الله هو القدير ذو المجد والسلطان الأعظم، وهو مستحق التقدير والمهابة من خلائقه. ولا يتحقق ذلك دون الخضوع لما وضعه الله من أحكام وقوانين وشرائع. أما من يعتدي على أحكامه فلا حق له في التضرر لما وقع عليه من عقاب استحقاقاً لتعديه، وفيما يلي بعض النقاط الهامة التي توضح ذلك بالتفصيل:

أولا:ً هيبة الله ضرورة ملازمة لعظمته وسلطانه:

   الهيبة هي تقدير واحترام ومخافة ذو السلطان في أعين الناس، وهي تنشأ نتيجةً وتأثراً بعظمته ومجده وقدرته، وكلما زادت عظمته زادت هيبته، وأعظم مثال يوضح ذلك هو اختلاف هيبة رؤساء الدول بحسب عظمتهم، فرئيس دولة عظمى له هيبة أعظم مقارنةً برؤساء الدول الصغيرة، وأيضاً لا يمكننا أن نقارن ما يتمتع به ملك، أو رئيس دولة من هيبة في قلوب رعاياه بمن يشغل منصباً بسيطاً. أما الله فهو العظيم القدير والقدوس، الذي بيده السلطان، وهوالخالق الذي يضبط الكون كله، وكافة الخليقة، ولا حدود لقوته، أو عظمته، فلابد أن يكون له مهابة وقدسية عظيمة من ملائكته وخليقته كقول سفر الرؤيا: وَهُمْ يُرَتِّلُونَ تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللهِ، وَتَرْنِيمَةَ الْخَرُوفِ قَائِلِينَ:«عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! عَادِلَةٌ وَحَق هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ! مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَارَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ؟ لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ، لأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ أُظْهِرَتْ" (رؤ ١٥: ٣- ٤).

لقد أعلن الكتاب المقدس عن هيبة الله وأيضاً عن ضرورة مراعاة الإنسان لتلك الهيبة، وفيما يلي نعرض لذلك بالشرح:

  • الإعلان عن هيبة الله:
  1. نزول الله على جبل سيناء كان مهيباً، فالجبل كان يرجف ويحترق بالنار، والدخان يتصاعد منه، وهو محاط بسحاب ثقيل وصوت بوق يدوي حتى ارتعب الشعب، وطلبوا من موسى أن يتكلم مع الله كوسيط بين الله وبينهم.

     ٢. تجلت مظاهر عظمة وقداسة الله عندما رأى إشعياء النبي عظمة مجده فصرخ حينئذ قائلاً: "... «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ، وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ». (إش6: 5).

    ٣. رآه يوحنا الحبيب فوقع عند رجليه كميت، لأنه لم يحتمل الصمود أمام هيبة مجد الله، وقد سجل ذلك في رؤياه قائلاً:  "فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي:«لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ." ( رؤ١: ١٧- ١٨).

   ٤. قدس البشر الله وهابوه حتى أنهم قدسوا الأماكن التي رأوه فيها، فيعقوب - أب الآباء - عندما رآه في حلم، وهو هارب من وجه أخيه قال عن ذلك المكان: "... «حَقًّا إِنَّ الرَّبَّ فِي هذَا الْمَكَانِ وَأَنَا لَمْ أَعْلَمْ!». وَخَافَ وَقَالَ: «مَا أَرْهَبَ هذَا الْمَكَانَ! مَا هذَا إِلاَّ بَيْتُ اللهِ، وَهذَا بَابُ السَّمَاءِ». (تك28: 16- 17). وموسى النبي خلع نعل رجليه بأمر الرب عندما رأه في العليقة المشتعلة بالنار، والتي لم تحترق لأن ذلك المكان تقدس بحضور الرب، وهكذا...

