الإصحاح الرابع

 

 

هو دعوة للطاعة, وهو الربط بين القسم الأول أى سرد تاريخ الله معهم وعمله معهم, والقسم الثانى وهو مراجعة الشريعة. ففى القسم الأول يعلمهم الطاعة وفى الثانى يعلمهم ما هى الوصايا الإلهية التى يجب أن يطيعونها. وسرد التاريخ معهم يدفعهم أولاً لأن يشكروا الله ولأن يذكروا إحساناته عليهم. لأن النسيان يدفع الإنسان لأن يتذمر ويتمرد عند أول ضيقة تقابله, وأما لو تذكر الإنسان أعمال الله وشكره وسبّحه فهذا ينزع الشكوك التى يزرعها الشيطان فيه بأن الله تركه وأهمله. لذلك فهذا الأسلوب (الشكر وتذكار إحسانات الله) يقود الإنسان لطاعة الله والتسليم لهُ وهذا يجلب بركات الله على الإنسان

 

آية (1):- " 1«فَالآنَ يَا إِسْرَائِيلُ اسْمَعِ الْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ الَّتِي أَنَا أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْمَلُوهَا، لِكَيْ تَحْيَوْا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا الأَرْضَ الَّتِي الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكُمْ يُعْطِيكُمْ."

إسمع... لتعملوها.. لكى تحيوا وتدخلوا وتمتلكوا = كلمات من خصائص السفر

 ومن يسمع الوصية يدخل أرض الميعاد. فالآن = بناء على ما سرده موسى من أعمال الله يطلب منهم طاعة الوصايا.

لكى تحيوا = فكلمة الرب فيها حياة. وهذه الحياة تتضمن الحياة الروحية أى تكونون قديسين والحياة المادية أى بركة الرب لشعبه فى هذا العالم والحياة الأبدية فى أرض الأحياء.

 

آية (2):- " 2لاَ تَزِيدُوا عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلاَ تُنَقِّصُوا مِنْهُ، لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا."

قارن مع (مت18،17:5 + رؤ 19،18:22)

 

الأيات (3-5):-" 3أَعْيُنُكُمْ قَدْ أَبْصَرَتْ مَا فَعَلَهُ الرَّبُّ بِبَعْلَ فَغُورَ. إِنَّ كُلَّ مَنْ ذَهَبَ وَرَاءَ بَعْلَ فَغُورَ أَبَادَهُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ وَسَطِكُمْ، 4وَأَمَّا أَنْتُمُ الْمُلْتَصِقُونَ بِالرَّبِّ إِلهِكُمْ فَجَمِيعُكُمْ أَحْيَاءٌ الْيَوْمَ. 5اُنْظُرْ. قَدْ عَلَّمْتُكُمْ فَرَائِضَ وَأَحْكَامًا كَمَا أَمَرَنِي الرَّبُّ إِلهِي، لِكَيْ تَعْمَلُوا هكَذَا فِي الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمْ دَاخِلُونَ إِلَيْهَا لِكَيْ تَمْتَلِكُوهَا."

من يذهب وراء شهواته تاركاً الله فنصيبه الموت والهلاك

 

آية (6):- " 6فَاحْفَظُوا وَاعْمَلُوا. لأَنَّ ذلِكَ حِكْمَتُكُمْ وَفِطْنَتُكُمْ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كُلَّ هذِهِ الْفَرَائِضِ، فَيَقُولُونَ: هذَا الشَّعْبُ الْعَظِيمُ إِنَّمَا هُوَ شَعْبٌ حَكِيمٌ وَفَطِنٌ."

