الإصحاح التاسع والثلاثون

 

آية (1):- "1«وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، تَنَبَّأْ عَلَى جُوجٍ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكَ يَا جُوجُ رَئِيسُ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ. "

 

آية (2):- " 2وَأَرُدُّكَ وَأَقُودُكَ وَأُصْعِدُكَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ وَآتِي بِكَ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ. "

الله هو الذى يرده ويقوده ويصعده = فهو لم يتحرك هكذا لأنه هو أراد ذلك، بل لأن الله أراد. أقاصى الشمال = فاليونانيون والرومان جاءوا من الشمال وهكذا الأشوريون والبابليون من قبل. وهكذا فى أواخر الأيام سيحدث أن يأتى الأعداء على إسرائيل من الشمال. ولاحظ سآتى بك على جبال إسرائيل = جبال إسرائيل تشير للكنيسة المرتفعة العالية الثابتة كالجبل. والله هو الذى سيأتى به، ولكن لماذا يسمح الله بأن يأتى هذا العدو على الكنيسة فى هذا الوقت ؟ ذلك لأن محبتها بردت لكثرة الإثم مت 24 : 12 فيكون ذلك ليدفع الله كنيسته للتوبة فلا تهلك. وقد يتحقق هذا حرفياً فى نهاية الأيام، فتحضر جيوش إلى أورشليم فعلاً، وتكون أورشليم فى ذلك الوقت مؤمنة بضد المسيح (الذى سيكون مقره أورشليم رؤ 11 : 8) وتضرب هذه الجيوش أورشليم ولا يستطيع ضد المسيح هذا أن ينقذ من آمن به وتبعه، وهنا يتدخل الله وينقذهم ويعرفوا المسيح الحقيقى ويؤمنوا به، قارن مع آية 27 فى نفس الإصحاح. وفى زك 14 : 1 – 5 نجد هذا المفهوم، بل نفهم أن الزلزال الرهيب الذى سيحدث سيكون وسيلة ينقذ بها المسيح شعبه فيعرفوه ويخلصوا

 

الآيات (3-5):- " 3وَأَضْرِبُ قَوْسَكَ مِنْ يَدِكَ الْيُسْرَى، وَأُسْقِطُ سِهَامَكَ مِنْ يَدِكَ الْيُمْنَى. 4فَتَسْقُطُ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ أَنْتَ وَكُلُّ جَيْشِكَ وَالشُّعُوبُ الَّذِينَ مَعَكَ. أَبْذُلُكَ مَأْكَلاً لِلطُّيُورِ الْكَاسِرَةِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ وَلِوُحُوشِ الْحَقْلِ. 5عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ تَسْقُطُ، لأَنِّي تَكَلَّمْتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. "

الله هو الذى سيضرب سلاحه، بل يضرب جيشه كما حدث يوم ال 185000. ويكون القتلى كثيرين حتى تشبع منهم الطيور الكاسرة والوحوش رؤ 19 : 17 – 21. وروحياً فالمؤمنين يكونون كالطيور المحلقة فى السماويات وكالوحوش الكاسرة فى حربهم ضد العدو وضد الخطية، أما النار التى تحرقه فهى نار الروح الإلهى الساكن فينا ويطهرنا من كل خطية، فهو روح الإحراق والتطهير أش 4 : 4. هذه هى النار التى تنزل على ماجوج (آية 6). والله دائماً يسقط سلاح عدونا إبليس من يده

 

آية (6):- " 6وَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى مَاجُوجَ وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي الْجَزَائِرِ آمِنِينَ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. "

الساكنين فى الجزائر آمنين = كلمة آمنين تفترق تماماً عن معنى من يعيش فى سلام داخلى. فالسلام الداخلى هو عطية من الله. وأما الإحساس بالأمن الكاذب نتيجة القوة العسكرية أو الإقتصادية.... الخ فهذا راجع لإيحاءات وخداعات الشياطين، فهم يخدعون البشر بأن كل شئ على ما يرام، فالمال متوفر، والمستقبل سعيد، والإستجابة لكل شهوة موجودة فى العالم. والجزائر محاطة بماء البحر المالحة، وهى عادة خصبة أى غنية، ولكن إحاطتها بمياه البحار يشير للغارقين فى شهوات العالم شاعرين بالأمان الكاذب... فهل تعنى الجزائر الدول الغربية ؟؟ وهذه الأماكن سيرسل الله عليها ضرباته فيعلمون أنى أنا الرب. وعلينا أن نعلم أن السبيل الوحيد للأمان الحقيقى والسلام الداخلى هو التوبة.

