تُرغم المسيحية كل مسيحي

  • هل تُرغم المسيحية كل مسيحي على الاقتناع بكل تعاليم المسيح وأفكاره؟ وتعتبر كل تصرفاته خلال فترة حياته على الأرض هي المثلى؟

    للإجابة على هذا السؤال نتناول بالشرح أولًا ما تشير إليه كلمة "اقتناع".. ثم نثبت بالدليل أن الرب لم يجبر، أو يرغم أحدًا على اعتناق مبادئه السامية.. ثم أخيرًا نشرح العوامل التي تؤدي إلى قبول تعاليم المسيح له المجد والعمل بها، أو عدم قبول البعض لها.

    أولًا: معنى كلمة الاقتناع بفكر أو رأي أو تعليم:

    الاقتناع بصحة رأي أو فكر أو معتقد ما، أو بصحة فعل ما هو الرضا وقبول ذلك الرأي، أو الفكر، أو الفعل ذهنيًّا أو داخليًّا بسرور. بناء على هذا المفهوم للاقتناع يكون هناك تناقض في صيغة السؤال؛ فكيف أكون مجبرًا على الاقتناع بينما الاقتناع هو قبول الأمر، والتسليم به دون ضغط أو إجبار؟!

    إن الاقتناع أمر داخلي لا يراه، ولا يدركه، أو يعرفه غير الإنسان وحده. لقد آمن كثيرون بالرب يسوع المسيح بسرور واقتناع داخلي، ولكن اليهود أجبروهم على عدم الاعتراف به، ومن هذا يتضح جليًّا أن الاقتناع أمر داخلي، أما الإجبار فعمل خارجي.

    لقد شهد معلمنا يوحنا الحبيب لقوة إقناع الرب وتعسف وإجبار اليهود للمؤمنين به قائلًا: "وَلكِنْ مَعَ ذلِكَ آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الرُّؤَسَاءِ أَيْضًا، غَيْرَ أَنَّهُمْ لِسَبَبِ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ، لِئَلاَّ يَصِيرُوا خَارِجَ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ اللهِ"(يو12: 42- 43)

    ثانيًا: الرب يسوع يعلم ويقنع ولا يجبر ولا يرغم:

    لم يجبر الرب يسوع المسيح أحدًا إطلاقًا على الاقتناع بمبادئ الإنجيل.. وفيما يلي بعض الأدلة على ذلك:

    ١. قوله لتلاميذه عندما أخبروه بتذمر الفريسيين عليه "حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَقَالُوا لَهُ: "أَتَعْلَمُ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ لَمَّا سَمِعُوا الْقَوْلَ نَفَرُوا؟» فَأَجَابَ وَقَالَ:"اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ"(مت١٥: 12- ١٤).

    ٢. شهادة البشائر الأربعة بعدم قبول الكثيرين تعاليمه، وشهاداته كقول معلمنا يوحنا الحبيب: "اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا"(يو٣: 31- ٣٢). ولم نسمع مطلقًا أن الرب توعدهم، أو أساء إليهم بسبب عدم قبولهم تعاليمه.

    ٣. لم يكن الرب صاحب سلطان أرضي يستخدمه في إجبار الآخرين على قبول آرائه وتعاليمه. لقد ولد الرب يسوع من أم فقيرة من سبط يهوذا، الذي لا علاقة له بالكهنوت، وعاش وتربى فقيرًا في الناصرة، وتبعه تلاميذه الصيادين البسطاء، ومع هذا فقد كان تعليمه قويًّا مقنعًا، لأنه يتكلم بالحكمة والحق الإلهي. وهذا هو سلطان الحق الذي قيل عنه: "فَتَحَيَّرُوا كُلُّهُمْ، حَتَّى سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «مَا هذَا؟ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ يَأْمُرُ حَتَّى الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتُطِيعُهُ!"(مر١: 27).

