الإصحاح الأول

 

الآيات (1-4):- "1وَشَاخَ الْمَلِكُ دَاوُدُ. تَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَكَانُوا يُدَثِّرُونَهُ بِالثِّيَابِ فَلَمْ يَدْفَأْ. 2فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: «لِيُفَتِّشُوا لِسَيِّدِنَا الْمَلِكِ عَلَى فَتَاةٍ عَذْرَاءَ، فَلْتَقِفْ أَمَامَ الْمَلِكِ وَلْتَكُنْ لَهُ حَاضِنَةً وَلْتَضْطَجعْ فِي حِضْنِكَ فَيَدْفَأَ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ». 3فَفَتَّشُوا عَلَى فَتَاةٍ جَمِيلَةٍ فِي جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ، فَوَجَدُوا أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ، فَجَاءُوا بِهَا إِلَى الْمَلِكِ. 4وَكَانَتِ الْفَتَاةُ جَمِيلَةً جِدًّا، فَكَانَتْ حَاضِنَةَ الْمَلِكِ. وَكَانَتْ تَخْدِمُهُ، وَلكِنَّ الْمَلِكَ لَمْ يَعْرِفْهَا. "

عمر الملك داود الآن حوالى 70 عاما فهو ملك وعمره 30 عاما وملك 40 عاما. وواضح أنه فى سن السبعين يوجد كثيرين لهم حيوية أكثر من ذلك فلماذا إنهارت صحة داود هكذا ؟ لقد رأى داود أياما صعبة بسبب خطيته فى موضوع أوريا وكان أصعبها، فتنة إبنه عليه بل سعيه وراءه ليقتله ثم حزنه على أولاده وما حدث لهم ومنهم وهو ذوالشخصية المملوءة حبا وحنانا. ونجد هنا مشورة بإحضار فتاة حاضنة جميلة للملك وهى أبيشج الشونمية وهذه الفكرة إنما كانت من وزراء ومشيرى داود بحسب شهواتهم هم وليس حسب طلبه ويقال أنها طريقة يونانية للعلاج فهذه تعمل كممرضة تنام بجوار المريض. وموضوع أبيشج ذكر هنا كمقدمة لما سيحدث بعد ذلك فى موضوع أدونيا إبن داود. وذكر موضوع ضعف داود لإظهار سبب الإسراع بتنصيب ملك أخر من أولاده.

 

الآيات (5-10):- "5ثُمَّ إِنَّ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ تَرَفَّعَ قَائِلاً: «أَنَا أَمْلِكُ». وَعَدَّ لِنَفْسِهِ عَجَلاَتٍ وَفُرْسَانًا وَخَمْسِينَ رَجُلاً يَجْرُونَ أَمَامَهُ. 6وَلَمْ يُغْضِبْهُ أَبُوهُ قَطُّ قَائِلاً: «لِمَاذَا فَعَلْتَ هكَذَا؟» وَهُوَ أَيْضًا جَمِيلُ الصُّورَةِ جِدًّا، وَقَدْ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ بَعْدَ أَبْشَالُومَ. 7وَكَانَ كَلاَمُهُ مَعَ يُوآبَ ابْنِ صَرُويَةَ، وَمَعَ أَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ، فَأَعَانَا أَدُونِيَّا. 8وَأَمَّا صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ وَشِمْعِي وَرِيعِي وَالْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ لِدَاوُدَ فَلَمْ يَكُونُوا مَعَ أَدُونِيَّا. 9فَذَبَحَ أَدُونِيَّا غَنَمًا وَبَقَرًا وَمَعْلُوفَاتٍ عِنْدَ حَجَرِ الزَّاحِفَةِ الَّذِي بِجَانِبِ عَيْنِ رُوجَلَ، وَدَعَا جَمِيعَ إِخْوَتِهِ بَنِي الْمَلِكِ وَجَمِيعَ رِجَالِ يَهُوذَا عَبِيدِ الْمَلِكِ، 10وَأَمَّا نَاثَانُ النَّبِيُّ وَبَنَايَاهُو وَالْجَبَابِرَةُ وَسُلَيْمَانُ أَخُوهُ فَلَمْ يَدْعُهُمْ. "

