الإصحاح السابع عشر

 

الآيات (1-4):- "1وَقَالَ أَخِيتُوفَلُ لأَبْشَالُومَ: «دَعْنِي أَنْتَخِبُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُل وَأَقُومُ وَأَسْعَى وَرَاءَ دَاوُدَ هذِهِ اللَّيْلَةَ، 2فَآتِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتْعَبٌ وَمُرْتَخِي الْيَدَيْنِ فَأُزْعِجُهُ، فَيَهْرُبَ كُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ، وَأَضْرِبُ الْمَلِكَ وَحْدَهُ. 3وَأَرُدَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ إِلَيْكَ. كَرُجُوعِ الْجَمِيعِ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي تَطْلُبُهُ، فَيَكُونُ كُلُّ الشَّعْبِ فِي سَلاَمٍ». 4فَحَسُنَ الأَمْرُ فِي عَيْنَيْ أَبْشَالُومَ وَأَعْيُنِ جَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ. "

 

ملك داود على حبرون 7.5 سنة دون أن يتعجل الحكم على كل إسرائيل مع أنه لهُ وعد من الله ولكنه بإيمان واثق فى الله إنتظر أن يحقق الله وعده. أمّا هذا الشاب العاق فتعجل كل شئ حتى قتل أبيه. وكانت مشورة أخيتوفل لتحقيق هدف إبشالوم ألا وهو قتل داود هى أن يسرعوا باللحاق بداود وهو متعب هو والشعب الذين معهُ وبسبب الإرهاق الشديد والمفاجأة وقبل أن يستقر داود لينظم جيشه ويدبر أموره يضطرب الكل ويتركونه، فيبقى داود وحدهُ= فَأُزْعِجُهُ، فَيَهْرُبَ كُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَأَضْرِبُ الْمَلِكَ وَحْدَهُ = أى يقتله. ويرجع باقى الشعب إلى إبشالوم أى بقية الرجال وبقية الشعب الذين كانوا مازالوا وراء داود حين يجدونه قد مات يرضوا بالأمر الواقع ويدينوا بالولاء لإبشالوم [وكان فى تصوّر أخيتوفل أن الأمر لا يحتاج سوى لـ 12,000 رجل]. كَرُجُوعِ الْجَمِيعِ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي تَطْلُبُهُ = لأن موت الرجل الذى تطلبه معناه رجوع الجميع للإلتفاف حولك. فَيَكُونُ كُلُّ الشَّعْبِ فِي سَلاَمٍ = لأن قتل داود سيتسبب فى أن يتفرق رجاله ويتشتتوا ولا تصير هناك حرب طويلة كالتى كانت بين بيت شاول وبيت داود. وفى أية (14) يقول الكتاب أن هذه المشورة كانت صالحة. وصالحة ليست معناها أنها بحسب إرادة الله ولكن بمعنى أنها صائبة وكانت ستؤدى فعلاً لمقتل داود فداود كان منهك فعلاً هو ورجاله وكانوا غير قادرين على الحرب وكانت المفاجأة ستكون قاتلة لهم. ولكن صلاة داود أبطلت هذه المشورة وحمقتها أى جعلت حكمة أخيتوفل حماقة ولم يؤخذ بها. والعجيب أن يقول أخيتوفل أَرُدَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ = فهو إعتبر أن من وراء داود هم خارجين عن القانون ومرتدين عن الملك إبشالوم. وهناك تأمّل روحى فى قول أخيتوفل أن موت داود يكون فيه سلام للشعب وداود كرمز للمسيح كان موتهُ سلاماً للعالم والله إستخدم هذا الشرير أَخِيتُوفَلُ = أخ الحماقة ليعلن هذه النبوة كما إستخدم قيافا رئيس الكهنة لإعلان نبوة مماثلة (يو11: 49-52).

 

آية (5):- "5فَقَالَ أَبْشَالُومُ: «ادْعُ أَيْضًا حُوشَايَ الأَرْكِيَّ فَنَسْمَعَ مَا يَقُولُ هُوَ أَيْضًا»."

هذا تدبير الله فالله له أدواته ويرسل الله مع التجربة المنفذ. وبحكمة تكلم حوشاى.

 

آية (6):- "6فَلَمَّا جَاءَ حُوشَايُ إِلَى أَبْشَالُومَ، كَلَّمَهُ أَبْشَالُومُ قَائِلاً: «بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ تَكَلَّمَ أَخِيتُوفَلُ. أَنَعْمَلُ حَسَبَ كَلاَمِهِ أَمْ لاَ؟ تَكَلَّمْ أَنْتَ»."

