الإصحاح الثالث العاشر

 

الإصحاحات (13-16) هى قصة شمشون وهو يرمز للمسيح فى أشياء عديدة. نذكرها ونضع بجانبها علامةÅ. وشمشون غالباً كان معاصراً ليفتاح. فيفتاح خلص إسرائيل من بنى عمون وشمشون خلصهم من الفلسطينيين. وكان للفلسطينيون شأن عظيم فى ذلك الزمان حتى أيام داود. وهم لم يُخضِعوا إسرائيل عسكرياً لكنهم كانوا يستغلونهم ويرهبونهم ويضايقونهم. والفلسطينيين ليسوا كنعانيين بل هم من جزيرة كريت (كفتور) لذلك كانوا يسمون بالكفتوريون.

 

آية (1):- "1ثُمَّ عَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَعْمَلُونَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، فَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ لِيَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. "

يرى البعض أن الأربعين سنة إنتهت بما ورد فى (1صم 7 : 13). فيكون عالى الكاهن قد مات نحو الزمان الذى بلغ فيه شمشون كمال الرجولية.

 

آية (2):- "2وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ صُرْعَةَ مِنْ عَشِيرَةِ الدَّانِيِّينَ اسْمُهُ مَنُوحُ، وَامْرَأَتُهُ عَاقِرٌ لَمْ تَلِدْ. "

1.    والدة شمشون كانت عاقراً لا تلد وولادتها كانت ببشارة ملاك. والعذراء مريم كان لا زوج لها وولدت ببشارة ملاك. وشمشون والمسيح كلاهما جاء لخلاص شعبه من محنة عبودية.

2.    كلاهما خلّص شعبه بقوة ذراعيه لكن شمشون خلّص بقوة جسدية بينما المسيح فتح ذراعيه على الصليب. وكانت أم شمشون عاقراً (وهذا علامة غضب الله عند اليهود) ولكن إنتظار الله بإيمان يعطى ثمراً كثيراً.

 

آية (3):- "3فَتَرَاءَى مَلاَكُ الرَّبِّ لِلْمَرْأَةِ وَقَالَ لَهَا: «هَا أَنْتِ عَاقِرٌ لَمْ تَلِدِي، وَلكِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا. "

الملاك يؤكد لأم شمشون أنها عاقر أى حسب الطبيعة لا يمكن أن تنجب. فما تناله إذاً هو ثمرة وعد إلهى من محبة الله. وهذا ما كان مع العذراء مريم.

 

آية (4):- "4وَالآنَ فَاحْذَرِي وَلاَ تَشْرَبِي خَمْرًا وَلاَ مُسْكِرًا، وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئًا نَجِسًا. "

لا تشر بى خمراً = الله يهيئ لشمشون جواً مقدساً وهو بعد جنين فى بطن أمه Å3 أم شمشون تقدست قبل أن تلده. والله إختار اليهود شعباً مقدساً ليأتى منه المسيح.

 

آية (5):- "5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا، وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيرًا ِللهِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ»."

يكون نذيراً لله = Å 4 المسيح لم يكن نذيراً بالمفهوم اليهودى ولكن هو كان لأبيه فى كل شىء، يعمل إرادته، نقياً بلا خطية. وكان النذيرين رمزاً للمسيح. يبدأ يخلص إسرائيل من يد الفلسطينيين = فالخلاص بدأ بشمشون وأكمل صموئيل العمل ثم بعده شاول الملك وأنهى العمل داود الملك. فالله أراد أن أن الخلاص يأتى تدريجياً ولذلك كان تأديب الفلسطينيين تدريجياً ولم يأتى شمشون كقائد عسكرى مثل جدعون أمّا المسيح فبدأ وأنهى الخلاص فكان هو شمشون وداود فى وقت واحد Å5.

