الأصحاح التاسع

 

الآيات (1-2) :- "1وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنْيَامِينَ اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ أَبِيئِيلَ بْنِ صَرُورَ بْنِ بَكُورَةَ بْنِ أَفِيحَ، ابْنُ رَجُل بَنْيَامِينِيٍّ جَبَّارَ بَأْسٍ. 2وَكَانَ لَهُ ابْنٌ اسْمُهُ شَاوُلُ، شَابٌّ وَحَسَنٌ، وَلَمْ يَكُنْ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَحْسَنَ مِنْهُ. مِنْ كَتِفِهِ فَمَا فَوْقُ كَانَ أَطْوَلَ مِنْ كُلِّ الشَّعْبِ. "

الله يعطينا درس أن لا نهتم بالمظهر بل بالقلب. لقد أعطاهم الله سؤل قلبهم رجلّ حسن المظهر لكن قلبه لم يكن مستقيماً فلم يحتمل الغنى والكرامة وإنتفخ قلبه فهو إهتم بالكرامات الزمنية لذا إنتهت حياته برفض الله. كانت نهاية حياة أول ملك يختاره الشعب أن قتلهُ الأعداء. على أن الكتاب المقدس يظهر بعدل فضائل شاول الأخرى. كان رجلّ من بنيامين. وبنيامين سبط صغير (قض 20) لكنه سبط مقتدر لهُ كرامته.

 

الآيات (3-5) :- "3فَضَلَّتْ أُتُنُ قَيْسُ أَبِي شَاوُلَ. فَقَالَ قَيْسُ لِشَاوُلَ ابْنِهِ: «خُذْ مَعَكَ وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَقُمِ اذْهَبْ فَتِّشْ عَلَى الأُتُنِ». 4فَعَبَرَ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ، ثُمَّ عَبَرَ فِي أَرْضِ شَلِيشَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا. ثُمَّ عَبَرَا فِي أَرْضِ شَعَلِيمَ فَلَمْ تُوجَدْ. ثُمَّ عَبَرَا فِي أَرْضِ بَنْيَامِينَ فَلَمْ يَجِدَاهَا. 5وَلَمَّا دَخَلاَ أَرْضَ صُوفٍ قَالَ شَاوُلُ لِغُلاَمِهِ الَّذِي مَعَهُ: «تَعَالَ نَرْجعْ لِئَلاَّ يَتْرُكَ أَبِي الأُتُنَ وَيَهْتَمَّ بِنَا»."

أحداث تبدو تافهة لكن الوحى يكشف لنا كيف أن الله ضابط الكل، يُحوَّل الأحداث جميعها مهما بدت تافهة لتحقيق خطة إلهية من جهتنا، ولا شىء يتم مصادفة. فالأتن التى ضلت تسببت فى إختيار ملك إسرائيل " الله الذى يهتم بالعصافير وليس عصفور يسقط على الأرض إلاّ بإذنه " هو يعتنى بنا. ولكن تدبير الله لا يتعارض مع حرية الآنسان فالله دبّر المقابلة ولكن شاول أتى من نفسه ولم يرغمه الله على ذلك. وهنا نرى جانب إيجابى فى شاول أى بحثه الجاد عن الأتن الضائعة فهو يهتم بتنفيذ أمر والده مهما كلفه هذا ثم تفكيره فى العودة لوالده حتى لا ينشغل عليه فهو إهتمام بمشاعر أبيه.

 