    ٤. إن الحق قوي وثابت في ذاته ولا يقهر أبدًا، ولهذا لا يحتاج لقوة ترغم الناس على الاقتناع به، هو قوة لا تقهر. لقد تجبر المعاندين، والمقاومين للمسيح على المؤمنين، واضطهدوهم، ومع ذلك لم تفقد تلك المقاومة الشرسة المؤمنين قناعاتهم بالمسيح. لقد أرسل الرب تلاميذه كحملان وسط ذئاب، ولم يحملوا سلاحًا غير سلاح بشارة الحق. لقد شهد المولود أعمى، الذي خلق له الرب عينين أن الحق أقوى من القوة الغاشمة... وقد أمر رؤساء الكهنة بطرده من عضوية المجمع اليهودي، لأنه آمن بالرب يسوع كقول الكتاب: "أجَابُوا وَقَالُوا لَهُ:"فِي الْخَطَايَا وُلِدْتَ أَنْتَ بِجُمْلَتِكَ، وَأَنْتَ تُعَلِّمُنَا!" فَأَخْرَجُوهُ خَارِجًا"(يو٩: 34). ولكن ذلك لم يرهبه، ولم يثنه عن الإيمان بالرب يسوع.

    ثالثًا: أسباب عدم قبول البعض لتعاليم المعلم الصالح:

    إن إقبال الجموع الغفيرة على الرب يسوع المسيح وإيمانهم به، أو انصراف البعض عنه لم يكن وليد صدفة؛ ولكن ذلك كان يعتمد على بعض العوامل... نذكر منها عظمة شخص الرب يسوع... الله الظاهر في الجسد، وأيضًا صفاء ونقاء تعاليمه الحقة، التي تعطي سامعيها حياة أبدية.. وأخيرًا توفر النية الصادقة لدى المستمع لمعرفة الحق.

    وفيما يلي نشرح تلك العوامل بالتفصيل:

    • إدراك هوية شخص المتكلم (الرب يسوع المسيح) وتقديره في أعين مستمعيه:

    عظمة وقدرة شخصية المتكلم تمنحه قوة مؤثرة في إقناع مستمعيه.. فمثلًا اقتناعي بآراء أستاذي في الجامعة في مادته العلمية أقوى من اقتناعي بمعيد نفس المادة؛ ذلك بسبب ثقتي في غزارة معرفته، وخبرته في ذلك العلم.. وبالمثل أيضًا اقتناعي بآراء المعيد تختلف عن آراء زميلي وهكذا…

    إن الرب يسوع، الذي علم وسط جموع اليهود بكل فئاتهم، وطوائفهم واحدٌ.. وعظمة تعاليمه وقوتها ثابتةٌ.. ولكن لم يدرك جميع سامعيه عظمة تعاليمه.. لقد أدرك العارفون شخصه المبارك... المؤمنون باسمه عظمة تعاليمه؛ لأنهم آمنوا بعظمته كإله، أصغوا له باهتمام وجدية كمعلم، وضعوا أنفسهم بين يديه ينصتون له ويسألونه، فوجدوا كلامه حق.. ولهذا سمعوه بسرور وفرح، ولقي كلامه في نفوسهم الرضى والاستحسان والراحة. لقد سألوه عن ما عسر عليهم من نبوات أو أسرار، وسلموا بصدق أقواله بإيمان، لأنهم أدركوا أنه المعلم الصالح.. وهل يدرك التلميذ، أو يفهم أكثر من معلمه كقول الكتاب: "لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلاً يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ"(لو٦: 40).

    • الحكمة والحق هما سر قوة تعاليم الرب المحيية وسبب قبول الجموع لهما:

    حكمة وصدق التعاليم والأفكار، التي يتكلم بها الإنسان، أو يتصرف على أساسها هي سبب قناعة الناس بتعاليمه ومبادئه.. وكلما عظمت حكمة ذلك الإنسان، أو علمه، أو قداسته وصدقه، كلما زادت قوة إقناعه للناس.

    إن الحكمة الإلهية، التي من السماء لها قوة لا تقاوم كقول الرب: "لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا"(لو٢١: 15)..  ذلك لأن سبب عظمة تعاليمه الإلهية في أنها نابعة من الله، الذي هو الحق ذاته كقول الرب يسوع عن ذاته: "قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي"(يو١٤: 6).

