الإصحاح السادس

 

في الإصحاح السابق رأينا دانيال وقد تم تعظيمه وبيلشاصر رمز إبليس وقد هلك وهذا يشير لعمل المسيح الذي حرر الإنسان وجعلنا أولاداً لله أبيه. ولكننا مازلنا في العالم وسط أسود هائجة لكن الله قادر أن يحفظنا منهم. ونلاحظ أن دانيال لم يعط وصفاً لحكم مملكة بابل أو فارس بالتفصيل، إلا أنه كتب بعض الحوادث لتعليمنا وتثبيت إيماننا وتشجيعنا على طاعة الله. والقصة هنا أشير إليها في (عب33:11)  ونرى هنا دانيال في بلاط ملك الفرس وحسد رجال البلاط ضده ومؤامراتهم ضده ونجاته من هذه المؤامرة.

 

الآيات (1-5):- "1حَسُنَ عِنْدَ دَارِيُّوسَ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَى الْمَمْلَكَةِ مِئَةً وَعِشْرِينَ مَرْزُبَانًا يَكُونُونَ عَلَى الْمَمْلَكَةِ كُلِّهَا. 2وَعَلَى هؤُلاَءِ ثَلاَثَةَ وُزَرَاءَ أَحَدُهُمْ دَانِيآلُ، لِتُؤَدِّيَ الْمَرَازِبَةُ إِلَيْهِمِ الْحِسَابَ فَلاَ تُصِيبَ الْمَلِكَ خَسَارَةٌ. 3فَفَاقَ دَانِيآلُ هذَا عَلَى الْوُزَرَاءِ وَالْمَرَازِبَةِ، لأَنَّ فِيهِ رُوحًا فَاضِلَةً. وَفَكَّرَ الْمَلِكُ فِي أَنْ يُوَلِّيَهُ عَلَى الْمَمْلَكَةِ كُلِّهَا. 4ثُمَّ إِنَّ الْوُزَرَاءَ وَالْمَرَازِبَةَ كَانُوا يَطْلُبُونَ عِلَّةً يَجِدُونَهَا عَلَى دَانِيآلَ مِنْ جِهَةِ الْمَمْلَكَةِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَجِدُوا عِلَّةً وَلاَ ذَنْبًا، لأَنَّهُ كَانَ أَمِينًا وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ خَطَأٌ وَلاَ ذَنْبٌ. 5فَقَالَ هؤُلاَءِ الرِّجَالُ: «لاَ نَجِدُ عَلَى دَانِيآلَ هذَا عِلَّةً إِلاَّ أَنْ نَجِدَهَا مِنْ جِهَةِ شَرِيعَةِ إِلهِهِ». "

أنتهي الإصحاح السابق بعمل إعجازي تنبأ فيه دانيال بأن مادي وفارس سيقتسمان مملكة بابل. وغالباً فقد وصل داريوس الذي ملك علي بابل بعد انتهاء حكم ملوك بابل أخبار عظمة دانيال وحكمته فكان أن أعطى داريوس لدانيال منصباً سامياً في مملكته. وكانت مملكة فارس واسعة جداً، ولم يكن ممكناً للملك أن يديرها وحده فأقام 120 أميراً أو رئيساً على المقاطعات ليحفظوا سلامها ويجمعوا الجزية وعلي هؤلاء الـ120مرزبانا كان هناك 3 رؤساء ليحاسبوهم حتى لا تصيب الملك خسارة. وكان دانيال متفوقاً ومفضلاً فوق كل الأمراء والرؤساء وكان عمره الآن حوالي 90 عاماً، ولكن أمانته لله أعطته صحة جسدية وذهنية في هذا العمر المتقدم. وكان أميناً جداً في تصرفاته، فهل يقبل رشوة إنسان قد باع العالم. وأدت محبة الملك له وأنه فكر في أن يوليه على المملكة كلها بالإضافة لنزاهته أن كثر الحاقدون عليه، فأرسلوا له جواسيس يتصيدون عليه أي خطأ فلم يجدوا سوى أنه يعبد إلهه بأمانة. وغالباً لم تأت فرصة للملك ليوليه على المملكة كلها. ونحن لم نقرأ أن دانيال طلب مباشرة من ملوك الفرس رجوع الشعب اليهودي لأورشليم، ولكن من المؤكد أن شخصية دانيال وقداسته بالإضافة للنبوات التي أراها لكورش (إشعياء وأرمياء) للأحداث التي وقعت فعلاً، هذا كله أقنع كورش بأن إله دانيال إله عظيم (راجع عز 1 : 1-4).

