خلاص وتمتع البشر بملكوت السماوات هو بعينه مشيئة الله. لقد شهد الرب يسوع لذلك بمشاعر حب فياضة ليلة آلامه وقت العشاء الأخير قائلاً: "وَقَالَ لَهُمْ:«شَهْوَةً اشْتَهَيْتُ أَنْ آكُلَ هذَا الْفِصْحَ مَعَكُمْ قَبْلَ أَنْ أَتَأَلَّمَ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ آكُلُ مِنْهُ بَعْدُ حَتَّى يُكْمَلَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ»(لو٢٢: ١٥-16). وأكد ذلك أيضاً بقوله: "لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ." (لو١٢: ٣٢). أما قدرة الرب يسوع على الخلاص فهي معلنة بوضوح من معنى إسمه كقول الملاك ليوسف النجار قبل ولادة الرب يسوع من العذراء مريم: "فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (مت1: 21). لقد قصر الكتاب المقدس مقدرة الخلاص على الرب يسوع المسيح قائلاً: "وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أع٤: ١٢). ومع هذا يلزم إستعداد الإنسان الشخصي، وقبوله للخلاص الذي أتمه الرب يسوع، ولكن دعونا نبحث ذلك تفصيلاً فيما يلي:

أولاً: أزمنة الضيق:

  • تخيل خاطئ: يخطئ البعض بتخيله أزمنة الضيق، وكأنها أزمنة فوضوية يقف فيها الله ساكتاً، أو، بتعبير البشر "مكتوف اليدين"، بينما يَهِيجُ الشر ليُدَمِرُ دون حساب. إن هذا بالطبع لاصحة له، فالله هو الضابط الكل كقول الكتاب: "فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ" (دا 7: ١٤). إن الله هو الخالق المتحكم في خليقته، ومع أنه قد منح الحرية لخليقته العاقلة، لكنه يدير الكون بحسب مقاصده وحكمته، وصلاحه. لقد أكد معلمنا يوحنا الرائي أن ما سيفعله الأشرار في أزمنة آخر الأيام من أعمال يريدون بها الخراب والفساد ستتكامل في آخر الأمر لتصب في سياق تدبيرات الله الصالحة لخير أولاده قائلاً: "لأَنَّ اللهَ وَضَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ يَصْنَعُوا رَأْيَهُ، وَأَنْ يَصْنَعُوا رَأْيًا وَاحِدًا، وَيُعْطُوا الْوَحْشَ مُلْكَهُمْ حَتَّى تُكْمَلَ أَقْوَالُ اللهِ." (رؤ١٧: ١٧).
  • سلطان الله على أزمنة الضيق: ورغم أن الأمور آخر الأيام ستكون صعبة لكن كل الأمور في هذه الأزمنة، وتوقيتاتها تعمل تحت سلطان الله، فهو الذي سمح بها وهو المتحكم فيها، وهو الذي سينهيها وقتما شاء. لقد سبق الرب وأنبأنا بوعد لا يحتمل التأويل بأنه سيقصر الأيام لأجل المختارين قائلاً: "وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ."(مت٢٤: ٢٢).

ثانياً: خلاص شعب الله المختارين (الكنيسة) مضمون:

  • وعود الله الصادقة: سيثبت المؤمنون حسب وعد الرب لكنيسته مهما كان الشر المحيط بها حسب قوله: "وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا." (مت ١٦: ١٨).
  • الخلاص بقوة الله: حقاً الخلاص مستحيل على الإنسان الضعيف ولكنه مستطاع بقوة الرب يسوع. لقد تساءل تلاميذ الرب عن مدى صعوبة الخلاص قائلين: "...إِذًا مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟" (مت١٩: ٢٥). لكن الرب أجابهم: "هذَا عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ" (مت١٩: ٢٦).
  • الآلام اليسيرة، وتدبيرات الخلاص عظيمة: إن نعمة الله تسند المضطهدين والمتألمين في ضيقهم لتتميم خلاصهم، وهذا دون النظر لضعفنا الإنساني. لقد شهد لذلك معلمنا بطرس الرسول قائلاً: "وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُم" (١بط٥: ١٠).ْ لقد عاصر الرسول الشهداء، وعانى هو أيضاً، فسجن  وجلد بحسب شهادة سفر أعمال الرسل، ومع ذلك وصف آلام الاضطهادات بأنها يسيرة؛ لأنها وقتية ومهما طالت مدتها لا تساوي الأمجاد الأبدية. لم يعد معلمنا بطرس الرسول يخاف الآلام فيضعف، وينكر الرب كما حدث أثناء محاكمة الرب في بيت رئيس الكهنة، لكنه تأيد بقوة الروح القدس بعد حلوله على الكنيسة، فصارت الآلام يسيرة في عينيه بسبب النعمة المؤيدة له كقوله: "إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ." (١بط٤: ١٤).     