 

آية (7):- " 7وَأُعَرِّفُ بِاسْمِي الْمُقَدَّسِ فِي وَسْطِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، وَلاَ أَدَعُ اسْمِي الْمُقَدَّسَ يُنَجَّسُ بَعْدُ، فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ."

الله بضرباته سيعرف شعبه أنه هو المسيح الحقيقى = بإسمى المقدس ولا أدع إسمى المقدس يتنجس بعد = حين يتخلوا عن إيمانهم بضد المسيح فتعلم الأمم = الله فى محبته، عينه على الجميع، فهو يريد إيمان الأمم والشعوب الذين لم يؤمنوا به حتى الآن. ولنلاحظ أن من يعرف إسم الله القدوس لا يجرؤ على تدنيسه. وبسبب الخطية والجهل به يكون البعض فى جرأة بل هم يستخفون بإسم الله. والله له طرق متعددة منها هذه الضربات لنعرف إسمه القدوس، أى لنترك خطايانا ونرجع إليه.

 

الآيات (8-9):- " 8«هَا هُوَ قَدْ أَتَى وَصَارَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. هذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي تَكَلَّمْتُ عَنْهُ. 9وَيَخْرُجُ سُكَّانُ مُدُنِ إِسْرَائِيلَ وَيُشْعِلُونَ وَيُحْرِقُونَ السِّلاَحَ وَالْمَجَانَّ وَالأَتْرَاسَ وَالْقِسِيَّ وَالسِّهَامَ وَالْحِرَابَ وَالرِّمَاحَ، وَيُوقِدُونَ بِهَا النَّارَ سَبْعَ سِنِينَ. "

ها هو قد آتى وصار = هذا اليوم الذى يتكلم عنه هو يوم النهاية، ولكنه يذكره هنا بصيغة الماضى، كأن هذا قد تم، لأن ما سيحدث هو أكيد. هذا هو اليوم الذى تكلمت عنه = يوم إنكسار آخر أعداء كنيسة الله. ويدخل المؤمنون حالة سلام نهائى، إذ يلقى إبليس فى النار الأبدية، ويدخل المؤمنون الملكوت الأبدى، ولا يعود إبليس يحاربهم ويغويهم، أى لا يوجد عدو بعد، وبالتالى فلا داعى لوجود أسلحة، فيحرقون كل الأسلحة. وهناك نوعان من الأسلحة :-

أولاً :- الأسلحة التى بها يحارب شعب الله الشيطان (أف 6 : 11). والآن لا حروب

ثانياً :- أسلحة الشيطان التى بها يحارب الشيطان شعب الله، وهذه إنتهت فعاليتها فى السماء، فلم يعد لنا جسد ضعيف يتأثر بشهوات العالم

وبالتالى فسواء هذا النوع أو ذاك النوع من الأسلحة، فلا يوجد كلاهما فى الأبدية. مع ملاحظة أن رقم 7 هو رقم الكمال، فكونهم يحرقون هذه الأسلحة 7 سنين، أى هم يحرقونها وللأبد، فلم يعد لها إستعمال، بل تكون هذه الأسلحة أى الخطايا والشهوات التى أغوى بها الشيطان البشر هى نفسها وقود جهنم وبحيرة النار التى يلقى فيها الشيطان وتابعيه رؤ 20 : 15

 

