الإصحاح الحادى والعشرون

 

 

آية (1):- " 1«إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا وَاقِعًا فِي الْحَقْلِ، لاَ يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ، "  

بعد الخطية صارت البشرية كقتيل.. وكان لزاماً حتى يزول هذا الإثم أن يكسر جسد دون أن تكسر عظامه بل يسيل دمه... هذا هو يسوع البار. وهذا مفهوم هذه الشريعة

 

آية (2):- " 2يَخْرُجُ شُيُوخُكَ وَقُضَاتُكَ وَيَقِيسُونَ إِلَى الْمُدُنِ الَّتِي حَوْلَ الْقَتِيلِ."

لأن القاتل غالباً يسكن فى أقرب مدينة لمكان القتيل. فأهل هذه المدينة هم المُكلفون بالقيام بالطقوس الآتية إذا لم يتمكنوا من معرفة القاتل. وكان المسيح هو الأقرب لنا ليقوم بدور الفداء.

 

آية (3):- " 3فَالْمَدِينَةُ الْقُرْبَى مِنَ الْقَتِيلِ، يَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ عِجْلَةً مِنَ الْبَقَرِ لَمْ يُحْرَثْ عَلَيْهَا، لَمْ تَجُرَّ بِالنِّيرِ."

لم تجر بالنير = أى لم تتدرب على عمل ما من أعمال الزراعة مثل الحرث وغيره ولم يعل عنقها نير وهو الخشبة المستعرضة التى توضع على عنق الحيوان الذى يجر المحراث أو النورج أو يدير الساقية. وهذه ترمز للمسيح الذى لم يسقط تحت عبودية أى خطية.

 

آية (4):- " 4وَيَنْحَدِرُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ بِالْعِجْلَةِ إِلَى وَادٍ دَائِمِ السَّيَلاَنِ لَمْ يُحْرَثْ فِيهِ وَلَمْ يُزْرَعْ، وَيَكْسِرُونَ عُنُقَ الْعِجْلَةِ فِي الْوَادِي."

وادى دائم السيلان = معناه منحدر مائى بين أرض صخرية مثل شلال. والوادى يكون قفراً،

 أرض بور = لم يحرث فيه ولم يزرع = هذه هى حياتنا التى كانت بلا ثمر بسبب الخطية.

وذهاب العجلة إلى الأرض البور هو إشارة لمجىء المسيح لأرضنا أو لحياتنا غير المثمرة.

كيف يفهم اليهود هذا الطقس؟ البقرة تشير للقاتل ولأنه لم يوضع عليه نير فهو إنسان غير ملتزم بالناموس وغير خاضع له. ونفس المعنى فى الوادى غير المُثمر. والماء الجارى يشير إلى غسل الخطية ومحوها وإزالتها عن أهل المدينة الذين إعترفوا أمام الرب طالبين المغفرة وقتل الذبيحة إعلان بأن القاتل يستوجب هذا العقاب وأن موتها تكفير عن حياة شعب المدينة حتى لا يتعرضوا لغضب الله.

ولاحظ إختلاط الماء الجارى بدم العجلة المسفوك (= خرج من جنبه دم وماء) وأن الماء دائم السيلان لأن الروح القدس منسكب على الكنيسة دائماً بلا إنقطاع

 

آية (5):- " 5ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الْكَهَنَةُ بَنُو لاَوِي، لأَنَّهُ إِيَّاهُمُ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِاسْمِ الرَّبِّ، وَحَسَبَ قَوْلِهِمْ تَكُونُ كُلُّ خُصُومَةٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ،"

بعد ذبيحة المسيح وبعمل الروح المنسكب يكون هناك خدمة كهنوتية للتطهير من الخطايا.

