الإصحاح الثالث

 

آية (1) :- "1وَكَانَ الصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ يَخْدِمُ الرَّبَّ أَمَامَ عَالِي. وَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ عَزِيزَةً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. لَمْ تَكُنْ رُؤْيَا كَثِيرًا. "

لَمْ تَكُنْ رُؤْيَا كَثِيرًا = (مز 74 : 1،9). هو تعبير عن الحال.

 

آية (2) :- "2وَكَانَ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ إِذْ كَانَ عَالِي مُضْطَجِعًا فِي مَكَانِهِ وَعَيْنَاهُ ابْتَدَأَتَا تَضْعُفَانِ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُبْصِرَ. "

 

آية (3) :-  "3وَقَبْلَ أَنْ يَنْطَفِئَ سِرَاجُ اللهِ، وَصَمُوئِيلُ مُضْطَجعٌ فِي هَيْكَلِ الرَّبِّ الَّذِي فِيهِ تَابُوتُ اللهِ،"

وَقَبْلَ أَنْ يَنْطَفِئَ سِرَاجُ اللهِ = يبدو أن الله دعا صموئيل قبيل الفجر وسط الظلام الخارجى والسراج هو نور المنارة التى يشعلونها ليلاً وتطفأ صباحاً. ولاحظ كم الظلام الموجود.

1- الدعوة ليلاً                                  2- لا توجد رؤيا فكلمة الله عزيزة   

3- عينا رئيس الكهنة لا تبصر (أية2)

وهذا تصوير رائع للمجاعة الروحية التى يعيشها الشعب فإن كان رئيس الكهنة لا يبصر (روحياً) فإن قاد الأعمى شعباً إلى أين سيذهب بهم.

 

آية (4) :- "4أَنَّ الرَّبَّ دَعَا صَمُوئِيلَ، فَقَالَ: «هأَنَذَا»."

أَنَّ الرَّبَّ دَعَا صَمُوئِيلَ = من مراحم الله أنه قبل الظلمة النهائية يضىء سراج جديد هو صموئيل ودائماً الله يفعل هذا يرسل أثناسيوس كسراج أمام ظلمة أريوس فهو يعتنى ويسهر على كنيسته.

 

آية (5) :- "5وَرَكَضَ إِلَى عَالِي وَقَالَ: «هأَنَذَا لأَنَّكَ دَعَوْتَنِي». فَقَالَ: «لَمْ أَدْعُ. ارْجعِ اضْطَجعْ». فَذَهَبَ وَاضْطَجَعَ. "

وَرَكَضَ إِلَى عَالِي = كان صموئيل مضطجعاً فى أحد الأبنية الملحقة بالخيمة وعالى مضطجعاً فى مبنى اخر وقيل عن المكان كله أنه هيكل الرب

(الخيمة + المبانى الملحقة ).

ملحوظة :- قيل أن عالى مضطجع فى مكانه = أية2 وقيل أن صموئيل مضطجع فى هيكل الرب أية3 وكلاهما كانا فى هيكل الرب. لكن فى نظر الله فصموئيل فى هيكل الرب فهو أمام الله " أنا نائمة وقلبى مستيقظ" (نش 5 : 20). أمّا عالى فهو نائم بجسده فى هذا المكان فقط. المقصود هنا التعبير لا عن المكان فكلاهما فى هيكل الرب إنما المقصود التعبير عن حالة كل منهما، أين يوجد قلب كل أحد منهما ؟ لقد أصاب قلب عالى الكاهن الشيخوخة الروحية والعجز الروحى فأصبح قلبه لا يعاين الله.

 

آية (6) :- "6ثُمَّ عَادَ الرَّبُّ وَدَعَا أَيْضًا صَمُوئِيلَ. فَقَامَ صَمُوئِيلُ وَذَهَبَ إِلَى عَالِي وَقَالَ: «هأَنَذَا لأَنَّكَ دَعَوْتَنِي». فَقَالَ: «لَمْ أَدْعُ يَاابْنِي. ارْجعِ اضْطَجعْ»."