 

الآيات (6-10):- "6حِينَئِذٍ اجْتَمَعَ هؤُلاَءِ الْوُزَرَاءُ وَالْمَرَازِبَةُ عِنْدَ الْمَلِكِ وَقَالُوا لَهُ هكَذَا: «أَيُّهَا الْمَلِكُ دَارِيُوسُ، عِشْ إِلَى الأَبَدِ! 7إِنَّ جَمِيعَ وُزَرَاءِ الْمَمْلَكَةِ وَالشِّحَنِ وَالْمَرَازِبَةِ وَالْمُشِيرِينَ وَالْوُلاَةِ قَدْ تَشَاوَرُوا عَلَى أَنْ يَضَعُوا أَمْرًا مَلَكِيًّا وَيُشَدِّدُوا نَهْيًا، بِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَطْلُبُ طِلْبَةً حَتَّى ثَلاَثِينَ يَوْمًا مِنْ إِلهٍ أَوْ إِنْسَانٍ إِلاَّ مِنْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، يُطْرَحُ فِي جُبِّ الأُسُودِ. 8فَثَبِّتِ الآنَ النَّهْيَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، وَأَمْضِ الْكِتَابَةَ لِكَيْ لاَ تَتَغَيَّرَ كَشَرِيعَةِ مَادِي وَفَارِسَ الَّتِي لاَ تُنْسَخُ». 9لأَجْلِ ذلِكَ أَمْضَى الْمَلِكُ دَارِيُوسُ الْكِتَابَةَ وَالنَّهْيَ.

10فَلَمَّا عَلِمَ دَانِيآلُ بِإِمْضَاءِ الْكِتَابَةِ ذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ، وَكُواهُ مَفْتُوحَةٌ فِي عُلِّيَّتِهِ نَحْوَ أُورُشَلِيمَ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَصَلَّى وَحَمَدَ قُدَّامَ إِلهِهِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ قَبْلَ ذلِكَ. "

وكان كورش قد أصدر أمراً ملكياً بحرية العبادة، فلم يقدر هؤلاء الحاقدين أن يشتكوا على دانيال بأنه يعبد إلهه فلجأوا للخديعة والمكر. ودبروا خطة كالآتي " إن مملكة فارس تضم ديانات كثيرة بآلهة كثيرة وطقوس كثيرة. وهذا يسبب مشاكل متعددة، فحتى تحل هذه المشاكل ويكون هناك نوع من الوحدة ولكي تهدأ الأمور لمدة على الأقل ثلاثين يوماً فلتكن أنت أيها الملك الإله الوحيد والكل يطلب منك وحدك ولا يطلب من إلهه الخاص ".. وقد أصابوا بهذه الخطة كبرياء الملك الشخصي، فأي إنسان يعانى من نقطة الضعف هذه، أنه يسقط أمام مثل هذه التملقات (أو ما يسمى مسح الجوخ) فقبل الملك هذه الفكرة ووقع القرار. وكان هؤلاء المتآمرين على ثقة أن دانيال لن يمتنع عن الصلاة ويخون إلهه. ومع أن القرار في ظاهره يحمل معاني الكرم ومراحم الملك التي يريد أن يفيض بها على شعبه، إلا أنه ليظهر الظلم الذي في هذا القرار، فلو طلب إبن من أبيه خبزاً ليأكل لأستوجب بموجب هذا القرار أن يلقى في جب الأسود. ومن الواضح أن هذا القرار كان يمنع الصلاة لمدة 30 يوماً. ولم يقبل دانيال أن يعبد الله سراً بل حسب هذه فرصة ليظهر محبته لله أكثر من خوفه من الملك. ولاحظ أنه لم يذهب ليشاور الملك أو يتظلم من هذا القرار العجيب بل هو ذهب لله مباشرة  وصلّى. وهو تعود على فتح كواه (شرفاته) ناحية أورشليم، فلم يغلقها هذه المرة فهو لا يريد أن يخفى ما يفعله. فهو لم يفتح كواه ليتحدى الملك بل كانت هذه هي عادته. ولاحظ عناصر صلاة دانيال:

1.    بيته بيت صلاة، فهو حين يريد أن يصلى يدخل إلى مخدعه، هي علاقة خاصة.

