الأصحاح السابع

 

الآيات (1-2):- "1فَجَاءَ أَهْلُ قَرْيَةِ يَعَارِيمَ وَأَصْعَدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ أَبِينَادَابَ فِي الأَكَمَةِ، وَقَدَّسُوا أَلِعَازَارَ ابْنَهُ لأَجْلِ حِرَاسَةِ تَابُوتِ الرَّبِّ. 2وَكَانَ مِنْ يَوْمِ جُلُوسِ التَّابُوتِ فِي قَرْيَةِ يَعَارِيمَ أَنَّ الْمُدَّةَ طَالَتْ وَكَانَتْ عِشْرِينَ سَنَةً. وَنَاحَ كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَرَاءَ الرَّبِّ. "

لقد أدرك أهل يعاريم أن التابوت يمثل حضرة الله فصعدوا بفرح وأتوا به فى إحترام إلى إِلَى بَيْتِ أَبِينَادَابَ ليبقى هناك قرابة 100 عام حتى نقله داود النبى (2صم6: 1-4). بينما كان سبب ضربات لأهل بيت شمس هو رائحة حياة لحياة ورائحة موت لموت. وكان أبيناداب لاوياً لكن ليس كاهناً وإنه لتوبيخ شديد أن من يحرس التابوت لا يكون كاهناً فقد أهان الكهنة الله بتصرفاتهم (أولاد عالى). وكانت الخيمة فى نوب بينما التابوت فى يعاريم وهذا بالتأكيد كان سبباً فى تعطيل العبادة أو جعل العبادة غير كاملة لكنه إعلان عن مدى الآنحطاط الروحى للشعب. ولم يهتم صموئيل بوضع التابوت فى الخيمة فهدفه أن يدعو الشعب للتوبة وإبعادهم عن مظهريات وشكليات العبادة. وَنَاحَ كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ: هى توبة جماعية نتيجة عمل وخدمة صموئيل الذى ظل 20 عاماً يدعو للتوبة ورفض كل عبادة غريبة وقارن بين قرية يعاريم وكيف إستقبلوا التابوت بفرح ووقار ووضعوه فى بيت أبيناداب وبين بيتشمس حيث لم يعطه أحد الكهنة بيته بل تركوه على صخرة.

 

الآيات (3-4):- "3وَكَلَّمَ صَمُوئِيلُ كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: «إِنْ كُنْتُمْ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ رَاجِعِينَ إِلَى الرَّبِّ، فَانْزِعُوا الآلِهَةَ الْغَرِيبَةَ وَالْعَشْتَارُوثَ مِنْ وَسْطِكُمْ، وَأَعِدُّوا قُلُوبَكُمْ لِلرَّبِّ وَاعْبُدُوهُ وَحْدَهُ، فَيُنْقِذَكُمْ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ». 4فَنَزَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْبَعْلِيمَ وَالْعَشْتَارُوثَ وَعَبَدُوا الرَّبَّ وَحْدَهُ. "

بعد خدمة صموئيل 20 سنة وسط إسرائيل بدأ فى العمل الجماعى. لقد بدأ صموئيل بعد هزيمة الشعب أمام الفلسطينيين وبعد عودة التابوت يؤسس مدرسة الآنبياء. وتزوج فى هذه الفترة وأنجب إثنين وخلال الخدمة الهادئة إنفتحت القلوب بالحب لله فتجمع الشعب بروح الوحدة والمحبة. وبعد 20 سنة وجد صموئيل الفرصة سانحة للمناداة بالتوبة الجماعية وشرح لهم سر فشلهم السابق وأنه فى البعد عن الله، وعبادة الألهة الغريبة. أو التعريج بين الفرقتين. الْعَشْتَارُوثَ: جمع عشتار وهى قرينة البعل وكان الفلسطينيون يعبدونها خلال تماثيل عليها صور للقمر أو كوكب الزهرة. هى آلهة للخصوبة وعبادتها إحتوت على الكثير من روح الخلاعة والرجاسات. وقد تكرست كاهنات لممارسة الدعارة فى هياكل العشتاروت. أمّا الْبَعْل فالكلمة تعنى السيد أو الرب بمعنى مالك أو سيد لإمرأة أو لعبد. وعُبِدَ البعل تحت أشكال كثيرة وبتماثيل من الخشب أو الحجر أو المعدن عليها صورة الشمس بكونها أعظم ما فى الطبيعة وأنها مصدر الحياة. وللأسف فقد سقط اليهود فى هذه العبادات للبعل والعشتاروت بل وصنعوا تماثيلهم فى الهيكل وتكرست نسائهم لهذه الدعارة وقدموا أولادهم ذبائح حية لهذه الألهة.