ثالثاً: الإيمان والتخويف ضدان لا يلتقيان:

  • الشدائد والضيقات حقيقة سبق وأنبأ بها الكتاب المقدس، ولكن...لا للخوف: نعم هناك ضيقات وشدائد تنتظر المؤمنينن، ولكن الكتاب المقدس يكرر مراراً وتكراراً أمره لنا بعدم الخوف، ومن أشهر هذه الشهادات قول الرب: : "وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ. " (مت١٠: ٢٨). إن الإنسان المؤمن يثق في قدرة إلهه ومحبته، وبالإيمان يرى الله بمجده حاضراً أمامه وقت الشدة، فيستهين بالشدائد؛ لأن الله في ذلك الوقت يلهب قلبه بنعمة عظيمة تفوق العقل كقول الرسول: "وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. " (في٤: ٧). هناك أمثلة في حياتنا اليومية للناس وهم يتناسون الألم من أجل هدف أسمى، فالأم تستهين بأي ألم أو ضرر في سبيل إنقاذ وليدها من الخطر، وهكذا... الجندي، والطبيب، ورجل الإطفاء، و… و… و… كل هؤلاء لا يخافون أثناء تأدية واجبهم لأنهم حريصون على شيء أسمى، ولكن إن تمكن الخوف منهم فسيفوتهم ما هوأسمى وأعظم، بل سيفرطون فيما لا يمكن أن يعوض.
  • الإيمان يطرد الخوف بعيداً عن الإنسان: لقد خاف الشهداء من الله أكثر من قاتليهم، لأنهم كانوا ينظرون وجه الله ذاته، وقد ذكر القديس إستطفانوس رؤيته للرب يسوع أثناء رجم اليهود له، وهذا كان سر ثباته، بل سر ثبات كل المضطهدين. إن علاقة المؤمنين وثقتهم في الله تثمر فيهم حباً، وإيماناً وقت الشدة، فيتمتعون بحضور الله القوي، الذي يرفعهم ويقويهم ويعزيهم ويخفف آلامهم، ويكشف ويعلن لهم عما ينتظرهم من أمجاد كقول معلمنا بطرس الرسول: "لِذلِكَ مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِينَ، فَأَلْقُوا رَجَاءَكُمْ بِالتَّمَامِ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إِلَيْكُمْ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (١بط١: ١٣).
  • الالتصاق والثقة بالله يقوي الإيمان: الغلبة أكيدة لكل المتكلين على الله، لأننا وقت الشدائد نكون في حمى الرب يسوع، الذي قال: "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» (يو١٦: ٣٣). ويمتلئ الكتاب المقدس بوعود الله الكثيرة، التي تؤكد خلاص ونصرة المؤمنين، ولكن يجب على أولاد الله  المؤمنين أن يحفظوا  تلك الوعود في قلوبهم ويذكروها على الدوام، ويحيوها، ولنا في ذلك آباء الإيمان أعظم مثال.، والذين شهد عنهم الكتاب المقدس قائلاً: "فِي الإِيمَانِ مَاتَ هؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ." (عب١١: ١٣).

رابعاً: الخوف سلاح الشيطان الشرير:

  • الخوف يُضعِف، أو يُعدِمُ الإيمان من القلب:

يستغل الشيطان الشرير ضعف البشر، فيخيفهم  لعله يرهبهم؛ فيخضعوا له، ويرتدون عن إيمانهم. لقد وضع الله في البشر مشاعر الخوف الطبيعية؛ ليحموا أنفسهم من الضرر، لكن الخوف عندما يملك القلب يصير رعباً، بل موتاً يشل قوى الإيمان، بل يشل التفكير، وقوى العقل جميعها.

