الشاهد الكتابي للواقعة:

" ثُمَّ صَعِدَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى بَيْتِ إِيلَ. وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: «اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!». فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ، فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَدًا" (٢مل٢: ٢٣- ٢٤).

تُظهر الدراسة المتأنية بوضوح أن النبي تعرض فعلاً لمحاولة قتل متعمد، وليست الواقعة مجرد استهزاء لبعض الأطفال اللطفاء. لقد كان هؤلاء الصبية قادرين على القتل. إن تبعية ماحدث لهم من مقتل اثنين وأربعين منهم تقع على آبائهم بسبب التربية الخاطئة لأبنائهم. أما لعن النبي لهؤلاء الصبية فما هو إلا طلب النجدة من الله لإنقاذه. وفيما يلي نشرح ما يؤكد ذلك تفصيلاً:

أولاً: حقائق دراسية لا يمكن إغفالها:

  • تعريف كلمة صِبْية: إن كلمة صبي في اللغة العربية  تنطبق على من لم يبلغ بعد مرحلة البلوغ، ويتضح هذا من جرأتهم، ومشاغبتهم، وعدم اكتراثهم بكبار السن أمثال إليشع النبي، فكيف يكون هذا تصرف أطفال أبرياء لطفاء؟!.05
  • مدينة بيت إيل: هي مركز للعبادة الوثنية، حيث كانت عبادة الله محتقرة هناك، وأنبياؤه مكروهين، ويمثلون هدفاً ليس للاستهزاء فقط، بل للقتل أيضاً، وقد أعلن إيليا (النبي السابق لإليشع) عن شدة اضطهاد الوثنيين لشعبه بقتلهم أنبياء الله، وهدم مذابحه المقدسة، حتى ظن أنه أصبح المؤمن الوحيد بالله، في ذلك الزمان، ولكن الله طمأنه قائلا: "وَقَدْ أَبْقَيْتُ فِي إِسْرَائِيلَ سَبْعَةَ آلاَفٍ، كُلَّ الرُّكَبِ الَّتِي لَمْ تَجْثُ لِلْبَعْلِ وَكُلَّ فَمٍ لَمْ يُقَبِّلْهُ» (١مل ١٩: ١٨).
  • مكان الواقعة: لقد حدثت الواقعة في الطريق المؤدي إلى البلدة ولم تحدث في نادٍ، أو ساحة في المدينة معدة للهو البريء المنظم، لكن الصبية خرجوا خصيصاً، وليس مصادفةً لملاقاة النبي خارج مدينتهم. فما هو غرضهم من خروجهم إليه إلا الاعتداء عليه؟!
  • أعداد الصبية: لقد كان عدد الصبية المجتمعين على النبي كافياً للإيذاء، الذي قد يصل إلى القتل بدليل قول الكتاب: أن الدبتين قتلتا منهم اثنين وأربعين صبياً. فترى كم كان إجمالي عدد هؤلاء الصبية؟.

ثانياً: الاستنتاج المنطقي:

لم تكن هذه الواقعة مجرد لعب بريء، بل كان النبي هدفاً للاعتداء المتعمد من أهل تلك المدينة، وفيما يلي بعض الدلائل على ذلك:

  • لم يكن هؤلاء الصبية أطفال لطفاء صغار العمر كأطفال الحضانة الأبرياء (رياض الأطفال أو.Gs) كما يظن البعض، لكنهم كانوا صبية في سن أولاد النصف الأخير من المرحلة الابتدائية، أو سن المرحلة الإعدادية.
  • كان هؤلاء الصبية مهيئين لعمل أي شيء بدءاً من الإهانة والسخرية من النبي، وانتهاءً إلى الإيذاء البدني والقتل، وذلك حتى وإن افترضنا جدلاً أنهم لم ينووا ذلك، ومن منا يمكنه التنبؤ بما كان ممكناً أن يحدث من هؤلاء الصبية المندفعون بأحقادهم وطيشهم؟!. فيما يلي نذكر بعض الدلائل على ذلك:
  1. توفر لديهم عامل الأكثرية بالمقارنة بخصمهم، الذي هو ذلك النبي الغريب الوحيد في الطريق، ومن المعروف أن توفر الأكثرية يؤثر على مزاج ونفسية المتجمهرين، فيشجع ويساعد جداً على حدوث الشغب، بل والبلطجة أحياناً، وعدم الانضباط أيضاً، وقد شهد الكتاب عن موقف مماثل لذلك أثناء خدمة بولس الرسول في مدينة أفسس قائلاً: " وَلَمَّا كَانَ بُولُسُ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَ الشَّعْبِ، لَمْ يَدَعْهُ التَّلاَمِيذُ. وَأُنَاسٌ مِنْ وُجُوهِ أَسِيَّا، كَانُوا أَصْدِقَاءَهُ، أَرْسَلُوا يَطْلُبُونَ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يُسَلِّمَ نَفْسَهُ إِلَى الْمَشْهَدِ.  وَكَانَ الْبَعْضُ يَصْرُخُونَ بِشَيْءٍ وَالْبَعْضُ بِشَيْءٍ آخَرَ، لأَنَّ الْمَحْفِلَ كَانَ مُضْطَرِبًا، وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَدْرُونَ لأَيِّ شَيْءٍ كَانُوا قَدِ اجْتَمَعُوا!" (أع19: 30- 32).