آية (10):- " 10فَلاَ يَأْخُذُونَ مِنَ الْحَقْلِ عُودًا، وَلاَ يَحْتَطِبُونَ مِنَ الْوُعُورِ، لأَنَّهُمْ يُحْرِقُونَ السِّلاَحَ بِالنَّارِ، وَيَنْهَبُونَ الَّذِينَ نَهَبُوهُمْ، وَيَسْلُبُونَ الَّذِينَ سَلَبُوهُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.  "

هذه النار أبدية ووقودها أسلحة العدو نفسه (الخطايا) فالخطايا تحرق "أياخذ أنسانا ناراً فى حضنه ولا تحترق ثيابه" أم 6 : 27 – 29 ولن يحتطب أحد ليبقيها موقدة فهى ستظل هكذا وللأبد. ويسلبون الذين سلبوهم = لطالما قام الشياطين بسلبنا على الأرض، وفى السماء سنسلبهم نحن ونأخذ نصيبهم فى الأمجاد السماوية.

 

الآيات (11-16):- " 11وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، أَنِّي أُعْطِي جُوجًا مَوْضِعًا هُنَاكَ لِلْقَبْرِ فِي إِسْرَائِيلَ، وَوَادِي عَبَارِيمَ بِشَرْقِيِّ الْبَحْرِ، فَيَسُدُّ نَفَسَ الْعَابِرِينَ. وَهُنَاكَ يَدْفِنُونَ جُوجًا وَجُمْهُورَهُ كُلَّهُ، وَيُسَمُّونَهُ: وَادِيَ جُمْهُورِ جُوجٍ. 12وَيَقْبِرُهُمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ لِيُطَهِّرُوا الأَرْضَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ. 13كُلُّ شَعْبِ الأَرْضِ يَقْبِرُونَ، وَيَكُونُ لَهُمْ يَوْمُ تَمْجِيدِي مَشْهُورًا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 14وَيُفْرِزُونَ أُنَاسًا مُسْتَدِيمِينَ عَابِرِينَ فِي الأَرْضِ، قَابِرِينَ مَعَ الْعَابِرِينَ أُولئِكَ الَّذِينَ بَقُوا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ. تَطْهِيرًا لَهَا. بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ يَفْحَصُونَ. 15فَيَعْبُرُ الْعَابِرُونَ فِي الأَرْضِ، وَإِذَا رَأَى أَحَدٌ عَظْمَ إِنْسَانٍ يَبْنِي بِجَانِبِهِ صُوَّةً حَتَّى يَقْبِرَهُ الْقَابِرُونَ فِي وَادِي جُمْهُورِ جُوجٍ، 16وَأَيْضًا اسْمُ الْمَدِينَةِ «هَمُونَةُ»، فَيُطَهِّرُونَ الأَرْضَ. "

القبور تشير للموت والنجاسة لأن الموت كان نتيجة الخطية وهذه الأرض التى كانت شهوة أعداء الله ستكون لهم قبوراً ونجاسة. وهذه القبور ستكون فى وادى عباريم. وهذا الوادى خارج الأرض المقدسة شرقى نهر الأردن، ويفصله عن النهر سلسلة من الجبال منها جبل نبو الذى رأى منه موسى أرض الموعد دون أن يدخلها. والمعنى أن أعداء الله لن يدخلوا أرض الراحة، ويكون لهم قبور خارجها ومدفونين فى نجاسة أما شعب الله الذى لم يطيق أن يبقى فى هذه الأرض وصعد إلى الجبل ورأى أرض الموعد وإشتاق إليها وإحتقر الزمنيات فهذا يستطيع أن يدخل للأقداس السماوية. والمكان الذى يدفنون فيه يسمى همونة أى جمهور فالهالكين كثيرين. وقطعاً فهذا يشير أيضاً لهلاك الجيوش المعادية فى أزمنة النهاية فى الحرب الأخيرة. فيسد نفس العابرين = لنتأمل هذا العالم الذى كان شهوة للنظر وأصبح يسد نفس العابرين. وهكذا أولاد الله إكتشفوا أن العالم نفاية، هكذا أسماه سليمان "باطل الأباطيل" وأسماه بولس نفاية (فى 3 : 8). ويقبرهم بيت إسرائيل ليطهروا الأرض سبعة أشهر = هذا واجب سكان الأرض أن يطهروا العالم من الخطية. وهناك أشخاص مفرزون = أناساً مستديمين = عملهم التنقية (هم خدام الله... إكليروس وخدام). حتى العابرون = أى كل واحد من الشعب فكلنا فى الأرض مسافرون عابرون فى طريقنا للأقداس السماوية. فحتى هؤلاء العابرون إذا رأى أحد منهم عظم يبنى بجانبه صوة = (العظام هي عظام اموات والموت = خطية) و علي الشعب أن ينبه الخدام لأماكن الخطية أو ينبه لإنحراف أى إنسان حتى يقوموا بدورهم بدعوته للتوبة فيقبروا نجاسته ويطهروا الأرض. وهذا إشارة للتطهير النهائى، فنحن ننتظر التبنى فداء أجسادنا رو 8 : 23 حين نلبس أجساداً ممجدة نورانية ونتطهر تماماً من الخطية التى سكنت أجسادنا الأرضية رو 7 : 17 – 20 وهذا لن يتم بالكامل سوى فى الحياة الآتية.