 

الآيات (7-13):- "7فَقَالَ حُوشَايُ لأَبْشَالُومَ: «لَيْسَتْ حَسَنَةً الْمَشُورَةُ الَّتِي أَشَارَ بِهَا أَخِيتُوفَلُ هذِهِ الْمَرَّةً». 8ثُمَ قَالَ حُوشَاي: «أَنْتَ تَعْلَمُ أَبَاكَ وَرِجَالَهُ أَنَّهُمْ جَبَابِرَةٌ، وَأَنَّ أَنْفُسَهُمْ مُرَّةٌ كَدُبَّةٍ مُثْكِل فِي الْحَقْلِ. وَأَبُوكَ رَجُلُ قِتَال وَلاَ يَبِيتُ مَعَ الشَّعْبِ. 9هَا هُوَ الآنَ مُخْتَبِئٌ فِي إِحْدَى الْحُفَرِ أَوْ أَحَدِ الأَمَاكِنِ. وَيَكُونُ إِذَا سَقَطَ بَعْضُهُمْ فِي الابْتِدَاءِ أَنَّ السَّامِعَ يَسْمَعُ فَيَقُولُ: قَدْ صَارَتْ كَسْرَةٌ فِي الشَّعْبِ الَّذِي وَرَاءَ أَبْشَالُومَ. 10أَيْضًا ذُو الْبَأْسِ الَّذِي قَلْبُهُ كَقَلْبِ الأَسَدِ يَذُوبُ ذَوَبَانًا، لأَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ يَعْلَمُونَ أَنَّ أَبَاكَ جَبَّارٌ، وَالَّذِينَ مَعَهُ ذَوُو بَأْسٍ. 11لِذلِكَ أُشِيرُ بِأَنْ يَجْتَمِعَ إِلَيْكَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ، كَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى الْبَحْرِ فِي الْكَثْرَةِ، وَحَضْرَتُكَ سَائِرٌ فِي الْوَسَطِ. 12وَنَأْتِيَ إِلَيْهِ إِلَى أَحَدِ الأَمَاكِنِ حَيْثُ هُوَ، وَنَنْزِلَ عَلَيْهِ نُزُولَ الطَّلِّ عَلَى الأَرْضِ، وَلاَ يَبْقَى مِنْهُ وَلاَ مِنْ جَمِيعِ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَعَهُ وَاحِدٌ. 13وَإِذَا انْحَازَ إِلَى مَدِينَةٍ، يَحْمِلُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ إِلَى تِلْكَ الْمَدِينَةِ حِبَالاً، فَنَجُرُّهَا إِلَى الْوَادِي حَتَّى لاَ تَبْقَى هُنَاكَ وَلاَ حَصَاةٌ»."

حوشاى أراد أن يعطى فرصة لداود لينظم نفسه وفرصة ليخبره فلا يفاجأ. وبحكمة أجاب حوشاى أى كان كلامهُ مقنعاً لمن سمعوه وملخص ما قاله:-

1- أن داود رجل حرب وهو بالتأكيد أعد عدته لمثل مشورة أخيتوفل ومؤكد أنه لن يبيت وسط رجالهُ بل سيختفى فى شق أو مغارة فى الجبل يصعب إكتشافها وستقوم حرب طاحنة بين رجال داود ورجال إبشالوم بلا فائدة لأنهم لن يجدوا داود ويبقى داود لينغص على إبشالوم فهناك جمهور مؤيد لداود.

2- أن إبشالوم يواجه داود وهو رجل حرب يخطط جيداً فينبغى التروى حتى لا ينهزم جيش إبشالوم فيفقد الشعب الثقة فيه. وخبر أى هزيمة ينتقل بسرعة (هذا معنى أية 9).

3- أن داود الجريح ورجاله الآن ليسوا ضعفاء فهم أَنْفُسَهُمْ مُرَّةٌ كَدُبَّةٍ مُثْكِل فِي الْحَقْلِ والجندى الجريح نفسياً يحارب بقوة وضراوة. فإذا كان أصلاً جبار (أية 10) فكم وكم تكون قوتهم. والهزيمة الأولى ستلقى الرعب فى قلوب رجال إبشالوم (أية 10).

