الإصحاح الأول

 

آية (1) :- "1كَانَ رَجُلٌ مِنْ رَامَتَايِمَ صُوفِيمَ مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ اسْمُهُ أَلْقَانَةُ بْنُ يَرُوحَامَ بْنِ أَلِيهُوَ بْنِ تُوحُوَ بْنِ صُوفٍ. هُوَ أَفْرَايِمِيٌّ. "

يلاحظ أن جد صموئيل إسمه صُوفِ وهو من سبط لاوى ومن عشيرة قهات (1 أى 6: 22-28، 33-38). وغالباً أتى صوف هذا وسكن فى جَبَلِ أَفْرَايِمَ ولذلك سمى المكان على إسمه رَامَتَايِمَ صُوفِيمَ أى مرتفعتا آل صوف حيث سكن صوف الجد الكبير. إذاً صموئيل هو من سبط لاوى وسمى أَفْرَايِمِيٌّ لأنه سكن فى إفرايم كما سمى المسيح ناصرياً مع أنه من اليهودية (بيت لحم) لأنه سكن فى الناصرة.

 

آية (2) :- "2وَلَهُ امْرَأَتَانِ، اسْمُ الْوَاحِدَةِ حَنَّةُ، وَاسْمُ الأُخْرَى فَنِنَّةُ. وَكَانَ لِفَنِنَّةَ أَوْلاَدٌ، وَأَمَّا حَنَّةُ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَوْلاَدٌ. "

وَلَهُ امْرَأَتَانِ = حيثما وُجِدَ تعدد الزوجات ذهب سلام العائلة (امثلة :- إبراهيم وإسحق ويعقوب.. فإبراهيم ويعقوب عانوا من تعدد الزوجات بينما إسحق كان لهُ سلام فى بيته). فَنِنَّةُ = مرجانة أو لؤلؤة، حَنَّةُ = تعنى حنان أو نعمة.

 

آية (3) :- "3وَكَانَ هذَا الرَّجُلُ يَصْعَدُ مِنْ مَدِينَتِهِ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ لِيَسْجُدَ وَيَذْبَحَ لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي شِيلُوهَ. وَكَانَ هُنَاكَ ابْنَا عَالِي: حُفْنِي وَفِينَحَاسُ، كَاهِنَا الرَّبِّ. "

كان اليهود ملزمين بالصعود لأورشليم 3 مرّات سنوياً فى أعياد (الفصح والحصاد والمظال) وربما إعتاد ألقانة أن يأخذ كل أفراد أسرته سنوياً إلى شِيلُوهَ ليسجد ويذبح للرب أى يقدم ذبائح (ومن لحم ذبيحة السلامة يأكل مقدمها وأقرباؤه وأصدقاؤه والكاهن) فكانوا فى هذه المناسبات يأكلون ويشربون وهذا ما دعا عالى الكاهن أن يظن أن حنة سكرى وهى تبكى وتصلى. وبعض الدارسين رأوا أن اليهود إكتفوا بالصعود لأورشليم مرة واحدة سنوياً (لو 2 : 41) وغالباً كانت فى عيد الحصاد للإحتفال بالعيد العظيم. وكانوا يأكلون ويشربون خمراً. شِيلُوهَ = هى مركز العبادة وإختارها يشوع مقراً للخيمة والتابوت، وهناك سكن عالى الكاهن وصموئيل وهى شمال أورشليم بـ 27كم. رَبِّ الْجُنُودِ = أول مرة يذكر هذا اللفظ. والله رب الجنود (جند الملائكة وجند البشر وجند الكواكب (تك 2 : 1 + 1مل 22 : 19 + مز 148 : 2، 44 : 9 + خر 7 : 4).

 

آية (4) :- "4وَلَمَّا كَانَ الْوَقْتُ وَذَبَحَ أَلْقَانَةُ، أَعْطَى فَنِنَّةَ امْرَأَتَهُ وَجَمِيعَ بَنِيهَا وَبَنَاتِهَا أَنْصِبَةً. "

كان لمحبة ألقانة لزوجته حنة أنه يعطيها نصيب إثنين من لحم الذبيحة. ونصيب الإثنين هو نصيب البكر لذلك تحمل القصة معنىً رمزياً فألقانة يشير للمسيح وزوجتيه يشيران لكنيسة العهد القديم (فننة)، وكنيسة العهد الجديد (حنة) كنيسة الأبكار، هذه التى كانت عاقراً فأصبح لها أولاد بعد أن تمتعت بثمار الروح القدس.

