الإصحاح الثالث

 

الآيات (1-4):- "1وَصَاهَرَ سُلَيْمَانُ فِرْعَوْنَ مَلِكَ مِصْرَ، وَأَخَذَ بِنْتَ فِرْعَوْنَ وَأَتَى بِهَا إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ إِلَى أَنْ أَكْمَلَ بِنَاءَ بَيْتِهِ وَبَيْتِ الرَّبِّ وَسُورِ أُورُشَلِيمَ حَوَالَيْهَا. 2إِلاَّ أَنَّ الشَّعْبَ كَانُوا يَذْبَحُونَ فِي الْمُرْتَفَعَاتِ، لأَنَّهُ لَمْ يُبْنَ بَيْتٌ لاسْمِ الرَّبِّ إِلَى تِلْكَ الأَيَّامِ. 3وَأَحَبَّ سُلَيْمَانُ الرَّبَّ سَائِرًا فِي فَرَائِضِ دَاوُدَ أَبِيهِ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَذْبَحُ وَيُوقِدُ فِي الْمُرْتَفَعَاتِ. 4وَذَهَبَ الْمَلِكُ إِلَى جِبْعُونَ لِيَذْبَحَ هُنَاكَ، لأَنَّهَا هِيَ الْمُرْتَفَعَةُ الْعُظْمَى، وَأَصْعَدَ سُلَيْمَانُ أَلْفَ مُحْرَقَةٍ عَلَى ذلِكَ الْمَذْبَحِ. "

إيجابيات سليمان التى ظهرت هنا هى محبته لله ومن يحب الله لا يهتم بتكاليف العبادة فنجد أن سليمان قدم 1000 مُحْرَقَةٍ وكان سليمان يسير حسب وصايا الله ولكن كان لسليمان سلبياته:

1.    تزوج بنت فرعون وهى وثنية وربما كان هذا بسبب سياسى فمصر كانت من الأمم العظيمة فى ذلك الوقت. وربما تهودت بنت فرعون هذه بعد ذلك فلم نسمع فى (1:11-8) أن سليمان بنى مذابح لآلهة المصريين من ضمن ما بنى. وإذا فهمنا أن سليمان كبانى للهيكل يرمز للمسيح فبنت فرعون تشير لكنيسة الأمم التى إقترن بها المسيح.

2.    أنه أبقى على المرتفعات ليذبح عليها الشعب بينما أن الله حدد فى (تث 1:12-14) أن يكون الذبح فى مكان واحد فقط بل قدم هو نفسه ذبائحه فى المرتفعات ولم يكن مثل داود أبيه الذى إلتزم بوصية الله وقدم ذبائحه فى الخيمة فقط. وكان تقديم الذبائح على المرتفعات عادة وثنية قلدهم فيها اليهود ولقد سميت جِبْعُونَ الْمُرْتَفَعَةُ الْعُظْمَى = حيث كانت الخيمة والمذبح النحاسى وسميت هكذا لأنها على هضبة. ولأن الشعب إعتاد تقديم الذبائح على المرتفعات فأسموها مرتفعة وأطلقوا عليها عظمى لوجود الخيمة.

 

الآيات (5-15):- "5فِي جِبْعُونَ تَرَاءَى الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ فِي حُلْمٍ لَيْلاً، وَقَالَ اللهُ: «اسْأَلْ مَاذَا أُعْطِيكَ». 6فَقَالَ سُلَيْمَانُ: «إِنَّكَ قَدْ فَعَلْتَ مَعَ عَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي رَحْمَةً عَظِيمَةً حَسْبَمَا سَارَ أَمَامَكَ بِأَمَانَةٍ وَبِرّ وَاسْتِقَامَةِ قَلْبٍ مَعَكَ، فَحَفِظْتَ لَهُ هذِهِ الرَّحْمَةَ الْعَظِيمَةَ وَأَعْطَيْتَهُ ابْنًا يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّهِ كَهذَا الْيَوْمِ. 7وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي، أَنْتَ مَلَّكْتَ عَبْدَكَ مَكَانَ دَاوُدَ أَبِي، وَأَنَا فَتىً صَغِيرٌ لاَ أَعْلَمُ الْخُرُوجَ وَالدُّخُولَ. 8وَعَبْدُكَ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ الَّذِي اخْتَرْتَهُ، شَعْبٌ كَثِيرٌ لاَ يُحْصَى وَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ. 9فَأَعْطِ عَبْدَكَ قَلْبًا فَهِيمًا لأَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ وَأُمَيِّزَ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، لأَنَّهُ مَنْ يَقْدُرُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى شَعْبِكَ الْعَظِيمِ هذَا؟» 10فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، لأَنَّ سُلَيْمَانَ سَأَلَ هذَا الأَمْرَ. 11فَقَالَ لَهُ اللهُ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ هذَا الأَمْرَ، وَلَمْ تَسْأَلْ لِنَفْسِكَ أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلاَ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ غِنًى، وَلاَ سَأَلْتَ أَنْفُسَ أَعْدَائِكَ، بَلْ سَأَلْتَ لِنَفْسِكَ تَمْيِيزًا لِتَفْهَمَ الْحُكْمَ، 12هُوَذَا قَدْ فَعَلْتُ حَسَبَ كَلاَمِكَ. هُوَذَا أَعْطَيْتُكَ قَلْبًا حَكِيمًا وَمُمَيِّزًا حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُكَ قَبْلَكَ وَلاَ يَقُومُ بَعْدَكَ نَظِيرُكَ. 13وَقَدْ أَعْطَيْتُكَ أَيْضًا مَا لَمْ تَسْأَلْهُ، غِنًى وَكَرَامَةً حَتَّى إِنَّهُ لاَ يَكُونُ رَجُلٌ مِثْلَكَ فِي الْمُلُوكِ كُلَّ أَيَّامِكَ. 14فَإِنْ سَلَكْتَ فِي طَرِيقِي وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَوَصَايَايَ، كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوكَ، فَإِنِّي أُطِيلُ أَيَّامَكَ». 15فَاسْتَيْقَظَ سُلَيْمَانُ وَإِذَا هُوَ حُلْمٌ. وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَقَفَ أَمَامَ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ وَقَرَّبَ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ، وَعَمِلَ وَلِيمَةً لِكُلِّ عَبِيدِهِ. "

