الإصحاح السابع

 

الآيات (1 –42): -"1 وقبض على سبعة اخوة مع أمهم فاخذ الملك يكرههم على تناول لحوم الخنزير المحرمة ويعذبهم بالمقارع والسياط. 2 فانتدب أحدهم للكلام وقال ماذا تبتغي وعم تستنطقنا أنا لنختار أن نموت ولا نخالف شريعة آبائنا. 3 فحنق الملك وأمر بإحماء الطواجن والقدور ولما أحميت. 4 أمر لساعته بان يقطع لسان الذي انتدب للكلام ويسلخ جلد رأسه وتجدع أطرافه على عيون اخوته وأمه. 5 ولما عاد جذمة أمر بان يؤخذ إلى النار وفيه رمق من الحياة ويقلى وفيما كان البخار منتشرا من الطاجن كانوا هم وأمهم يحض بعضهم بعضا أن يقدموا على الموت بشجاعة. 6 قائلين أن الرب الإله ناظر وهو يتمجد بنا كما صرح موسى في نشيده الشاهد في الوجوه إذ قال وسيتمجد بعبيده. 7 ولما قضى الأول على هذه الحال ساقوا الثاني إلى الهوان ونزعوا جلد رأسه مع شعره ثم سألوه هل يأكل قبل أن يعاقب في جسده عضوا عضوا. 8فأجاب بلغة آبائه وقال لا فأذاقوه بقية العذاب كالأول. 9 وفيما كان على أخر رمق قال انك أيها الفاجر تسلبنا الحياة الدنيا ولكن ملك العالمين إذا متنا في سبيل شريعته فسيقيمنا لحياة أبدية. 10 وبعده شرعوا يستهينون بالثالث وأمروه فدلع لسانه وبسط يديه بقلب جليد. 11 وقال أني من رب السماء أوتيت هذه الأعضاء ولأجل شريعته ابذلها وإياه أرجوان استردها من بعد. 12 فبهت الملك والذين معه من بسالة قلب ذلك الغلام الذي لم يبال بالعذاب شيئا. 13 ولما قضى عذبوا الرابع ونكلوا به بمثل ذلك. 14 ولما اشرف على الموت قال حبذا ما يتوقعه الذي يقتل بأيدي الناس من رجاء إقامة الله له أما أنت فلا تكون لك قيامة للحياة. 15 ثم ساقوا الخامس وعذبوه فالتفت إلى الملك وقال. 16 انك بما لك من السلطان على البشر مع كونك فانيا تفعل ما تشاء ولكن لا تظن أن الله قد خذل ذريتنا. 17 اصبر قليلا فترى باسه الشديد كيف يعذبك أنت ونسلك. 18 وبعده ساقوا السادس فلما قارب أن يموت قال لا تغتر بالباطل فأنا نحن جلبنا على أنفسنا هذا العذاب لأنا خطئنا إلى إلهنا ولذلك وقع لنا ما يقضي بالعجب. 19 وأما أنت فلا تحسب انك تترك سدى بعد تعرضك لمناصبة الله. 20 وكانت أمهم اجدر الكل بالعجب والذكر الحميد فأنها عاينت بنيها السبعة يهلكون في مدة يوم واحد وصبرت على ذلك بنفس طيبة ثقة بالرب. 21 وكانت تحرض كلا منهم بلغة آبائها وهي ممتلئة من الحكمة السامية وقد ألقت على كلامها الأنثوي بسالة رجلية. 22 قائلة لهم أني لست اعلم كيف نشاتم في أحشائي ولا أنا منحتكم الروح والحياة ولا أحكمت تركيب أعضائكم. 23 على أن خالق العالم الذي جبل تكوين الإنسان وأبدع لكل شيء تكوينه سيعيد إليكم برحمته الروح والحياة لأنكم الآن تبذلون أنفسكم في سبيل شريعته. 24 وان انطيوكس إذ تخيل انه يستخف به وخشي صوت معير يعيره اخذ يحرض بالكلام أصغرهم الباقي بل أكد له بالإيمان انه يغنيه ويسعده إذا ترك شريعة آبائه ويتخذه خليلا له ويقلده المناصب. 25 ولما لم يصخ الغلام لذلك البتة دعا الملك أمه وحثها أن تشير على الغلام بما يبلغ إلى خلاصه. 26 وألح عليها حتى وعدت بأنها تشير على ابنها. 27 ثم انحنت إليه واستهزأت بالملك العنيف وقالت بلغة آبائها يا بني ارحمني أنا التي حملتك في جوفها تسعة اشهر وأرضعتك ثلاث سنين وعالتك وبلغتك إلى هذه السن وربتك. 28 انظر يا ولدي إلى السماء والأرض وإذا رأيت كل ما فيهما فاعلم ان الله صنع الجميع من العدم وكذلك وجد جنس البشر. 29 فلا تخف من هذا الجلاد لكن كن مستأهلا لاخوتك واقبل الموت لأتلقاك مع اخوتك بالرحمة. 30 وفيما هي تتكلم قال الغلام ماذا انتم منتظرون أني لا أطيع أمر الملك وإنما أطيع أمر الشريعة التي ألقيت إلى آبائنا على يد موسى. 31 وأنت أيها المخترع كل شر على العبرانيين انك لن تنجو من يدي الله. 32 فنحن إنما نعاقب على خطايانا. 33 وربنا الحي وان سخط علينا حينا يسيرا لتوبيخنا وتاديبنا سيتوب على عبيده من بعد. 34 وأما أنت أيها المنافق يا اخبث كل بشر فلا تتشامخ باطلا وتتنمر بآمالك الكاذبة وأنت رافع يدك على عبيده. 35 لأنك لم تنج من دينونة الله القدير الرقيب. 36 ولقد صبر اخوتنا على ألم ساعة ثم فازوا بحياة أبدية وهم في عهد الله وأما أنت فسيحل بك بقضاء الله العقاب الذي تستوجبه بكبريائك. 37 وأنا كاخوتي ابذل جسدي ونفسي في سبيل شريعة آبائنا وابتهل إلى الله أن لا يبطئ في توبته على امتنا وان يجعلك بالمحن والضربات تعترف بأنه هو الإله وحده. 38 وان ينتهي في وفي اخوتي غضب القدير الذي حل على امتنا عدلا. 39 فحنق الملك ولم يحتمل ذلك الاستهزاء فزاده نكالا على اخوته. 40 وهكذا قضى هذا الغلام طاهرا وقد وكل إلى الرب كل أمره. 41 وفي آخر الأمر هلكت آلام على اثر بنيها. 42 وبما أوردناه عن الضحايا والتعذيبات المبرحة كفاية."