 

الآيات (5-6):- "5فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «اجْمَعُوا كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمِصْفَاةِ فَأُصَلِّيَ لأَجْلِكُمْ إِلَى الرَّبِّ» 6فَاجْتَمَعُوا إِلَى الْمِصْفَاةِ وَاسْتَقَوْا مَاءً وَسَكَبُوهُ أَمَامَ الرَّبِّ، وَصَامُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَقَالُوا هُنَاكَ: «قَدْ أَخْطَأْنَا إِلَى الرَّبِّ». وَقَضَى صَمُوئِيلُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْمِصْفَاةِ.

يبرز هنا دور صموئيل كقاضٍ وكممثل للحكم الإلهى مثل (موسى ويشوع) ومصلح دينى. وهو يظهر للشعب قوة الصلاة ليشرح دور الله فى حماية شعبه فَأُصَلِّيَ لأَجْلِكُمْ إِلَى الرَّبِّ فهو راعٍ روحى يعرف أنه لا يقدر أن يقود الشعب بدون الصلاة فالله هو القائد الحقيقى. والشعب فى تذلله أمام الرب اسْتَقَوْا مَاءً وَسَكَبُوهُ أَمَامَ الرَّبِّ: كأنهم يقولون فى توبتهم نحن قد إنسكبنا أمامك يا رب بلا أمل فى أن يجمعنا أحد ثانية فإرحمنا وإجمعنا. إذاً معنى سكب الماء هو علامة إعتراف بالضعف إذ صاروا كالماء المنسكب لا يمكن جمعه إلا بيد إلهية. وبعض الترجمات ترجمت الآية"وسكبوا قلوبهم بالتوبة أمامه كالماء" وتفهم أيضاً أنهم القوا خطاياهم عنهم كما يتخلص الآناء من الماء المنسكب فهم قبلاً "شربوا الأثم كالماء" إذاً هى توبة رائعة إشتملت على التوبة والأعتراف والتذلل والآنسكاب أمام الله والصوم.

 

الآيات (7-8):- "7وَسَمِعَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي الْمِصْفَاةِ، فَصَعِدَ أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ إِلَى إِسْرَائِيلَ. فَلَمَّا سَمِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ خَافُوا مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. 8وَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِصَمُوئِيلَ: «لاَ تَكُفَّ عَنِ الصُّرَاخِ مِنْ أَجْلِنَا إِلَى الرَّبِّ إِلهِنَا فَيُخَلِّصَنَا مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ»."

عدو الخير يثور ويثير رجاله مع كل توبة. فأهاج الفلسطينيين على الشعب، هو رفض الظلمة للنور. ولكن لنلاحظ أنه مع رجوع الشعب إلى الله بالتوبة تكون الحرب ليست ضد الشعب إنما ضد الله. والشعب خاف أن يتكرر ما حدث معهم فى أفيق ولكن الآن هم فى حالة توبة فطلبوا من صموئيل أن يصلى لأجلهم (فى المرة السابقة لم يطلبوا صلاته ولا حتى مشورته). هم الآن باتوا مقتنعين بقوة شفاعة صموئيل.

 

آية(9):- "9فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ حَمَلاً رَضِيعًا وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً بِتَمَامِهِ لِلرَّبِّ، وَصَرَخَ صَمُوئِيلُ إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِ إِسْرَائِيلَ، فَاسْتَجَابَ لَهُ الرَّبُّ. "

صلاة صموئيل بلا ذبيحة تصبح بلا فائدة والذبيحة إشارة لحمل الله الذى قَدّمَ نفسه عنا ليشفع فينا. والمسيح قدّم نفسه ذبيحة وهو يشفع فينا وليس معنى هذا أن نكف عن الصلاة. والمحرقة علامة على تكريس الشعب الكامل لله وتسليم نفوس الشعب ليد الله تماماً.