 

آية (6):- " 6وَيَغْسِلُ جَمِيعُ شُيُوخِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الْقَرِيبِينَ مِنَ الْقَتِيلِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْعِجْلَةِ الْمَكْسُورَةِ الْعُنُقُ فِي الْوَادِي،  "

غسل الأيادى علامة أنهم أبرياء من دم القتيل. لكن غسلها على العجلة (دم وماء) إشارة للتطهير بدم المسيح وبعمل المعمودية ثم التوبة

 

آية (7):- " 7وَيُصَرِّحُونَ وَيَقُولُونَ: أَيْدِينَا لَمْ تَسْفِكْ هذَا الدَّمَ، وَأَعْيُنُنَا لَمْ تُبْصِرْ."

كان من الصعب أن يفعل الشيوخ هذا وهم يعرفون القاتل.

الأيات (8-9):-" 8اِغْفِرْ لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الَّذِي فَدَيْتَ يَا رَبُّ، وَلاَ تَجْعَلْ دَمَ بَرِيءٍ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ. فَيُغْفَرُ لَهُمُ الدَّمُ. 9فَتَنْزعُ الدَّمَ الْبَرِيءَ مِنْ وَسَطِكَ إِذَا عَمِلْتَ الصَّالِحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ."

الذى فديت = أى الذى خلصته من عبودية فرعون

 

آية (10):- " 10«إِذَا خَرَجْتَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ، وَسَبَيْتَ مِنْهُمْ سَبْيًا،"

نجد هنا إهتمام الله بمعاملة السبايا معاملة إنسانية، وهذا بخصوص الشعوب غير المحرمة.

 

آية (11):- " 11وَرَأَيْتَ فِي السَّبْيِ امْرَأَةً جَمِيلَةَ الصُّورَةِ، وَالْتَصَقْتَ بِهَا وَاتَّخَذْتَهَا لَكَ زَوْجَةً،  "

لقساوة قلوبهم سمح الله بهذا فأن يتزوجوا خير من أن يزنوا مع السبايا فيجلبوا عليهم السخط الإلهى. ولكن عليه أن  يراعى إنسانيتها ويعاملها كزوجة

 

الأيات (12-13):-" 12فَحِينَ تُدْخِلُهَا إِلَى بَيْتِكَ تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا 13وَتَنْزِعُ ثِيَابَ سَبْيِهَا عَنْهَا، وَتَقْعُدُ فِي بَيْتِكَ وَتَبْكِي أَبَاهَا وَأُمَّهَا شَهْرًا مِنَ الزَّمَانِ، ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ تَدْخُلُ عَلَيْهَا وَتَتَزَوَّجُ بِهَا، فَتَكُونُ لَكَ زَوْجَةً."

حلق الرأس وتقليم الأظافر كانا من مظاهر الحزن والحداد فيعطيها فرصة أن تحزن على أبويها وأسرتها. ونزع ثياب السبى حتى تصبح كإمرأة مكرمة. وتظل فى فترة حزن شهر من الزمان ثم يتزوجها. وفى خلال هذا الشهر تتعرف على شريعة الله وعادات وتقاليد الشعب وهى فترة خطبة تتعرف على هذا الزوج الذى سترتبط به وحتى لا يتزوجها الرجل فجأة كما لو كانت شهوة حيوانية وإزالة معالم جمالها (شعر وأظافر) هو لتهذيب شهوته ناحيتها.

آية (14):- " 14وَإِنْ لَمْ تُسَرَّ بِهَا فَأَطْلِقْهَا لِنَفْسِهَا. لاَ تَبِعْهَا بَيْعًا بِفِضَّةٍ، وَلاَ تَسْتَرِقَّهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَذْلَلْتَهَا."

إذا أراد أن يتركها لا يبيعها كأمة بل يطلقها حرة. لأنك أذللتها = أفقدتها عذريتها

 

الأيات (15-16):-" 15«إِذَا كَانَ لِرَجُل امْرَأَتَانِ، إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ، فَوَلَدَتَا لَهُ بَنِينَ، الْمَحْبُوبَةُ وَالْمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الابْنُ الْبِكْرُ لِلْمَكْرُوهَةِ، 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لَهُ، لاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ الْمَحْبُوبَةِ بِكْرًا عَلَى ابْنِ الْمَكْرُوهَةِ الْبِكْرِ، "

على الأب أن لا يظلم أحد أبنائه لأنه إبن إمرأة غير محبوبة.