 

الآيات (6-7):- "6فَدَخَلَتِ الْمَرْأَةُ وَكَلَّمَتْ رَجُلَهَا قَائِلَةً: «جَاءَ إِلَيَّ رَجُلُ اللهِ، وَمَنْظَرُهُ كَمَنْظَرِ مَلاَكِ اللهِ، مُرْهِبٌ جِدًّا. وَلَمْ أَسْأَلْهُ: مِنْ أَيْنَ هُوَ، وَلاَ هُوَ أَخْبَرَنِي عَنِ اسْمِهِ. 7وَقَالَ لِي: هَا أَنْتِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا. وَالآنَ فَلاَ تَشْرَبِي خَمْرًا وَلاَ مُسْكِرًا، وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئًا نَجِسًا، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيرًا ِللهِ مِنَ الْبَطْنِ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ»."

كلمات أم شمشون كلها ثقة وإيمان ولم تتشكك مثل سارة.

 

آية (8):- "8فَصَلَّى مَنُوحُ إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي أَنْ يَأْتِيَ أَيْضًا إِلَيْنَا رَجُلُ اللهِ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ، وَيُعَلِّمَنَا: مَاذَا نَعْمَلُ لِلصَّبِيِّ الَّذِي يُولَدُ؟»."

منوح وثق فى كلام المرأة لكنه إشتاق أن يرى هو أيضاً رجل الله كزوجته.

 

آية (9):- "9فَسَمِعَ اللهُ لِصَوْتِ مَنُوحَ، فَجَاءَ مَلاَكُ اللهِ أَيْضًا إِلَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي الْحَقْلِ، وَمَنُوحُ رَجُلُهَا لَيْسَ مَعَهَا. "

ملاك الرب (هو أحد ظهورات المسيح قبل التجسد) يحقق لمنوح طلبته ويظهر ثانية.

 

الآيات (10-14):- "10فَأَسْرَعَتِ الْمَرْأَةُ وَرَكَضَتْ وَأَخْبَرَتْ رَجُلَهَاوَقَالَتْ لَهُ: «هُوَذَا قَدْ تَرَاءَى لِيَ الرَّجُلُ الَّذِي جَاءَ إِلَيَّ ذلِكَ الْيَوْمَ». 11فَقَامَ مَنُوحُ وَسَارَ وَرَاءَ امْرَأَتِهِ وَجَاءَ إِلَى الرَّجُلِ، وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ الرَّجُلُ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعَ الْمَرْأَةِ؟» فَقَالَ: «أَنَا هُوَ». 12فَقَالَ مَنُوحُ: «عِنْدَ مَجِيءِ كَلاَمِكَ، مَاذَا يَكُونُ حُكْمُ الصَّبِيِّ وَمُعَامَلَتُهُ؟» 13فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ: «مِنْ كُلِّ مَا قُلْتُ لِلْمَرْأَةِ فَلْتَحْتَفِظْ. 14مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ تَشْرَبْ، وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهَا»."

 

آية (15):- "15فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ: «دَعْنَا نُعَوِّقْكَ وَنَعْمَلْ لَكَ جَدْيَ مِعْزًى»." 

هنا منوح يظن أن ملاك الرب إنسان عادى أو ربما نبى فأراد تقديم طعام لهُ.

 

آية (16):- "16فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ: «وَلَوْ عَوَّقْتَنِي لاَ آكُلُ مِنْ خُبْزِكَ، وَإِنْ عَمِلْتَ مُحْرَقَةً فَلِلرَّبِّ أَصْعِدْهَا». لأَنَّ مَنُوحَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ. "

الملاك يشرح لمنوح أنه ليس إنساناً ليأكل = لا أكل من خبزك ليصحح لهُ مفهومه وإن عملت محرقة للرب أصعدها = لا يفهم من هذا أنه ليس الرب حتى لا يقبل المحرقة، بل على منوح أن يفهم أولاً أنهُ الرب. لأن منوح كان يظن أنه يكلم إنسان حتى هذه اللحظة فكيف تقدم محرقة لإنسان. هذه مثل حديث المسيح للشاب لماذا تدعونى صالحاً، ليس أحد صالحاً إلاّ الله وحده وقوله للمجدلية "لاتلمسينى".

 

آية (17):- "17فَقَالَ مَنُوحُ لِمَلاَكِ الرَّبِّ: «مَا اسْمُكَ حَتَّى إِذَا جَاءَ كَلاَمُكَ نُكْرِمُكَ؟»."