  • ضرورة مراعاة الإنسان لهيبة الله: لابد أن يتعامل الإنسان مع الله من منطلق عظمة قداسته، فهو القدوس الذي لا يدنو منه شر، وهو يشاء أن يطهرنا، ويهبنا من قداسته إن قدسناه في قلوبنا كقول معلمنا بطرس الرسول: "بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلهَ فِي قُلُوبِكُمْ،... " (١بط٣: ١٥)، ولذلك عَلّم الله شعبه كيف يَعبِده باتضاع، وفي خشوع ومهابة فهوالقدوس، وهذا واجب ومنطقي جداً، فإن كانت الدول تضع البروتوكولات المعقدة للتعامل مع ملوكها ورؤسائها ليحافظوا على هيبة عظمائهم. ألا يقدس البشر الله، ويحفظوا مقدساته (كتابوت عهد الله)، ولا يقتربوا منها إلا بحسب ما وَضَعَ الله لهم من ترتيب ونظام (طقوس) ؟. 

لقد علمنا الكتاب المقدس ذلك في مواضع كثيرة نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:

  1. " فَالآنَ يَا أَيُّهَا الْمُلُوكُ تَعَقَّلُوا. تَأَدَّبُوا يَا قُضَاةَ الأَرْضِ. اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ، وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ" (مز٢: ١٠- ١١).
  2. " الْجَلاَلُ وَالْبَهَاءُ أَمَامَهُ. الْعِزَّةُ وَالْبَهْجَةُ فِي مَكَانِهِ. هَبُوا الرَّبَّ يَا عَشَائِرَ الشُّعُوبِ، هَبُوا الرَّبَّ مَجْدًا وَعِزَّةً. هَبُوا الرَّبَّ مَجْدَ اسْمِهِ. احْمِلُوا هَدَايَا وَتَعَالَوْا إِلَى أَمَامِهِ. اسْجُدُوا لِلرَّبِّ فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ." (١ أخ ١٦: ٢٧- ٢٩).
  3. "يَحْمَدُونَ اسْمَكَ الْعَظِيمَ وَالْمَهُوبَ، قُدُّوسٌ هُوَ" (مز ٩٩: ٣)، وهكذا…

ثانياً: تابوت عهد الله القدوس:

  • تابوت العهد يعلن عن حضور الله وسط شعبه: أعطى الله شريعته مكتوبة لموسى النبي على لوحين من الحجارة، وقد أحاط الله استلام لوحي العهد بجو من المهابة الشديدة له، ولكلمته المكتوبة فيهما؛ لأنهما يعتبران من أهم المقدسات الإلهية في العهد القديم، وهما يمثلان حضورالله وسط شعبه، ولذلك أمر الله موسى النبي قبل صعوده للجبل ليستلم لوحي الوصايا قائلاً: "انْحَدِرْ حَذِّرِ الشَّعْبَ لِئَلاَّ يَقْتَحِمُوا إِلَى الرَّبِّ لِيَنْظُرُوا، فَيَسْقُطَ مِنْهُمْ كَثِيرُونَ. وَلْيَتَقَدَّسْ أَيْضًا الْكَهَنَةُ الَّذِينَ يَقْتَرِبُونَ إِلَى الرَّبِّ لِئَلاَّ يَبْطِشَ بِهِمِ الرَّبُّ"      (خر١٩: ٢١- ٢٢).
  • طريقة، وطقس (برتوكول) التعامل مع التابوت: وضع الله مقدساته (تابوت العهد) ليحيا البشر من خلالها حياة سامية مقدسة، ومثال ذلك في العهد الجديد التناول من الأسرار الإلهية. لقد كانت قدسية الله ممثلة في قدسية هذا التابوت، ولذلك حدد الله نظاماً معيناً للتعامل معه كالتالي:

١. الكهنة (بني هارون) هم وحدهم الذين يغطون التابوت عند نقله بأغطية معينة، ولا ينظره أحد غيرهم، حتى اللاويين من عشيرة القهاتيين المكلفين بحمله كقول الكتاب: "وَلاَ يَدْخُلُوا لِيَرَوْا الْقُدْسَ لَحْظَةً لِئَلاَّ يَمُوتُوا». (عد٤: ٢٠).