 

آية (17):- " 17بَلْ يَعْرِفُ ابْنَ الْمَكْرُوهَةِ بِكْرًا لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ، لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لَهُ حَقُّ الْبَكُورِيَّةِ."

البكر له نصيب ضعف أى أحد من إخوته (وإليشع بهذا طلب نصيب البكر روحياً)

 

آية (18):- " 18«إِذَا كَانَ لِرَجُل ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلاَ لِقَوْلِ أُمِّهِ، وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلاَ يَسْمَعُ لَهُمَا."

هنا الإبن عليه أن يخضع لأبيه (وبهذه الأيات 15-18 ليكون المعنى أن لا يظلم أحدهما الآخر ) وهذه الوصية تفسير للوصية " اكرم أباك وأمك" مارد = متمرد

 

الأيات (19-21):-" 19يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلَى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلَى بَابِ مَكَانِهِ، 20وَيَقُولاَنِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا، وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. 21فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ، وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ وَيَخَافُونَ."

من لا يستطيع أن يحترم أبويه لن يستطيع أن يحترم الله. والإبن المُسرف السكير الذى لا يرتدع بتأديب أبويه سيُهدد أسرته ومجتمعه ولا فائدة من إصلاحه. ولكن من هو الإبن الضال هذا الذى أسرف وضيّع كل ما أعطاه لهُ أبوه من كرامة إذ خلقه على صورته كشبهه وغرق فى الخطايا وأسكرته، إلا الإنسان الذى تحدى الله وماذا يستحق إلا الرجم. وماذا فعل الله.... لقد أنقذ الإنسان بصليبه آية (22) ولاحظ أنه تكلم عن الإبن المتمرد بعد أن تكلم عن مسئولية الأباء فى تربية أولادهم بلا تمييز.

 

آية (22):- " 22«وَإِذَا كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا الْمَوْتُ، فَقُتِلَ وَعَلَّقْتَهُ عَلَى خَشَبَةٍ،"

كان الرومان يحكمون على بعض المجرمين بالموت صلباً. أما اليهود فكانوا يرجمون المذنب ثم يعلقونه على صليب تشهيراً به ولكى يراه الكثيرون فيعتبروا. ولكننا لم نسمع فى كل الكتاب المقدس أن أى إبن رجمه أبوه وعلقه على خشبة أو أبلغ عنه ليُصلب لذلك فكأن هذه الوصية غرضها إظهار العقوبة المفروض أن الإبن يستحقها لكن رحمة الله كرحمة الأبوين ستتدخل وتُنقذ الإبن. وسيكون هذا بأن يُعلق الإبن الوحيد ويُصلب، بل هو الإبن الوحيد فى الكتاب المقدس الذى سمعنا أنه صُلب والذى أرسله أبوه لكى يُصلب. وبذلك حمل الإبن الوحيد عقوق الأبناء كلهم بصليبه

 

آية (23):- " 23فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلاَ تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا."

المعلق ملعون = هو معلق بين السماء والأرض فهو مرفوض من كليهما. فلا تنجس أرضك = إذاً كان يجب دفن المصلوب حتى لا تتنجس الأرض. من المؤكد أن موسى كتب هذا بروح النبوة عن المسيح الذى بدفنه حمل اللعنة والنجاسة. وكان كالبذرة التى دفنت لتأتى بثمر كثير. ومن الناحية الصحية لا يجب ترك الجثة حتى تتعفن ومن الناحية الإنسانية فإن الرب يرفق بهذه الجثة مهما كان صاحبها شريراً ويرفق بأهله وذويه.