هنا نسمع عن إبن داود أدونيا وكل ما عرفناه عنه أنه جميل الصورة جدا فكان فى عينى أبيه كجوهرة ولكنه صار كشوكة. وهو أكبر أبناء داود الأحياء لأن أمنون وإبشالوم ماتا وهذا مسجل كتابيا وغالبا كيلأب ايضا. وفى آية (5) تَرَفَّعَ قَائِلاً = كان أدونيا له كثير من البركات التى أنعم بها عليه لكن دخل الكبرياء قلبه عوضا عن الشكر وحاول إغتصاب ما لم يدعه الله إليه. وَعَدَّ لِنَفْسِهِ عَجَلاَتٍ وَفُرْسَانًا = هذا ليس للحرب ولكن للتعظيم كما فعل إبشالوم وكما لم يفعل داود أبدا وهذه وسائل بشرية.

وَلَمْ يُغْضِبْهُ أَبُوهُ قَطُّ = الآب الذى لا يغضب إبنه ويعلمه أن يمتنع عن الشر كأنه يعلمه أن يفعل الشر ولذلك هو إستغل شيخوخة أبيه ومرضه وإغتصب الملك وأدونيا كان يعلم نية أبيه أنه سيعطى الملك لسليمان (1 أى 9:22) وهذا يتضح فى تجاهله لأبوه داود وعدم دعوة سليمان لذلك يعتبر ماعمله أدونيا مؤامرة ضد الملك المختار من الله. وهذا فعله اليهود حين قالوا عن المسيح هذا لا يملك علينا. وَقَدْ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ بَعْدَ أَبْشَالُومَ = أم أدونيا هى حجيث وأم إبشالوم هى معكة فهما من أمين مختلفين والمعنى المقصود أن أدونيا كان أصغر سنا من إبشالوم.

وَكَانَ كَلاَمُهُ مَعَ يُوآبَ = يوآب فضل أن يملك أدونيا ضعيف الشخصية عن أن يملك سليمان القوى وإذا ملك أدونيا صار الملك الفعلى ليوآب وغريب أن ينحاز رجال داود ضد رغبة داود. ولكن هم غالبا رأوا ضعف داود الصحى وربما فضلوا أن يملك أدونيا حتى يضمنوا لهم مراكز قيادية بعد داود. وأما إنحياز أبياثار الكاهن لأدونيا فهو غريب فعلا لكن يبدو أن هذا كان بسماح من الله حتى تتم النبوة فى بيت عالى الكاهن. فسليمان حين ملك عزل أبياثار وعين صادوق مكانه وظلت عائلة صادوق فى رياسة الكهنوت حتى مجىء المسيح وإنتهى بعزل أبياثار بيت عالى الكاهن تماما.

وكان ابياثار كاهنا فى أورشليم حيث التابوت. وصادوق كاهنا فى جبعون حيث خيمة الإجتماع

 (1 أى 39:16). فَذَبَحَ أَدُونِيَّا = إتضح سوء نية أدونيا فى أنه لم يدع سليمان، إذا هو يعرف أن داود إختاره ملكا بعده. وحتى تكتمل الصورة قدم ذبائح فمعه أبياثار رئيس الكهنة فكأنه يبدأ ملكه بصبغة دينية ولكنها مزيفة.