فأحفظوا وأعملوا... لأن ذلك حكمتكم = فكلمة الله تُعطى من يحفظونها ويتمسكون بها حكمة ومعرفة (مز 130:119). وكلمة الله تُهذب حياتهم فتكون أقوالهم رزينة وكلمة الله تُضفى عليهم مهابة ووقار وتجعل الناس يشهدون لهم. فمن يحفظ الوصايا ويعظِّمها تُعظِّمه هذه الوصايا فى أعيُن الآخرين ومخافة الرب هى الحكمة. وسيرى الناس حكمتهم ويَعلموا أن سِر هذه الحكمة شريعتهم وسيعلموا أن من عَبَد الأوثان ذهبت حكمته. ولاحظ فى آية (8) أن عظمة الشعب راجعة لوجود الشريعة.

 

آية (7):- " 7لأَنَّهُ أَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لَهُ آلِهَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْهُ كَالرَّبِّ إِلهِنَا فِي كُلِّ أَدْعِيَتِنَا إِلَيْهِ؟"

شعبنا عظيم لأن إلهه وسطه ويستمع إليه ويستجيب لدعائه = فى كل أدعيتنا إليه

 

الأيات (8-9):-" 8وَأَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لَهُ فَرَائِضُ وَأَحْكَامٌ عَادِلَةٌ مِثْلُ كُلِّ هذِهِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَنَا وَاضِعٌ أَمَامَكُمُ الْيَوْمَ؟9«إِنَّمَا احْتَرِزْ وَاحفَظْ نَفْسَكَ جِدًّا لِئَلاَّ تَنْسَى الأُمُورَ الَّتِي أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ، وَلِئَلاَّ تَزُولَ مِنْ قَلْبِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَعَلِّمْهَا أَوْلاَدَكَ وَأَوْلاَدَ أَوْلاَدِكَ."

الوصايا ليست ثِقَل على الشعب بل هى سر عظمته، ومن يُنفذها يُدرك وجود

الله آية (7)

آية (10):- " 10فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَقَفْتَ فِيهِ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ حِينَ قَالَ لِي الرَّبُّ: اجْمَعْ لِي الشَّعْبَ فَأُسْمِعَهُمْ كَلاَمِي، لِيَتَعَلَّمُوا أَنْ يَخَافُونِي كُلَّ الأَيَّامِ الَّتِي هُمْ فِيهَا أَحْيَاءٌ عَلَى الأَرْضِ، وَيُعَلِّمُوا أَوْلاَدَهُمْ."

موسى يُكلمهم هنا عن أعظم أيام حياتهم حين كانوا فى حوريب وأعطاهم الله الوصايا.

 

الأيات (11-12):-" 11فَتَقَدَّمْتُمْ وَوَقَفْتُمْ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ، وَالْجَبَلُ يَضْطَرِمُ بِالنَّارِ إِلَى كَبِدِ السَّمَاءِ، بِظَلاَمٍ وَسَحَابٍ وَضَبَابٍ. 12فَكَلَّمَكُمُ الرَّبُّ مِنْ وَسَطِ النَّارِ وَأَنْتُمْ سَامِعُونَ صَوْتَ كَلاَمٍ، وَلكِنْ لَمْ تَرَوْا صُورَةً بَلْ صَوْتًا. "

هم سمعوا الصوت ولم يروا الله فلا يستطيع إنسان أن يرى الله ويعيش.

ونلاحظ ان موسى يركز على أنهم لم يروا الله حتى لا يصنعوا لهُ تمثالاً يعبدوه

 

الأيات (13-14):-" 13وَأَخْبَرَكُمْ بِعَهْدِهِ الَّذِي أَمَرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِ، الْكَلِمَاتِ الْعَشَرِ، وَكَتَبَهُ عَلَى لَوْحَيْ حَجَرٍ. 14وَإِيَّايَ أَمَرَ الرَّبُّ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ فَرَائِضَ وَأَحْكَامًا لِكَيْ تَعْمَلُوهَا فِي الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا."

العهد هنا هو شريعة الرب عموماً والوصايا العشر بصفة خاصة.