 

الآيات (5-6) :- "5وَأَمَّا حَنَّةُ فَأَعْطَاهَا نَصِيبَ اثْنَيْنِ، لأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ حَنَّةَ. وَلكِنَّ الرَّبَّ كَانَ قَدْ أَغْلَقَ رَحِمَهَا. 6وَكَانَتْ ضَرَّتُهَا تُغِيظُهَا أَيْضًا غَيْظًا لأَجْلِ الْمُرَاغَمَةِ، لأَنَّ الرَّبَّ أَغْلَقَ رَحِمَهَا. "

لأَجْلِ الْمُرَاغَمَةِ = أى لإثارتها. فكانت فننة تعرف ما يغيظ حنة فتذكرها به وتكرره.

 

الآيات (7-9) :- "7وَهكَذَا صَارَ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ، كُلَّمَا صَعِدَتْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، هكَذَا كَانَتْ تُغِيظُهَا. فَبَكَتْ وَلَمْ تَأْكُلْ. 8فَقَالَ لَهَا أَلْقَانَةُ رَجُلُهَا: «يَا حَنَّةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ وَلِمَاذَا لاَ تَأْكُلِينَ؟ وَلِمَاذَا يَكْتَئِبُ قَلْبُكِ؟ أَمَا أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ عَشَرَةِ بَنِينَ؟».9فَقَامَتْ حَنَّةُ بَعْدَمَا أَكَلُوا فِي شِيلُوهَ وَبَعْدَمَا شَرِبُوا، وَعَالِي الْكَاهِنُ جَالِسٌ عَلَى الْكُرْسِيِّ عِنْدَ قَائِمَةِ هَيْكَلِ الرَّبِّ،"

هكذا يعاتبنا المسيح قائلاً :لماذا تحزن على أمور زمنية أو ضيقات وقتية، أما يكفيك أننى أعطيتك جسدى لتأكله وتحيا به ولأشبعك وأعزيك (خصوصاً أن ذبيحة السلامة تشير للتناول) ولكن التناول وحده لا يرفع المرارة بل نحتاج للصلاة.

 

آية (10) :- "10وَهِيَ مُرَّةُ النَّفْسِ. فَصَلَّتْ إِلَى الرَّبِّ، وَبَكَتْ بُكَاءً،"

فَصَلَّتْ = هكذا ينبغى أن نسلك لنجتاز الألام ليس بالشكوى إنما بالصلاة، بل أن هناك بركة للضيقات فخلالها نعرف الله، فالله يسمح لكنيسته أن تدخل تحت الألام لتشاركه ضيقة الصليب فتثمر سلاماً يفوق كل عقل راجع (رو 8 : 17). ولاحظ أن المرارة كانت راجعة لأن كل إمرأة يهودية كانت تتمنى ان يأتى منها المسيح. لذلك العقم كان دليل عدم رضا الله على المرأة فكان حزنها يتضاعف.

 

آية (11) :- "11وَنَذَرَتْ نَذْرًا وَقَالَتْ: «يَا رَبَّ الْجُنُودِ، إِنْ نَظَرْتَ نَظَرًا إِلَى مَذَلَّةِ أَمَتِكَ، وَذَكَرْتَنِي وَلَمْ تَنْسَ أَمَتَكَ بَلْ أَعْطَيْتَ أَمَتَكَ زَرْعَ بَشَرٍ، فَإِنِّي أُعْطِيهِ لِلرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، وَلاَ يَعْلُو رَأْسَهُ مُوسَى»."

إرخاء الشعر علامة النذير مدة النذر، وكان صموئيل نذيراً للرب كل أيام حياته. وكان كل لاوى بالميلاد يكون للرب. ولكن نذر حنة أن إبنها يكون للرب من صغره وقد فعلت. إذاً طلبها كان لمجد الرب وياليت طلباتنا تكون هكذا " يارب إعطنا لنمجدك بما أعطيتنا".