الآيات (6-10) :- "6فَقَالَ لَهُ: «هُوَذَا رَجُلُ اللهِ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ، وَالرَّجُلُ مُكَرَّمٌ، كُلُّ مَا يَقُولُهُ يَصِيرُ. لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى هُنَاكَ لَعَلَّهُ يُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا الَّتِي نَسْلُكُ فِيهَا». 7فَقَالَ شَاوُلُ لِلْغُلاَمِ: «هُوَذَا نَذْهَبُ، فَمَاذَا نُقَدِّمُ لِلرَّجُلِ؟ لأَنَّ الْخُبْزَ قَدْ نَفَدَ مِنْ أَوْعِيَتِنَا وَلَيْسَ مِنْ هَدِيَّةٍ نُقَدِّمُهَا لِرَجُلِ اللهِ. مَاذَا مَعَنَا؟» 8فَعَادَ الْغُلاَمُ وَأَجَابَ شَاوُلَ وَقَالَ: «هُوَذَا يُوجَدُ بِيَدِي رُبْعُ شَاقِلِ فِضَّةٍ فَأُعْطِيهِ لِرَجُلِ اللهِ فَيُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا». 9سَابِقًا فِي إِسْرَائِيلَ هكَذَا كَانَ يَقُولُ الرَّجُلُ عِنْدَ ذَهَابِهِ لِيَسْأَلَ اللهَ: «هَلُمَّ نَذْهَبْ إِلَى الرَّائِي». لأَنَّ النَّبِيَّ الْيَوْمَ كَانَ يُدْعَى سَابِقًا الرَّائِيَ. 10فَقَالَ شَاوُلُ لِغُلاَمِهِ: «كَلاَمُكَ حَسَنٌ. هَلُمَّ نَذْهَبْ». فَذَهَبَا إِلَى الْمَدِينَةِ الَّتِي فِيهَا رَجُلُ اللهِ. "

إعتاد اليهود أن يدعوا النبى رجل الله فهو يعمل على التقدم بالشعب إلى الله خلال الصلاة والوصية الإلهية والإرشاد والنبوة. ويُدعى أيضاً الرائى لأنه ينظر إلى بعض أمور المستقبل كما ببصيرة روحية مفتوحة. وفى آية(9) يفسر كاتب السفر تسمية النبى فى تلك المرحلة ففى زمانه سموا النبى الرائى. ولكن إسم النبى كان معروفاً منذ القديم فى قصة إبراهيم وأبيمالك. وكلمة نبى تعنى رجلّ له علاقة بالله وشفاعته مقبولة عند الله. وشاول كان يجهل صموئيل وهذا ليس بغريب فالشباب تستهويه الحروب والآنتصارات وصموئيل لم يكن قائد عسكرى . وشاول غالباً عاش فى حياته فى قريته لا يهتم بالسياسة ولا بالأمور الدينية. ولأن شاول تربى أن لا يدخل بيت الله بيد فارغة ولا يلتقى برجل الله بيد فارغة بل كانت العادة أن يذهب لهُ بهدية من طعامه أو محصولاته أو أمواله. ولم يجدوا سوى رُبْعُ شَاقِل مع الْغُلاَمُ: وهو مبلغ زهيد للغاية ولكنهم لم يخجلوا من تقديمه فالعبرة لا فى الكمية بل فى طبيعة العطاء نفسها.

 

الآيات (1115) :- "11وَفِيمَا هُمَا صَاعِدَانِ فِي مَطْلَعِ الْمَدِينَةِ صَادَفَا فَتَيَاتٍ خَارِجَاتٍ لاسْتِقَاءِ الْمَاءِ. فَقَالاَ لَهُنَّ: «أَهُنَا الرَّائِي؟» 12فَأَجَبْنَهُمَا وَقُلْنَ: «نَعَمْ. هُوَذَا هُوَ أَمَامَكُمَا. أَسْرِعَا الآنَ، لأَنَّهُ جَاءَ الْيَوْمَ إِلَى الْمَدِينَةِ لأَنَّهُ الْيَوْمَ ذَبِيحَةٌ لِلشَّعْبِ عَلَى الْمُرْتَفَعَةِ. 13عِنْدَ دُخُولِكُمَا الْمَدِينَةَ لِلْوَقْتِ تَجِدَانِهِ قَبْلَ صُعُودِهِ إِلَى الْمُرْتَفَعَةِ لِيَأْكُلَ، لأَنَّ الشَّعْبَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يَأْتِيَ لأَنَّهُ يُبَارِكُ الذَّبِيحَةَ. بَعْدَ ذلِكَ يَأْكُلُ الْمَدْعُوُّونَ. فَالآنَ اصْعَدَا لأَنَّكُمَا فِي مِثْلِ الْيَوْمِ تَجِدَانِهِ». 14فَصَعِدَا إِلَى الْمَدِينَةِ. وَفِيمَا هُمَا آتِيَانِ فِي وَسَطِ الْمَدِينَةِ إِذَا بِصَمُوئِيلَ خَارِجٌ لِلِقَائِهِمَا لِيَصْعَدَ إِلَى الْمُرْتَفَعَةِ. 15وَالرَّبُّ كَشَفَ أُذُنَ صَمُوئِيلَ قَبْلَ مَجِيءِ شَاوُلَ بِيَوْمٍ قَائِلاً: "