٢. كلف الله اللاويين بني قهات بحمل التابوت على أكتافهم، وليس على عربة قائلاً: "وَمَتَى فَرَغَ هَارُونُ وَبَنُوهُ مِنْ تَغْطِيَةِ الْقُدْسِ وَجَمِيعِ أَمْتِعَةِ الْقُدْسِ عِنْدَ ارْتِحَالِ الْمَحَلَّةِ، يَأْتِي بَعْدَ ذلِكَ بَنُو قَهَاتَ لِلْحَمْلِ وَلكِنْ لاَ يَمَسُّوا الْقُدْسَ لِئَلاَّ يَمُوتُوا. ذلِكَ حِمْلُ بَنِي قَهَاتَ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. " (عد٤: ١٥)...

وهكذا رسخ الله مهابته، وقدسيته في أذهان كل الشعب، وأصبح ذلك معلوماً للجميع بل أيضاً للشعوب الغريبة مثل الفلسطينيين الذين عندما استولوا على التابوت، وأرادوا الاستهانة به ضربهم الله بالأمراض، حتى اضطروا أن يعيدوه لشعب بني إسرائيل مكرماً، ومعه تقدمات من الذهب إكراماً لله.

ثالثاً: الممنوع الذي لا سماح فيه:

هناك أمور لا يَسمح ذو السلطان بانتهاكها، أو حدوثها نهائياً، ولا مبرر ولاعذر لحدوثها، ولا استثناء في ذلك ولو لمرة واحدة، وذلك بسبب أهميتها وقدسيتها، أو لخطورتها الشديدة، وكمثال لذلك لا يُسمح بالاقتراب من المواقع العسكرية، وما يخص أمن أي دولة من معلومات مُحاطٌاً بالسرية التامة، ولا سماح بالوصول إليها أو الاطلاع عليها، وأيضاً غير مسموح بالاقتراب من أماكن تواجد الملوك والعظماء بدون الالتزام ببروتوكولات محددة للقائهم، وهكذا أيضاً مقدسات الله لا سماح بالتعامل معها دون الالتزام بشرائع وأنظمة حددها الله مُسبقاً، ولكن قد يتساءل أحد: وماذا لو حاول أحد أن ينتهك أو يخترق الممنوع ؟ والإجابة بالطبع معروفة من خلال الأمثلة السابقة وهي: أن ذي السلطان لن يسمح بذلك، حتى ولو أدى الأمر لإستخدام القوة للمنع، فالممنوع هو ما لا سماح فيه أبداً.

رابعاً: كيف وصل التابوت لبيت عٌزَّةُ؟:

  • زاد شر إسرائيل في فترة كهنوت عالي الكاهن، فأسلمهم الله ليد الفلسطينيين لشرهم، فتمثلوا بالوثنيين وحملوا التابوت، وذهبوا ليحاربوهم، ولكنهم انكسروا أمامهم، واستولى الفلسطينيون على تابوت الله.
  • استهتر الفلسطينيون بالتابوت ووضعوه في هيكل إلههم داجون كعلامة على انتصار إلههم على الرب.
  • ضرب الرب الفلسطينيين بالأمراض، ثم بعدما تأكدوا أن السبب هو إهانتهم للتابوت، قرروا إعادته بحسب قول الكتاب:" فَثَقُلَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَى الأَشْدُودِيِّينَ، وَأَخْرَبَهُمْ وَضَرَبَهُمْ بِالْبَوَاسِيرِ فِي أَشْدُودَ وَتُخُومِهَا. وَلَمَّا رَأَى أَهْلُ أَشْدُودَ الأَمْرَ كَذلِكَ قَالُوا: «لاَ يَمْكُثُ تَابُوتُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ عِنْدَنَا لأَنَّ يَدَهُ قَدْ قَسَتْ عَلَيْنَا وَعَلَى دَاجُونَ إِلهِنَا». (١صم٥: ٦- ٧) ملحوظة: هذا العقاب كان مُخَففا،ً لأن الله لم يعلن لهم عن عظمته ومجده كما أعلن لبني إسرائيل.
  • أرجع الفلسطينيون التابوت بعد ثلاثة أشهر، وذلك بعدما نفَذوا بدقة مشورة حكمائهم القائلة لهم: " فَالآنَ خُذُوا وَاعْمَلُوا عَجَلَةً وَاحِدَةً جَدِيدَةً وَبَقَرَتَيْنِ مُرْضِعَتَيْنِ لَمْ يَعْلُهُمَا نِيرٌ، وَارْبِطُوا الْبَقَرَتَيْنِ إِلَى الْعَجَلَةِ، وَأَرْجِعُوا وَلَدَيْهِمَا عَنْهُمَا إِلَى الْبَيْتِ. وَخُذُوا تَابُوتَ الرَّبِّ وَاجْعَلُوهُ عَلَى الْعَجَلَةِ، وَضَعُوا أَمْتِعَةَ الذَّهَبِ الَّتِي تَرُدُّونَهَا لَهُ قُرْبَانَ إِثْمٍ فِي صُنْدُوق بِجَانِبِهِ وَأَطْلِقُوهُ فَيَذْهَبَ" (١ص٦: ٧- ٨)، فلما فعلوا كذلك انطلقت البقرتان المرضعتان في طريقهما إلى بيت شمس (أول حدود إسرائيل)، ولم تهتما برضيعيهما، فتأكد الفلسطينيون أن ماحدث لهم لم يكن أمراً عارضاً بل بسبب تابوت الرب.
  • تجمهر أهل مدينة بيت شمس اليهودية،ولم يوقروا التابوت المقدس كما ينبغي كما تأمرهم شريعة موسى النبي، بل نظروا ما بداخله، مخالفين بذلك أوامر الرب: بألا ينظر أحد التابوت غير الكهنة فضرب الرب منهم الكثيرين.
  • صعد أهل قرية يعاريم التي هي بعل يهوذا، وأصعدوا تابوت عهد 06الرب إلى بيت أبيناداب، وقدسوا (كرسوا) ابنه إليعازار للحفاظ على التابوت المقدس.
  • مكث التابوت في بيت أبيناداب، الذي تربى فيه عُزَّةُ وأخوه (حفيدي أبيناداب) حوالي سبعين عاماً.

خامساً: هل أخطاً عُزَّةُ عندما أمسك بالتابوت؟:

الواقعة بحسب نص الكتاب هي: "فَأَرْكَبُوا تَابُوتَ اللهِ عَلَى عَجَلَةٍ جَدِيدَةٍ، وَحَمَلُوهُ مِنْ بَيْتِ أَبِينَادَابَ الَّذِي فِي الأَكَمَةِ. وَكَانَ عُزَّةُ وَأَخِيُو، ابْنَا أَبِينَادَابَ يَسُوقَانِ الْعَجَلَةَ الْجَدِيدَةَ. فَأَخَذُوهَا مِنْ بَيْتِ أَبِينَادَابَ الَّذِي فِي الأَكَمَةِ مَعَ تَابُوتِ اللهِ. وَكَانَ أَخِيُو يَسِيرُ أَمَامَ التَّابُوتِ، وَدَاوُدُ وَكُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ يَلْعَبُونَ أَمَامَ الرَّبِّ بِكُلِّ أَنْوَاعِ الآلاَتِ مِنْ خَشَبِ السَّرْوِ، بِالْعِيدَانِ وَبِالرَّبَابِ وَبِالدُّفُوفِ وَبِالْجُنُوكِ وَبِالصُّنُوجِ. وَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى بَيْدَرِ نَاخُونَ مَدَّ عُزَّةُ يَدَهُ إِلَى تَابُوتِ اللهِ وَأَمْسَكَهُ، لأَنَّ الثِّيرَانَ انْشَمَصَتْ." (٢صم٦: ٣- 6).