 

آية(10):- "10وَبَيْنَمَا كَانَ صَمُوئِيلُ يُصْعِدُ الْمُحْرَقَةَ، تَقَدَّمَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِمُحَارَبَةِ إِسْرَائِيلَ، فَأَرْعَدَ الرَّبُّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَزْعَجَهُمْ، فَانْكَسَرُوا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ. "

 

اية (11):- "11وَخَرَجَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ مِنَ الْمِصْفَاةِ وَتَبِعُوا الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَضَرَبُوهُمْ إِلَى مَا تَحْتَ بَيْتِ كَارٍ. "

فَأَرْعَدَ الرَّبُّ: "الرب يحارب عنكم وأنتم تصمتون" لقد إستجاب الله لصلاة صموئيل ولذبيحته خلال الطبيعة وأعطى الغلبة لشعبه. لقد أهاج عدو الخير إبليس أعداء شعب الله ضدهم لغيظه من توبتهم ولكن كل حروبه تؤول إلى تزكيتنا وتكليلنا ما دمنا فى يده. (1بط1: 6،7).

ملحوظة :-

صموئيل لاوى وليس كاهن والله أرشده لتقديم ذبيحة فهو نبى أولاً لهُ وضع خاص. والكهنة قد لوثوا أنفسهم. وكانت ذبيحته وصلواته أقوى من كهنة خطاة يحملون تابوت العهد. ونلاحظ أيضاً أن الهزيمة كانت بالرعد (عمل نعمة الله) وحرب الشعب (جهادهم).

 

آية(12):- "12فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ حَجَرًا وَنَصَبَهُ بَيْنَ الْمِصْفَاةِ وَالسِّنِّ، وَدَعَا اسْمَهُ «حَجَرَ الْمَعُونَةِ» وَقَالَ: «إِلَى هُنَا أَعَانَنَا الرَّبُّ»."

لقد تحققت النصرة فى ذات الموقع الذى حدثت فيه الهزيمة قبلاً وأُخِذ التابوت. لذلك أخذ صموئيل حجراً ونصبه وَدَعَاه حَجَرَ الْمَعُونَةِ ليكون شاهداً على عمل الله مع شعبه التائب فيذكر إسرائيل سبب الهزيمة الأولى (الخطية) وسبب الآنتصار الآن (التوبة).

 

الآيات (13-14):- "13فَذَلَّ الْفِلِسْطِينِيُّونَ وَلَمْ يَعُودُوا بَعْدُ لِلدُّخُولِ فِي تُخُمِ إِسْرَائِيلَ. وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ كُلَّ أَيَّامِ صَمُوئِيلَ. 14وَالْمُدُنُ الَّتِي أَخَذَهَا الْفِلِسْطِينِيُّونَ مِنْ إِسْرَائِيلَ رَجَعَتْ إِلَى إِسْرَائِيلَ مِنْ عَقْرُونَ إِلَى جَتَّ. وَاسْتَخْلَصَ إِسْرَائِيلُ تُخُومَهَا مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَكَانَ صُلْحٌ بَيْنَ إِسْرَائِيلَ وَالأَمُورِيِّينَ. "

بركات التوبة وبركات أو الثمار التى نخرج بها من معارك إبليس ضدنا حينما يثير علينا حروباً نخرج منها ببركات أكثر. فلقد إستفاد الشعب من حرب فلسطين ضدهم فى الآتى:

1-   لَمْ يَعُودُوا بَعْدُ لِلدُّخُولِ فِي تُخُمِ إِسْرَائِيلَ: حتى أيام شاول.

2-   ذُلّ الفلسطينيين وكانت كسرتهم بداية لهزائم متلاحقة.

3-   إسترد الشعب المدن التى أخذها الفلسطينيون سابقاً.

4-   حين رأى الأَمُورِيِّينَ ما حدث تصالحوا مع اليهود لخوفهم منهم فعاش الشعب فى سلام.

 

الآيات (15-17):- "15وَقَضَى صَمُوئِيلُ لإِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. 16وَكَانَ يَذْهَبُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَيَدُورُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَالْجِلْجَالِ وَالْمِصْفَاةِ، وَيَقْضِي لإِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ هذِهِ الْمَوَاضِعِ. 17وَكَانَ رُجُوعُهُ إِلَى الرَّامَةِ لأَنَّ بَيْتَهُ هُنَاكَ. وَهُنَاكَ قَضَى لإِسْرَائِيلَ، وَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ. "

كان صموئيل راعٍ نشيط يدور فى أماكن كثيرة بَيْتِ إِيلَ وَالْجِلْجَالِ وَالْمِصْفَاةِ ولم يُعِد صموئيل مجد شيلوه ولا أعاد التابوت للخيمة فماذا كانت فائدة التابوت فى الحرب السابقة وهم فى خطاياهم، لذلك إهتم بالإصلاح الداخلى للشعب وعدم التركيز على مكان معين حتى لا يدنسوا المكان بفكر وثنى. فسر القوة هو فى التوبة وليس فى المكان.