 

الآيات (17-22):- " 17«وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَهكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: قُلْ لِطَائِرِ كُلِّ جَنَاحٍ، وَلِكُلِّ وُحُوشِ الْبَرِّ: اجْتَمِعُوا، وَتَعَالَوْا، احْتَشِدُوا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، إِلَى ذَبِيحَتِي الَّتِي أَنَا ذَابِحُهَا لَكُمْ، ذَبِيحَةً عَظِيمَةً عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ، لِتَأْكُلُوا لَحْمًا وَتَشْرَبُوا دَمًا. 18تَأْكُلُونَ لَحْمَ الْجَبَابِرَةِ وَتَشْرَبُونَ دَمَ رُؤَسَاءِ الأَرْضِ. كِبَاشٌ وَحُمْلاَنٌ وَأَعْتِدَةٌ وَثِيرَانٌ كُلُّهَا مِنْ مُسَمَّنَاتِ بَاشَانَ. 19وَتَأْكُلُونَ الشَّحْمَ إِلَى الشَّبَعِ، وَتَشْرَبُونَ الدَّمَ إِلَى السُّكْرِ مِنْ ذَبِيحَتِي الَّتِي ذَبَحْتُهَا لَكُمْ. 20فَتَشْبَعُونَ عَلَى مَائِدَتِي مِنَ الْخَيْلِ وَالْمَرْكَبَاتِ وَالْجَبَابِرَةِ وَكُلِّ رِجَالِ الْحَرْبِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 21وَأَجْعَلُ مَجْدِي فِي الأُمَمِ، وَجَمِيعُ الأُمَمِ يَرَوْنَ حُكْمِي الَّذِي أَجْرَيْتُهُ، وَيَدِي الَّتِي جَعَلْتُهَا عَلَيْهِمْ، 22فَيَعْلَمُ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُهُمْ مِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِدًا. "

يتضح هنا حجم الأهوال وضخامة عدد القتلى فى هذه المعركة الأخيرة. فهذا العدو سيذبحه الله وتأكله الطيور والوحوش رؤ 19 : 17 – 21 ويرى الناس مجد الله وحكمه. وأما بيت إسرائيل فيعلم إن المسيح هو الرب إلههم من الآن فصاعداً. وكثير من النبوات تشير لإيمان إسرائيل فى الأيام الأخيرة. وربما تكون هذه المعركة إثباتاً لهم أن المسيح الذى صلبوه كان هو المسيح الحقيقى. وإيمان إسرائيل فى نهاية الأيام يشير له بولس الرسول فى رسالته إلى رومية الإصحاح 11.

