الإصحاح الحادي عشر

 

الآن نجد حرباً من نوع آخر فلا توقف للشمس ولا حجارة برد بل حرب عادية ولكن النصر لشعب الله بمعونة الرب. وهكذا حدث في بداية الكنيسة معجزات جبارة ولكن كل شئ هدأ وبدأ الروح القدس يعمل في الكنيسة بدون معجزات ولكن سيف الروح كان له عمل خفي في إنتشار الكرازة في كل مكان بجهاد كل كارز وكل خادم للكلمة. ولنلاحظ أن حروب عدو الخير لا تهدأ ضد الكنيسة ولكنها دائماً تنتهي بانتصارات للكنيسة وزيادة أرضها ومكاسبها. وهنا إذ سمع يابين ملك حاصور بانتصارات يشوع تحالف مع باقي الملوك بخيل ومركبات كثيرة جداً لمحاربة يشوع ورجاله.

 

الآيات (1-3):- " 1فَلَمَّا سَمِعَ يَابِينُ مَلِكُ حَاصُورَ، أَرْسَلَ إِلَى يُوبَابَ مَلِكِ مَادُونَ، وَإِلَى مَلِكِ شِمْرُونَ، وَإِلَى مَلِكِ أَكْشَافَ، 2وَإِلَى الْمُلُوكِ الَّذِينَ إِلَى الشِّمَالِ فِي الْجَبَلِ، وَفِي الْعَرَبَةِ جَنُوبِيَّ كِنَّرُوتَ، وَفِي السَّهْلِ، وَفِي مُرْتَفَعَاتِ دُورَ غَرْبًا، 3الْكَنْعَانِيِّينَ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، وَالأَمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ فِي الْجَبَلِ، وَالْحِوِّيِّينَ تَحْتَ حَرْمُونَ فِي أَرْضِ الْمِصْفَاةِ. "

الملوك الذين في الجبل= الجبل يشير في حالة إمتلاك الشيطان له للكبرياء أما لو ملك المسيح عليه لصار يرمز للسماويات. وهنا حيث أن هؤلاء الملوك الأشرار يملكون هذا الجبل فهو يرمز للكبرياء. وقارن مع جبل التجلي حيث تجلى المسيح عليه لتلاميذه.

وفي العربة جنوبي كنروت= العربة أي السهل، كنروت= كالمصابيح. ولاحظ فالذي يملك هنا ملوك أشرار وهم رمز لإبليس الذي يغير شكله إلى شكل ملاك ليخدعنا. وفي مرتفعات دور= دور قد تعني هداية ولكنها للأسف هداية للشر. فكل من خرجوا ضد شعب الله هم شعوب شريرة.

 

آية (4):- "4فَخَرَجُوا هُمْ وَكُلُّ جُيُوشِهِمْ مَعَهُمْ، شَعْبًا غَفِيرًا كَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ فِي الْكَثْرَةِ، بِخَيْل وَمَرْكَبَاتٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا. "

لاحظ الأعداء كثيرون ويهاجمون بقوة وعنف (1بط8:5،9).

 

آية (5):- "5فَاجْتَمَعَ جَمِيعُ هؤُلاَءِ الْمُلُوكِ بِمِيعَادٍ وَجَاءُوا وَنَزَلُوا مَعًا عَلَى مِيَاهِ مَيْرُومَ لِكَيْ يُحَارِبُوا إِسْرَائِيلَ."

ميروم= هي أول بركة على نهر الأردن بين الجبل (ينبوع الأردن) وبحيرة جنيسارات. وتسمى بركة ميروم بحيرة الحولة وهي على بعد 11ميل شمال طبرية ومساحتها 6ميل × 3ميل.

 

آية (6):- "6فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «لاَ تَخَفْهُمْ، لأَنِّي غَدًا فِي مِثْلِ هذَا الْوَقْتِ أَدْفَعُهُمْ جَمِيعًا قَتْلَى أَمَامَ إِسْرَائِيلَ، فَتُعَرْقِبُ خَيْلَهُمْ، وَتُحْرِقُ مَرْكَبَاتِهِمْ بِالنَّارِ». "

مع كل نصرة لشعب الله تهيج قوات الظلمة، ومع كل هياج لقوات الظلمة يؤكد الرب من جديد أنه يهب نصرة جديدة على مستوى أعظم. وسفر يشوع الذي هو سلسلة من الحروب المتوالية، هو أيضاً سلسلة من الانتصارات المتوالية رمز لما يحدث من نصرات متوالية في حياة أولاد الله فينطلقوا من مجد إلى مجد حتى يبلغوا إلى قياس قامة ملء المسيح (أف13:4). لأني غداً= إن كنا ننال نصرات متوالية وننعم بسلطان روحي على الظلمة ويتزايد نموناً الروحي، لكننا نبقي في حرب لا تنتهي حتى يـأتي اليوم الذي يلقي فيه إبليس في البحيرة المتقدة بنار (مت41:25) لذلك يقول هنا "لأني غداً" رمز لهذا اليوم الذي ننتهي فيه من إبليس فتهدأ بل تنتهي الحرب.