فى (12) الْيَوْمَ ذَبِيحَةٌ لِلشَّعْبِ.. وفى (15) الرَّبُّ كَشَفَ أُذُنَ صَمُوئِيلَ. من هذا نفهم أن النبى صموئيل صنع هذه الوليمة لشاول بعد أن أخبره الله بسره. ولأن الرامة مبنية على أكمتين (رامتايم). ولاحظ أن صموئيل يأخذ شاول معهُ إلى فوق ليأكل من الذبيحة وصموئيل هو الرائى فهذا لهُ تأمل روحى أننا لننعم بالذبيحة يجب أن نصعد إلى فوق تاركين الأرضيات ويكون معنا صموئيل الرائى أى تنفتح أعيننا على السماويات والأكمتين يشيران للعهدين العهد القديم والعهد الجديد. فكلام الله فى كتابه المقدس يفتح أعيننا على السماويات. أمّا الفتيات فيشيران لرجال العهدين الذين يرشداننا خلال نبوات الكتاب إلى المسيح.

 

آية (16) :- "16«غَدًا فِي مِثْلِ الآنَ أُرْسِلُ إِلَيْكَ رَجُلاً مِنْ أَرْضِ بَنْيَامِينَ، فَامْسَحْهُ رَئِيسًا لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ، فَيُخَلِّصَ شَعْبِي مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، لأَنِّي نَظَرْتُ إِلَى شَعْبِي لأَنَّ صُرَاخَهُمْ قَدْ جَاءَ إِلَيَّ»."

 

آية (17):- "17فَلَمَّا رَأَى صَمُوئِيلُ شَاوُلَ أَجَابَهُ الرَّبُّ: «هُوَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَلَّمْتُكَ عَنْهُ. هذَا يَضْبِطُ شَعْبِي»."

يبدو أن بينها وبين الآية13:7 تناقض ولكن المعنى أن الفلسطينيين إندحروا فى معركة لكن العداوة مازالت مستمرة والحرب معهم إستمرت كل أيام شاول. هم فى أفيق عند حجر المعونة إنكسروا لوقت محدد بصلاة صموئيل ثم ضربهم شاول وبداود تم سقوطهم.

 

آية (18) :- "18فَتَقَدَّمَ شَاوُلُ إِلَى صَمُوئِيلَ فِي وَسَطِ الْبَابِ وَقَالَ: «أَطْلُبُ إِلَيْكَ: أَخْبِرْنِي أَيْنَ بَيْتُ الرَّائِي؟»."

أَيْنَ بَيْتُ الرَّائِي: جميل أن لا يميز شاول صموئيل فهو يبدو كفرد عادى من الشعب ولم يحيط نفسه ببطانة ولم يلبس ملابس ثمينة.

 

الآيات (19–21) :- "19فَأَجَابَ صَمُوئِيلُ شَاوُلَ وَقَالَ: «أَنَا الرَّائِي. اِصْعَدَا أَمَامِي إِلَى الْمُرْتَفَعَةِ فَتَأْكُلاَ مَعِيَ الْيَوْمَ، ثُمَّ أُطْلِقَكَ صَبَاحًا وَأُخْبِرَكَ بِكُلِّ مَا فِي قَلْبِكَ. 20وَأَمَّا الأُتُنُ الضَّالَّةُ لَكَ مُنْذُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فَلاَ تَضَعْ قَلْبَكَ عَلَيْهَا لأَنَّهَا قَدْ وُجِدَتْ. وَلِمَنْ كُلُّ شَهِيِّ إِسْرَائِيلَ؟ أَلَيْسَ لَكَ وَلِكُلِّ بَيْتِ أَبِيكَ؟» 21فَأَجَابَ شَاوُلُ وَقَالَ: «أَمَا أَنَا بَنْيَامِينِيٌّ مِنْ أَصْغَرِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، وَعَشِيرَتِي أَصْغَرُ كُلِّ عَشَائِرِ أَسْبَاطِ بَنْيَامِينَ؟ فَلِمَاذَا تُكَلِّمُنِي بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ؟»." إستضاف صموئيل النبى شاول وكشف له كل شئ. وطلب منهُ أن لا ينشغل بالأتن الضالة فهذا أمر تافه أمام ما سينالهُ من عطايا فهو كملك سيكون لهُ كُلُّ شَهِيِّ إِسْرَائِيلَ. وحتى هذا الأمر التافه يطمئنه عليه بأن الأتن قد وُجِدَت. هذه تساوى "إطلبوا أولاً ملكوت الله..وهذه كلها تزاد لكم". فعلينا أن نترك الأرتباك بالأتن الضالة فيردها الرب ويهبنا ما هو أعظم أى ملكوته السماوى.