 

الآيات (23-24):- " 23وَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنَّ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ قَدْ أُجْلُوا بِإِثْمِهِمْ لأَنَّهُمْ خَانُونِي، فَحَجَبْتُ وَجْهِي عَنْهُمْ وَسَلَّمْتُهُمْ لِيَدِ مُضَايِقِيهِمْ، فَسَقَطُوا كُلُّهُمْ بِالسَّيْفِ. 24كَنَجَاسَتِهِمْ وَكَمَعَاصِيهِمْ فَعَلْتُ مَعَهُمْ وَحَجَبْتُ وَجْهِي عَنْهُمْ."

هذه الآيات توكد ما سبق، فإسرائيل حين خان الله وصلبوا المسيح، حكم الله عليهم بالخراب "ها بيتكم يترك لكم خراباً" فهذه الأحداث الأخيرة والأهوال التى سيعانون منها، ستكون سبباً فى أنهم يفهمون أن كل ما حدث لهم من خراب على يد الرومان سنة 70 م ثم تشتتهم فى العالم أجمع، كان سببه غضب الله عليهم إذ صلبوا رب المجد. أجلوا بإثمهم = أى جعلهم الله يغادرون أرضهم ويتشتتوا فى العالم كله وسلمتهم ليد مضايقيهم = أسلمهم الله ليد الرومان سنة 70 م فضربوهم ضربة رهيبة. وكان هذا كله لأن الله حجب وجهه عنهم. فسقط من سقط بالسيف والباقى هرب وتشتت فى كل أنحاء العالم.

 

الآيات (25-29):- " 25« لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: الآنَ أَرُدُّ سَبْيَ يَعْقُوبَ، وَأَرْحَمُ كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، وَأَغَارُ عَلَى اسْمِي الْقُدُّوسِ. 26فَيَحْمِلُونَ خِزْيَهُمْ وَكُلَّ خِيَانَتِهِمِ الَّتِي خَانُونِي إِيَّاهَا عِنْدَ سَكَنِهِمْ فِي أَرْضِهِمْ مُطْمَئِنِّينَ وَلاَ مُخِيفٌ. 27عِنْدَ إِرْجَاعِي إِيَّاهُمْ مِنَ الشُّعُوبِ، وَجَمْعِي إِيَّاهُمْ مِنْ أَرَاضِي أَعْدَائِهِمْ، وَتَقْدِيسِي فِيهِمْ أَمَامَ عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرِينَ، 28يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُهُمْ بِإِجْلاَئِي إِيَّاهُمْ إِلَى الأُمَمِ، ثُمَّ جَمْعِهِمْ إِلَى أَرْضِهِمْ. وَلاَ أَتْرُكُ بَعْدُ هُنَاكَ أَحَدًا مِنْهُمْ، 29وَلاَ أَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُمْ بَعْدُ، لأَنِّي سَكَبْتُ رُوحِي عَلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ». "

رأينا أعداء الله يموتون على جبال إسرائيل وتأكلهم الوحوش. أما شعب الله فيؤدبه الله لوقت معين حتى يتوب. ولذلك نجد الله هنا يعيد تجميع شعب إسرائيل و يسكنهم مطمئنين ولا مخيف بعد أن يجمعهم من الشعوب ويعطيهم هذا الدرس الأخير حتى يؤمنوا به مسيحاً أتى من أجل خلاصهم فرفضوه. وهو هنا سيعلن لهم نفسه بطريقة ما. ويتقدس فيهم أمام عيون أمم كثيرين = وهذا معناه الواضح إيمانهم بالمسيح مخلصاً وفادياً، وهذه من علامات نهاية العالم. وتأتى آية 29 بطريقة معزية جداً، فكل من حل عليه روح الله لن يعود الله يحجب وجهه عنه فلنجتهد أن لا ينطفئ فينا روح الله القدوس  بل نضرمه فينا.