هنا قصة إستشهاد رائعة لأم وأبنائها السبعة لرفضهم تناول لحوم الخنزير. أتوا بهم لأنطيوكس والشكوى أنهم يرفضون الثقافة والحياة اليونانية ويتمسكون بشرائعهم. والأم لم تشفق على أبنائها والأولاد لم يشفقوا على حياتهم مؤثرين عليها طاعة شريعة الله. يسلخ جلد رأسه= يحز بالسكين جلد الرأس على شكل دائرة ثم ينزع. تجدع أطرافه= الأنف والأذنين والأصابع. جذمة= بدون هذه الأطراف. الطواجن والقدور= أواني نحاسية يلقون فيها الشخص ويشعل تحتها النيران، وربما يضعوا فيها ماء أو زيت أو قطران. ولاحظ كيف كان الكل يشجعون بعضهم بعضاً. ولاحظ إيمانهم بالقيامة للأبرار. نزعوا جلد رأسه مع شعره (7) أي نزعوا جلد رأسه بشد الشعر بعنف. لغة أبائه= أي العبرية.

هؤلاء الشهداء وهذه الأم التي إحتملت كل هذا في أولادها كانت ناظرة إلى ما لا يُرى أي النصيب السمائي (2كو18:4). هي شعرت أنهم ليسوا ملكاً لها بل الله إستخدم أحشائها ليصنع هؤلاء أولاداً له. صنع الجميع من العدم وكذلك وجد جنس البشر (28). لأتلقاك مع إخوتك بالرحمة (29)= حتى ألقاكم في الحياة الأخرى بمراحم الله علينا. فخالق الجنس البشري قادر أن يعطينا خليقة جديدة. الروح والحياة (22)= فالروح هي النسمة التي وهبها الله للإنسان (تك7:2). والحياة إشارة للنفس التي يشترك فيها الإنسان والحيوان. ولقد كرم أباء الكنيسة هؤلاء الشهداء. ونرى أنطيوخس يتحول لأسلوب الوعود، ولكن من إنفتحت عينه على الأبدية بأمجادها قطعاً سيحتقر كل هذه الوعود. المخترع كل شئ (31) لقب أطلق على الشيطان.