 

الآيات (7-8):- "7فَجَاءَ يَشُوعُ وَجَمِيعُ رِجَالِ الْحَرْبِ مَعَهُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ مِيَاهِ مَيْرُومَ بَغْتَةً وَسَقَطُوا عَلَيْهِمْ. 8فَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ بِيَدِ إِسْرَائِيلَ، فَضَرَبُوهُمْ وَطَرَدُوهُمْ إِلَى صِيدُونَ الْعَظِيمَةِ، وَإِلَى مِسْرَفُوتَ مَايِمَ، وَإِلَى بُقْعَةِ مِصْفَاةَ شَرْقًا. فَضَرَبُوهُمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُمْ شَارِدٌ. "

الملوك المعادين تحت قيادة يابين. وشعب الرب تحت قيادة يشوع وهكذا حروبنا الروحية هي لحساب قائدنا يسوع المسيح ونغلب تحت قيادته. وهي حرب الكنيسة كلها تحت قيادة المسيح ضد قوات الشر. فالكنيسة في صلواتها تصلي لكل واحد. فجاء يشوع بغتة وسقطوا عليهم= الله يريدنا أن نقوم بحرب هجومية لا أن ننتظر حتى نهاجم من العدو فندافع. لا ننتظر حتى تهاجمنا الخطية فنبدأ الجهاد. طردوهم إلى صيدون العظيمة= صيدون تعني صيد "هيأوا شبكة لخطواتي" (مز6:57) فكأن العدو أعد شبكة ليصطاد فيها أولاد الله فتعثر هو في هذه الشبكة. وهذا ما حدث له في الصليب، فإذ أعد الصليب للمسيح سمر هو فيه "قصة هامان ومردخاي".

 

آية (9):- "9فَفَعَلَ يَشُوعُ بِهِمْ كَمَا قَالَ لَهُ الرَّبُّ. عَرْقَبَ خَيْلَهُمْ، وَأَحْرَقَ مَرْكَبَاتِهِمْ بِالنَّارِ."

عرقب خيلهم= الخيل رمز للقوة (في ذلك العصر) والله يريد أن شعبه يعرف أنه هو قوتهم "لا يسر الرب بالفرس.. " وعرقبة الخيل تعني قطع وتر رجل الفرس حتى لا يستعملها الشعب فيما بعد. وعرقبة الخيل يعطي إحساس للشعب أن لا قوة لهذه الخيول من نفسها فهم قادرون على إضعاف قوتها فلا يعظمون الخيل لقوتها كما فعل هؤلاء الوثنيون. وبنفس المفهوم أحرق مركباتهم= فلا تكون غوآية لاستعمالها ويظل اعتمادهم على الله لا الخيل ولا المركبات. (مز8:20).

 

الآيات (10-16):- "10ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ وَأَخَذَ حَاصُورَ وَضَرَبَ مَلِكَهَا بِالسَّيْفِ، لأَنَّ حَاصُورَ كَانَتْ قَبْلاً رَأْسَ جَمِيعِ تِلْكَ الْمَمَالِكِ. 11وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ، وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ، وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. 12فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ مُدُنِ أُولئِكَ الْمُلُوكِ وَجَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمَهُمْ كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ. 13غَيْرَ أَنَّ الْمُدُنَ الْقَائِمَةَ عَلَى تِلاَلِهَا لَمْ يُحْرِقْهَا إِسْرَائِيلُ، مَا عَدَا حَاصُورَ وَحْدَهَا أَحْرَقَهَا يَشُوعُ. 14وَكُلُّ غَنِيمَةِ تِلْكَ الْمُدُنِ وَالْبَهَائِمَ نَهَبَهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لأَنْفُسِهِمْ. وَأَمَّا الرِّجَالُ فَضَرَبُوهُمْ جَمِيعًا بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى أَبَادُوهُمْ. لَمْ يُبْقُوا نَسَمَةً. 15كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى عَبْدَهُ هكَذَا أَمَرَ مُوسَى يَشُوعَ، وَهكَذَا فَعَلَ يَشُوعُ. لَمْ يُهْمِلْ شَيْئًا مِنْ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ مُوسَى. 16فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ تِلْكَ الأَرْضِ: الْجَبَلَ، وَكُلَّ الْجَنُوبِ، وَكُلَّ أَرْضِ جُوشِنَ وَالسَّهْلَ وَالْعَرَبَةَ وَجَبَلَ إِسْرَائِيلَ وَسَهْلَهُ، "