الهيكل الجديد

نظرة شاملة على السفر كله

يبدأ سفر حزقيال برؤيا مجيدة لمجد الله يراها النبى، وحول عرش الله رأى المخلوقات السماوي وعملها هو تنفيذ مشيئة الله، والله هو الذى يدبر أمور هذا العالم بحكمة عجيبة (البكرات كانت مملوءة عيوناً). وقصد الله دائماً حياة الناس والخير للناس. ورأينا أن مجد الله كان موجوداً  داخل هيكله فى أورشليم. ثم رأينا خطايا إسرائيل البشعة التى تسببت فى:

    1-            هم بسبب خطاياهم فقدو الحس، فلم يشعروا بهذا المجد حالاً فى وسطهم فإزدروا به عابدين آلهة أخرى تعلقت بها قلوبهم.. وهذا تسبب فى

    2-            مفارقة الله لهيكله ولأورشليم

    3-            حكم الله بحريق أورشليم وكأننا أمام حكم الله على شاول الملك إذ فارقه روح الرب وباغته روح ردئ من قبل الرب

ولكن يالعمق محبة الله، فالله لا ينتقم للأبد، بل هو يضرب ليؤدب ويطهر فكل من يحبه الرب يؤدبه عب 12 : 6 ثم بعد التطهير يرفع الله من أمام شعبه عصا التأديب بأن يحكم على كل الأمم التى إستعبدتهم بأن تنتهى ولا تكون (إصحاحات 25 – 32). وبعد هذا يبدأ فى الوعود بتأسيس شعبه على أسس جديدة. ثم يعرض لما يحدث فى المستقبل من أن هذا الشعب سيخونه حينما يأتى متجسداً فيشتته ويجمعه ثانية ليتقدس فيهم ويؤمنوا به. وينتهى السفر بهيكل يؤسسه الشعب فى أورشليم. وهذا يعطيهم رجاءً فى العودة ليؤسسوا هذا الهيكل.

وهناك رؤية لهذا السفر، فالمجد الذى رآه حزقيال هو إشارة لما كان آدم يتمتع به فى الجنة إذ كان يرى الله، وبسبب خطيته سقط ففارقه هذا المجد، ثم وعد من الله بهزيمة الشيطان (إصحاحات 25 – 32 فالأمم الوثنية ترمز للشيطان). ثم وعد بتأسيس كنيسة جديدة ولكنها ستقابل بعض الألام ونجد فى هذا الهيكل (إصحاحات 40 – 48) مواصفات هذه الكنيسة.

 

نظرتين مختلفتين لهذا الهيكل

هناك مدرستين فى تفسير هذه الإصحاحات.

المدرسة الألفية :- وهؤلاء من بعض الطوائف البروتستانتية الذين يؤمنون بأن المسيح سيأتى ليحكم العالم حكماً زمنياً لمدة 1000 سنة، وهم يقولون أن مركز حكمه يكون فى أورشليم. وأنه سيبنى هذا الهيكل فى أورشليم بالمقاييس المذكورة هنا ليكون مركزاً لحكمه، فهم إذاً يقومون بتفسير هذه الإصحاحات تفسيراً حرفياً ولذلك يهتمون جداً برسومات الهيكل، وكتب تفسيرهم منصبة على التفسيرات الهندسية، ومحاولة حل مشكلات الأبعاد، وذلك حتى يسهل إنشاء هذا الهيكل خلال الحكم الألفى ولكن هذا التفسير مرفوض تماماً، فما معنى أن نقيم هيكل تقدم فيه ذبائح حيوانية دموية (ذبيحة خطية وذبيحة إثم وذبيحة محرقة) بعد أن قدم المسيح فعلاً على الصليب. لقد كانت الذبائح الدموية رمزاً، وحين أتى المرموز إليه أى المسيح يبطل الرمز. بل أن هذا الهيكل يصعب تماماً تنفيذه فمثلاً نجد أن هناك حجرات محيطة بالهيكل، وأبعاد هذه الحجرات 2متر × 2 متر بينما سمك الحوائط 3 متر، فما معنى هذا ؟ وما كيفية الدخول لهذه الحجرات وكيف يمكن تهويتها، وكيف يمكن الأستفادة من حجرات بهذه الأبعاد.