    لقد شهد الكتاب المقدس عن حكمة، وعظمة تعاليم ربنا يسوع المسيح الإلهية التي قبلها الحكماء والعظماء.. وفيما يلي بعض من هذه الشهادات التي تشهد بقوة وسلطان إقناعه:01

    ١. "وَلَمَّا جَاءَ إِلَى وَطَنِهِ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي مَجْمَعِهِمْ حَتَّى بُهِتُوا وَقَالُوا:"مِنْ أَيْنَ لِهذَا هذِهِ الْحِكْمَةُ وَالْقُوَّاتُ؟"(مت١٣: 54).

    ٢. "وَكَانَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ يَسْمَعُهُ بِسُرُورٍ"(مر١٢: 37).

    ٣. "وَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَنًا! جَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ"(مر٧: 37).

    ٤. "وَلَمْ يَجِدُوا مَا يَفْعَلُونَ، لأَنَّ الشَّعْبَ كُلَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ يَسْمَعُ مِنْهُ"(لو١٩: 48).

    ٥. "فَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ"(مت٧: 28 - ٢٩).

    • توفر النية والإرادة الصادقة لمعرفة الحق:

    لا استغراب من عدم قبول الكثيرين من رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين، والناموسيين لتعاليم الرب يسوع الإلهية، ذلك لأن الحق ليس مقبولًا على الدوام. وهل عدم رؤية نور الشمس سببه غيابها؟!

    لقد أعلن معلمنا بولس الرسول سبب عمى أذهانهم عن الحق؛ وهو عدم صدق نياتهم لمعرفة الحق. إن الحق واضح وجليٌ في نفوس المخلصين الأمناء، أما غير الأمناء فلا يريدون الحق كقول معلمنا بولس الرسول عن تعاليم الإنجيل: "وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ"(٢كو٤: 3 - ٤).  

    إن الأشرار يقاومون ما لا يريدونه، حتى ولو كان حقًّا واضحًا لا شك فيه؛ فيخترعون المبررات، لكي يريحوا ضمائرهم. فيما يلي بعضاً من تلك الأسباب، التي ضل بها اليهود؛ رافضين تعاليم الرب يسوع الإلهية:


    ١. حب الناس للشر وأعمالهم الشريرة:

    لقد انشغلت قلوب هؤلاء الأشرار بحبهم لشهواتهم، فأظلمت قلوبهم، وفضلوا أن يبقوا في أعمالهم الشريرة عن قبول نور المسيح كقول الكتاب: "وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً"(يو٣: 19).

    ٢. كبرياؤهم كان سببًا في رفضهم له، واحتقار تعاليمه الصالحة، وعدم قبولها:

    لم يطِقْ هؤلاء الأشرار المتكبرون حب الرب يسوع واتضاعه وشفقته على الخطاة، عندما رأوه يجلس وسط العشارين ليجتذبهم للتوبة. لقد اتهموه (بوقاحة) أنه أكول كقوله لهم لائمًا: "جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَتَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ جَمِيعِ بَنِيهَا"(لو٧: 34 - ٣٥).

    ٣. الحسد والغيرة في قلوب الفريسيين:

    لقد شهد الجميع بقوة الرب يسوع، وسلطانه على إخراج الشياطين؛ وكان هذا سببًا كافيًا لإثارة الغيرة، والحقد في قلوب الفريسيين، الذين لم يقبلوه، وافتروا عليه كشهادة القديس متى الرسول القائل: "أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا:"هذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ"(مت١٢: 24).