أمام محبة سليمان ظهرت إستجابة الله له فورا فلقد ظهر الله له فى حلم وواضح أن الحلم هو من الله كأحلام فرعون يوسف ونبوخذ نصر ويوسف رجل مريم العذراء. غير أنه هناك أحلام من خيالات الإنسان وغيرها من الشيطان وهذه تسبب القلق للإنسان فعلينا أن لا نهتم بالأحلام. والله يستجيب لنا بالصلاة وليس بالأحلام لذلك يقول السيد المسيح مهما سألتم بإسمى فذلك أفعله( يو 13:14). وَقَالَ اللهُ اسْأَلْ مَاذَا أُعْطِيكَ = الله يسأل سليمان ماذا يريد لأن الله خلق الإنسان حرا ويضع أمامه كل الطرق وعلى الإنسان أن يختار. والسيد المسيح قال "إطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم"( مت 33:6). وهذا ما حدث هنا. ونلاحظ رد سليمان الحلو.

1.    فهو يعترف بمراحم الله عليه وعلى ابيه.

2.    وشعوره بالمسئولية تجاه شعب الله والله إستجاب لسليمان بعد محبته التى ظهرت فى تقديم ذبائح كثيرة فمن يزرع بالشح بالشح يحصد.. وماذا نقدم نحن لله؟ وكون أن سليمان يجيب على الله هذه الإجابة فهذا يشير لأن سليمان منشغل بهذا الأمر (كيف يحكم وسط شعب الله بالحكمة) حتى وهو نائم. أَعْطِ عَبْدَكَ قَلْبًا فَهِيمًا = كلمة فَهِيمًا = سامعاً (الكتاب بشواهد) أى يستمع لصوت الله وإرشاده ويحكم على هذا الأساس. ولقد حصل سليمان على الحكمة لأنه طلبها وعلى الثروة لأنه لم يطلبها. وكان هناك شرط لإستمرارية عطاء الله = فَإِنْ سَلَكْتَ فِي طَرِيقِي.. إذا عطايا الله مشروطة بأن نلتزم وصاياه ولقد أخذ سليمان كثيرا ولكن لأنه لم يلتزم بوصايا الله تغير الموقف بل لم يطل عمر سليمان أكثر من 60 عاما. وفى (15) نلاحظ أن سليمان بعد لقائه مع الله ذهب لتابوت العهد مباشرة وقدم ذبائح كأن هذا إعتراف منه بأنه أخطأ فى موضوع المرتفعات ولأنه يريد أن يستلم الملك من الله شخصيا وقول سليمان فى (7) لاَ أَعْلَمُ الْخُرُوجَ وَالدُّخُولَ = الخروج والدخول يشير لأعمال الإنسان كلها من أولها إلى آخرها فالإنسان يخرج ليبدأ عمله وعندما ينتهى يدخل بيته ثانية أو العبارة تشير إلى أننى كالطفل لا أعرف الخروج والدخول ولا كيف أمشى وفى (9) شَعْبِكَ = فسليمان يفهم أنه خادم لشعب والشعب هو شعب الله وليس شعبه.