ما إسمك = حتى إذا تحقق كلامك نأتى إليك ونكرمك. فحتى هذه اللحظة كان منوح لم يعرف بعد أنه الرب Å 6 "جاء إلى العالم والعالم لم يعرفه" وهذا قيل عن المسيح.

 

آية (18):- " 18فَقَالَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي وَهُوَ عَجِيبٌ؟»."

عجيب = وهكذا قيل عن المسيح يُدعى إسمه عجيباً (1ش 9 : 6). ولكن فى العهد الجديد صار إسمه معروفاً فهو يهوة المخلص ولكن هذا السر كان مكتوماً فى العهد القديم. وكون إسمه عجيب فهذا يشير لأنه فائق للإدراك والنطق، يدخل بالقلب إلى حالة التعجب.

 

آية (19):- "19فَأَخَذَ مَنُوحُ جَدْيَ الْمِعْزَى وَالتَّقْدِمَةَ وَأَصْعَدَهُمَا عَلَى الصَّخْرَةِ لِلرَّبِّ. فَعَمِلَ عَمَلاً عَجِيبًا وَمَنُوحُ وَامْرَأَتُهُ يَنْظُرَانِ.

ربما من الجملة الأخيرة بدأ منوح يفهم أن من يكلمه هو الرب فقدم له المحرقة والمسيح هو الصخرة التى نقدم عليها ذبائح حبنا، إذ هو صار ذبيحة حبنا.

 

آية (20):- "20فَكَانَ عِنْدَ صُعُودِ اللَّهِيبِ عَنِ الْمَذْبَحِ نَحْوَ السَّمَاءِ، أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ صَعِدَ فِي لَهِيبِ الْمَذْبَحِ، وَمَنُوحُ وَامْرَأَتُهُ يَنْظُرَانِ. فَسَقَطَا عَلَى وَجْهَيْهِمَا إِلَى الأَرْضِ.

ما حدث هو صورة حية للعمل الخلاصي بالصليب، ففيه يقدم السيد المسيح نفسه ذبيحة حب ملتهبة ناراً خلالها يمحو كل خطايانا. الصورة التى أمامنا فيها تلتحم الذبيحة بدمها مع النار الإلهية مع الأقنوم الإلهى الذى دخل للسماء (الأقداس) بدم نفسه ليجد فداء أبدياً ويشفع فينا (عب 9 : 12) فهو الذى جاء من السماء وصعد إلى السماء (يو 3 : 13 + 6 : 62). ولذلك كان منوح وزوجته ينظران كما التلاميذ أثناء الصعود.

 

الآيات (21-22):- "21وَلَمْ يَعُدْ مَلاَكُ الرَّبِّ يَتَرَاءَى لِمَنُوحَ وَامْرَأَتِهِ. حِينَئِذٍ عَرَفَ مَنُوحُ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ. 22فَقَالَ مَنُوحُ لامْرَأَتِهِ: «نَمُوتُ مَوْتًا لأَنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا اللهَ»

إعتقد منوح أنه سيموت لأن الله قال لموسى " لا يرانى الإنسان ويعيش" لكن الله كان يقصد أننا لا يمكن أن نراه فى مجده ونحن بعد فى جسدنا الخاطىء.

 

آية (23):- "23فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: «لَوْ أَرَادَ الرَّبُّ أَنْ يُمِيتَنَا، لَمَا أَخَذَ مِنْ يَدِنَا مُحْرَقَةً وَتَقْدِمَةً، وَلَمَا أَرَانَا كُلَّ هذِهِ، وَلَمَا كَانَ فِي مِثْلِ هذَا الْوَقْتِ أَسْمَعَنَا مِثْلَ هذِهِ».

كانت وجهة نظر إمرأة منوح صحيحة تماماً. والله ظهر بعد أن حجب مجده فلم يموتا.

 

الآيات (24-25):- "24فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ شَمْشُونَ. فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَبَارَكَهُ الرَّبُّ. 25وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ.

شمشون = قوة الشمس وهم غالباً أسموه هكذا لأن بميلاده سيبدأ الخلاص ويشرق نور الحرية من الفلسطينيين حسب وعد الرب. والمسيح شمس البر Å 7 وإبتدأ روح الرب يحركه = والمسيح إمتلأ بالروح ورافقه الروح.