• الصوم هو تركيز واهتمام الإنسان في الروحيات على حساب الماديات، ودائماً يمتزج الصوم بالصلاة.
  • لقد صام موسى النبي استعداداً وتكريساً للقلب لكي ما يستلم بين يديه لحساب شعبه وصايا الله  التي هي كلمة الله الحية.
  • صام لأهمية وقدسية الوصية، واستعداداً لما سيناله هو وشعبه من بركات من خلال هذه الوصايا.
  • إن كان لوحا العهد اللذان حملهما موسى النبي هما كلمة الله ووصيته لشعب الله، فالمسيح هو كلمة الله المتجسد بين البشر، وعندما استلم موسى النبي لوحي الشريعة ابتدأ شعب إسرائيل ينعم بمعرفة الله من خلال الوصية المكتوبة، ونحن أيضاً عندما تجسد ابن الله الكلمة تمتعنا بمعرفة فائقة لله.
  • وإن كان استلام لوحي العهد احتاج استعداداً من موسى النبي بالصوم والصلاة، فبالأولى نحتاج نحن أيضاً للاستعداد بالصوم والصلاة لنتمتع ببركات تجسد الرب يسوع، وحضوره بنعمته في قلوبنا، لأنه هو الكلمة الأزلي كقول الكتاب عنه: "اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَبِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ،  كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابنهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ" (عب١ : ١-٢).
  • الرب يسوع هو كلمة الله الأزلي غير المحدود، ومع أنه تجسد وصار إنساناً تحت الزمان في أرض فلسطين، إلا أننا يمكننا أن نتمتع بحضوره أو بمعرفته الفائقة مثلهم في كل حين إن أردنا، ولكننا نحتاج أن نعد قلوبنا أولاً... لذلك فنحن ننتهز فرصة ذكرى ميلاده لنستعد بالصوم والصلاة والتسبيح، حينئذ سنتمتع بحضوره ومعرفته كآبائنا الرسل الأطهار الذين أعدوا قلوبهم لبركات معرفته.
  • إذاً على كل من يدرك لماذا صام موسى النبي قبلما استلم لوحي العهد، أن يعد قلبه وحياته هو أيضاً بالصوم؛ ليتمتع ببركات التجسد ومعرفة وحضور الله الكلمة في حياته، مثلما تمتع آباؤنا الرسل الذين تلامسوا معه، وعاصروه وكأنه قد اختزل الألفي عام الماضية، ليختبر ما اختبرته العذراء ويوسف النجار والرعاة وسمعان الشيخ وتلاميذ الرب.. و.. و.. فلا يملك حينئذ إلا أن يشاركهم هذه النعمة فيصرخ معهم قائلاً: "اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابنهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً" (١يو ١: ١-٤).

الخلاصة:
تخصص الكنيسة فترة صوم الميلاد المجيد حتى نستعد بالصوم والصلاة، وتسبيح وتمجيد ابن الله الكلمة المتجسد خلال ليالي شهر كيهك، لنتمتع بنعم معرفته وحضوره التي لا تحد... وكلما استعد الإنسان تمتع بنعم معرفته الفائقة أكثر فأكثر كقول الكتاب: "وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ الله" (أف٣: ١٨- ١٩).