4- إبشالوم الآن كملك شعبه يمتد من دان إلى بئر سبع فليستخدم إمكانياتهم ويعد جيش كبيراً جداً ولا يكتفى بـ 12,000 حتى لا يتعرضوا للهزيمة وَينْزِلَ كالطَّلِّ عَلَى الأَرْضِ (مثل يدل على كثرة عدد الجيش). وإن إختبأ فى مدينة= وَإِذَا انْحَازَ إِلَى مَدِينَةٍ = أى إذا إختبأ داود داخل أسوار مدينة فليدمروا هذه المدينة ولا يتركوا حجراً على حجر (معنى أية 12) وعجيب أن يفرح إبشالوم بهذا الحل أن يدمر مدينة بشعبها. وداود هرب من أورشليم حتى لا يضربها إبشالوم بحد السيف، هذا هو الفارق بين الراعى الحقيقى والذئب (يو10: 10-12).

5- حتى يجد الكلام صدى فى نفسية هذا الشاب المتكبر الأرعن ضرب حوشاى على وتر حساس. فبعد أن تجمع يا مولاى هذا الجيش الجبار وَحَضْرَتُكَ سَائِرٌ فِي الْوَسَطِ (أية 11) وتركه يتيه فخراً وزهواً بنفسه متصوراً هذا المنظر العظيم أنه فى وسط جيش من مئات الألوف يقودهم ليبيدوا كل رجال داود ولا يبقى منهم واحد (أية 12) ومن السهل جداً أن يُخدع الإنسان المتكبر، فقط بأن تقول لهُ ما يشبع كبرياءهُ أمّا المتواضع فلا يمكن خداعه بهذا.

هذه النقاط التى أثارها حوشاى أرعبت إبشالوم من التسرع وأشبعت كبرياءهُ ولم يُدرك أن كثيرين مازالوا متعلقين ببطلهم داود . ولكن لكى يتعلق الكل به فهذا يحتاج لوقت طويل. فالله الذى سمح بمشورة أخيتوفل ها هو يبطلها  بمشورة حوشاى ليعطى النصرة لداود ورجاله الأمناء، هذه هى يد الله العاملة عبر الأجيال لحساب مؤمنيه.

 

آية (14):- "14فَقَالَ أَبْشَالُومُ وَكُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ: «إِنَّ مَشُورَةَ حُوشَايَ الأَرْكِيِّ أَحْسَنُ مِنْ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ». فَإِنَّ الرَّبَّ أَمَرَ بِإِبْطَالِ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ الصَّالِحَةِ، لِكَيْ يُنْزِلَ الرَّبُّ الشَّرَّ بِأَبْشَالُومَ. "

 

الآيات (15-16):- "15وَقَالَ حُوشَايُ لِصَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَيْنِ: «كَذَا وَكَذَا أَشَارَ أَخِيتُوفَلُ عَلَى أَبْشَالُومَ وَعَلَى شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، وَكَذَا وَكَذَا أَشَرْتُ أَنَا. 16فَالآنَ أَرْسِلُوا عَاجِلاً وَأَخْبِرُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: لاَ تَبِتْ هذِهِ اللَّيْلَةَ فِي سُهُولِ الْبَرِّيَّةِ، بَلِ اعْبُرْ لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ الْمَلِكُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ»."

نفذ حوشاى الجزء الأول من الخطة وأبطل مشورة أخيتوفل والآن يُرسِلْ لداود خبراً بكل ما حدث خلال الكهنة، وقد إستخدم الله الشعب والكهنة الرجال والنساء، الشيوخ والشبان لتحقيق هذا الهدف، ليعلن أن الكنيسة جسد واحد. ولقد طلب حوشاى من داود أن يهرب هذه الليلة ويعبر الأردن ولا يبيت فى شرق الأردن لأنه خاف أن يعود إبشالوم ويقبل خطة أخيتوفل.

ملحوظة:- الذى يبدو على الظاهر أن إبشالوم قد إمتلك وهو الأقوى والذين هم لداود هم قلة هاربين منهكين ومن الذى يسانده الآن فى أورشليم حوشاى والكاهنين وجارية وغلام كما سنرى ولكن ليس كل هؤلاء الذين يساندون داود بل الله هو الذى يحرك كل هؤلاء لذلك قال إليشع "الذين معنا أكثر من الذين علينا".