المدرسة الأرثوذكسية :-ونحن نرى أنها الأدق، فى ضوء فهمنا لهذا السفر. وكنيستنا ترى أن هذه الإصحاحات تفسر رمزياً وروحياً، وهذا الهيكل يشير لكنيسة العهد الجديد، سواء المجاهدة أو المنتصرة، فكلاهما كنيسة واحدة يفصلها الإنتقال. فالنبوات عينها على عمل المسيح فى تأسيس الكنيسة، سواء الكنيسة المجاهدة على الأرض أو الكنيسة المنتصرة فى السماء. ويؤيد وجهة النظر هذه قول السيد المسيح "مملكتى ليست من هذا العالم.. يو 18 : 36" ولنسمع قول بولس الرسول "وإن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد، لكن الأن لا نعرفه بعد 2كو 5 : 16

معانى الأرقام

طالما سنعتمد مدرسة التفسير الرمزى، فعلينا أن نفهم رموز الأرقام :-

رقم (1) هو رقم الوحدة والأولوية، هو لا يمكن تقسيمه، لذلك يشير لله الواحد ونحن نؤمن بإله واحد. ويشير للأقنوم الأول.. الآب.

رقم (2) يشير لأن هناك آخر، وهذا الآخر قد يختلف أو يتفق مع الأول. لذلك هو يشير للإنقسام الذى دخل إلى العالم بالخطية. ولكنه يشير للتجسد لأن الإبن هو الأقنوم الثانى، وهو بتجسده جعل الأثنين واحداً أف 2 : 14 – 16

رقم (3) يشير لله مثلث الأقانيم ويشير للروح القدس الأقنوم الثالث.ويشير للقيامة التى حدثت فى اليوم الثالث.

رقم (4) يشير للعالم بجهاته الأربعة. ولذلك أيضاً يشير للعمومية.

رقم (5) يشير للمسئولية، فنحن لنا 5 أصابع فى اليد ومثلهم فى القدم، 5 حواس. ويشير للنعمة فالمسيح أشبع 5000 بخمس خبزات. فبجهادنا تنسكب فينا النعمة

رقم (6) يشير للإنسان الناقص الذى خلق فى اليوم السادس.

رقم (7) يشير للكمال 7 = 4 + 3 أى الله (3) خلق الإنسان على صورته + (4) أى الإنسان المأخوذ من تراب الأرض = (7) أى الإنسان الكامل. 7 = 6 + 1 (الإنسان الناقص (6) بالله الواحد (1) يصير كاملاً.

رقم (8) هو الأول فى مسلسل جديد أو أسبوع جديد لذلك يشير للأبدية.

رقم (9) يشير للدينونة.

رقم (10) يشير للكمال التشريعى فهو رقم الوصايا العشر. ويشير لكمال البر والسعادة حين يلتصق الإنسان الكامل (7) بالله مثلث الأقانيم (3)

رقم (11) يرمز للتعدى على وصايا الله وبره. فالخاطئ يطلب ما هو خارج حدود البر.

رقم (12) يرمز لملكوت الله فى العالم أى من هم لله (12 سبط + 12 تلميذ)

رقم (30) يشير للنضج. فالكاهن يبدأ كهنوته فى سن 30، والمسيح بدأ خدمته فى سن الثلاثين 30 = 5 × 6 (عمل النعمة فى الإنسان الناقص).وداود ملك في سن الثلاثين

ابو المسيح بالجسد ، ويوسف رمز المسيح .

رقم (50) فى العهد القديم يرمز لليوبيل وفيه يتم التحرير، فهو رقم الحرية وفى العهد الجديد يرمز لحلول الروح القدس.

رقم (60) هو إشارة لحماية الله لكنيستة، هم الستون جباراً المحيطين بالكنيسة( نش 3 : 7 ) 60 = 5 × 12 عمل النعمة فى شعب الله فيتحولوا لجبابرة فى مواجهة أعداء الكنيسة.