    ٤. عدم تقدير أقاربه له؛ بسبب اهتمامهم بالمظهر، دون الجوهر:

    استكثر، واستنكر أقارب الرب يسوع الفقير، والبسيط في معيشته، أن يكون هو الله الظاهر في الجسد.. لقد تسرعوا وحكموا عليه بحسب بساطة مظهره. لقد سمعوا عنه أنه يخرج الشياطين ويشفي المرضى، فاتهموه بأنه مختل كقول معلمنا مرقس الرسول:"وَلَمَّا سَمِعَ أَقْرِبَاؤُهُ خَرَجُوا لِيُمْسِكُوهُ، لأَنَّهُمْ قَالُوا:"إِنَّهُ مُخْتَل؟!"(مر٣: 21).

    ٥.  العناد ومقاومة الحق والتجديف على الروح القدس:

    لقد شهد الرب يسوع للحق بتعاليمه وسلوكه وأفعاله المباركة، وأيضًا بمعجزات لم يصنعها أحدٌ غيره، وشُهد له من السماء، ومن الناس بالألوهية.. ولكن رؤساء اليهود الأشرار قاوموه كما قاوموا تلاميذه، مقسين قلوبهم، ومجدفين على الروح القدس كقول إستفانوس أول الشهداء: "يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ، وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ! أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذلِكَ أَنْتُمْ!"(أع٧: 51).

    ٦. عدم معرفة الإنسان لوصايا الله:

    إن رأي وفكر الإنسان قاصرٌ ومحدودٌ.. ومن من البشر يقدر أن يدعي أن رأيه صائب على الدوام؟! ولكن أفكارنا وآراءنا الصائبة تعتمد على مقدار معرفتنا للحق وأمانتنا وصدقنا.. وقد يعتقد إنسان ما أن رأيه، وحكمه على الأمور صائب، ولكنه قد يكتشف فيما بعد أنه مخطئ؛ لأن المقياس أو المعيار، الذي يقيس به أو يحكم به على الأمور كان خاطئًا.. فعلى من يريد معرفة الحق أن يضبط مقياسه أولًا بمعرفة، ودراسة كلمة الله، لكي يتمكن من الحكم على الأمور كقول معلمنا بولس الرسول: "وَأَمَّا غَايَةُ الْوَصِيَّةِ فَهِيَ الْمَحَبَّةُ مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ، وَضَمِيرٍ صَالِحٍ، وَإِيمَانٍ بِلاَ رِيَاءٍ. الأُمُورُ الَّتِي إِذْ زَاغَ قَوْمٌ عَنْهَا، انْحَرَفُوا إِلَى كَلاَمٍ بَاطِل"(١تي١: 5 - ٦).

    الاستنتاج:

    إن الإنسان يجهل الكثير والكثير من المعرفة.. ولكن الحكماء هم المتضعون، الذين يضعون أنفسهم تحت أرجل معلميهم؛ لعلهم يتعلمون كقول الحكيم في سفر الأمثال: "إِنِّي أَبْلَدُ مِن كُلِّ إِنْسَانٍ، وَلَيْسَ لِي فَهْمُ إِنْسَانٍ، وَلَمْ أَتَعَلَّمِ الْحِكْمَةَ، وَلَمْ أَعْرِفْ مَعْرِفَةَ الْقُدُّوسِ"(أم٣٠: 2 - ٣).

    لقد أعلن رب المجد إلهنا الرب يسوع، أن أقصى ما يمكن أن يصل إليه التلميذ أن يكون كمعلمه: "يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ..."(مت١٠:٢٥).

    أخيرًا:

    إن كان هذا هو أمر التلميذ مع معلمه، فما هو أمرنا مع المعلم الصالح، الذي نؤمن به ربًّا وإلهًا على كل الخليقة، فيه مذخر كل كنوز الحكمة والمعرفة.

    إن نظرتنا لربنا يسوع المسيح تختلف كلية عن نظرتنا لأي إنسان.. ونحن لا نضع تعاليمه التي تعطينا الحياة تحت الفحص.. إننا نتعامل معه من منطلق الإيمان؛ لذا نقبل كلامه بفرح وندرس بشغف كل كلمة قالها، لنستمتع بنورها كي تضيء ظلمة حياتنا، وتقودنا في طريق الحياة الأبدية. فأين الإرغام إذًا؟!