 

الآيات (12-18) :- "12وَكَانَ إِذْ أَكْثَرَتِ الصَّلاَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَعَالِي يُلاَحِظُ فَاهَا. 13فَإِنَّ حَنَّةَ كَانَتْ تَتَكَلَّمُ فِي قَلْبِهَا، وَشَفَتَاهَا فَقَطْ تَتَحَرَّكَانِ، وَصَوْتُهَا لَمْ يُسْمَعْ، أَنَّ عَالِيَ ظَنَّهَا سَكْرَى. 14فَقَالَ لَهَا عَالِي: «حَتَّى مَتَى تَسْكَرِينَ؟ انْزِعِي خَمْرَكِ عَنْكِ». 15فَأَجَابَتْ حَنَّةُ وَقَالت: «لاَ يَا سَيِّدِي. إِنِّي امْرَأَةٌ حَزِينَةُ الرُّوحِ وَلَمْ أَشْرَبْ خَمْرًا وَلاَ مُسْكِرًا، بَلْ أَسْكُبُ نَفْسِي أَمَامَ الرَّبِّ. 16لاَ تَحْسِبْ أَمَتَكَ ابْنَةَ بَلِيَّعَالَ، لأَنِّي مِنْ كَثْرَةِ كُرْبَتِي وَغَيْظِي قَدْ تَكَلَّمْتُ إِلَى الآنَ». 17فَأجَابَ عَالِي وَقَالَ: «اذْهَبِي بِسَلاَمٍ، وَإِلهُ إِسْرَائِيلَ يُعْطِيكِ سُؤْلَكِ الَّذِي سَأَلْتِهِ مِنْ لَدُنْهُ». 18فَقَالَتْ: «لِتَجِدْ جَارِيَتُكَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ». ثُمَّ مَضَتِ الْمَرْأَةُ فِي طَرِيقِهَا وَأَكَلَتْ، وَلَمْ يَكُنْ وَجْهُهَا بَعْدُ مُغَيَّرًا. "

كون أن عالى يظنها سكرى فهذا يدل على مدى إنحطاط الحالة الروحية فى أياّم أبناء عالى الكاهن فكان شيئاً عادياً أن يُرى السكارى فى بيت الرب. ولكن إتهام عالى للمرأة يعتبر سقطة لعالى الكاهن العظيم وتسرع فى الحكم فالسكارى يصنعون ضجة عكس ما فعلته حنة التى كانت تصلى وهى صامتة بإيمان عميق ولكن صلاتها كانت أمام الرب صراخاً كما حدث مع موسى (خر 14 : 15) ومع إسمعيل وهاجر (تك 21 : 16،17) ولاحظ أن موسى لم يتكلم وأن إسمعيل لم يتكلم، لكن حيرتهما وصلاتهما الداخلية كانت صراخاً أمام الله. ومع هذا فإن كلام عالى لحنة بعد ذلك كان نبوة " إلهُ إِسْرَائِيلَ يُعْطِيكِ سُؤْلَكِ " فهذه نبوة رئيس كهنة كما حدث مع قيافا (يو 11 : 50، 51 ابْنَةَ بَلِيَّعَالَ = إسم عبرى معناه عديم النفع أو شرير، ينعت به كل شرير لا يخاف الله (2كو 6 : 15). ويبدو للأسف أنه نتيجة إنحراف أبناء عالى الكاهن كان من الطبيعى أن يوجد بنات بليعال أى نسوة شريرات فى الهيكل فى هذه المناسبات. ولكن لاحظ إجابة حنة الوديعة وأنها لم تُعيّر رئيس الكهنة بإبنيه الأشرار ولا بأنه لم يستطع التمييز بين السكارى والمصلين الحقيقيين. وكان ردها الوديع هذا سبب بركة لها ودعوة رئيس الكهنة لها وإستجاب الرب طلبتها. ولاحظ أيضاً إيمان المرأةإ إذ مَضَتِ.. وَلَمْ يَكُنْ وَجْهُهَا بَعْدُ مُغَيَّرًا. لقد إستراح قلبها بعد الصلاة لأنها تلاقت مع إلهها وشعرت فى أعماقها بقوة الله القادرة أن تحل المشاكل.

 

الآيات (19-22) :- "19وَبَكَّرُوا فِي الصَّبَاحِ وَسَجَدُوا أَمَامَ الرَّبِّ، وَرَجَعُوا وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِهِمْ فِي الرَّامَةِ. وَعَرَفَ أَلْقَانَةُ امْرَأَتَهُ حَنَّةَ، وَالرَّبُّ ذَكَرَهَا. 20وَكَانَ فِي مَدَارِ السَّنَةِ أَنَّ حَنَّةَ حَبِلَتْ وَوَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ صَمُوئِيلَ قَائِلَةً: «لأَنِّي مِنَ الرَّبِّ سَأَلْتُهُ». 21وَصَعِدَ الرَّجُلُ أَلْقَانَةُ وَجَمِيعُ بَيْتِهِ لِيَذْبَحَ لِلرَّبِّ الذَّبِيحَةَ السَّنَوِيَّةَ، وَنَذْرَهُ. 22وَلكِنَّ حَنَّةَ لَمْ تَصْعَدْ لأَنَّهَا قَالَتْ لِرَجُلِهَا: «مَتَى فُطِمَ الصَّبِيُّ آتِي بِهِ لِيَتَرَاءَى أَمَامَ الرَّبِّ وَيُقِيمَ هُنَاكَ إِلَى الأَبَدِ»."