آية (17):- "17وَكَانَ يُونَاثَانُ وَأَخِيمَعَصُ وَاقِفَيْنِ عِنْدَ عَيْنِ رُوجَلَ، فَانْطَلَقَتِ الْجَارِيَةُ وَأَخْبَرَتْهُمَا، وَهُمَا ذَهَبَا وَأَخْبَرَا الْمَلِكَ دَاوُدَ، لأَنَّهُمَا لَمْ يَقْدِرَا أَنْ يُرَيَا دَاخِلَيْنِ الْمَدِينَةَ. "  

إنطلقت جارية من قبل الكاهنين الشيخين صادوق وأبياثار إلى إبنيهما الكاهنين الشابين الذين كانا واقفين عند عين روجل. وهى تظاهرت بأنها ذاهبة لتستسقى. والكاهنين لم يقدروا أن يظهرا فى أورشليم داخل المدينة حتى لا يثير خروجهما إستفسارات أو ربما منعوهما من الخروج. وكانت خطة محكمة أن يختبئ الكاهنان الشابين عند العين. وحوشاى يبلغ الكاهنين الكبيرين وهما يرسلان الجارية إلى خارج أورشليم عند العين لتستسقى وتبلغهم وهم يذهبون إلى داود. والكاهنين الشابين لَمْ يَقْدِرَا أَنْ يُرَيَا = لأنهما كانا معروفين أنهما من رجال داود وتابعيه.

 

الآيات (18-19):- "18فَرَآهُمَا غُلاَمٌ وَأَخْبَرَ أَبْشَالُومَ. فَذَهَبَا كِلاَهُمَا عَاجِلاً وَدَخَلاَ بَيْتَ رَجُل فِي بَحُورِيمَ وَلَهُ بِئْرٌ فِي دَارِهِ، فَنَزَلاَ إِلَيْهَا. 19فَأَخَذَتِ الْمَرْأَةُ وَفَرَشَتْ سَجْفًا عَلَى فَمِ الْبِئْرِ وَسَطَحَتْ عَلَيْهِ سَمِيذًا فَلَمْ يُعْلَمِ الأَمْرُ. "

ومع كل هذا فإن غلام (جاسوس غالباً) رآهما وأخبر رجال إبشالوم فإنطلقوا وراءهما ليمسكوهما، وكأن مع كل عمل نتوقع مقاومة من عدو الخير من حيث لا ندرى، لذا لن تنجح أى خطة بشرية مهما أحكمت ما لم تتدخل عناية الله ونعمته. وَلَهُ بِئْرٌ فِي دَارِهِ = البئر هى مكان لحفظ ماء المطر وتخزينه يناظر الصهريج الآن. وهى كانت جافة.

 

الآيات (20-21):- "20فَجَاءَ عَبِيدُ أَبْشَالُومَ إِلَى الْمَرْأَةِ إِلَى الْبَيْتِ وَقَالُوا: «أَيْنَ أَخِيمَعَصُ وَيُونَاثَانُ؟» فَقَالَتْ لَهُمُ الْمَرْأَةُ: «قَدْ عَبَرَا قَنَاةَ الْمَاءِ». وَلَمَّا فَتَّشُوا وَلَمْ يَجِدُوهُمَا رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ.

21وَبَعْدَ ذِهَابِهِمْ خَرَجَا مِنَ الْبِئْرِ وَذَهَبَا وَأَخْبَرَا الْمَلِكَ دَاوُدَ، وَقَالاَ لِدَاوُدَ: «قُومُوا وَاعْبُرُوا سَرِيعًا الْمَاءَ، لأَنَّ هكَذَا أَشَارَ عَلَيْكُمْ أَخِيتُوفَلُ»."

واضح أن المرأة كذبت والكذب لا يمكن تبريره. وكان الله يمكن أن يعمل بالصدق فمثلاً كان يمكن أن تقول لا أعلم كما قال المسيح حين سألوه عن اليوم الأخير.

 

آية (22):-"22فَقَامَ دَاوُدُ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَعَبَرُوا الأُرْدُنَّ. وَعِنْدَ ضَوْءِ الصَّبَاحِ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ لَمْ يَعْبُرِ الأُرْدُنَّ. "  

لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ لَمْ يَعْبُرِ الأُرْدُنَّ = إذا فهمنا أن داود يرمز للمسيح فهذه تشبه "الذين فى يدى لم يهلك منهم أحد". المهم أن نتبعه كما تبعه أولئك.

