الإصحاح الثانى

 

فى الإصحاح السابق نجد ملك شرير يغادر العالم فى خزى وهنا نرى نبياً عظيماً يغادر العالم فى مجد. فقد إنتقل إيليا إلى السماء بجسده مثل أخنوخ.

 

الآيات (1-8):- "1وَكَانَ عِنْدَ إِصْعَادِ الرَّبِّ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ، أَنَّ إِيلِيَّا وَأَلِيشَعَ ذَهَبَا مِنَ الْجِلْجَالِ. 2فَقَالَ إِيلِيَّا لأَلِيشَعَ: «امْكُثْ هُنَا لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى بَيْتِ إِيلَ». فَقَالَ أَلِيشَعُ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ، إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ». وَنَزَلاَ إِلَى بَيْتِ إِيلَ. 3فَخَرَجَ بَنُو الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ إِيلَ إِلَى أَلِيشَعَ وَقَالُوا لَهُ: «أَتَعْلَمُ أَنَّهُ الْيَوْمَ يَأْخُذُ الرَّبُّ سَيِّدَكَ مِنْ عَلَى رَأْسِكَ؟» فَقَالَ: «نَعَمْ، إِنِّي أَعْلَمُ فَاصْمُتُوا». 4ثُمَّ قَالَ لَهُ إِيلِيَّا: «يَا أَلِيشَعُ، امْكُثْ هُنَا لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى أَرِيحَا». فَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ، إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ». وَأَتَيَا إِلَى أَرِيحَا. 5فَتَقَدَّمَ بَنُو الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي أَرِيحَا إِلَى أَلِيشَعَ وَقَالُوا لَهُ: «أَتَعْلَمُ أَنَّهُ الْيَوْمَ يَأْخُذُ الرَّبُّ سَيِّدَكَ مِنْ عَلَى رَأْسِكَ؟» فَقَالَ: «نَعَمْ، إِنِّي أَعْلَمُ فَاصْمُتُوا». 6ثُمَّ قَالَ لَهُ إِيلِيَّا: «أُمْكُثْ هُنَا لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى الأُرْدُنِّ». فَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ، إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ». وَانْطَلَقَا كِلاَهُمَا. 7فَذَهَبَ خَمْسُونَ رَجُلاً مِنْ بَنِي الأَنْبِيَاءِ وَوَقَفُوا قُبَالَتَهُمَا مِنْ بَعِيدٍ. وَوَقَفَ كِلاَهُمَا بِجَانِبِ الأُرْدُنِّ. 8وَأَخَذَ إِيلِيَّا رِدَاءَهُ وَلَفَّهُ وَضَرَبَ الْمَاءَ، فَانْفَلَقَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ، فَعَبَرَا كِلاَهُمَا فِي الْيَبَسِ. "

إليشع كان يخدم إبليا (1 مل 21:19 + 2 مل 11:3) وتتلمذ عليه. وفى (2) فَقَالَ إِيلِيَّا = إيليا عرف أن زمان إنتقاله قد أتى وغالبا فقد عرف إليشع ذلك أيضا. ولذلك فمن محبة إليشع لإيليا لم يشاء أن يفارقه فى ساعاته الأخيرة. وقول إيليا لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي = نفهم منه أن الله رسم له حوادث تلك الساعات الأخيرة وأرسله إلى أماكن تجمعات الأنبياء ليفتقدهم ويزورهم ويشجعهم ويباركهم بكلامه الأخير قبل إنتقاله وقول إيليا لإليشع امْكُثْ هُنَا = أى فى الجلجال لأنه أراد أن ينفرد قبل إنتقاله أو لأنه أشفق على تلميذه إليشع فهو يعرف محبته أو هو عرف كيف سينتقل، ومن تواضعه لم يشأ أن يعرف أحد. وهذا يخجل من يتكلم عن نجاحه فى خدمته وعن مواهبه. وفى (3) بَنُو الأَنْبِيَاءِ = هم التلاميذ فى مدرسة الأنبياء. وكان رئيسهم وقد علموا أن إيليا قد قرب إنتقاله ربما بإعلان من الله أو من إيليا فكانوا يشجعون إليشع ويعزونه وقول إليشع فَاصْمُتُوا = معناه أنه لا يريد الكلام فى الموضوع حتى لا يزداد حزنه. وإيليا أخذ يزور مدارس الأنبياء من بيت إيل إلى أريحا. وأخيرا فى (6) يقول

الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى الأُرْدُنِّ... ثم فلق إيليا الأردن......       فلماذا شق الأردن؟

1.    ليكون صعوده فى عبر الأردن فى مكان منفرد كما صعد موسى ليموت فى جبل نبو.

2.    كما شق موسى البحر ليعبر بنو إسرائيل من العبودية للحرية يصنع إيليا نفس الشىء ليلفت نظر الجميع أن يتركوا عبادة الأوثان التى إستعبدتهم مثل عبودية مصر.

3.    كان شق نهر الأردن على يد يشوع سابقا وعبور الشعب إلى كنعان الأرضية رمز لدخول المؤمنين بعد الموت إلى كنعان السماوية (فشق الأردن يشير للموت) وبهذا يكون عبور إيليا لنهر الأردن رمز لإنتقاله للحياة وصعوده للسماء. وهكذا المسيح بموته شق لنا النهر (نهر الموت) ليكون عبورنا سهلا (فأسهل أن تعبر نهرا جفت مياهه عن أن نعبره وماؤه جارى) والمسيح بموته إبتلع الموت وجفف لنا تياراته الخطرة فأصبح مرورنا عبر الأردن (أو عبر الموت) سهلا لذلك تصلى الكنيسة ليس موت لعبيدك يا رب بل هو إنتقال = ليس غرق فى مياه الأردن بل هو عبور لقد صار عبورنا إلى السماء سهلا.

4.    صعود إيليا بهذه الصورة فيها رمز لما سيحدث بعد ذلك مع المسيح (مع الفارق).

5.    هو شهادة لجيل فاسد بقداسة إيليا وغيرته النارية وحبه المتقد لله.

وفى آية (7) فَذَهَبَ خَمْسُونَ رَجُلاً = وهذا يشير لكثرة عدد الأنبياء وفى (8) رِدَاءَهُ = هو نفس الرداء الذى طرحه على إليشع حين دعاه. فَعَبَرَا كِلاَهُمَا فِي الْيَبَسِ = العبور السهل

 

الآيات (9-10):- "9وَلَمَّا عَبَرَا قَالَ إِيلِيَّا لأَلِيشَعَ: «اطْلُبْ: مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ قَبْلَ أَنْ أُوخَذَ مِنْكَ؟». فَقَالَ أَلِيشَعُ: «لِيَكُنْ نَصِيبُ اثْنَيْنِ مِنْ رُوحِكَ عَلَيَّ». 10فَقَالَ: «صَعَّبْتَ السُّؤَالَ. فَإِنْ رَأَيْتَنِي أُوخَذُ مِنْكَ يَكُونُ لَكَ كَذلِكَ، وَإِلاَّ فَلاَ يَكُونُ»."

