارقهم = سقط إكليل رأسنا وشيوخهم لم يعد لهم مكانة فهم إما قتلوا أو ذهبوا للسبى، وهكذا ملكهم.

 

الآيات (17-19):- " 17مِنْ أَجْلِ هذَا حَزِنَ قَلْبُنَا. مِنْ أَجْلِ هذِهِ أَظْلَمَتْ عُيُونُنَا. 18مِنْ أَجْلِ جَبَلِ صِهْيَوْنَ الْخَرِبِ. الثَّعَالِبُ مَاشِيَةٌ فِيهِ. 19أَنْتَ يَا رَبُّ إِلَى الأَبَدِ تَجْلِسُ. كُرْسِيُّكَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. "

هنا شكوى خاصة بخراب الهيكل وهذا ما جعل النبى يتألم بالأكثر ويكتئب قلبه. فجبل صهيون هو جبل الهيكل أى المبنى عليه الهيكل. وقد خرب الأعداء هذا الجبل حتى أن الثعالب كانت تجرى فيه. ولنلاحظ أن الإنسان هو هيكل الله فحين غادر الله هذا المكان حلَتْ فيه الثعالب أى الشياطين الماكرة المخادعة فهذه صفة الثعالب. والنبى هنا يعزى نفسه بأن ملك الله أبدى (19) وهذا يعزينا فى كل ضيقاتنا أن " الله ليس عنده تغيير او ظل دوران " وأن سلطانه أبدى لا يتغير من جيل إلى جيل. وحين تزول كل عروش الملوك الظالمين فعرش الله باقى. وقد تعنى الثعالب فى الهيكل = البابليون الذين دمروه وخربوه وداسوه بأقدامهم قارن مع (أش19:13-22) + (لا33:26).

 

الآيات (20-22):- " 20لِمَاذَا تَنْسَانَا إِلَى الأَبَدِ وَتَتْرُكُنَا طُولَ الأَيَّامِ؟ 21اُرْدُدْنَا يَا رَبُّ إِلَيْكَ فَنَرْتَدَّ. جَدِّدْ أَيَّامَنَا كَالْقَدِيمِ. 22هَلْ كُلَّ الرَّفْضِ رَفَضْتَنَا؟ هَلْ غَضِبْتَ عَلَيْنَا جِدًّا؟ "

هى صلاة تضرع وإستعطاف. وأرددنا يا رب فنرتد = أى توبنا يا رب فنتوب ولا تحرمنا من أن نفرح بك مثل الأول. "والله بالتأكيد يقبل مثل هذه الصلاة وهذه التوبة".