 

الآيات (11-31):- "11فَكَلَّمَ نَاثَانُ بَثْشَبَعَ أُمِّ سُلَيْمَانَ قَائِلاً: «أَمَا سَمِعْتِ أَنَّ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ قَدْ مَلَكَ، وَسَيِّدُنَا دَاوُدُ لاَ يَعْلَمُ؟ 12فَالآنَ تَعَالَيْ أُشِيرُ عَلَيْكِ مَشُورَةً فَتُنَجِّي نَفْسَكِ وَنَفْسَ ابْنِكِ سُلَيْمَانَ. 13اِذْهَبِي وَادْخُلِي إِلَى الْمَلِكِ دَاوُدَ وَقُولِي لَهُ: أَمَا حَلَفْتَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ لأَمَتِكَ قَائِلاً: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي، وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي؟ فَلِمَاذَا مَلَكَ أَدُونِيَّا؟ 14وَفِيمَا أَنْتِ مُتَكَلِّمَةٌ هُنَاكَ مَعَ الْمَلِكِ، أَدْخُلُ أَنَا وَرَاءَكِ وَأُكَمِّلُ كَلاَمَكِ». 15فَدَخَلَتْ بَثْشَبَعُ إِلَى الْمَلِكِ إِلَى الْمِخْدَعِ. وَكَانَ الْمَلِكُ قَدْ شَاخَ جِدًّا وَكَانَتْ أَبِيشَجُ الشُّونَمِيَّةُ تَخْدِمُ الْمَلِكَ. 16فَخَرَّتْ بَثْشَبَعُ وَسَجَدَتْ لِلْمَلِكِ، فَقَالَ الْمَلِكُ: «مَا لَكِ؟» 17فَقَالَتْ لَهُ «أَنْتَ يَا سَيِّدِي حَلَفْتَ بِالرَّبِّ إِلهِكَ لأَمَتِكَ قَائِلاً: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي. 18وَالآنَ هُوَذَا أَدُونِيَّا قَدْ مَلَكَ. وَالآنَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ لاَ تَعْلَمُ ذلِكَ. 19وَقَدْ ذَبَحَ ثِيرَانًا وَمَعْلُوفَاتٍ وَغَنَمًا بِكَثْرَةٍ، وَدَعَا جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ، وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَ وَيُوآبَ رَئِيسَ الْجَيْشِ، وَلَمْ يَدْعُ سُلَيْمَانَ عَبْدَكَ. 20وَأَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ أَعْيُنُ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ نَحْوَكَ لِكَيْ تُخْبِرَهُمْ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ بَعْدَهُ. 21فَيَكُونُ إِذَا اضْطَجَعَ سَيِّدِي الْمَلِكُ مَعَ آبَائِهِ أَنِّي أَنَا وَابْنِي سُلَيْمَانَ نُحْسَبُ مُذْنِبَيْنِ». 22وَبَيْنَمَا هِيَ مُتَكَلِّمَةٌ مَعَ الْمَلِكِ، إِذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ دَاخِلٌ. 23فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ قَائِلِينَ: «هُوَذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ». فَدَخَلَ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. 24وَقَالَ نَاثَانُ: «يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ، أَأَنْتَ قُلْتَ إِنَّ أَدُونِيَّا يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي؟ 25لأَنَّهُ نَزَلَ الْيَوْمَ وَذَبَحَ ثِيرَانًا وَمَعْلُوفَاتٍ وَغَنَمًا بِكَثْرَةٍ، وَدَعَا جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ وَرُؤَسَاءَ الْجَيْشِ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَ، وَهَا هُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ أَمَامَهُ وَيَقُولُونَ: لِيَحْيَ الْمَلِكُ أَدُونِيَّا. 26وَأَمَّا أَنَا عَبْدُكَ وَصَادُوقُ الْكَاهِنُ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَسُلَيْمَانُ عَبْدُكَ فَلَمْ يَدْعُنَا. 27هَلْ مِنْ قِبَلِ سَيِّدِي الْمَلِكِ كَانَ هذَا الأَمْرُ، وَلَمْ تُعْلِمْ عَبْدَكَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ بَعْدَهُ؟».

28فَأَجَابَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَقَالَ: «اُدْعُ لِي بَثْشَبَعَ». فَدَخَلَتْ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَوَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ. 29فَحَلَفَ الْمَلِكُ وَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي فَدَى نَفْسِي مِنْ كُلِّ ضِيقَةٍ، 30إِنَّهُ كَمَا حَلَفْتُ لَكِ بِالرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي، وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي عِوَضًا عَنِّي، كَذلِكَ أَفْعَلُ هذَا الْيَوْمَ». 31فَخَرَّتْ بَثْشَبَعُ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَتْ لِلْمَلِكِ وَقَالَتْ: «لِيَحْيَ سَيِّدِي الْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى الأَبَدِ»."