 

آية (23) :- "23فَقَالَ لَهَا أَلْقَانَةُ رَجُلُهَا: «اعْمَلِي مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكِ. امْكُثِي حَتَّى تَفْطِمِيهِ. إِنَّمَا الرَّبُّ يُقِيمُ كَلاَمَهُ». فَمَكَثَتِ الْمَرْأَةُ وَأَرْضَعَتِ ابْنَهَا حَتَّى فَطَمَتْهُ. "

الرَّبُّ يُقِيمُ كَلاَمَهُ = لقد فهم ألقانة أن الله إستجاب لصلوات زوجته كما حدث مع أمهات إسحق ويعقوب وشمشون وكانوا عظماء وهو فهم أن إبنه سيكون عظيماً فهو يقول لإمرأته لأن الرب إستجاب لكِ وأعطاكِ الولد ليتمم الرب إحسانه ويجعله عظيماً.

 

آية (24) :- "24ثُمَّ حِينَ فَطَمَتْهُ أَصْعَدَتْهُ مَعَهَا بِثَلاَثَةِ ثِيرَانٍ وَإِيفَةِ دَقِيق وَزِقِّ خَمْرٍ، وَأَتَتْ بِهِ إِلَى الرَّبِّ فِي شِيلُوهَ وَالصَّبِيُّ صَغِيرٌ. "

سن الفطام فى هذا الوقت كان بين 3-5 سنوات. ثَلاَثَ ثِيرَانٍ = قدم منها ثور محرقة لأن صموئيل قُدًّم كمحرقة للرب أى مكرساً للرب كل أيام حياته والثوران الأخران أحدهما ذبيحة خطية والآخر ذبيحة سلامة. وكان يقدم مع المحرقات دقيق وخمر. أَصْعَدَتْهُ = لم يذكر الكتاب أن أبوه هو الذى أصعده بل أمه لتكريمها لأنها أوفت بنذرها فأن تقدم أم إبنها لله وإبنها الذى إنتظرته طويلاً فهذا شىء صعب بل يشبه تقدمة إبراهيم إبنه.

 

آية (25) :- "25فَذَبَحُوا الثَّوْرَ وَجَاءُوا بِالصَّبِيِّ إِلَى عَالِي. "

 

آية (26) :- "26وَقَالَتْ: «أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي. حَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ يَا سَيِّدِي، أَنَا الْمَرْأَةُ الَّتِي وَقَفَتْ لَدَيْكَ هُنَا تُصَلِّي إِلَى الرَّبِّ. "

حَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ = هذه تشبه أطال الله عُمرك.

 

آية (27) :- "27لأَجْلِ هذَا الصَّبِيِّ صَلَّيْتُ فَأَعْطَانِيَ الرَّبُّ سُؤْلِيَ الَّذِي سَأَلْتُهُ مِنْ لَدُنْهُ. "

 

آية (28) :- "28وَأَنَا أَيْضًا قَدْ أَعَرْتُهُ لِلرَّبِّ. جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ هُوَ عَارِيَّةٌ لِلرَّبِّ». وَسَجَدُوا هُنَاكَ لِلرَّبِّ. "

أنا سألته من الرب والرب أعطاه لى وها أنا أرد لهُ ما أعطاه لى " من يدك أعطيناك"
(1 أى 29 : 14،16). وكلمة
عَارِيَّةٌ تترجم سؤل (2 مل 6 : 5). فيكون المعنى أنا أعطيت الرب ما سألته منه. ولنلاحظ أن كل ما نعطيه للرب سبق وأخذناه منهُ. ولاحظ أن ما نعطيه للرب يباركه فقد أقام الله من صموئيل نبياً عظيماً (1صم 3 : 20 + مز 99 : 6 + أر 15 : 1). الله كان يريد صموئيل خادماً لهُ. ومن يعلم إن كان الله قد فتح رحم أمه لكانت أبقته بجانبها.