رقم (100) يشير لقطيع المسيح، القطيع الصغير، الذى لو فقد منهم واحد يسعى المسيح ليرده. ويشير الرقم لعطايا المسيح لمن يترك بإرادته أباً أو أماً... لأجل المسيح فيعطية المسيح 100 ضعف

رقم (1000) هو إشارة للسماويات فالملائكة الوف الوف وربوات ربوات دا 7 : 10

رقم (1/2) يشير للمهر الذى يدفعه العريس لعروسه تك 24 : 22 ويشير لفضة الكفارة خر 30 : 16 وبهذا فرقم 1 / 2 يشير لدم المسيح الذى دفعه كمهر لنصير عروسه، هو دم الفداء. ولكن المجد الذى نحصل عليه هنا هو لا شئ أمام ما سيكون لنا فى السماء 1مل 10 : 7

 

الفروق بين هيكل سليمان وهيكل حزقيال

    1-            تقدم فى هيكل حزقيال ذبيحة صباحية فقط ولا تقدم ذبيحة مسائية. وكان فى هيكل سليمان تقدم ذبيحة صباحية وذبيحة مسائية. فأيام هيكل سليمان كان الشعب فى ليل إيمانهم (العهد القديم) أو ما يسمى بظل الخيرات العتيدة كو 2 : 17. وبعد مجئ المسيح شمس البر صارت الكنيسة فى نور دائم، فلا داع للذبائح المسائية. ولذلك لا تقيم الكنيسة قداسات مسائية، وقداسات الأعيات تقام فجراً.

    2-            لا يوجد هنا رئيس كهنة لأن رئيس الكهنة الحقيقى هو المسيح وهو موجود بنفسه، وهناك تقليد جميل فى الكنيسة  أن الأسقف أو الأب البطريرك يحمل عصا الرعايا معه دائماً، وفى أثناء خدمة القداس يحمل أحد الشمامسة عصا الرعاية (الموضوع عليه ثعبان) طوال مدة الصلاة. ولكنها تُحْمَلْ بعيداً بعد كلمات التقديس، والتحول إلى الجسد والدم، فرئيس الكهنة الحقيقى موجود

    3-            الأعياد هنا لا تشير إلى عيد الخمسين وهو رمز لحلول الروح القدس لأن الرمز قد تحقق، والروح القدس يعمل بنفسه فى كنيسته. ولنفس السبب لا توجد بالهيكل الجديد (هيكل حزقيال) منارة، فهى أيضاً كانت ترمز لما سيعمله الروح القدس فى أسرار الكنيسة (كنيسة العهد الجديد). وهذا قد حدث ويحدث فعلاً فلا داع للرموز.

    4-            لا يذكر هنا عيد الأبواق الذى فيه يُذَكِر الله شعبه بعهوده ومواعيده للأباء وأن المسيح خلاصهم سيأتى (شهادة المسيح هى روح النبوة رؤ 19 : 10) والمسيح قد أتى فعلاً.

    5-            لا ذكر أيضاً ليوم الكفارة. فالمسيح قدم ذاته كفارة عنا. وطالما حدث المرموز إليه فلا داع لتكرار الرمز. ومن المعروف أن طقس عيد الكفارة كان يشير لموت المسيح وقيامته.

    6-            لا ذكر لتابوت العهد هنا فالتابوت يمثل حضور الرب وسط شعبه رمزياً. والله موجود وسط شعبه الآن (مت 28 : 20) فلا داع للرموز. وأيضاً لا ذكر لمائدة خبز الوجوه. فالمسيح موجود بجسده ودمه على المذبح ولا داع للرمز أيضاً. ولا ذكر لدار الأمم فكل الأمم قبلوا فى المسيح.

    7-            لا ذكر هنا للفضة والذهب. فالفضة ترمز لكلمة الله الحية والفعالة، وكلمة الله مسيحنا، وكلمة الله المكتوبة فى الإنجيل معنا دائماً تعطينا حياة. وأما الذهب فهو يرمز للسماويات. والكنيسة تحيا الأن فى السماويات، وسيرتنا هى فى السماويات أف 2 : 6 + فى 3 : 20   فالمسيح في وسط الكنيسة ، وحيثما وجد المسيح فالمكان سماء.