لم يكن فى ذلك الحين قد تم الإستقرار كيف يورث الملك هل يرث البكر، أم الذى يختاره الملك، أم الذى يختاره الشعب لذلك فى (20) قالت بثشبع أَعْيُنُ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ نَحْوَكَ لِكَيْ تُخْبِرَهُمْ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ. ثم نجد خطة ناثان والتى إشترك فيها مع بثشبع لإخبار داود بما فعله أدونيا دون علمه. وناثان لم يستطع السكوت على هذه المؤامرة لأنه يعرف أن سليمان هو حبيب الرب فهو اسماه يديديا (2 صم 25:12) وناثان لم يكن ليتدخل إن لم يكن يعلم أن الأمر من الله. وكان دخول ناثان وراء بتشبع لزيادة حماس داود. ولقد أضاف ناثان أنهم لم يدعوه للإحتفال وهذا معناه أنهم لم يستشيروا الملك ولم يستشيروا الله. بل نادوا يحيا الملك أدونيا كأن أبيه الملك داود قد مات. ونلاحظ إرتباط ناثان بسليمان فهو الذى حمل النبوة الخاصة به. وقول ناثان لبثشبع فى (12 فَتُنَجِّي نَفْسَكِ = لأنه كان من عادة الملوك الوثنيين أن يقتلوا كل من يخافوا أن ينافسهم فى الملك حين يملكوا. ولذلك قالت بثشبع فى (21) أَنِّي أَنَا وَابْنِي نُحْسَبُ مُذْنِبَيْنِ = أى أن أدونيا سيعتبر سليمان محاولا لإغتصاب العرش فيقتله هو وأمه. وفى (29). فَحَلَفَ الْمَلِكُ... وفى (30) إِنَّهُ كَمَا حَلَفْتُ لَكِ = الحلف السابق الذى حلفه داود لبثشبع غير مذكور لكن ذكر وعد الرب (1 أى 6،5:28) ولا شك أن داود حلف لبثشبع بناء على وعد الرب. ولاحظ سجود ناثان للملك مع أنه سبق ووبخه على خطيته لكن يجب إحترام من له الإحترام. وفى (22) بينما كانت بثشبع تتكلم مع داود ودخل النبى ناثان فخرجت هى إحتراما فهناك نبى يتكلم مع ملك ونبى لذلك نجد فى نهاية كلام ناثان أن الملك يطلب أن يحضروا له بثشبع (آية 28). وفى (27) يقول ناثان وَلَمْ تُعْلِمْ عَبْدَكَ = فكان داود يخبر ناثان بكل شىء لأن ناثان كان يحمل لداود كلام الله. طبعا كان كلام ناثان وبثشبع حسب الخطة كل منهما مستقل وكل منهما له إتجاهه فبثشبع تركز على أن الملك حلف لها وأنه إن لم يملك إبنها ستتعرض هى وسليمان للقتل. وناثان يركز على أنه كنبى حمل ويحمل أقوال الله كان يجب أن يعلم. ولذلك خرجت بثشبع. عند دخول ناثان حتى لا يبدو للملك أن هناك إتفاق بينهما. وفى (31) لِيَحْيَ سَيِّدِي الْمَلِكُ إِلَى الأَبَدِ = تقول هذا حتى لا يفهم أنها تتمنى موت الملك ليملك إبنها. ونلاحظ فى آية (15) وكانت أبيشج تخدم الملك هذه الآية مذكورة هنا لإحتمالين:

1.    نوع من إظهار خطأ داود فى قبوله أن يكون له حاضنة وزوجاته موجودات.

2.    ربما كان لها يد فى مؤامرة أدونيا وربما كان دورها أن تحجب أخبار تمليك أدونيا عن الملك داود.