نَصِيبُ اثْنَيْنِ مِنْ رُوحِكَ = البكر له نصيب إثنين (تث 17:21) فإليشع إعتبر نفسه الإبن البكر لإيليا. فكما قلنا إيليا كان يعتبر هو أب جميع الأنبياء وإليشع بسؤاله هذا يريد أن يكون البكر وهو طامع ليس فى ميراث أرضى أو زمنى أو ثروة أو صحة بل هو يطلب قوة روحية تعينه فى الخدمة وهو يطلب من إيليا أن يتشفع له عند الله. هو طلب قوة للخدمة فيكون كالبكر وسط الأنبياء يتقدمهم فى الخدمة والمخاطر والواجبات وهذا النوع من الطمع يفرح الله. لذلك يقول بولس الرسول "من إبتغى الأسقفية فيشتهى عملا صالحا" (1 تى 1:3) لأن الذى يبتغى الأسقفية فى زمان بولس الرسول ما كان يبتغى مجدا أو خلافه بل كان يعرف أنه سيخدم شعب الله وهو معرض للهوان والتعذيب والإستشهاد. صَعَّبْتَ السُّؤَالَ = فإليشع يطلب خدمة صعبة قد لا يكون مقدرا لجسامتها فضلا عن أنه ليس من حق إيليا أن يعين خليفته. فإن رأيتنى فى (2 مل 17:6) نرى تلميذ إليشع بصلوات إليشع تنفتح عينه فيرى المركبات النارية لأن هذه رؤية روحية وهى ليست لكل إنسان وإيليا يعلم أن إنتقاله سيكون فى مركبة نارية وهذه ليست شيئا مرئيا لكل إنسان. وكانت العلامة التى أعطاها إيليا لإليشع أن يرى هذه المركبات النارية وهى تحمله فإن رآها فقد أعطاه الله رؤيا روحية تؤهله لهذه الخدمة ويكون قد قبله خليفة لمعلمه إيليا. وحينما رأى إليشع هذا المنظر أدرك أن الله أعطاه قوة النظر وبصيرة روحية ليرى ويفهم ما لا يراه ولا يفهمه غيره.

 

الآيات (11-12):- "11وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ. 12وَكَانَ أَلِيشَعُ يَرَى وَهُوَ يَصْرُخُ: «يَا أَبِي، يَا أَبِي، مَرْكَبَةَ إِسْرَائِيلَ وَفُرْسَانَهَا». وَلَمْ يَرَهُ بَعْدُ، فَأَمْسَكَ ثِيَابَهُ وَمَزَّقَهَا قِطْعَتَيْنِ،

لقد مجد الله إيليا بهذا الصعود حتى يتعلم الأنبياء الشهادة للحق مثله مهما كلفهم هذا. ونفس الكلام موجه لكل خادم. ولكن ترتفع أنظار كل واحد إلى أن هناك حياة فى السماء، والموت ليس نهاية وليعمل كل واحد أعمالا صالحة حتى تكون لحظة إنتقاله مجيدة. وإلتصاق إليشع بمعلمه درس لكل واحد أن يلتصق بالمسيح ليأخذ بركة. فإليشع رفض الراحة وظل ملتصقا بإيليا بالرغم من مشقات الطريق. وإيليا لم يمت ، بل هو محفوظ فى مكان ما لا نعلمه مثل أخنوخ وتقول معظم التفسيرات أنهما هما الشاهدين اللذين سيتنبآ فى أيام ضد المسيح ويقتلهما ضد المسيح ويعلق جثتاهما ثم تدب فيهما روح حياة بعد 3 أيام إعلانا بقرب نهاية العالم (رؤ 11). يَا أَبِي = فهو كان تلميذ لإيليا كإبنه. مَرْكَبَةَ إِسْرَائِيلَ وَفُرْسَانَهَا = كان إيليا لإسرائيل أعظم من جيش بأكمله بمركباته وفرسانه فهو يرشدهم ويحذرهم وبصلواته وشفاعته ينتصرون مهما كان عددهم قليلا. وتمزيق إليشع ثيابه هو إعلانا منه عن حزنه لخسارة هذا الرجل العظيم.

وصعود إيليا فى مركبة نارية كان كمن يدخل منتصرا ظافرا فهو عاش مشتعلا بالروح فصعد للسماء فى مركبة نارية عاش فى حماس نارى فى خدمته ومحبته فأخذته مركبة من نار ولقد ضعف إيليا فترة بسيطة من حياته حين قال ليتنى أموت فهل كان يعلم وقتها ما إدخره له الله من مجد كانت هذه لحظة يأس وضعف والله الرحوم قد غفرها ونشكر الله أنه كثيرا ما يسامحنا على ما نقوله فى لحظات اليأس.

