الإصحاح الرابع

 

آية (1):- " 1وَلَمَّا عَلِمَ مُرْدَخَايُ كُلَّ مَا عُمِلَ، شَقَّ مُرْدَخَايُ ثِيَابَهُ وَلَبِسَ مِسْحًا بِرَمَادٍ وَخَرَجَ إِلَى وَسَطِ الْمَدِينَةِ وَصَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً مُرَّةً، "

إذ سمع مردخاى بما فعله هامان تذلل أمام الله، وكان شق ثيابه علامة الحزن الشديد ولبس المسوح علامة إنسحاق قلبه، فهو يعلم أن ما حدث كان بسببه. ولكن مردخاى كان شجاعاً فلم يختفى بل التجأ إلى الله فى تذلل وبدأ يفكر بحكمة فى طريقة لإنقاذ شعبه وإن كان مردخاى يمثل المسيح. فالمسيح خلص شعبه

 

مردخاى خلع ثيابه

لبس المسوح

خرج هكذا إلى المدينة

صرخ صرخة مرة

المسيح اخلى ذاته لأجلنا

المسيح لبس جسدنا

المسيح جاء إلى العالم

المسيح صرخ على الصليب

 

آية (2):- " 2وَجَاءَ إِلَى قُدَّامِ بَابِ الْمَلِكِ، لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ بَابَ الْمَلِكِ وَهُوَ لاَبِسٌ مِسْحًا. "

لم يدخل مردخاى القصر بسبب مسوحه فالملوك الزمنيين يعيشون فى قصورهم لا يبالون بشعبهم المتألم، بل لا يريدون رؤية الحزانى، أما ملكنا السماوى فنزل لذلنا ليرفعنا لمجده.

 

آية (3):- "3وَفِي كُلِّ كُورَةٍ حَيْثُمَا وَصَلَ إِلَيْهَا أَمْرُ الْمَلِكِ وَسُنَّتُهُ، كَانَتْ مَنَاحَةٌ عَظِيمَةٌ عِنْدَ الْيَهُودِ، وَصَوْمٌ وَبُكَاءٌ وَنَحِيبٌ. وَانْفَرَشَ مِسْحٌ وَرَمَادٌ لِكَثِيرِينَ."

كانت مناحة = فيها ندموا أنهم لم يعودوا لأورشليم حينما سمح لهم كورش بذلك.

إنفرش مسح = تحولت حياة اليهود إلى مناحة فى كل مكان وصل إليه قرار الملك هكذا صلى المؤمنين أن يذكروا يوم الرب العظيم فيبكوا على خطاياهم.

 

آية (4):- " 4فَدَخَلَتْ جَوَارِي أَسْتِيرَ وَخُصْيَانُهَا وَأَخْبَرُوهَا، فَاغْتَمَّتِ الْمَلِكَةُ جِدًّا وَأَرْسَلَتْ ثِيَابًا لإِلْبَاسِ مُرْدَخَايَ، وَلأَجْلِ نَزْعِ مِسْحِهِ عَنْهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ. "

أخبرت إستير بما فعله مردخاى، ولم تكن تعلم قرار الملك. وسمعت أن مردخاى بسبب مسوحه لا يستطيع دخول القصر بل هو قدام باب الملك (2). فأرسلت ثياباً له.

 

آية (5):- "  5فَدَعَتْ أَسْتِيرُ هَتَاخَ، وَاحِدًا مِنْ خِصْيَانِ الْمَلِكِ الَّذِي أَوْقَفَهُ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَأَعْطَتْهُ وَصِيَّةً إِلَى مُرْدَخَايَ لِتَعْلَمَ مَاذَا وَلِمَاذَا. "

أرسلت إستير هتاخ (ويبدو أنه يهودى فمردخاى قال لهُ كل شىء) لتعلم ماذا ولماذا أى ماذا حدث ولماذا يرتدى مردخاى المسوح.

 

الأيات (6-10):-" 6فَخَرَجَ هَتَاخُ إِلَى مُرْدَخَايَ إِلَى سَاحَةِ الْمَدِينَةِ الَّتِي أَمَامَ بَابِ الْمَلِكِ. 7فَأَخْبَرَهُ مُرْدَخَايُ بِكُلِّ مَا أَصَابَهُ، وَعَنْ مَبْلَغِ الْفِضَّةِ الَّذِي وَعَدَ هَامَانُ بِوَزْنِهِ لِخَزَائِنِ الْمَلِكِ عَنِ الْيَهُودِ لإِبَادَتِهِمْ، 8وَأَعْطَاهُ صُورَةَ كِتَابَةِ الأَمْرِ الَّذِي أُعْطِيَ فِي شُوشَنَ لإِهْلاَكِهِمْ، لِكَيْ يُرِيَهَا لأَسْتِيرَ، وَيُخْبِرَهَا وَيُوصِيَهَا أَنْ تَدْخُلَ إِلَى الْمَلِكِ وَتَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ وَتَطْلُبَ مِنْهُ لأَجْلِ شَعْبِهَا. 9فَأَتَى هَتَاخُ وَأَخْبَرَ أَسْتِيرَ بِكَلاَمِ مُرْدَخَايَ. 10فَكَلَّمَتْ أَسْتِيرُ هَتَاخَ وَأَعْطَتْهُ وَصِيَّةً إِلَى مُرْدَخَايَ:"

 

آية (11):- "11«إِنَّ كُلَّ عَبِيدِ الْمَلِكِ وَشُعُوبِ بِلاَدِ الْمَلِكِ يَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ رَجُل دَخَلَ أَوِ امْرَأَةٍ إِلَى الْمَلِكِ، إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ وَلَمْ يُدْعَ، فَشَرِيعَتُهُ وَاحِدَةٌ أَنْ يُقْتَلَ، إِلاَّ الَّذِي يَمُدُّ لَهُ الْمَلِكُ قَضِيبَ الذَّهَبِ فَإِنَّهُ يَحْيَا. وَأَنَا لَمْ أُدْعَ لأَدْخُلَ إِلَى الْمَلِكِ هذِهِ الثَّلاَثِينَ يَوْمًا». "

شريعة واحدة = أى شريعة بالسوية على الكل. والشريعة أى قانون المملكة هذه سنها ديوسيس ملك مادى الأول ليزيد من سلطته وبعده تبناها ملوك الفرس وبناء على هذه الشريعة خافت إستير أن تدخل للملك فهو لم يدعها للدخول منذ 30 يوماً.