 

آية (15):- " 15«فَاحْتَفِظُوا جِدًّا لأَنْفُسِكُمْ. فَإِنَّكُمْ لَمْ تَرَوْا صُورَةً مَّا يَوْمَ كَلَّمَكُمُ الرَّبُّ فِي حُورِيبَ مِنْ وَسَطِ النَّارِ. "

الله كلم الشعب من وسط النار وكلم موسى فى العليقة وسط النار وحل على التلاميذ على هيئة السنة نار ومازال بروحه النارى يعمل فى قلوب شعبه وفى الخدمة

 

آية (16):- " 16لِئَلاَّ تَفْسُدُوا وَتَعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، صُورَةَ مِثَال مَّا، شِبْهَ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى،"

فى كنيستنا لا نعمل الصور لنعبدها بل لنقتدى بفضائل أصحابها ولتكريمهم

الأيات (17-19):-" 17شِبْهَ بَهِيمَةٍ مَّا مِمَّا عَلَى الأَرْضِ، شِبْهَ طَيْرٍ مَّا ذِي جَنَاحٍ مِمَّا يَطِيرُ فِي السَّمَاءِ، 18شِبْهَ دَبِيبٍ مَّا عَلَى الأَرْضِ، شِبْهَ سَمَكٍ مَّا مِمَّا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. 19وَلِئَلاَّ تَرْفَعَ عَيْنَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ، وَتَنْظُرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ، كُلَّ جُنْدِ السَّمَاءِ الَّتِي قَسَمَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّتِي تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ، فَتَغْتَرَّ وَتَسْجُدَ لَهَا وَتَعْبُدَهَا."

عجيب أن ينحدر الإنسان فى الشعوب الوثنية إلى أن يعبد البهائم والنجوم التى خلقها الله لخدمته. والله يحذر الشعب هنا خصوصاً أنهم سبق وعبدوا العجل الذهبى.

واليوم العبادة الوثنية هى أن يأخذ أى شىء المركز الأول فى القلب غير الله

 

آية (20):- " 20وَأَنْتُمْ قَدْ أَخَذَكُمُ الرَّبُّ وَأَخْرَجَكُمْ مِنْ كُورِ الْحَدِيدِ مِنْ مِصْرَ، لِكَيْ تَكُونُوا لَهُ شَعْبَ مِيرَاثٍ كَمَا فِي هذَا الْيَوْمِ."

كور الحديد = أى الفرن الذى يصهر فيه الحديد. وهذا تشبيه لعبودية الشعب فى مصر وانهم تحملوا مشقات كما يتحمل الحديد نار الفرن

تكونوا لهُ شعب ميراث = أ- بإقتنائه لكم صرتم شعب ميراث.

    ب- أعطاكم الأرض ميراث لكم ولأبنائكم

                         ج- الله نفسه صار لكم نصيباً وميراثاً (مز24:31).

 

الأيات (21-23):-" 21وَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَيَّ بِسَبَبِكُمْ، وَأَقْسَمَ إِنِّي لاَ أَعْبُرُ الأُرْدُنَّ وَلاَ أَدْخُلُ الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ الَّتِي الرَّبُّ إِلهُكَ يُعْطِيكَ نَصِيبًا. 22فَأَمُوتُ أَنَا فِي هذِهِ الأَرْضِ، لاَ أَعْبُرُ الأُرْدُنَّ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْبُرُونَ وَتَمْتَلِكُونَ تِلْكَ الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ. 23اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَنْسَوْا عَهْدَ الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّذِي قَطَعَهُ مَعَكُمْ، وَتَصْنَعُوا لأَنْفُسِكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، صُورَةَ كُلِّ مَا نَهَاكَ عَنْهُ الرَّبُّ إِلهُكَ."

هذا التكرار يعبر عن ألم موسى لحرمانه وتحذيراً للشعب حتى لا يعصوا الله

 

آية (24):- " 24لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ نَارٌ آكِلَةٌ، إِلهٌ غَيُورٌ."