ومما يؤكد عودة إيليا فى الأيام الأخيرة نبوة ملاخى (مل 6،5:4) فهو سيأتى قبل المجىء الثانى للمسيح حين يأتى للدينونة وكما كان فى مجيئه الأول يرد شعب إسرائيل عن عبادة البعل إلى عبادة الله الحق هكذا سيرد قلوب الأباء على الأبناء لأن فى هذه الأيام ستبرد محبة الكثيرين من كثرة الإثم. فإن كان قلب الأب قد قسا على إبنه فكيف يكون موقف الأب القاسى هذا من الله؟! هذا هو عمل إيليا القادم.

الآيات (13-18):- "13وَرَفَعَ رِدَاءَ إِيلِيَّا الَّذِي سَقَطَ عَنْهُ، وَرَجَعَ وَوَقَفَ عَلَى شَاطِئِ الأُرْدُنِّ. 14فَأَخَذَ رِدَاءَ إِيلِيَّا الَّذِي سَقَطَ عَنْهُ وَضَرَبَ الْمَاءَ وَقَالَ: «أَيْنَ هُوَ الرَّبُّ إِلهُ إِيلِيَّا؟» ثُمَّ ضَرَبَ الْمَاءَ أَيْضًا فَانْفَلَقَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ، فَعَبَرَ أَلِيشَعُ. 15وَلَمَّا رَآهُ بَنُو الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي أَرِيحَا قُبَالَتَهُ قَالُوا: «قَدِ اسْتَقَرَّتْ رُوحُ إِيلِيَّا عَلَى أَلِيشَعَ». فَجَاءُوا لِلِقَائِهِ وَسَجَدُوا لَهُ إِلَى الأَرْضِ. 16وَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا مَعَ عَبِيدِكَ خَمْسُونَ رَجُلاً ذَوُو بَأْسٍ، فَدَعْهُمْ يَذْهَبُونَ وَيُفَتِّشُونَ عَلَى سَيِّدِكَ، لِئَلاَّ يَكُونَ قَدْ حَمَلَهُ رُوحُ الرَّبِّ وَطَرَحَهُ عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ، أَوْ فِي أَحَدِ الأَوْدِيَةِ». فَقَالَ: «لاَ تُرْسِلُوا». 17فَأَلَحُّوا عَلَيْهِ حَتَّى خَجِلَ وَقَالَ: «أَرْسِلُوا». فَأَرْسَلُوا خَمْسِينَ رَجُلاً، فَفَتَّشُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَجِدُوهُ. 18وَلَمَّا رَجَعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ مَاكِثٌ فِي أَرِيحَا قَالَ لَهُمْ: «أَمَا قُلْتُ لَكُمْ لاَ تَذْهَبُوا؟»."

نلاحظ أن إليشع يسير على نفس طريق أبيه الروحى فى كل شىء وهو هنا يحاول شق النهر كما فعل إيليا. فضرب النهر لأول مرة فلم ينشق وكان هذا إمتحان لإيمان إليشع وقد إجتاز الإمتحان بنجاح ولم ييأس (وهكذا يثبت الله إيمانه وإيماننا) فقَالَ أَيْنَ هُوَ الرَّبُّ إِلهُ إِيلِيَّا = هو نادى الرب إله إيليا بثقة فجاءت القوة وإنفلق النهر وفى (16) خَمْسُونَ رَجُلاً = يبدو أن الأنبياء كانوا كالجنود كل فرقة خمسون رجلا ولم يشأ إليشع أن يمنعهم عن البحث عن إيليا

 1) حتى يؤمنوا

 2) حتى لا يقولوا أنه فرح بمركزه الجديد وبأنه تخلص من إيليا كسيد له ومعلم له ويتعجل الرئاسة.

 

الآيات (19-25):- "19وَقَالَ رِجَالُ الْمَدِينَةِ لأَلِيشَعَ: «هُوَذَا مَوْقِعُ الْمَدِينَةِ حَسَنٌ كَمَا يَرَى سَيِّدِي، وَأَمَّا الْمِيَاهُ فَرَدِيَّةٌ وَالأَرْضُ مُجْدِبَةٌ». 20فَقَالَ: «ائْتُونِي بِصَحْنٍ جَدِيدٍ، وَضَعُوا فِيهِ مِلْحًا». فَأَتَوْه بِهِ. 21فَخَرَجَ إِلَى نَبْعِ الْمَاءِ وَطَرَحَ فِيهِ الْمِلْحَ وَقَالَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قَدْ أَبْرَأْتُ هذِهِ الْمِيَاهَ. لاَ يَكُونُ فِيهَا أَيْضًا مَوْتٌ وَلاَ جَدْبٌ». 22فَبَرِئَتِ الْمِيَاهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، حَسَبَ قَوْلِ أَلِيشَعَ الَّذِي نَطَقَ بِهِ.