 

آية (22) :- "22فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ شَاوُلَ وَغُلاَمَهُ وَأَدْخَلَهُمَا إِلَى الْمَنْسَكِ وَأَعْطَاهُمَا مَكَانًا فِي رَأْسِ الْمَدْعُوِّينَ، وَهُمْ نَحْوُ ثَلاَثِينَ رَجُلاً. "

الْمَنْسَكِ: هى غرفة بالمرتفعة عند المذبح وهى المعدة للولائم الخاصة بالذبائح وتترجم الكلمة مخدع (عز29:8 وكذلك فى سفر حزقيال) وهنا تكون كمخازن للذخائر المقدسة كالقمح والزيت والخمر وغيرها من عشور الشعب.

 

آية (23) :- "23وَقَالَ صَمُوئِيلُ لِلطَّبَّاخِ: «هَاتِ النَّصِيبَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ إِيَّاهُ، الَّذِي قُلْتُ لَكَ عَنْهُ ضَعْهُ عِنْدَكَ»."

تظهر أن صموئيل كان على علم بأن شاول سيأتى وأن هذه الوليمة أعدت خصيصاً لهُ.

 

آية (24) :- "24فَرَفَعَ الطَّبَّاخُ السَّاقَ مَعَ مَا عَلَيْهَا وَجَعَلَهَا أَمَامَ شَاوُلَ. فَقَالَ: «هُوَذَا مَا أُبْقِيَ. ضَعْهُ أَمَامَكَ وَكُلْ. لأَنَّهُ إِلَى هذَا الْمِيعَادِ مَحْفُوظٌ لَكَ مِنْ حِينٍ قُلْتُ دَعَوْتُ الشَّعْبَ». فَأَكَلَ شَاوُلُ مَعَ صَمُوئِيلَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ. "

تظهر نفس الشئ وأن الطباخ حفظ جزء فخم لشاول حسب وصية صموئيل. ولاحظ أن الساق هى نصيب صموئيل وكتكريم لشاول ترك لهُ نصيبه.

 

آية (25) :- "25وَلَمَّا نَزَلُوا مِنَ الْمُرْتَفَعَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ تَكَلَّمَ مَعَ شَاوُلَ عَلَى السَّطْحِ. "

تمتع شاول بحديث سرى مع صموئيل على السطح وغالباً شرح لهُ إختياره كملك وعلّمه أن الشعب كان فى راحة حين كانوا فى قداسة فليحكم ويملك فى مخافة الرب فيكون لهُ ولشعبه بركة. والتأمّل الروحى. بعد الأكل من الذبيحة ياليتنا نرتفع عن الأرضيات ونكون على السطح فننعم بحديث حلو مع مسيحنا يكشف لنا فيه أنه أقامنا ملوكناً روحيين.

ملحوظة:

لاحظ تدرج الإعلان لشاول عن خبر ملكه الآيات 19، 20، 22، 25 فالله يعلن إرادته

للناس بالتدريج لكى يستعدوا لها ولكى يعدهم هو لها.

 

الآيات (26-27) :- "26وَبَكَّرُوا. وَكَانَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّ صَمُوئِيلَ دَعَا شَاوُلَ عَنِ السَّطْحِ قَائِلاً: «قُمْ فَأَصْرِفَكَ». فَقَامَ شَاوُلُ وَخَرَجَا كِلاَهُمَا، هُوَ وَصَمُوئِيلُ إِلَى خَارِجٍ. 27وَفِيمَا هُمَا نَازِلاَنِ بِطَرَفِ الْمَدِينَةِ قَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «قُلْ لِلْغُلاَمِ أَنْ يَعْبُرَ قُدَّامَنَا». فَعَبَرَ. «وَأَمَّا أَنْتَ فَقِفِ الآنَ فَأُسْمِعَكَ كَلاَمَ اللهِ»."