الإصحاح الثانى

 

الأيات (1-4):-"  1بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ لَمَّا خَمِدَ غَضَبُ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، ذَكَرَ وَشْتِي وَمَا عَمِلَتْهُ وَمَا حُتِمَ بِهِ عَلَيْهَا. 2فَقَالَ غِلْمَانُ الْمَلِكِ الَّذِينَ يَخْدِمُونَهُ: «لِيُطْلَبْ لِلْمَلِكِ فَتَيَاتٌ عَذَارَى حَسَنَاتُ الْمَنْظَرِ، 3وَلْيُوَكِّلِ الْمَلِكُ وُكَلاَءَ فِي كُلِّ بِلاَدِ مَمْلَكَتِهِ لِيَجْمَعُوا كُلَّ الْفَتَيَاتِ الْعَذَارَى الْحَسَنَاتِ الْمَنْظَرِ إِلَى شُوشَنَ الْقَصْرِ، إِلَى بَيْتِ النِّسَاءِ، إِلَى يَدِ هَيْجَايَ خَصِيِّ الْمَلِكِ حَارِسِ النِّسَاءِ، وَلْيُعْطَيْنَ أَدْهَانَ عِطْرِهِنَّ. 4وَالْفَتَاةُ الَّتِي تَحْسُنُ فِي عَيْنَيِ الْمَلِكِ، فَلْتَمْلُكْ مَكَانَ وَشْتِي». فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي عَيْنَيِ الْمَلِكِ، فَعَمِلَ هكَذَا. "

بعد هذه الأمور = قد تعنى بعد إنتهاء أحداث الإصحاح الأول، أو تعنى بعد رجوع الملك من حربه من اليونان. ذكر وشتى = لمحبته لها. ولكن بحسب قوانين فارس ما كان يستطيع أن يعيدها لأن ما يصدر من قرارات مختومة من الملك لا يمكن الرجوع فيها =وما خُتم به عليه. فهو وإن كان يحبها لكنه لم يستطع. وهكذا ما فقده في خمره وسكره لم يستطع أن يصلحه ثانية. فقال غلمان الملك= هم خافوا أن ينتقم منهم الملك لأنهم أصحاب المشورة بعزل وشتي، وهم يعرفون حب الملك للخلاعة فأخمدوا حنينه نحو وشتي بتقديم الفتيات الجميلات ثم يختار هو بحسب هواه. وكانت العادة أن الملك يختار زوجته من بين فتيات الرؤساء، لكن إذ خشي رجال الملك أن يظن الملك أنهم دفعوه لطرد وشتي لمصلحة شخصية حاولوا إظهار حسن نيتهم بأن يختار الملك الفتاة الجميلة من أي كورة أو أي جنس. ولاحظ فالأحداث كلها تتضافر لتحقيق خطة الله في" رفع المتضعين أي إستير لتجلس علي كرسي المملكة" ويقال أيضاً أن غلمان الملك أهتموا بتوفير البديل أي بديل لوشتي حتي لا تعود وشتي فتنتقم منهم. بيت النساء= البيت الذي يقيم فيه زوجات الملك وسراريه. وكانت واحدة منهن ترفع لتكون الملكة فيخضع لها باقي النساء. ولنلاحظ أن الإنسان لا يشبع من ماء هذا العالم، فكيف يترك الملك الإهتمام بشئون مملكة ليهتم بهذا العدد من النساء. أدهان عطرهن= يدلك الجلد بزيوت معطرة لمدة سنة لعلاج الجلد من أية أمراض وليعطي للجلد نظرة وصحة.

 

آية (5):- " 5كَانَ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ اسْمُهُ مُرْدَخَايُ بْنُ يَائِيرَ بْنِ شَمْعِي بْنِ قَيْسٍ، رَجُلٌ يَمِينِيٌّ،  "

مردخاي= هو البطل الخفي في قصة إستير، وهو إتسم بالأمانة في تربيته لها وإرشاداته لها، وأمانته في عمله لدي الملك الغريب الجنس، منقذا حياة الملك من مؤامرة شريرة، كما إمتاز بالتصرف الروحي العميق المملوء إيماناً وثقة في عمل الله.