  • مثال عملي: يخبرنا الكتاب عن خوف آحاز ملك يهوذا الذي ارتعب عندما أتى عليه جيش أرام، وجيش إسرائيل فأرسل الله له إشعياء؛ ليحذره؛ وليرد له إيمانه قائلاً له: "وَأُخْبِرَ بَيْتُ دَاوُدَ وَقِيلَ لَهُ: «قَدْ حَلَّتْ أَرَامُ فِي أَفْرَايِمَ». فَرَجَفَ قَلْبُهُ وَقُلُوبُ شَعْبِهِ كَرَجَفَانِ شَجَرِ الْوَعْرِ قُدَّامَ الرِّيحِ. فَقَالَ الرَّبُّ لإِشَعْيَاءَ: «اخْرُجْ لِمُلاَقَاةِ آحَازَ، ... وَقُلْ لَهُ: اِحْتَرِزْ وَاهْدَأْ. لاَ تَخَفْ وَلاَ يَضْعُفْ قَلْبُكَ ..."(إش٧: ٢- ٤). ثم حذره مبيناً له استحالة تمتعه بالأمان بدون إيمان قائلاً: "... إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا" (إش٧: ٩).
  • الخوف خطية: إن من يترك الخوف يسيطر عليه، ولا يتقوى - بالثقة في الله وطلب قوته ونعمته - يفقد إيمانه، وهذا بالطبع خطيئة؛ لأنه لم يصدق الله، ولم يتكل عليه ولهذا يحسب الكتاب المقدس الخائفين ضمن الأشرار قائلاً: "وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي» (رؤ٢١: ٨).
  • لنحذر الخوف: إن بث مثل هذه التسجيلات المرئية (videos) وترويجها يهدف لإثارة مشاعر الخوف والرعب في نفوس أولاد الله، فيرتدون عن إيمانهم بالله المحب، والحق، والقوي: الديان العادل، وبالتأكيد من ينساق ويستسلم لمثل هذه المخاوف سيفنى إيمانه.

خامساً: الاستعداد من الآن هو سبيل النجاة:

  • ضرورة الاستعداد: لقد رسم الرب ملامح خطة النجاة بحديثه وتأكيده على ضرورة الاستعداد من الآن قائلاً: "اِسْهَرُوا إِذًا وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ، لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلاً لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هذَا الْمُزْمِعِ أَنْ يَكُونَ، وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ" (لو٢١: ٣٦). وأيضاً قوله:"وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ،" (مت٢٤: ٢٠). وأيضاً قوله: "وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ:«صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ» (لو٢٢: ٤٠). إن الاستعداد من الآن ضرورة تُجنب الإنسان خطر إغلاق الباب في وجهه، وسماع تلك العبارة المميتة، والتي قيلت في مثل العذارى الحكيمات والجاهلات: "... وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ." (مت٢٥: ١٠).
  • الصلاة وقت الضيق تحرك السماء لنجدة المضطهدين: إن الصلاة تجلب قوة عظيمة تفوق الطبيعة في وقت الشدة، فالملائكة والسماء يتحركان سريعاً لنجدة المتعلقين بالله، وهذا ما حدث في البستان عندما ظهر للرب يسوع ملاك ليقويه بحسب الكتاب القائل: "وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى قَائِلاً:«يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ» (لو٢٢: ٤١-٤٢).

سادساً: التاريخ يشهد بإمكانية الخلاص من الضيقة العظمى:

لقد سجل لنا الكتاب المقدس مسبقاً صوراً لخلاص الله في أزمنة ضيق شديدة كان يظن وقتها عدم إمكانية النجاة منها نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:

  • خلاص بني إسرائيل من قسوة فرعون الشديدة: لقد اضطهد فرعون شعب إسرائيل، وأمرهم أن ينبذوا أولادهم ويخرجوهم للقتل كقول الكتاب: "فَاحْتَالَ هذَا عَلَى جِنْسِنَا وَأَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا، حَتَّى جَعَلُوا أَطْفَالَهُمْ مَنْبُوذِينَ لِكَيْ لاَ يَعِيشُوا.". (أع٧: ١٩). ولكن الله ضرب فرعون المتجبر بعشر ضربات إلى أن اضطر أن يطلق الشعب، وعندما زاد من تجبره وأراد اللحاق بهم خلص الله شعبه بشقه البحرالأحمر ليعبروا على أرض يابسة في قاع البحر.أما فرعون وجنوده فغرقوا في قاع البحر.
  • خلاص الله لشعبه من يد الفلسطينيين: خلص الرب شعبه من قساوة وذل الفلسطينيين، وقائدهم الجبار جليات المحتمي بعدته الحربية، وذلك بيد داود الفتى الصغير الممسك بمقلاع وخمس حصوات ملساء، والمؤيد بقوة رب الجنود، الذي صرخ بإيمان في وجه الجبارقائلاً: "فَقَالَ دَاوُدُ لِلْفِلِسْطِينِيِّ: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ. هذَا الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي،... فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ لإِسْرَائِيلَ. " (١صم١٧: ٤٥- ٤٦).
  • الخلاص من جيش مملكة آشور: خلص إسرائيل من رئيس جيش آشور؛ حيث قتل ملاك الرب منهم في ليلة واحدة ١٨٥ ألف.
  • الخلاص من إحدى عشر أمة مجتمعة على شعب الله: عدًّد المرنم في سفر المزامير إحدى عشر أمة مجتمعة على شعب الله بل، على الله ذاته قائلاً: "لأَنَّهُمْ تَآمَرُوا بِالْقَلْبِ مَعًا. عَلَيْكَ تَعَاهَدُوا عَهْدًا. خِيَامُ أَدُومَ وَالإِسْمَاعِيلِيِّينَ، مُوآبُ وَالْهَاجَرِيُّونَ. جِبَالُ وَعَمُّونُ وَعَمَالِيقُ، فَلَسْطِينُ مَعَ سُكَّانِ صُورٍ. أَشُّورُ أَيْضًا اتَّفَقَ مَعَهُمْ. صَارُوا ذِرَاعًا لِبَنِي لُوطٍ. سِلاَهْ" (مز٨٣: ٥- ٨). ومع هذا لم يرتعب المرنم، بل تشدد لأنه، عاد بذاكرته لعمل الله ونصرته على المديانيين بيد جدعون، ونصرته على سيسرا، الذي حارب شعب الله الأعزل بتسعمائة مركبة حديدية، ولكنه انهزم بيد باراق ودبورة، ولهذا طلب المرنم تدخل الله بإيمان قائلاً: "اِفْعَلْ بِهِمْ كَمَا بِمِدْيَانَ، كَمَا بِسِيسَرَا، كَمَا بِيَابِينَ فِي وَادِي قِيشُونَ. بَادُوا فِي عَيْنِ دُورٍ. صَارُوا دِمَنًا لِلأَرْضِ. اجْعَلْهُمْ، شُرَفَاءَهُمْ مِثْلَ غُرَابٍ، وَمِثْلَ ذِئْبٍ. وَمِثْلَ زَبَحَ، وَمِثْلَ صَلْمُنَّاعَ كُلَّ أُمَرَائِهِمُ…" (مز٨٣: ٩- ١٢). وما أكثرالأمثلة.