2.    حمد الله أي شكر.

3.    جثا على ركبتيه (ولم يمتنع نظراً لسنه ولا مركزه) ولاحظ أهمية الميطانيات فى الصلاة،وطلب مراحم الله.

4.    ثلاث مرات فى اليوم = وكان يجد هذا الوقت بالرغم من مشاغله.

5.    كواه مفتوحة نحو أورشليم = بمعنى أن اشتياق قلبه متجه لأورشليم مدينه الله وليس لمركزه العالمي ومجد العالم المتوفر له فى قصر الملك.

6.    لم ينسب لله ظلماً ولم يشتكى لا من وجوده فى السبي ولا من قرار الملك الظالم بل هو يحمد الله منشغلاً بأورشليمه وإشتياقات قلبه واثقاً أن كل ما يفعله الله هو للخير. وهو لم يخجل من أورشليم وهي مدمرة.

كانت الحكمة الإنسانية تقول ماذا لو أمتنع عن الصلاة 30 يوماً ماذا يضيره ؟ فهو سيشترى حياته !! ولكن كيف يشهد لله ؟ ربما لو فعل لصار قدوة سيئة لكل اليهود الضعفاء فهو بلا شك قدوة، وكل العيون عليه لمركزه وشهرته. عموماً من عرف قيمة الصلاة لا يمكنه أن يتركها يوماً. ولماذا كان يوجه وجهه نحو أورشليم ؟ (راجع 2 أي 6 : 36-39).

 

الآيات (11-17):- "11فَاجْتَمَعَ حِينَئِذٍ هؤُلاَءِ الرِّجَالُ فَوَجَدُوا دَانِيآلَ يَطْلُبُ وَيَتَضَرَّعُ قُدَّامَ إِلهِهِ. 12فَتَقَدَّمُوا وَتَكَلَّمُوا قُدَّامَ الْمَلِكِ فِي نَهْيِ الْمَلِكِ: «أَلَمْ تُمْضِ أَيُّهَا الْمَلِكُ نَهْيًا بِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَطْلُبُ مِنْ إِلهٍ أَوْ إِنْسَانٍ حَتَّى ثَلاَثِينَ يَوْمًا إِلاَّ مِنْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ يُطْرَحُ فِي جُبِّ الأُسُودِ؟» فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ: «الأَمْرُ صَحِيحٌ كَشَرِيعَةِ مَادِي وَفَارِسَ الَّتِي لاَ تُنْسَخُ». 13حِينَئِذٍ أَجَابُوا وَقَالُوا قُدَّامَ الْمَلِكِ: «إِنَّ دَانِيآلَ الَّذِي مِنْ بَنِي سَبْيِ يَهُوذَا لَمْ يَجْعَلْ لَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ اعْتِبَارًا وَلاَ لِلنَّهْيِ الَّذِي أَمْضَيْتَهُ، بَلْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ يَطْلُبُ طِلْبَتَهُ». 14فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ هذَا الْكَلاَمَ اغْتَاظَ عَلَى نَفْسِهِ جِدًّا، وَجَعَلَ قَلْبَهُ عَلَى دَانِيآلَ لِيُنَجِّيَهُ، وَاجْتَهَدَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ لِيُنْقِذَهُ. 15فَاجْتَمَعَ أُولئِكَ الرِّجَالُ إِلَى الْمَلِكِ وَقَالُوا لِلْمَلِكُ: «اعْلَمْ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَنَّ شَرِيعَةَ مَادِي وَفَارِسَ هِيَ أَنَّ كُلَّ نَهْيٍ أَوْ أَمْرٍ يَضَعُهُ الْمَلِكُ لاَ يَتَغَيَّرُ». 16حِينَئِذٍ أَمَرَ الْمَلِكُ فَأَحْضَرُوا دَانِيآلَ وَطَرَحُوهُ فِي جُبِّ الأُسُودِ. أَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِدَانِيآلَ: «إِنَّ إِلهَكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ دَائِمًا هُوَ يُنَجِّيكَ». 17وَأُتِيَ بِحَجَرٍ وَوُضِعَ عَلَى فَمِ الْجُبِّ وَخَتَمَهُ الْمَلِكُ بِخَاتِمِهِ وَخَاتِمِ عُظَمَائِهِ، لِئَلاَّ يَتَغَيَّرَ الْقَصْدُ فِي دَانِيآلَ."