 

آية (6):- "  6قَدْ سُبِيَ مِنْ أُورُشَلِيمَ مَعَ السَّبْيِ الَّذِي سُبِيَ مَعَ يَكُنْيَا مَلِكِ يَهُوذَا الَّذِي سَبَاهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ مَلِكُ بَابَلَ. "

قد سبي في أورشليم مع السبي الذي سبي مع يكنيا= سبي يكنيا كان في سنة 596ق.م. وأحداث هذا الإصحاح غالباً سنة 478ق.م. فلا يعقل أن يكون مردخاي هو الذي سبي مع يهوياكين (يكنيا) بل جده أو أبيه أي قيس أو شمعي. أما التقليد اليهودي فيقول أن شمعي هو الذي سب داود الملك. وأن قيس هو أبو الملك شاول. وأن مردخاي هو من نسل قيس أبو الملك شاول. وأن الكتاب أسقط كل الأسماء بين مردخاي وقيس ليظهر فقط أن مردخاي من نسل قيس أبو شاول. وإذا صح هذا وإذا علمنا أن هامان عدو اليهود هو أجاجي أي من نسل أجاج الملك العماليقي يكون أنه قد أتي من نسل أجاج (الذي أبقاه شاول حياً ضد إرادة الله) من أراد إهلاك نسل شاول (مردخاي)  بل وكل الشعب اليهودى. هكذا كل من يهمل فى خطية صغيرة يمكن أن تهلكه هذه الخطية الصغيرة. فلا نستهتر بخطية فقد يستغل الشيطان غفلتنا ويسقطنا فيها.

 

آية (7):- "7وَكَانَ مُرَبِّيًا لِهَدَسَّةَ أَيْ أَسْتِيرَ بِنْتِ عَمِّهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلاَ أُمٌّ. وَكَانَتِ الْفَتَاةُ جَمِيلَةَ الصُّورَةِ وَحَسَنَةَ الْمَنْظَرِ، وَعِنْدَ مَوْتِ أَبِيهَا وَأُمِّهَا اتَّخَذَهَا مُرْدَخَايُ لِنَفْسِهِ ابْنَةً. "

لم يكن لها أب ولا أم = هذه هى سمة الكنيسة التى إتخذها المسيح له عروس " حز 16" كانت الفتاة جميلة = عريسنا السماوى يرى فينا جمالاً سكبهُ هوعلينا (نش 5:1) فرمزياً إستير تشير لكنيسة العهد الجديد عروس المسيح.

 

الأيات (8-9):-" 8فَلَمَّا سُمِعَ كَلاَمُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ، وَجُمِعَتْ فَتَيَاتٌ كَثِيرَاتٌ إِلَى شُوشَنَ الْقَصْرِ إِلَى يَدِ هَيْجَايَ، أُخِذَتْ أَسْتِيرُ إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ إِلَى يَدِ هَيْجَايَ حَارِسِ النِّسَاءِ. 9وَحَسُنَتِ الْفَتَاةُ فِي عَيْنَيْهِ وَنَالَتْ نِعْمَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، فَبَادَرَ بِأَدْهَانِ عِطْرِهَا وَأَنْصِبَتِهَا لِيَعْطِيَهَا إِيَّاهَا مَعَ السَّبْعِ الْفَتَيَاتِ الْمُخْتَارَاتِ لِتُعْطَى لَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَنَقَلَهَا مَعَ فَتَيَاتِهَا إِلَى أَحْسَنِ مَكَانٍ فِي بَيْتِ النِّسَاءِ."

