لم تنته قوة تأثير ذبيحة المسيح التي قدمها كرئيس كهنة على الصليب؛ لأنها ذبيحة ابن الله الأزلي، لذلك مازالت هذه الذبيحة تقدم لله، ومازالت فعالة وقد وصفت هذه الذبيحة بأنها ممتدة ومستمدة .

  • ممتدة في تأثيرها منذ أيام أبينا آدم وحتى نهاية الأزمنة؛ لأن دم مسيحنا القدوس أزلي قادر على غفران خطايا البشرية كلها من آدم وإلى آخر الدهور.
  • مستمدة في تأثيرها فذبيحة العشاء السري (التناول) التي يقدمها كهنة الكنيسة وكل أسرار الكنيسة، تستمد قوتها من قوة ذبيحة المسيح، الذي ذبح على الصليب لأجلنا، وجسد الرب الذي نأكله في القداس هو نفس الجسد المصلوب على عود الصليب، وما نشربه هو دم المسيح المسفوك على الصليب.
  • إذاً نحن كهنة العهد الجديد نختفي وراء كاهننا الأعظم أو رئيس كهنتنا كخدام ووكلاء سرائر الله كقول معلمنا بولس الرسول: "هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإِنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ" (١كو١:٤).. ونقدم من خلاله نفس الذبيحة التي قدمها الرب يسوع على الصليب لننال بها غفراناً لحساب المؤمنين ورضى الله .. وهذه بعض من أعمال الآباء كهنة العهد الجديد:
  • أهم وظيفة للكهنوت المسيحي هي تقديم الذبيحة التي ينال بها الكاهن رضى الله لحساب شعبه. وبالطبع لحساب نفسه.. وهذا ما ذكره القديس بولس الرسول عن ذلك قائلاً: "لَنَا «مَذْبَحٌ» لاَ سُلْطَانَ لِلَّذِينَ يَخْدِمُونَ الْمَسْكَنَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ" (عب١٣: ١٠).. والمذبح المذكور هنا في هذه الآية هو مذبح كنيسة العهد الجديد الذي نقدم عليه جسد ودم الرب يسوع، والمسكن هو الهيكل اليهودي أو خيمة الاجتماع، ولا سلطان لكهنة اليهود الذين يخدمونه أن يأكلوا من ذبيحة المسيح أي التناول من الأسرار المقدسة.
  • يقدم كهنة العهد الجديد ذبيحة التسبيح والتمجيد لله الذي نقول له في القداس الإلهي: مستحق وعادل.... مستحق وعادل... مستحق وعادل، أنه يليق بمسيحنا القدوس الذي ذبح لأجلنا أن يتكرس له كهنة للتسبيح والتمجيد. ونحن في هذا نقتدي بالأربعة والعشرين قسيساً الذين رآهم القديس يوحنا الحبيب في سفر الرؤيا وقال عنهم: "يَخِرُّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا قُدَّامَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، وَيَسْجُدُونَ لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، وَيَطْرَحُونَ أَكَالِيلَهُمْ أَمَامَ الْعَرْشِ قَائِلِينَ: «أَنْتَ مُسْتَحِق، أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ" (رؤ٤: ١٠-١١).
  • نحن نقدم لله ككهنة نفوس مقدسة مباركة وهي نفوس الذين يخلصون بواسطة خدمتنا، كقول معلمنا بولس الرسول: "حَتَّى أَكُونَ خَادِمًا لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ الأُمَمِ، مُبَاشِرًا لإِنْجِيلِ اللهِ كَكَاهِنٍ، لِيَكُونَ قُرْبَانُ الأُمَمِ مَقْبُولاً مُقَدَّسًا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ" (رو١٥: ١٦).
  • الكهنة وكلاء على الأسرار المقدسة التي تركها الرب يسوع لأجل خلاص البشرية مثل التناول والمعمودية و... و... فإن كانت هذه الأسرار غاية في القداسة ألا تحتاج لوكلاء أمناء عليها يعلّمون الناس قيمتها؟ وكيف يأخذونها باحتراس؟ لقد سلم الرب لتلاميذه وليس لعامة الناس هذه الأسرار قائلاً لهم: "فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. إصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي" (١كو24،23:11)، إذاً كهنة العهد الجديد وكلاء استؤمنوا على أسرار الله كقول معلمنا بولس الرسول: "هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإِنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ، ثُمَّ يُسْأَلُ فِي الْوُكَلاَءِ لِكَيْ يُوجَدَ الإِنْسَانُ أَمِينًا" (١كو٤: ١-٢).013
  • كهنة العهد الجديد مكرسين ليسعوا كسفراء عن المسيح القدوس، يطلبون من الناس أن يتصالحوا مع الله كقول معلمنا بولس الرسول: "إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ" (٢كو٥: ٢٠).

الخاتمة:

إذاً، كهنة العهد الجديد ليسوا وسطاء كالرب يسوع لكنهم يعملون من خلال وسيط ومصالح فريد هو ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، وهم كهنة من خلاله وبه يقدمون تقدمته وذبيحته التي قدمها على الصليب، وهم يقدمون له وبه ذبائح التسبيح، ويقدمون له ثمرة خدمتهم نفوساً طاهرة نقية، وهم أيضاً وكلاء أمناء مكرسون لخدمة أسراره المقدسة.