بالتدقيق، والبحث يمكننا أن نجزم بخطأ عُزَّةُ مما يلي:

  • شهادة الكتاب القائل: "إن غضب الرب حمي على عُزَّةُ "، وليس معقولاً أن الرب غضب على عُزَّةُ دون أن يخطئ.
  • يقول الكتاب لأجل غفلهِ، وليس لأجل غفلة، وهذا يعني أنه كان يعلم أن فعله هذا ممنوع، وغير مسموح انتهاك حرمة تابوت الله تحت أي ظرف من الظروف، ولا عذر يبيح ذلك كما أشرنا سابقاً، ولكنه تغافل عن ذلك واللفظ في الترجمات الإنجليزية (his error or his temerity) يعني أخطأ أو تجاسر أو تهور.
  • من المفترض أن عُزَّةُ تعلم، واستلم من إليعازار المكلف  بحراسة تابوت الله (قد يكون أباه أو عمه) قدسية هذا التابوت وحرمته، وأنه رجع إلى أسفار موسى النبي، ودرس كل ما يتعلق بتابوت الله لأنه من سبط لاوي، وهو أقرب مايكون من تابوت الله ومن المفترض أنه خلال سنوات عمره قد سمع من أهله كيف ضرب الرب الفلسطينيين بالأمراض، وكيف أرجعوا التابوت مكرماً ومعه تقدمات، وكيف ضرب الرب أهل بيت شمس، لأنهم خالفوا وصايا الله في التعامل معه.
  • من المفترض أن يكون عُزَّةُ قد تدرب أن لا يقترب من التابوت أبداً مهما كان الأمر، حتى أصبح ذلك عقيدة تلقائية لا يمكنه نسيانها، لكن يبدو أنه قد تعود على الاستهتار، واقترب من التابوت مرات كثيرة قبل ذلك، وقد يكون إمساكه بالتابوت نوعاً من الاستعراض أمام الجمع.
  • ألم يفكر عٌزَّةُ عندما انشمصت الثيران أن هذا قد يكون غضباً من الله، خصوصاً أنه يعلم أمر البقرتين المرضعتين، اللتين وضع عليهما الفلسطينيون التابوت، وكيف تركتا رضيعيهما، وسارتا دون أي مقاومة إلى بيت شمس دون أن يميلا يساراً أو يميناً. لقد كان واجب عليه أن يوقف العربة، ولا يحاول أن يكمل المسير، لأنه بحسب نص الكتاب كان أخوه أخيو يسير أمام التابوت وهو يسوق العجلة الجديدة الحاملة للتابوت، ولكنه على ما يبدو أنه استدار للخلف ليمسك بالتابوت بدلاً من أن يتوقف. فحمي غضب الرب عليه.

أخيراً: لماذا لم يتساهل الله مع عُزًّةُ؟:

  • أولاً: لو تساهل الله ولم يأخذ موقفاً مثل هذا مع عُزَّةُ أمام هذا الجمع لكان هذا بمثابة تصريح علني من الله بانتهاك المقدسات، ومخالفة وصايا الله ونواهيه، ولضاعت حينئذ هيبة الله، وقدسية مقدساته تحت مبرر أنه تجوز المخالفة لحسن النية .
  • ثانياً: لنفترض جدلاً أن عُزَّةُ صنع ذلك بنية طيبة، لكنه كان لابد أن يموت بحسب القانون إلالهي، الذي شرعه الله بخصوص التابوت، وذلك كما يحدث عندما يموت إنسان سقط سهواً من على جبل عال بسبب قانون الجاذبية الأرضية. وفي كلتا الحالتين لن يعاقبهما الله في الأبدية، لأن ذلك كان حادثاً عرضياً، لا ذنب لهما فيه، لكنهما كانا لابد أن يموتا طبقاً لقانون الله الخالق، ولا استثناء في ذلك.