حاصور= تعني القصر حيث مركز مملكة يابين. وهذا يشير أننا بعد حروبنا نملك يسوع على قلوبنا (القصر) حيث كان إبليس يملك ويسيطر. لقد كنا تحت ملك الشهوات الردية وأعضائنا آلات إثم والآن يملك المسيح علينا وأعضائنا آلات بر.

نلاحظ في آية (11) أنهم أحرقوا حاصور بالنار وهذا يشير لعمل الروح القدس الناري الذي يحرق كل الأشواك الخانقة للنفس لتقوم مملكة يسوع عوضاً عن مملكة إبليس.

 

الآيات (17-20):- "17مِنَ الْجَبَلِ الأَقْرَعِ الصَّاعِدِ إِلَى سَعِيرَ إِلَى بَعْلِ جَادَ فِي بُقْعَةِ لُبْنَانَ تَحْتَ جَبَلِ حَرْمُونَ. وَأَخَذَ جَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ وَقَتَلَهُمْ. 18فَعَمِلَ يَشُوعُ حَرْبًا مَعَ أُولئِكَ الْمُلُوكِ أَيَّامًا كَثِيرَةً. 19لَمْ تَكُنْ مَدِينَةٌ صَالَحَتْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ الْحِوِّيِّينَ سُكَّانَ جِبْعُونَ، بَلْ أَخَذُوا الْجَمِيعَ بِالْحَرْبِ. 20لأَنَّهُ كَانَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ يُشَدِّدَ قُلُوبَهُمْ حَتَّى يُلاَقُوا إِسْرَائِيلَ لِلْمُحَارَبَةِ فَيُحَرَّمُوا، فَلاَ تَكُونُ عَلَيْهِمْ رَأْفَةٌ، بَلْ يُبَادُونَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى."

تحديد الأرض جنوباً. الجبل الأقرع= أي بلا شجر جنوب البحر الميت عند بئر سبع. بعل جاد شمالاً= وهي قيصرية فيلبس (في العهد الجديد) بانياس الآن.

ونلاحظ أن يشوع قتل الملوك كلهم رمزاً لأن المسيح يطهرنا من كل خطايانا، فلا تعود تملك علينا (رو 14:6).

 

الآيات (21-22):- "21وَجَاءَ يَشُوعُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ وَقَرَضَ الْعَنَاقِيِّينَ مِنَ الْجَبَلِ، مِنْ حَبْرُونَ وَمِنْ دَبِيرَ وَمِنْ عَنَابَ، وَمِنْ جَمِيعِ جَبَلِ يَهُوذَا، وَمِنْ كُلِّ جَبَلِ إِسْرَائِيلَ. حَرَّمَهُمْ يَشُوعُ مَعَ مُدُنِهِمْ. 22فَلَمْ يَتَبَقَّ عَنَاقِيُّونَ فِي أَرْضِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لكِنْ بَقُوا فِي غَزَّةَ وَجَتَّ وَأَشْدُودَ. "

قرض العناقيين= ذكرهم بصفة خاصة لأنهم هم الذين أرهبوا الجواسيس أيام موسى.

 

آية (23):- "23فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ الأَرْضِ حَسَبَ كُلِّ مَا كَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ مُوسَى، وَأَعْطَاهَا يَشُوعُ مُلْكًا لإِسْرَائِيلَ حَسَبَ فِرَقِهِمْ وَأَسْبَاطِهِمْ. وَاسْتَرَاحَتِ الأَرْضُ مِنَ الْحَرْبِ."

استراحت الأرض من الحرب= أي انتهت من الحروب الكبيرة وتبقت حروب صغيرة محلية تركت للأسباط كل في أرضه يطهرها من فلول الهاربين. وهذه الآية لم تذكر في أيام موسى فلا راحة سوى في المسيح. والآن ليكون لنا راحة يوجد طريق واحد أي في المسيح "نموت معه ونقوم أي نحمل في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع (2كو10:4).