الهنا نار آكلة = هو شديد الغيرة على مجده وعلى شعبه وشديد الإنتقام من أعدائه ومقاوميه ويبيدهم وناره تحرق الخطية من قلوب شعبه وهو إله غيور لا يقبل أن شعبه يعبد سواه فهو كالزوج الذى يرفض أن تحب زوجته غيره. إلهنا هو نار تقابل معه موسى فإمتلأ قلبه حباً ووجهه إمتلأ مجداً وتقابل معه  قورح وداثان فهلكوا وإحترقوا بها.

 

آية (25):- " 25«إِذَا وَلَدْتُمْ أَوْلاَدًا وَأَوْلاَدَ أوْلادٍ، وَأَطَلْتُمُ الزَّمَانَ فِي الأَرْضِ، وَفَسَدْتُمْ وَصَنَعْتُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا صُورَةَ شَيْءٍ مَّا، وَفَعَلْتُمُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ لإِغَاظَتِهِ،"

موسى يحذر شعبه أنهم بعد ان يستريحوا فى الأرض ينسون أن الله هو الذى أخرجهم ومن ثم تفسد حياتهم. عجيب أن حياة النعيم تقود الإنسان للفساد بدل الشكر.

 

آية (26):- " 26أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ أَنَّكُمْ تَبِيدُونَ سَرِيعًا عَنِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ الأُرْدُنَّ إِلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا. لاَ تُطِيلُونَ الأَيَّامَ عَلَيْهَا، بَلْ تَهْلِكُونَ لاَ مَحَالَةَ."

السماء = هم سكان السماء من الملائكة وأرواح الصديقين. والأرض = أى كل المخلوقات. ولقد رأى العالم كله تأديب إسرائيل على شرورها وعرفوا عدالة الله.

 

آية (27):- " 27وَيُبَدِّدُكُمُ الرَّبُّ فِي الشُّعُوبِ، فَتَبْقَوْنَ عَدَدًا قَلِيلاً بَيْنَ الأُمَمِ الَّتِي يَسُوقُكُمُ الرَّبُّ إِلَيْهَا."

تشتيتهم تم على يد أشور ثم بابل ثم نهائياً على يد الرومان

 

آية (28):- " 28وَتَصْنَعُونَ هُنَاكَ آلِهَةً صَنْعَةَ أَيْدِي النَّاسِ مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ مِمَّا لاَ يُبْصِرُ وَلاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشُمُّ."

حينما يذهبون لهذه البلاد البعيدة سوف يقلدونهم فى وثنيتهم.

 

آية (29):- "  29ثُمَّ إِنْ طَلَبْتَ مِنْ هُنَاكَ الرَّبَّ إِلهَكَ تَجِدْهُ إِذَا الْتَمَسْتَهُ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ."

بعد إنذارهم بالتشتيت، ها هو يفتح لهم باب التوبة والرجاء. بكل نفسك = تكريس المشاعر لله

 

آية (30):- "30عِنْدَمَا ضُيِّقَ عَلَيْكَ وَأَصَابَتْكَ كُلُّ هذِهِ الأُمُورِ فِي آخِرِ الأَيَّامِ، تَرْجعُ إِلَى الرَّبِّ إِلهِكَ وَتَسْمَعُ لِقَوْلِهِ، "

فى آخر الأيام = أ- أى بعد أن يتمادوا فى شرورهم ويبدأ الله فى العقاب

                    ب- فى نهاية العالم تعود البقية إلى المسيح ويؤمنوا بالمسيحية.

 

آية (31):- " 31لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ رَحِيمٌ، لاَ يَتْرُكُكَ وَلاَ يُهْلِكُكَ وَلاَ يَنْسَى عَهْدَ آبَائِكَ الَّذِي أَقْسَمَ لَهُمْ عَلَيْهِ."