 

آية (12):- " 12فَأَخْبَرُوا مُرْدَخَايَ بِكَلاَمِ أَسْتِيرَ."

 

الأيات (13-14):-" 13فَقَالَ مُرْدَخَايُ أَنْ تُجَاوَبَ أَسْتِيرُ: «لاَ تَفْتَكِرِي فِي نَفْسِكِ أَنَّكِ تَنْجِينَ فِي بَيْتِ الْمَلِكِ دُونَ جَمِيعِ الْيَهُودِ. 14لأَنَّكِ إِنْ سَكَتِّ سُكُوتًا فِي هذَا الْوَقْتِ يَكُونُ الْفَرَجُ وَالنَّجَاةُ لِلْيَهُودِ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، وَأَمَّا أَنْتِ وَبَيْتُ أَبِيكِ فَتَبِيدُونَ. وَمَنْ يَعْلَمُ إِنْ كُنْتِ لِوَقْتٍ مِثْلِ هذَا وَصَلْتِ إِلَى الْمُلْكِ؟». "

رد مردخاى على إستير يمثل منتهى الفهم الروحى العميق ويشتمل على :-

1-  هو آمن أن الخلاص قادم لا محالة، إذاً صراخه وإنسحاقه لم يكونا عن يأس بل برجاء

2-  الخلاص سيأتى بإستير أو بغيرها لكنه سوف يأتى

3- الله له وسائله فى تدبير الخلاص لشعبه ولن يعدم الوسيلة. ولكن من سيتجاوب مع دعوة الله ويكون أداة الخلاص سيكون لهُ إكليل. وعلى إستير أن تنتهز الفرصة ليكون لها دور فى الخلاص القادم حتى لا تخسر إكليلها.

4- الله وضع إستير فى هذا المركز حتى يكون لها دور فى خلاص شعبها " والله يضع كل منا فى مركزه وفى مكان وفى زمان ليكون قادراً أن يقدم خدمة لإخوته وكنيسته.

5- على إستير أن تخرج من دائرة الأنا الضيقة مفتكرة فى نفسها أنها ملكة ولن يستطع أحد أن يمسها بسوء، لأن ما يصيب شعبها يمس حياتها وحياة بيت أبيها، وعليها أن لا تخاف من الموت فماذا تنتفع لو عاشت هى وقتل شعبها كله.

نظرة مردخاى نظرة كلها إيمان بأن الله سيد التاريخ، ومهما كانت المؤامرات التى تحاك ضد شعبه فهو قادر أن يجد لها حلاً فقبل أن تكتمل مؤامرة هامان بأربع سنوات سمح الله لإستير أن تجلس كملكة لتنقذ شعبها ولكن الله يطلب أدوات. وطوبى لمن يخضع لخطة الله ويعمل كاداة للخلاص فى كرم الرب فهذا لهُ إكليل.

 

آية (15):- " 15فَقَالَتْ أَسْتِيرُ أَنْ يُجَاوَبَ مُرْدَخَايُ:"

 

آية (16):- "  16«اذْهَبِ اجْمَعْ جَمِيعَ الْيَهُودِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ وَصُومُوا مِنْ جِهَتِي وَلاَ تَأْكُلُوا وَلاَ تَشْرَبُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْلاً وَنَهَارًا. وَأَنَا أَيْضًا وَجَوَارِيَّ نَصُومُ كَذلِكَ. وَهكَذَا أَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ خِلاَفَ السُّنَّةِ. فَإِذَا هَلَكْتُ، هَلَكْتُ». "

لم تفكر إستير بطريقة بشرية زمنية، فهى لم تهتم كيف تتزين لتجذب الملك، بل لجأت للصوم والصلاة، وطلبت أن يشترك معها مردخاى واليهود، كما أشركت جواريها معها. فنحن نؤمن أن الله سيتدخل ويدبر الخلاص لشعبه لكن علينا بالتذلل والإنسحاق فى صوم وصلاة وبهذا نغلب. وهذا الصوم والصلاة هو الذى فتح قلب الملك المتوحش لإستير ولنعرف صورة عن وحشيته " فى حرب من حروبه طلب إليه ليسياس صديقه أن يترك إبنه الأبكر ولا يأخذه فى الحرب وقدم لهُ خمسة من إخوته الاخرين فما كان منهُ إلا أن أمر بشطر الولد إلى شطرين وطلب من الجند أن يسيروا على جثته حتى يعرف الكل حزمه وصرامته " لكن صلاة إستير وصومها غيرا هذا القلب. والصوم 3 أيام يشير لقبول الألام مع المسيح 3 أيام فى قبره لتكون لنا قيامة معه. ولاحظ أن إستير لم تلق باللوم على مردخاى بل صلت وصامت فإستير تمثل الكنيسة المطيعة لمسيحها (مردخاى) تصلى عن شعبها وتضحى بنفسها لأجل أولادها.

 

آية (17):- " 17فَانْصَرَفَ مُرْدَخَايُ وَعَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَتْهُ بِهِ أَسْتِيرُ."