 

آية (10):- " 10وَلَمْ تُخْبِرْ أَسْتِيرُ عَنْ شَعْبِهَا وَجِنْسِهَا لأَنَّ مُرْدَخَايَ أَوْصَاهَا أَنْ لاَ تُخْبِرَ. "

لم تخبر أستير عن شعبها وجنسها = فهم شعب صغير ومذلول ومسبى. ونلاحظ أن مردخاى لم يطلب منها الكذب بل إخفاء حقيقة جنسها وهذا حقها وهى ذكرت أنها مولودة فى فارس ويتيمة الأبوين وربما حسبوها هم أنها فارسية. الأحداث كلها تتضافر لصنع الخلاص فحتى هذه الحادثة الصغيرة كان لها دور عظيم فى القصة.

 

آية (11):- "11وَكَانَ مُرْدَخَايُ يَتَمَشَّى يَوْمًا فَيَوْمًا أَمَامَ دَارِ بَيْتِ النِّسَاءِ، لِيَسْتَعْلِمَ عَنْ سَلاَمَةِ أَسْتِيرَ وَعَمَّا يُصْنَعُ بِهَا."

 

الأيات (12-17):-"  12وَلَمَّا بَلَغَتْ نَوْبَةُ فَتَاةٍ فَفَتَاةٍ لِلدُّخُولِ إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ لَهَا حَسَبَ سُنَّةِ النِّسَاءِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، لأَنَّهُ هكَذَا كَانَتْ تُكْمَلُ أَيَّامُ تَعَطُّرِهِنَّ، سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِزَيْتِ الْمُرِّ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ بِالأَطْيَابِ وَأَدْهَانِ تَعَطُّرِ النِّسَاءِ. 13وَهكَذَا كَانَتَ كُلُّ فَتَاةٍ تَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ. وَكُلُّ مَا قَالَتْ عَنْهُ أُعْطِيَ لَهَا لِلدُّخُولِ مَعَهَا مِنْ بَيْتِ النِّسَاءِ إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ. 14فِي الْمَسَاءِ دَخَلَتْ وَفِي الصَّبَاحِ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِ النِّسَاءِ الثَّانِي إِلَى يَدِ شَعَشْغَازَ خَصِيِّ الْمَلِكِ حَارِسِ السَّرَارِيِّ. لَمْ تَعُدْ تَدْخُلْ إِلَى الْمَلِكِ إِلاَّ إِذَا سُرَّ بِهَا الْمَلِكُ وَدُعِيَتْ بِاسْمِهَا.

15وَلَمَّا بَلَغَتْ نَوْبَةُ أَسْتِيرَ ابْنَةِ أَبَيِحَائِلَ عَمِّ مُرْدَخَايَ الَّذِي اتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ ابْنَةً لِلدُّخُولِ إِلَى الْمَلِكِ، لَمْ تَطْلُبْ شَيْئًا إِلاَّ مَا قَالَ عَنْهُ هَيْجَايُ خَصِيُّ الْمَلِكِ حَارِسُ النِّسَاءِ. وَكَانَتْ أَسْتِيرُ تَنَالُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ رَآهَا. 16وَأُخِذَتْ أَسْتِيرُ إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ إِلَى بَيْتِ مُلْكِهِ فِي الشَّهْرِ الْعَاشِرِ، هُوَ شَهْرُ طِيبِيتَ، فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِمُلْكِهِ. 17فَأَحَبَّ الْمَلِكُ أَسْتِيرَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ، وَوَجَدَتْ نِعْمَةً وَإِحْسَانًا قُدَّامَهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الْعَذَارَى، فَوَضَعَ تَاجَ الْمُلْكِ عَلَى رَأْسِهَا وَمَلَّكَهَا مَكَانَ وَشْتِي. "

نلاحظ أن إستير صارت ملكة فى السنة السابعة لأحشويروش بينما كان عزل وشتى فى السنة الثالثة وفى خلال هذه المدة كان الملك فى حربه مع اليونان وربما كانت إستعدادات الفتيات فى خلال سفر الملك. وبعد أن عاد إنشغل فى إختيار واحدة منهن لتصير ملكة. وكانت كل واحدة تدخل على الملك تختار ما تأخذه معها ربما من عطور أو ملابس.... الخ ولكن إستير رفضت كل الزينة الخارجية فالزينة الخارجية تستر الجمال الحقيقى. وكانت تنال نعمة فى عينى كل من رآها = هى نعمة الله المجانية وهذا هو رصيدها الحقيقى. وهذه الأيات لها تفسير رمزى:-