وعد كريم من الله أنهم لو رجعوا سوف يقبلهم

 

الأيات (32-40):-" 32«فَاسْأَلْ عَنِ الأَيَّامِ الأُولَى الَّتِي كَانَتْ قَبْلَكَ، مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي خَلَقَ اللهُ فِيهِ الإِنْسَانَ عَلَى الأَرْضِ، وَمِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاءِ إِلَى أَقْصَائِهَا. هَلْ جَرَى مِثْلُ هذَا الأَمْرِ الْعَظِيمِ، أَوْ هَلْ سُمِعَ نَظِيرُهُ؟33هَلْ سَمِعَ شَعْبٌ صَوْتَ اللهِ يَتَكَلَّمُ مِنْ وَسَطِ النَّارِ كَمَا سَمِعْتَ أَنْتَ، وَعَاشَ؟ 34أَوْ هَلْ شَرَعَ اللهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا مِنْ وَسَطِ شَعْبٍ، بِتَجَارِبَ وَآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَحَرْبٍ وَيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ رَفِيعَةٍ وَمَخَاوِفَ عَظِيمَةٍ، مِثْلَ كُلِّ مَا فَعَلَ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ فِي مِصْرَ أَمَامَ أَعْيُنِكُمْ؟ 35إِنَّكَ قَدْ أُرِيتَ لِتَعْلَمَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الإِلهُ. لَيْسَ آخَرَ سِوَاهُ. 36مِنَ السَّمَاءِ أَسْمَعَكَ صَوْتَهُ لِيُنْذِرَكَ، وَعَلَى الأَرْضِ أَرَاكَ نَارَهُ الْعَظِيمَةَ، وَسَمِعْتَ كَلاَمَهُ مِنْ وَسَطِ النَّارِ. 37وَلأَجْلِ أَنَّهُ أَحَبَّ آبَاءَكَ وَاخْتَارَ نَسْلَهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ، أَخْرَجَكَ بِحَضْرَتِهِ بِقُوَّتِهِ الْعَظِيمَةِ مِنْ مِصْرَ، 38لِكَيْ يَطْرُدَ مِنْ أَمَامِكَ شُعُوبًا أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ، وَيَأْتِيَ بِكَ وَيُعْطِيَكَ أَرْضَهُمْ نَصِيبًا كَمَا فِي هذَا الْيَوْمِ. 39فَاعْلَمِ الْيَوْمَ وَرَدِّدْ فِي قَلْبِكَ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الإِلهُ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَعَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ. لَيْسَ سِوَاهُ. 40وَاحْفَظْ فَرَائِضَهُ وَوَصَايَاهُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ لِكَيْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ وَإِلَى أَوْلاَدِكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَلِكَيْ تُطِيلَ أَيَّامَكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي الرَّبُّ إِلهُكَ يُعْطِيكَ إِلَى الأَبَدِ»."

كثيراً ما يلجأ الإنسان للتاريخ لكى يبرهن على حقيقة ما. وهنا موسى يفعل نفس الشىء ليُبرهن على محبة الله العجيبة لهذا الشعب حتى لا يترك الشعب الله بعد ذلك. وفى (34) مخاوف عظيمة = أى الأمور المُرعبة الكثيرة التى أجراها الرب فى المصريين. وفى (35). الله أراهم كل هذا ليؤمنوا. وفى (36) ظهور نار الله على الأرض إشارة للتجسد الذى سوف يحدث. وفى (37) أحب = باليونانية جاءت الكلمة أغابو أى محبة دون مقابل أو محبة ممنوحة كنعمة تُمنح دون وجود ميزة فى المحبوب. ( هو سفر الحب بين الله وشعبه) ولقد إختار الله هذا الشعب أ- محبة مجانية (كالتى ظهرت فى تجسده وفداءه) ب- لمحبته لأبائهم  ج- لأجل وعوده للأباء د- لأجل شرور الشعوب الوثنية المحيطة. وفى (40) إلى الأبد أى إلى أجيال طويلة جداً ما دامت أمتهم قائمة وماداموا سالكين فى طريق الرب.