٢. طبيعة الصبية في هذه السن تجعل الأغلبية منهم يميلون إلى الصلف، والاستهتار بالآخرين، خصوصاً من لم يحظَ منهم بتربية سليمة، فيصبح من السهل عليه الانسياق للأهواء الدنيئة بطيش وحماقة، وقد عبر سليمان الحكيم في سفر الأمثال بدقة عن تصرفات أمثال هؤلاء الصبية بقوله: " ... وَالصَّبِيُّ الْمُطْلَقُ إِلَى هَوَاهُ يُخْجِلُ أُمَّهُ. إِذَا سَادَ الأَشْرَارُ كَثُرَتِ الْمَعَاصِي، أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَيَنْظُرُونَ سُقُوطَهُمْ" (أم ٢٩: ١٥، ١٦).

٣. العدائية والبُغضة الشديدة، التي تملكت قلوب هؤلاء الصبية، نتيجة لنشأتهم في وسط وثني يشجع على الفجور والعنف والازدراء بالآخر، وقد شهد الكتاب عن أمثال هؤلاء الصبية ذوي القلوب المملوءة بغضةً قائلاً: "اَلْبُغْضَةُ تُهَيِّجُ خُصُومَاتٍ، وَالْمَحَبَّةُ تَسْتُرُ كُلَّ الذُّنُوب" (أم ١٠: ١٢)

مثال عملي:

مازالت ذاكرتنا تحتفظ بذكريات كثيرة مؤلمة حدثت أثناء ثورتي بلادنا الحبيبة مصر (٢٥يناير و٣٠ يونيو)، والتي بثتها شاشات وسائل الإعلام المرئية عن الكثير من المشاهد العدائية الكثيرة، والمؤلمة لتجمعات معظم محتشديها من الصبية المنتمين لجماعات إرهابية، وغيرهم من صبية ضالة، وهم يحرقون الممتلكات العامة، بل وحتى المتاحف الأثرية مستخدمين القنابل الحارقة، ويقذفون الحجارة بطريقة عشوائية، وينهبون المحلات والممتلكات العامة والخاصة، ويعتدون على الأبرياء، ويسخرون من النساء في الشوارع، ويسيئون إليهم لا لشيء سوى أنهم نساء، بل أكثر من هذا يعتدون بالقتل على كل من لا يتفق مع عقيدتهم، ذلك لأنهم رضعوا الكراهية في صغرهم كاللبن من أمهاتهم، ثم أُطلقوا لهواهم ليعتدوا على الآخرين بحجة أن كل مختلف عنهم فهو كافر.

ثالثاً: التخيل المنطقي لأحداث الواقعة:

 بحسب التخيلات البسيطة، والمنطقية للواقعة يكون تسلسل الأحداث لهذه الواقعة كما يلي:

  • أن البعض رأوا النبي في طريقه إلى المدينة، فأبلغوا، - من رأوه من سكان المدينة - أن النبي يسير وحيداً في الطريق.
  • اندفع هؤلاء الصبية بعدما سمعوا الخبر بدافع الكراهية والعدائية، التي تسلموها من آبائهم من مكان لهوهم المعتاد بداخل المدينة إلى خارجها، وقد سبقوا آبائهم الذين كان بعض منهم خلفهم في الطريق.
  • تزايدت أعدادهم أثناء خروجهم إلى النبي، فليس من المنطقي أن يكون عددهم بهذه الكثرة أثناء لهوهم في بادئ الأمر (فما هي اللعبة التي يشترك فيها اثنان وأربعون صبياً مصادفة، دون أن ينظمهم قائد أو مشرف؟!)، بل أتخيل أنهم كلما ساروا في الطريق التف حولهم صبية آخرون؛ نتيجةً لهتافهم وضجيجهم ضد النبي، فقد اعتبر الآخرون صراخهم دعوة لانضمامهم لهم، حتى وصلوا إلى حيث كان النبي، وقد كونوا شبه مظاهرة تفوق الخمسين فرداً على أقل تقدير.
  • ابتدأ النبي يصرخ لله ويستجير به، وهنا طلب من عدالة السماء أن توقف هذا الشر عنه ولعنهم.
  • استجاب الله بحسب وعده القائل: " لأَنَّهُ يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْمَسْكِينِ، لِيُخَلِّصَهُ مِنَ الْقَاضِينَ عَلَى نَفْسِهِ." (مز ١٠٩: ٣١). فأرسل هاتين الدبتين فتفرق هؤلاء المعتدين في رعب، وحدث ماحدث.