 

آية (7) :- "7وَلَمْ يَعْرِفْ صَمُوئِيلُ الرَّبَّ بَعْدُ، وَلاَ أُعْلِنَ لَهُ كَلاَمُ الرَّبِّ بَعْدُ. "

وَلَمْ يَعْرِفْ صَمُوئِيلُ الرَّبَّ = شتان بين هذه وبين أن إبنى عالى لم يعرفا الرب. فصموئيل لم يعرف الرب بالرؤى والإعلانات أى أن الله لم يتكلم معهُ مباشرة من قبل والآن بداية معرفة جديدة تضاف لبساطته وطهارته وإيمانه. صموئيل هنا بدأ يعرف الرب بطريقة جديدة. والرب دعا صموئيل وكلمه وكان فى الثانية عشرة من عمره (يوسيفوس) ولاحظ أن الله لم يستعمل صوتاً مخيفاً بل صوتاً مألوفاً لصموئيل حتى لا يرهب ويخاف بل هو ظنه صوت عالى. ونادى الرب صموئيل وكان فى الهيكل كثيرون لكن لم تكن هناك أذان حساسة لصوت الله سوى أذنى صموئيل. وكان صموئيل يستجيب لعالى لأنه يعرف أنه شيخ يحتاج المساعدة لذلك يقول الكتاب وركض (آية5). وطاعة الأب الذى يُرى (اى عالى) هى علامة على طاعة الآب الذى لا يُرى. وكان صموئيل يذهب مع كل نداء بلا تذمر مع أنه فى وقت النوم.

 

آية (8) :- "8وَعَادَ الرَّبُّ فَدَعَا صَمُوئِيلَ ثَالِثَةً. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى عَالِي وَقَالَ: «هأَنَذَا لأَنَّكَ دَعَوْتَنِي». فَفَهِمَ عَالِي أَنَّ الرَّبَّ يَدْعُو الصَّبِيَّ. "

لقد نادى الرب صموئيل بإسمه شخصياً لكنه لم يستطع أن يتعرف على الصوت دون إرشاد عالى الكاهن. وهذا هو دور الكهنوت.

 

آية (9) :- "9فَقَالَ عَالِي لِصَمُوئِيلَ: «اذْهَبِ اضْطَجعْ، وَيَكُونُ إِذَا دَعَاكَ تَقُولُ: تَكَلَّمْ يَا رَبُّ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ». فَذَهَبَ صَمُوئِيلُ وَاضْطَجَعَ فِي مَكَانِهِ. "

 

آية (10) :- "10فَجَاءَ الرَّبُّ وَوَقَفَ وَدَعَا كَالْمَرَّاتِ الأُوَلِ: «صَمُوئِيلُ، صَمُوئِيلُ». فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «تَكَلَّمْ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ»."

فَجَاءَ الرَّبُّ وَوَقَفَ وَدَعَا = هذا يعنى أن الصوت ظل يقترب إلى أن ثبت. هو تنازل إلهى ومحبة إلهية فائقة نحو الآنسان. بل تكرار الإسم صَمُوئِيلُ، صَمُوئِيلُ = يعنى أن الله أحب إسمه وأحبه. ولقد كان كلام الله لهُ بعد ذلك ملخصاً مختصراً قدر ما يحتمل الصبى أن يسمع.

 

الآيات (11-14) :- "11فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «هُوَذَا أَنَا فَاعِلٌ أَمْرًا فِي إِسْرَائِيلَ كُلُّ مَنْ سَمِعَ بِهِ تَطِنُّ أُذُنَاهُ. 12فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ عَلَى عَالِي كُلَّ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ عَلَى بَيْتِهِ. أَبْتَدِئُ وَأُكَمِّلُ. 13وَقَدْ أَخْبَرْتُهُ بِأَنِّي أَقْضِي عَلَى بَيْتِهِ إِلَى الأَبَدِ مِنْ أَجْلِ الشَّرِّ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ بَنِيهِ قَدْ أَوْجَبُوا بِهِ اللَّعْنَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَمْ يَرْدَعْهُمْ. 14وَلِذلِكَ أَقْسَمْتُ لِبَيْتِ عَالِي أَنَّهُ لاَ يُكَفَّرُ عَنْ شَرِّ بَيْتِ عَالِي بِذَبِيحَةٍ أَوْ بِتَقْدِمَةٍ إِلَى الأَبَدِ»."