 

آية (23):- "23وَأَمَّا أَخِيتُوفَلُ فَلَمَّا رَأَى أَنَّ مَشُورَتَهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا، شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ وَقَامَ وَانْطَلَقَ إِلَى بَيْتِهِ إِلَى مَدِينَتِهِ، وَأَوْصَى لِبَيْتِهِ، وَخَنَقَ نَفْسَهُ وَمَاتَ وَدُفِنَ فِي قَبْرِ أَبِيهِ. "

أَخِيتُوفَلُ أى أخ الحماقة وأى حماقة أكثر من أن يموت الشخص منتحراً. وهو إنتحر من أجل كرامته الذاتية فقد قبلوا مشورة حوشاى وتركوا مشورته والأهم أنه علم أن مشورة حوشاى ستؤدى إلى هلاك إبشالوم ويعود داود ليعاقبه كخائن. وصار أخيتوفل هذا رمزاً ليهوذا الذى خان سيده وخنق نفسه وَأَوْصَى لِبَيْتِهِ = كتب وصيته.

 

آية (24):- "24وَجَاءَ دَاوُدُ إِلَى مَحَنَايِمَ. وَعَبَرَ أَبْشَالُومُ الأُرْدُنَّ هُوَ وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ. "

عبر داود ورجاله نهر الأردن إلى محنايم وهى مدينة عند تخم جاد الشمالى ومدينة مناسبة لداود بسبب حصونها.

 

آية (25):- "25وَأَقَامَ أَبْشَالُومُ عَمَاسَا بَدَلَ يُوآبَ عَلَى الْجَيْشِ. وَكَانَ عَمَاسَا ابْنَ رَجُل اسْمُهُ يِثْرَا الإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي دَخَلَ إِلَى أَبِيجَايِلَ بِنْتِ نَاحَاشَ أُخْتِ صَرُويَةَ أُمِّ يُوآبَ. "  

قيل فى ناحاش أنه إسم آخر ليسى أو هو إسم زوجة يسى ولكن الحل المتفق عليه من الأغلبية أنهُ بعد موت ناحاش أخذ يسى أرملته فولدت لهُ داود وإخوته فكانت أبيجايل وصروية أختيهم لأمهم وليس لأبيهم.

 

آية (26):- "26وَنَزَلَ إِسْرَائِيلُ وَأَبْشَالُومُ فِي أَرْضِ جِلْعَادَ. "

 

الآيات (27-29):- "27وَكَانَ لَمَّا جَاءَ دَاوُدُ إِلَى مَحَنَايِمَ أَنَّ شُوبِيَ بْنَ نَاحَاشَ مِنْ رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ، وَمَاكِيرَ بْنُ عَمِّيئِيلَ مِنْ لُودَبَارَ، وَبَرْزَلاَّيَ الْجِلْعَادِيَّ مِنْ رُوجَلِيمَ، 28قَدَّمُوا فَرْشًا وَطُسُوسًا وَآنِيَةَ خَزَفٍ وَحِنْطَةً وَشَعِيرًا وَدَقِيقًا وَفَرِيكًا وَفُولاً وَعَدَسًا وَحِمِّصًا مَشْوِيًّا 29وَعَسَلاً وَزُبْدَةً وَضَأْنًا وَجُبْنَ بَقَرٍ، لِدَاوُدَ وَلِلشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ لِيَأْكُلُوا، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «الشَّعْبُ جَوْعَانُ وَمُتْعَبٌ وَعَطْشَانُ فِي الْبَرِّيَّةِ»."

قدم محبى داود لهُ مائدة فترنم بالمزمور (23) "ترتب لى مائدة تجاه مضايقىّ". داود أخطأ كثيراً فى قضية أوريا. والله حقاً غفر له ولكن الله يؤدب من يحبه. فالزنا دخل بيته والسيف دخل بيته وها هو شمعى يشتمه وابشالوم ابنه يقوم بثورة دموية ضده. وأخيتوفل يخونه والشعب يتخلى عنه وهو يهرب حافياً بل ويمرض بعد ذلك (مز 41،55). وابن الخطية يموت. ولكن الله يعطى مع التجربة المنفذ فشماله تحت رأسي (التأديب) ويمينه تعانقنى (التعزيات) والتعزيات هى مسكنات للنفس المتألمة وسط التجارب. فلقد أظهر حوشاى الأركى وأتاى الجتى محبتهم وكذلك صادوق وابياثار. وهنا نجد من يحبونه ويقابلونه بطعام له ولرجاله الجائعين.