 

الآيات (16-28):- "16حِينَئِذٍ أَتَتِ امْرَأَتَانِ زَانِيَتَانِ إِلَى الْمَلِكِ وَوَقَفَتَا بَيْنَ يَدَيْهِ. 17فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. إِنِّي أَنَا وَهذِهِ الْمَرْأَةُ سَاكِنَتَانِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ وَلَدْتُ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ. 18وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ بَعْدَ وِلاَدَتِي وَلَدَتْ هذِهِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا، وَكُنَّا مَعًا، وَلَمْ يَكُنْ مَعَنَا غَرِيبٌ فِي الْبَيْتِ غَيْرَنَا نَحْنُ كِلْتَيْنَا فِي الْبَيْتِ. 19فَمَاتَ ابْنُ هذِهِ فِي اللَّيْلِ، لأَنَّهَا اضْطَجَعَتْ عَلَيْهِ. 20فَقَامَتْ فِي وَسَطِ اللَّيْلِ وَأَخَذَتِ ابْنِي مِنْ جَانِبِي وَأَمَتُكَ نَائِمَةٌ، وَأَضْجَعَتْهُ فِي حِضْنِهَا، وَأَضْجَعَتِ ابْنَهَا الْمَيْتَ فِي حِضْنِي. 21فَلَمَّا قُمْتُ صَبَاحًا لأُرَضِّعَ ابْنِي، إِذَا هُوَ مَيْتٌ. وَلَمَّا تَأَمَّلْتُ فِيهِ فِي الصَّبَاحِ، إِذَا هُوَ لَيْسَ ابْنِيَ الَّذِي وَلَدْتُهُ». 22وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ الأُخْرَى تَقُولُ: «كَلاَّ، بَلِ ابْنِيَ الْحَيُّ وَابْنُكِ الْمَيْتُ». وَهذِهِ تَقُولُ: «لاَ، بَلِ ابْنُكِ الْمَيْتُ وَابْنِيَ الْحَيُّ». وَتَكَلَّمَتَا أَمَامَ الْمَلِكِ. 23فَقَالَ الْمَلِكُ: «هذِهِ تَقُولُ: هذَا ابْنِيَ الْحَيُّ وَابْنُكِ الْمَيْتُ، وَتِلْكَ تَقُولُ: لاَ، بَلِ ابْنُكِ الْمَيْتُ وَابْنِيَ الْحَيُّ». 24فَقَالَ الْمَلِكُ: «اِيتُونِي بِسَيْفٍ». فَأَتَوْا بِسَيْفٍ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ. 25فَقَالَ الْمَلِكُ: «اشْطُرُوا الْوَلَدَ الْحَيَّ اثْنَيْنِ، وَأَعْطُوا نِصْفًا لِلْوَاحِدَةِ وَنِصْفًا لِلأُخْرَى». 26فَتَكَلَّمَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي ابْنُهَا الْحَيُّ لِلْمَلِكِ، لأَنَّ أَحْشَاءَهَا اضْطَرَمَتْ عَلَى ابْنِهَا، وَقَالَتِ: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. أَعْطُوهَا الْوَلَدَ الْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ». وَأَمَّا تِلْكَ فَقَالَتْ: «لاَ يَكُونُ لِي وَلاَ لَكِ. اُشْطُرُوهُ». 27فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ: «أَعْطُوهَا الْوَلَدَ الْحَيَّ وَلاَ تُمِيتُوهُ فَإِنَّهَا أُمُّهُ». 28وَلَمَّا سَمِعَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِالْحُكْمِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ الْمَلِكُ خَافُوا الْمَلِكَ، لأَنَّهُمْ رَأَوْا حِكْمَةَ اللهِ فِيهِ لإِجْرَاءِ الْحُكْمِ. "

هذه القصة إثبات لأن وعد الله قد تحقق وإن حكمة سليمان كانت عجيبة والنقاد يقولون أن هناك تعارض بين ما نراه من حكمة سليمان هنا وما جا فى( أم 2:30) والرد بسيط فغالبا من كتب ( أم 2:30) هو شخص إسمه أجور ولكن حتى إن كان كاتبها هو سليمان فهى من باب التواضع أمام الله. وهذه القضية هنا حتى تصل إلى سليمان فهى عرضت على محاكم القضاة وفشل القضاة فى إيجاد حل لها امْرَأَتَانِ زَانِيَتَانِ = فلم نسمع عن رجالهما وهما يعيشان سويا فى بيت زنا مشترك وينامان سويا. " فى قضايا مماثلة عالميا حكم قاض على إمرأة ترفض الإعتراف ببنوة إبنها، أن تتزوجه حينئذ رفضت وإعترفت بالحقيقة وكان هذا فى أيام كلوديوس قيصر. وفى قضية أخرى إدعى 3 أشخاص أنهم أولاد أحد الولاة وكان هذا الوالى قد مات وذهب الـ 3 أشخاص للملك يطلب كل منهم أن يصير الوالى عوضا عن أبيه. فطلب الملك الحكيم أن يرمى كل واحد جثة الوالى بسهم فرمى إثنان منهم الجثة أما الإبن الحقيقى فرفض أن يرمى جثة أبيه . حِكْمَةَ اللهِ (آية 28) أى حكمة عظيمة جدا مصدرها الله نفسه. فسليمان رغماً عن صغر سنه فحكمته التى أخذها من الله أعلنت له أن المحبة التى للأم أقوى من الحسد. وأما الآخرى الكاذبة فكان حسدها أقوى من محبتها للولد فطلبت قتله لأنها تريد الولد لتحرم الأم الحقيقية منه.