الله يكرر نفس المعانى التى قالها النبى قبل ذلك. ولم يذكر له تفاصيل العقوبة إذ لا حاجة لتكرارها بل هو يذكر عالى وبنيه لعلهم يتوبون لاَ يُكَفَّرُ عَنْ شَرِّ بَيْتِ عَالِي بِذَبِيحَةٍ إِلَى الأَبَدِ هذه تكملة لنبوة النبى (2 : 35-36). فالمسيح الكاهن الذى يأتى سيبطل الذبائح بذبيحة دِمِه.

 

آية (15) :- "15وَاضْطَجَعَ صَمُوئِيلُ إِلَى الصَّبَاحِ، وَفَتَحَ أَبْوَابَ بَيْتِ الرَّبِّ. وَخَافَ صَمُوئِيلُ أَنْ يُخْبِرَ عَالِيَ بِالرُّؤْيَا. "

خاف صموئيل أن يخبر عالى بالرؤيا خشية جرح مشاعره وهو شيخ وأب محبوب لديه وَفَتَحَ أَبْوَابَ بَيْتِ الرَّبِّ = صنع هذا فى الصباح لأنها خدمته أن يفتح السجف، خدمته التى تعود عليها. والآن بعد عَلِمَ أن الرب يكلمه شخصياً لم ينتفخ ولم يرى أن عملهُ صار صغيراً عليه.

 

الآيات (16-17) :- "16فَدَعَا عَالِي صَمُوئِيلَ وَقَالَ: «يَا صَمُوئِيلُ ابْنِي» فَقَالَ: «هأَنَذَا». 17فَقَالَ: «مَا الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمَكَ بِهِ؟ لاَ تُخْفِ عَنِّي. هكَذَا يَعْمَلُ لَكَ اللهُ وَهكَذَا يَزِيدُ إِنْ أَخْفَيْتَ عَنِّي كَلِمَةً مِنْ كُلِّ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمَكَ بِهِ»."

 

آية (18) :- "18فَأَخْبَرَهُ صَمُوئِيلُ بِجَمِيعِ الْكَلاَمِ وَلَمْ يُخْفِ عَنْهُ. فَقَالَ: «هُوَ الرَّبُّ. مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ يَعْمَلُ»."

إجابة عالى تدل على تقواه بالرغم من ضعف شخصيته. وخطأهُ أنه لم يعمل شيئاً إيجابياً.

 

الآيات (19-21) :- "19وَكَبِرَ صَمُوئِيلُ وَكَانَ الرَّبُّ مَعَهُ، وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِنْ جَمِيعِ كَلاَمِهِ يَسْقُطُ إِلَى الأَرْضِ. 20وَعَرَفَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ أَنَّهُ قَدِ اؤْتُمِنَ صَمُوئِيلُ نَبِيًّا لِلرَّبِّ. 21وَعَادَ الرَّبُّ يَتَرَاءَى فِي شِيلُوهَ، لأَنَّ الرَّبَّ اسْتَعْلَنَ لِصَمُوئِيلَ فِي شِيلُوهَ بِكَلِمَةِ الرَّبِّ. "

وَكَانَ الرَّبُّ مَعَهُ = هذا هو سر قوته. وقوة كل أولاد الله (1كو 15 : 10). أولاد الله لا يعوزهم شىء فهو نفسه معهم. والله أعطاه نعمة فى عينى شعبه = وَلَمْ يَدَعْ كلمة مِنْ جَمِيعِ كَلاَمِهِ يَسْقُطُ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ = أى كل أرجاء البلاد فدان أقصى الشمال وبئر سبع أقصى الجنوب وَعَادَ الرَّبُّ يَتَرَاءَى = لأنه كان أميناً بعد أن تراءى لهُ الرب أول مرة تراءى لهُ بعد ذلك.