 

الآيات (32-40):- "32وَقَالَ الْمَلِكُ دَاوُدُ: «اُدْعُ لِي صَادُوقَ الْكَاهِنَ وَنَاثَانَ النَّبِيَّ وَبَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ». فَدَخَلُوا إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ. 33فَقَالَ الْمَلِكُ لَهُمْ: «خُذُوا مَعَكُمْ عَبِيدَ سَيِّدِكُمْ، وَأَرْكِبُوا سُلَيْمَانَ ابْنِي عَلَى الْبَغْلَةِ الَّتِي لِي، وَانْزِلُوا بِهِ إِلَى جِيحُونَ، 34وَلْيَمْسَحْهُ هُنَاكَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَاضْرِبُوا بِالْبُوقِ وَقُولُوا: لِيَحْيَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ. 35وَتَصْعَدُونَ وَرَاءَهُ، فَيَأْتِي وَيَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَهُوَ يَمْلِكُ عِوَضًا عَنِّي، وَإِيَّاهُ قَدْ أَوْصَيْتُ أَنْ يَكُونَ رَئِيسًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا». 36فَأَجَابَ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ الْمَلِكَ وَقَالَ: «آمِينَ. هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي الْمَلِكِ. 37كَمَا كَانَ الرَّبُّ مَعَ سَيِّدِي الْمَلِكِ كَذلِكَ لِيَكُنْ مَعَ سُلَيْمَانَ، وَيَجْعَلْ كُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ دَاوُدَ». 38فَنَزَلَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَالْجَلاَّدُونَ وَالسُّعَاةُ، وَأَرْكَبُوا سُلَيْمَانَ عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ دَاوُدَ، وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى جِيحُونَ. 39فَأَخَذَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ قَرْنَ الدُّهْنِ مِنَ الْخَيْمَةِ وَمَسَحَ سُلَيْمَانَ. وَضَرَبُوا بِالْبُوقِ، وَقَالَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «لِيَحْيَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ». 40وَصَعِدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَرَاءَهُ. وَكَانَ الشَّعْبُ يَضْرِبُونَ بِالنَّايِ وَيَفْرَحُونَ فَرَحًا عَظِيمًا حَتَّى انْشَقَّتِ الأَرْضُ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ. "

نرى هنا إجراءات داود لحفظ حق سليمان فى العرش ولإبطال مؤامرة أدونيا. ولقد إستعان داود برجاله المخلصين له دائما (ناثان وصادوق وبناياهو) ولقد صاروا بعد ذلك رجال سليمان. وطلب داود أن يصطحبوا عبيده أى رجال الحرب فهو يعلم قوة يوآب. ونلاحظ أن صادوق مسح سليمان فالمسح علامة حلول نعمة من الله لكن لم نسمع أن ابياثار قد مسح أدونيا فهم إكتفوا بالإحتفال وذلك لأن الله لم يسمح بذلك فهو لم يدع أدونيا. جِيحُونَ = هى مكان قرب أورشليم وغالبا هى عين ماء وغالبا كان الإختيار ليكون الإحتفال بتنصيب سليمان ملكا أمام الشعب لأن الشعب يجتمع حول عيون الماء والتنصيب بقرب عين ماء كأنه طلب أن تكون المملكة مستمرة مثل عين الماء الذى ينساب أبدياً.

الخيمة هى التى بها تابوت العهد وليست خيمة الإجتماع (2 صم 17:6).