 

الأيات (41-43):-" 41حِينَئِذٍ أَفْرَزَ مُوسَى ثَلاَثَ مُدُنٍ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ نَحْوَ شُرُوقِ الشَّمْسِ 42لِكَيْ يَهْرُبَ إِلَيْهَا الْقَاتِلُ الَّذِي يَقْتُلُ صَاحِبَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ. يَهْرُبُ إِلَى إِحْدَى تِلْكَ الْمُدُنِ فَيَحْيَا. 43بَاصِرَ فِي الْبَرِّيَّةِ فِي أَرْضِ السَّهْلِ لِلرَّأُوبَيْنِيِّينَ، وَرَامُوتَ فِي جِلْعَادَ لِلْجَادِيِّينَ، وَجُولاَنَ فِي بَاشَانَ لِلْمَنَسِّيِّينَ."

كان الرب قد امر موسى بتحديد 6 مدن للملجأ 3 شرق الأردن و3 آخرين غربه لكى يهرب إليها القاتل غير المتعمد. ولكن لماذا يرد هذا الخبر هنا بعد أيات المحبة، محبة المسيح. هذا للإشارة لأن هناك رجاء فى المسيح الذى يعيننا. وهذه الآية أتت بعد الآيات التى تحذرنا من عدم الخضوع للوصية لتعطينا رجاء أنه فى حالة الفشل فهناك ملجأ نحتمى فيه ونلاحظ أن موسى يحدد مدن للملجأ للسبطين ونصف فمع انهم إختاروا لأنفسهم إلا أن الله لا يحرمهم من هذا الإمتياز.

 

آية (44):- " 44وَهذِهِ هِيَ الشَّرِيعَةُ الَّتِي وَضَعَهَا مُوسَى أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. "

تُعتبر هذه الآية وإلى آخر الإصحاح مقدمة للعظة الثانية لموسى

 

آية (45):- " 45هذِهِ هِيَ الشَّهَادَاتُ وَالْفَرَائِضُ وَالأَحْكَامُ الَّتِي كَلَّمَ بِهَا مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ"

شهادات = يقصد بها أقوال الله عامة وفى مقدمتها الوصايا العشر. وتسمى شهادة فهى شهادة على أن الإنسان عمل بها أو لم يعمل وهى شهادة حب وأن الله أعطاها للبشر ليحيوا  ولا يموتوا

 

الأيات (46-47):-" 46فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ فِي الْجِوَاءِ مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ، فِي أَرْضِ سِيحُونَ مَلِكِ الأَمُورِيِّينَ الَّذِي كَانَ سَاكِنًا فِي حَشْبُونَ، الَّذِي ضَرَبَهُ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيلَ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ 47وَامْتَلَكُوا أَرْضَهُ وَأَرْضَ عُوجٍ مَلِكِ بَاشَانَ، مَلِكَيِ الأَمُورِيِّينَ، اللَّذَيْنِ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ نَحْوَ شُرُوقِ الشَّمْسِ."

تحديد بيت فغور يزيد شدة التحذير

 

الأيات (48-49):-" 48مِنْ عَرُوعِيرَ الَّتِي عَلَى حَافَةِ وَادِي أَرْنُونَ إِلَى جَبَلِ سِيئُونَ الَّذِي هُوَ حَرْمُونُ 49وَكُلَّ الْعَرَبَةِ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ نَحْوَ الشُّرُوقِ إِلَى بَحْرِ الْعَرَبَةِ تَحْتَ سُفُوحِ الْفِسْجَةِ."

إلى جبل سيئون أى جبل الأنوار. ولاحظ التضاد بين بيت فغور أى بيت الفجور وجبل الأنوار. هذه تشير للفرق بين من يطيع الوصية ومن يرفضها.

إذاً تحديد هذه الأماكن مهم رمزياً حين يتحدث موسى عن طاعة الشريعة.