إذا كان الملك يرمز للمسيح وإستير لعروسه الكنيسة فيكون تعطرها بالمر يشير أنها بقبولها الألام خلال حياتها على الأرض (المرموز لها بستة أشهر) تستحق أن تكون لها قيامة مع المسيح. والعروس من حقها أن تجمع من الفضائل ما تريد لتدخل بها إلى السماويات والنفس التى تمتلىء فعلاً بنعمة المسيح هى التى تصلح أن تكون ملكة فإستير لم تأخذ شيئاً لكنها إكتفت بنعمة الله فوجدت نعمة فى أعين الكل بل وضع الملك بنفسه التاج على رأسها. فالنفس لا تملك إن لم يملكها المسيح. وهى قد ملكت فى الشهر العاشر فى السنة السابعة (رقم 10 يرمز للوصايا التى كسرناها ورقم 7 يرمز للكمال فالمسيح بفدائه صار لنا كفارة عن خطايانا، فداءً كاملاً).

 

آية (18):- " 18وَعَمِلَ الْمَلِكُ وَلِيمَةً عَظِيمَةً لِجَمِيعِ رُؤَسَائِهِ وَعَبِيدِهِ، وَلِيمَةَ أَسْتِيرَ. وَعَمِلَ رَاحَةً لِلْبِلاَدِ وَأَعْطَى عَطَايَا حَسَبَ كَرَمِ الْمَلِكِ."

ما أقرب هذه الصورة إلى ما ذكر فى سفر الرؤيا رؤ 7:19-9.

 

الأيات (19-20):-" 19وَلَمَّا جُمِعَتِ الْعَذَارَى ثَانِيَةً كَانَ مُرْدَخَايُ جَالِسًا بِبَابِ الْمَلِكِ. 20وَلَمْ تَكُنْ أَسْتِيرُ أَخْبَرَتْ عَنْ جِنْسِهَا وَشَعْبِهَا كَمَا أَوْصَاهَا مُرْدَخَايُ. وَكَانَتْ أَسْتِيرُ تَعْمَلُ حَسَبَ قَوْلِ مُرْدَخَايَ كَمَا كَانَتْ فِي تَرْبِيَتِهَا عِنْدَهُ."

 

الأيات (21-23):-"  21فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، بَيْنَمَا كَانَ مُرْدَخَايُ جَالِسًا فِي بَابِ الْمَلِكِ، غَضِبَ بِغْثَانُ وَتَرَشُ خَصِيَّا الْمَلِكِ حَارِسَا الْبَابِ، وَطَلَبَا أَنْ يَمُدَّا أَيْدِيَهُمَا إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. 22فَعُلِمَ الأَمْرُ عِنْدَ مُرْدَخَايَ، فَأَخْبَرَ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ، فَأَخْبَرَتْ أَسْتِيرُ الْمَلِكَ بِاسْمِ مُرْدَخَايَ. 23فَفُحِصَ عَنِ الأَمْرِ وَوُجِدَ، فَصُلِبَا كِلاَهُمَا عَلَى خَشَبَةٍ، وَكُتِبَ ذلِكَ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ أَمَامَ الْمَلِكِ. "

ربما كان هذان الخائنان من رجال وشتى وأرادوا الإنتقام لسيدتهما. ونلاحظ أن مردخاى الأمين لم يكافأ مباشرة بل كُتِبَ ما عمله فى سفر. هكذا نحن لن نكافأ هنا عن كل عمل صالح بل ننتظر مكافأتنا فى السماء فكل ما نعمله من أعمال صالحة مسجل لنا حتى كل كأس ماء بارد قدمناه لأحد. ونحن لا نريد مكافأة أرضية بل أن نكلل بإكليل الحياة الأبدية وندخل لشركة مجد الرب لنحيا معه وجهاً لوجه.