 

الآيات (41-53):- "41فَسَمِعَ أَدُونِيَّا وَجَمِيعُ الْمَدْعُوِّينَ الّذِينَ عِنْدهُ بَعْدَمَا انْتَهَوْا مِنَ الأَكْلِ. وَسَمِعَ يُوآبُ صَوْتَ الْبُوقِ فَقَالَ: «لِمَاذَا صَوْتُ الْقَرْيَةِ مُضْطَرِبٌ؟» 42وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا بِيُونَاثَانَ بْنِ أَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ قَدْ جَاءَ، فَقَالَ أَدُونِيَّا: «تَعَالَ، لأَنَّكَ ذُو بَأْسٍ وَتُبَشِّرُ بِالْخَيْرِ». 43فَأَجَابَ يُونَاثَانُ وَقَالَ لأَدُنِيَّا: «بَلْ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ دَاوُدُ قَدْ مَلَّكَ سُلَيْمَانَ. 44وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ مَعَهُ صَادُوقَ الْكَاهِنَ وَنَاثَانَ النَّبِيَّ وَبَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ وَالْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةَ، وَقَدْ أَرْكَبُوهُ عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ، 45وَمَسَحَهُ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ مَلِكًا فِي جِيحُونَ، وَصَعِدُوا مِنْ هُنَاكَ فَرِحِينَ حَتَّى اضْطَرَبَتِ الْقَرْيَةُ. هذَا هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ. 46وَأَيْضًا قَدْ جَلَسَ سُلَيْمَانُ عَلَى كُرْسِيِّ الْمَمْلَكَةِ. 47وَأَيْضًا جَاءَ عَبِيدُ الْمَلِكِ لِيُبَارِكُوا سَيِّدَنَا الْمَلِكَ دَاوُدَ قَائِلِينَ: يَجْعَلُ إِلهُكَ اسْمَ سُلَيْمَانَ أَحْسَنَ مِنِ اسْمِكَ، وَكُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّكَ. فَسَجَدَ الْمَلِكُ عَلَى سَرِيرِهِ. 48وَأَيْضًا هكَذَا قَالَ الْمَلِكُ: مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَعْطَانِيَ الْيَوْمَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَعَيْنَايَ تُبْصِرَانِ». 49فَارْتَعَدَ وَقَامَ جَمِيعُ مَدْعُوِّي أَدُونِيَّا، وَذَهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقِهِ. 50وَخَافَ أَدُونِيَّا مِنْ قِبَلِ سُلَيْمَانَ، وَقَامَ وَانْطَلَقَ وَتَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ. 51فَأُخْبِرَ سُلَيْمَانُ وَقِيلَ لَهُ: «هُوَذَا أَدُونِيَّا خَائِفٌ مِنَ الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا قَدْ تَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ قَائِلاً: لِيَحْلِفْ لِي الْيَوْمَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ إِنَّهُ لاَ يَقْتُلُ عَبْدَهُ بِالسَّيْفِ». 52فَقَالَ سُلَيْمَانُ: «إِنْ كَانَ ذَا فَضِيلَةٍ لاَ يَسْقُطُ مِنْ شَعْرِهِ إِلَى الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ وُجِدَ بِهِ شَرٌّ فَإِنَّهُ يَمُوتُ». 53فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ فَأَنْزَلُوهُ عَنِ الْمَذْبَحِ، فَأَتَى وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ. فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ»."

يوناثان إبن أبياثار هو الذى ذهب وأخبر داود بكلام حوشاى الأركى (2 صم 36،27:15 + 17:17). ونلاحظ هنا أن مؤامرة الشر إستمرت ساعات وأعقبها خزى ورعب ونجد أن أدونيا يشجع نفسه بأن قال عن يوناثان ذو بأس وتبشر بخير وفى رد يوناثان وقوله بل بَلْ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ قَدْ مَلَّكَ سُلَيْمَانَ = أى لا أبشركم بخير.

وفى (49) وَذَهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقِهِ = فليس هناك محبة تجمعهم، ولا أى شىء مخلص بل مصالح شخصية وغايات نفعية نفسية. وفى (50) خوف أدونيا الشديد هو تعبير ودليل عن نيته السيئة وما كان ناويا أن يعمله بسليمان وامه وفى (52) إِنْ كَانَ ذَا فَضِيلَةٍ = أى لا يستمر فى ثورته على الحكم وضد الملك ويكون أمينا معه. فَسَجَدَ الْمَلِكُ عَلَى سَرِيرِهِ (47)  للصلاة.

فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ = ولا تتداخل فى الحكم.