رابعاً: موقف النبي:

  1. كان الموت يقترب من إليشع النبي، فهو لا يعلم ما سَيُسْفر عنه تجمهر هؤلاء الصبية المطلقين دون ظابط أو رابط، ومن المعروف أن رجال الدين اليهود كانوا يغطون رؤوسهم بغطاء، فكيف انكشف غطاء رأس النبي دون أن يقترب منه أحد هؤلاء الصبية، ويشتبك معه، وينزع غطاء رأسه على سبيل الاستهزاء؟!، وبالطبع من المنطقي أن هؤلاء الصبية ليس لديهم مانع من قذف النبي بالحجارة، ولما لا يكون أحدهم قد أمسك بالحجارة فعلاً لقذفه بها وقلده باقي الصبية؟

٢. كان إليشع النبي في ضيقة حقيقية، وكان ينتظر الموت بين لحظة وأخرى، بل كل لحظة كانت تمرعليه وكأنها قد صارت دهراً، لذا لعنته لهؤلاء الأشرارهي بمثابة لجوء إلى لله لطلب عدالته، لإنقاذه، وهل يستهتر أحدنا إذا رأى عقرباً يقترب منه بحجة صغر حجمه؟! أم يُقَدِر الموقف بمدى الخطورة الناشئة عنه فيستجير في فزع طالباً النجدة؟

٣. هل من المنطقي أن يلام النبي، مع أنه لم يَعتَدِ على أحد، بل هو المُعتَدىَ عليه، فهو لم يفعل شيئاً سوى اللجوء لله؟ وهل من العدالة أن يدّعي أحد أن هؤلاء الأشرار قلة من الأطفال الصغار اللطفاء الظرفاء يتفكهون مع النبي لبعض الوقت ببعض الفكاهات المضحكة... عجباً...؟

  1. ما الغرابة في لعن نبي لبعض الأشرار؟، فوظيفة النبي هي التنبؤ بالبركة والخير للأبرار، والتنبؤ باللعن أي الشر القادم على الأشرار، وذلك كقول الله لإرميا النبي: "اُنْظُرْ! قَدْ وَكَّلْتُكَ هذَا الْيَوْمَ عَلَى الشُّعُوبِ وَعَلَى الْمَمَالِكِ، لِتَقْلَعَ وَتَهْدِمَ وَتُهْلِكَ وَتَنْقُضَ وَتَبْنِيَ وَتَغْرِسَ» (إر١: ١٠).

خامساً: موقف آبائهم وشرورهم:

أن أعظم مثال شاهد على شر آباء هؤلاء الصبية هو ما يحدث الآن في زماننا الحالي من جماعات إرهابية: فأحياناً نراهم على شاشات وسائل الإعلام، يُعطون ابناءهم سكيناً ليذبحوا به أحد الأبرياء، فهل إن استجاب الله لصراخ الضحية، فخرج دب وافترس مثل هذا الصبي يأتي من يلوم الله بسبب صغر عمر القاتل وبراءته؟. إن آباء أمثال هؤلاء الصبية يتحملون المسؤولية كاملة عن ما حدث. لقد شعرت المدينة كلها بهرولة هؤلاء الصبية، وهياجهم، وخروجهم للقاء النبي، وهل من المعقول أن يدعي أحد أن آباءهم لم يشعروا بكل ماحدث؟!... بالطبع لا، إلا إذا كان خروجهم قد تم في هدوء ونظام محكم، وإنه من الطبيعي، بل من المؤكد خروج بعض من كبارهم وراءهم، وهم الذين دفعوهم، وشجعوهم على الاعتداء على النبي. نعم إنهم المسئولون عن تصرفات أبنائهم، وإلا لماذا لم يقم كبير أو حكيم لينتهر هؤلاء الصبية، أو الأطفال الأبرياء (بحسب ظن المعترضين)؟.