23ثُمَّ صَعِدَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى بَيْتِ إِيلَ. وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: «اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!». 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ، فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَدًا. 25وَذَهَبَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى جَبَلِ الْكَرْمَلِ، وَمِنْ هُنَاكَ رَجَعَ إِلَى السَّامِرَةِ. "

نرى إبتداء من هنا عدد كبير من المعجزات لإليشع تقرب من ضعف معجزات إيليا

 

1- معجزة إبراء المياه :-

سمع رجال المدينة من بنى الأنبياء ما فعل إيليا وإليشع بالأردن فإغتنموا الفرصة ليطلبوا منه بركة لمدينتهم وموقع مدينة أريحا حسن وكان عند سفح الجبل وأمام المدينة سهل الأردن وحولها النخل وغيرها من الأشجار وأعشاب لها رائحة طيبة وكان موقع المدينة جيد للتجارة ولكن المياه ردية والأرض مجدبة أى غير مثمرة ونسبوا جدبها لرداءة مياهها. وطلب إليشع صحن والملح. والملح فى حد ذاته لا يبرىء المياه بل يفسدها وكذلك الصحن ولكن الصحن والملح هما مادة المعجزة مثل الماء فى سر المعمودية ومثل جهاد البشر لكن نعمة الله هى التى تغير الفساد الذى فينا. وإحضار صحن وملح هو إمتحان لمن يحضرهم وبالملح صارت المياه حلوة وكذلك الأرض والملح له معنى رمزى فهو يشير لعدم الفساد وهكذا لنصلح حياتنا وطريقنا علينا أن نصلح قلوبنا بملح النعمة. والمعجزة رمزية وتشير لأن ديانة إسرائيل أصبحت فاسدة ولو إستمع الشعب لإليشع لابد وأنه يشفى.

 

2- معجزة أطفال بيت إيل:-

 ذهب إليشع ليزور مدرسة الأنبياء فى بيت إيل وهناك فى بيت إيل عجل يربعام وأهل بيت إيل يكرهون من يوبخهم على هذه العبادة ولذلك كانوا دائماً يسخرون من الأنبياء فى مدرسة الأنبياء التى فى بيت إيل والآن هم يسخرون من إليشع ومن صلعته وهذا فى حد ذاته عيب كبير أن يسخر أحد من آخر لضعف فيه أو عيب فيه فكم وكم لو كان هذا الإنسان نبيا. وقولهم اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ = هى سخرية من قصة صعود إيليا للسماء فكأنهم يسخرون من إليشع قائلين إصعد للسماء مثل معلمك فنحن لا نريدك. ولم يكن العيب فى الأطفال الصغار بل فى أبائهم الذين حرضوهم على هذا وعلموهم السخرية من أنبياء الله بل أرسلوهم ليطردوا إليشع. ولعنة إليشع لهم كانت غيرة لمجد الله الذى يهان فى هذا المكان. وإذا كانت لعنة إليشع لهم لكرامة شخصية لما إستجاب الله له. ولنلاحظ أن موت الأطفال هو تأديب لأبائهم فهناك الآن 42 بيت مع باقى أسرهم فى حزن عميق على ما فعلوه بعد أن مات أبنائهم ولنلاحظ خطورة السخرية من رجال الله. على أن هناك رأى... أن كلمة غلام المترجمة هنا صبيان صغار قد تعنى سن الشباب. فيكونوا مسئولين عن عملهم. سواء هذا أو ذاك كانت لعنة إليشع للصبيان فيها تأديب لبيت إيل كلها لترهب الله الذى تركوه.