 في (13) قولهم من بنى سبى يهوذا = يقصد به التحقير من شأنه هكذا هم يحتقرونه وغالباً هو كان يذكر الجميع في صلواته هذه. وفى (14) الملك أغتاظ على نفسه = فهو قد أكتشف أنهم خدعوه، وقد عَلِمَ الآن لماذا طلبوا منه هذا الطلب. والملك حاول إنقاذ دانيال واستثنائه من هذا القرار ولكنهم واجهوه بأن شريعة مادي وفارس لا تنسخ آية (15) وراجع في هذا أيضاً إستير (1 : 19، 8 : 8)

 

تفسير مكمل لتمثال نبوخذ نصر من واقع ما سبق

رأس التمثال الذهب تشير لملك بابل الذي كبر وتقوّى وعظمته زادت وبلغت إلى السماء (دا 4 : 22) وعن مدى سلطانه فهو أياً من شاء قتل وأياً من شاء استحيا (دا 5 : 19) وهذا السلطان المطلق قد حرم منه داريوس، فلم يستطع أن يترك دانيال صديقه حياً ولذلك شبه بالفضة. وأما اليونان فكان سلطان ملوكهم أقل. أما الرومان فقد اشتهروا بالديموقراطية وفى هذا راجع سفر المكابيين الأول (14:8-16)  فالسلطان المطلق يقل بتدرج التمثال من أعلي إلى أسفل بينما القوة تزداد. لذلك شبه اليونان بالنحاس والرومان بالحديد ولاحظ الموقف الحرج الذي وقفه داريوس. لذلك تعلم الكنيسة أن نصلى لحكامنا حتى يعطيهم الله حكمة في هذه المواقف المحرجة وذلك لأجل سلام الكنيسة. وكما خُتم على قبر المسيح وخرج حياً هكذا ختم على جب دانيال والأسود وخرج دانيال حياً. وكان داريوس يشجع دانيال وبهذا يتأكد أنه سمع بقصة الفتية الثلاث. وأيضاً برر دانيال من أي خطأ. وكان كلام داريوس عن الله كله ثقة في قوة الله.

 

الآيات (18-24):- "18حِينَئِذٍ مَضَى الْمَلِكُ إِلَى قَصْرِهِ وَبَاتَ صَائِمًا، وَلَمْ يُؤْتَ قُدَّامَهُ بِسَرَارِيهِ وَطَارَ عَنْهُ نَوْمُهُ. 19ثُمَّ قَامَ الْمَلِكُ بَاكِرًا عِنْدَ الْفَجْرِ وَذَهَبَ مُسْرِعًا إِلَى جُبِّ الأُسُودِ. 20فَلَمَّا اقْتَرَبَ إِلَى الْجُبِّ نَادَى دَانِيآلَ بِصَوْتٍ أَسِيفٍ. أَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِدَانِيآلَ: «يَا دَانِيآلُ عَبْدَ اللهِ الْحَيِّ، هَلْ إِلهُكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ دَائِمًا قَدِرَ عَلَى أَنْ يُنَجِّيَكَ مِنَ الأُسُودِ؟» 21فَتَكَلَّمَ دَانِيآلُ مَعَ الْمَلِكِ: «يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ، عِشْ إِلَى الأَبَدِ! 22إِلهِي أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَسَدَّ أَفْوَاهَ الأُسُودِ فَلَمْ تَضُرَّنِي، لأَنِّي وُجِدْتُ بَرِيئًا قُدَّامَهُ، وَقُدَّامَكَ أَيْضًا أَيُّهَا الْمَلِكُ، لَمْ أَفْعَلْ ذَنْبًا». 23حِينَئِذٍ فَرِحَ الْمَلِكُ بِهِ، وَأَمَرَ بِأَنْ يُصْعَدَ دَانِيآلُ مِنَ الْجُبِّ. فَأُصْعِدَ دَانِيآلُ مِنَ الْجُبِّ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ ضَرَرٌ، لأَنَّهُ آمَنَ بِإِلهِهِ. 24فَأَمَرَ الْمَلِكُ فَأَحْضَرُوا أُولئِكَ الرِّجَالَ الَّذِينَ اشْتَكَوْا عَلَى دَانِيآلَ وَطَرَحُوهُمْ فِي جُبِّ الأُسُودِ هُمْ وَأَوْلاَدَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ. وَلَمْ يَصِلُوا إِلَى أَسْفَلِ الْجُبِّ حَتَّى بَطَشَتْ بِهِمِ الأُسُودُ وَسَحَقَتْ كُلَّ عِظَامِهِمْ."