سادساً: موقف الله القدير، والقاضي العادل:

١.  كانت هذه الشعوب تعتقد بقوة آلهتها، ولذلك كانت الحروب في اعتقادها حروباً بين الآلهة، فإن كان هذا النبي (فرضاً) قد قُتِلَ، ففي هذه الحالة تكون آلهتهم الوثنية قد انتصرت على الله، أما إن أظهر الله قوته، وانتقم بِعدلٍ من هؤلاء الأشرار، فتلك ضربة لهذه الآلهة الشريرة، وعقاب لهؤلاء الصبية الأشرار ولآبائهم الذين يتبعون آلهة شريرة، والتي هي في الواقع شياطين شريرة تحركهم، وليست فقط أصناماً أو حجارة كقول الكتاب: فَمَاذَا أَقُولُ؟ أَإِنَّ الْوَثَنَ شَيْءٌ، أَوْ إِنَّ مَا ذُبحَ لِلْوَثَنِ شَيْءٌ؟ بَلْ إِنَّ مَا يَذْبَحُهُ الأُمَمُ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ، لاَ ِللهِ. فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ شُرَكَاءَ الشَّيَاطِينِ" (١ كو ١٠: ١٩، ٢٠).

٢. إن افترضنا جدلاً أن الله بقي ساكناً، ولم يتحرك ليُجِير النبي، فهل لا يأتي من ينتقد الله لأنه لم يقض للنبي؟ وهل لايتساءل معترضاً قائلاً أين دور الله كقاضٍ عادل وإله يُظِهر حبه لخادمه ونبيه، الذي كرس نفسه لأجله؟!، وألا يتساءل أحد أيضاً عن وعده الصادق القائل: " لأَنَّهُ يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْمَسْكِينِ، لِيُخَلِّصَهُ مِنَ الْقَاضِينَ عَلَى نَفْسِهِ." (مز ١٠٩: ٣١). ؟! وألا يستدعي ذلك في هذه الحالة التعجب، لأن الله لم يستجِب لنبيه الذي قد بدأ عمله كنبي منذ زمن حديث، ولكن الله تركه مع أول تجربة يتعرض لها؟!.

٣. تدخل الله لإنقاذ خادمه فيه إعلان، وتكريم لخدامه بحسب قول الكتاب:  "وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ لَكُمْ، فَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ وَانْفُضُوا التُّرَابَ الَّذِي تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْك الْمَدِينَةِ» (مر ٦: ١١). وهذا مطلوب لكي يعطي الله أمثال ذلك النبي مهابة في عيني شعبه، ومخافة في قلوب المناقضين، والمخالفين المستهزئين الساخرين، لعلهم يدركون الحقيقة ويتوبون عن شرهم وافتراءاتهم، وليكونوا عبرة أيضاُ لأشرار كثيرين غيرهم، وشهادة لعظمة الله الذي قال: "... فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَالَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُونَ" (١صم٢: ٣٠).

٤. على من لا يدركون حقيقة أن الله مُنتقم من الأشرار أن يدركوا ذلك، ويخافوه، فالنبي لم ينتقم لنفسه، بل طلب هذا من الله الذي له حق الانتقام للأبرياء، حينما شاء، وحسبما شاء، بحسب وعده القائل: "لِيَ النَّقْمَةُ وَالْجَزَاءُ. فِي وَقْتٍ تَزِلُّ أَقْدَامُهُمْ. إِنَّ يَوْمَ هَلاَكِهِمْ قَرِيبٌ وَالْمُهَيَّآتُ لَهُمْ مُسْرِعَةٌ" ( تث ٣٢: 35).

أخيراً:

لقد خلص الله النبي من الموت بهذه الأعجوبة، وأظن أنه لولا ظهور هاتين الدبتين لكان هذا النبي قد تعثر، وسقط على الأرض، فانهال عليه الصبية يقذفونه بالحجارة حتى الموت. فهل في هذا الوقت سيظل قول المعترضين بأن هؤلاء القتلة صبية صغار يلهون؟!. أم سيتغير القول ليصبح "لماذا لم يفرقهم الله بأي وسيلة أخرى".

وعلى ذلك يجب القول: أنها أحكام الله المملوءة حكمة، فقد تكون هذه الواقعة قد ألقت المخافة في قلوب الكثيرين، وقد تكون سبباً لإظهار كرامة هذا النبي، وإعطائه هيبة في أعين شعب إسرائيل كسابقه إيليا النبي، وقد تكون... وقد تكون... وقد تكون... فما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقة عن الاستقصاء.