سابعاً: معونة السماء في أزمنة الضيق:

  • قوة الله الفائقة تحفظ المؤمنين: وصف سفر الرؤيا شدة قوة الله المعطاة للكنيسة لحفظها في أزمنة الضيق قائلاً: "فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ."(رؤ١٢: ١٤). ومعروف  قوة جناحي النسر، والتي تمكنه من اختطاف، وحمل الأشياء الثقيلة والطيران بها بعيداً دون تعب. لقد أكد الرب نفس المعنى في النص السابق بقوله: "موضعها حيث تعال…"
  • مساندة الملائكة لشعب الله في أزمنة الضيق: تخصص السماء قواتها وعلى رأسهم رئيس الملائكة الجليل ميخائيل لنجدة، ومعونة المؤمنينن في أوقات الضيق بحسب وعد الله لدانيال النبي القائل: "وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ، وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيق لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ، كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوبًا فِي السِّفْرِ." (دا١٢: ١).
  • قوة الله تشهد للمؤمنين لئلا يخوروا: الله يقيم له شهوداً عظماء من بني البشر؛ ليشهدوا وليشددوا المؤمنين في جهادهم. ولهذا يزداد الإيمان ويتقوى وقت الضيق، وذلك على عكس المتوقع. فمثلاً يخبرنا سفر الرؤيا عن شهادة عظيمة لنبيين يصفهما قائلاً: "هذَانِ هُمَا الزَّيْتُونَتَانِ وَالْمَنَارَتَانِ الْقَائِمَتَانِ أَمَامَ رَبِّ الأَرْضِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ فَمِهِمَا وَتَأْكُلُ أَعْدَاءَهُمَا. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، فَهكَذَا لاَ بُدَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ. هذَانِ لَهُمَا السُّلْطَانُ أَنْ يُغْلِقَا السَّمَاءَ حَتَّى لاَ تُمْطِرَ مَطَرًا فِي أَيَّامِ نُبُوَّتِهِمَا، وَلَهُمَا سُلْطَانٌ عَلَى الْمِيَاهِ أَنْ يُحَوِّلاَهَا إِلَى دَمٍ، وَأَنْ يَضْرِبَا الأَرْضَ بِكُلِّ ضَرْبَةٍ كُلَّمَا أَرَادَا." (رؤ١١: ٤- ٦). وبالطبع ستكون قوتهما روحية، وليست جسدية.
  • تأثر الله لضيقنا وتدخله: لقد أكد النبي إشعياء إيمانه بحقيقة حضور الرب بملائكته وقت الضيق ليخلص أحباءهم قائلاً: "فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ.(إش٦٣: ٩)

أخيراً:20

الذين سيخلصون هم الذين يستعدون على الدوام، وهم أيضاً المتًّكلون على الرب، والمتعلقون به. أما الآن فعلينا كمؤمنين ألا نلتفت بشغف لمثل هذه الأخبار، التي تهدف لإخافة المؤمنين، وأيضاً ألا نشيعها، بل علينا أن نتذكر قوة خلاص الله، ووعوده لنتقوى بالإيمان، واثقين في قدرة الرب وبأسه، وحبه غير المحدود.