لم يسامح الملك نفسه على إلقاء دانيال في الجب وهو صديقه الوفى، وصام حزيناً ولم ينم، وكيف ينام وروحه مضطربة. وباكراً ذهب للجب بنفسه ولم يكن عنده من الصبر ما يجعله يرسل خادماً ليأتيه بالنبأ. ولاحظ كلام دانيال للملك بكل احترام فهو لم يوجه له اللوم على ما فعله، بل معنى كلماته أنه سامحه على ما فعل. ويبدو أن دانيال قضى في الجب مع الملاك ليلة مفرحة = الهى أرسل ملاكه. حقاً إن كل من أتكل على الله ينجيه الله ولا يخزيه. وتقوّى داريوس فعاقب أعداء دانيال عقوبة بشعة كعادة الملوك الوثنيين وشراهة الأسود في افتراس هؤلاء تثبت أن إمتناعها عن افتراس دانيال لم يكن لأنه لا شهية لها للأكل، بل لأن قوة إلهية قد منعتها. ولاحظ أن دانيال كان في الجب في سلام وفرح أفتقدهم الملك على سريره في قصره، فهو لم ينم تلك الليلة.

في أية (4) يقول إن الوزراء والمرازبة كانوا يطلبون علة. ولكن لا يمكن فهم هذا على أن الـ120 مرزبانا تورطوا في هذه المؤامرة، بل بعضهم فقط.

 

الآيات (25-28):- "25ثُمَّ كَتَبَ الْمَلِكُ دَارِيُّوسُ إِلَى كُلِّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ السَّاكِنِينَ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا: «لِيَكْثُرْ سَلاَمُكُمْ. 26مِنْ قِبَلِي صَدَرَ أَمْرٌ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ سُلْطَانِ مَمْلَكَتِي يَرْتَعِدُونَ وَيَخَافُونَ قُدَّامَ إِلهِ دَانِيآلَ، لأَنَّهُ هُوَ الإِلهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ، وَمَلَكُوتُهُ لَنْ يَزُولَ وَسُلْطَانُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى. 27هُوَ يُنَجِّي وَيُنْقِذُ وَيَعْمَلُ الآيَاتِ وَالْعَجَائِبَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ. هُوَ الَّذِي نَجَّى دَانِيآلَ مِنْ يَدِ الأُسُودِ».28فَنَجَحَ دَانِيآلُ هذَا فِي مُلْكِ دَارِيُّوسَ وَفِي مُلْكِ كُورَشَ الْفَارِسِيِّ."

قرار داريوس هنا في توقير الله فاق ما قاله نبوخذ نصر. حقاً فالله قادر أن يتمجد في أعين الجميع حتى الوثنيين. ولاحظ الصفات التي قالها داريوس عن الله = الحي القيوم إلى الأبد

فنجح دانيال هذا في ملك داريوس وفى ملك كورش الفارسي = كان داريوس المادي يحكم بابل تحت ملك كورش. فقد عين كورش داريوس ملكاً على بابل.