الإصحاح الخامس

 

الأيات (1-4):-"  1وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَبِسَتْ أَسْتِيرُ ثِيَابًا مَلَكِيَّةً وَوَقَفَتْ فِي دَارِ بَيْتِ الْمَلِكِ الدَّاخِلِيَّةِ مُقَابِلَ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَالْمَلِكُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ مُلْكِهِ فِي بَيْتِ الْمُلْكِ مُقَابِلَ مَدْخَلِ الْبَيْتِ. 2فَلَمَّا رَأَى الْمَلِكُ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ وَاقِفَةً فِي الدَّارِ نَالَتْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ، فَمَدَّ الْمَلِكُ لأَسْتِيرَ قَضِيبَ الذَّهَبِ الَّذِي بِيَدِهِ، فَدَنَتْ أَسْتِيرُ وَلَمَسَتْ رَأْسَ الْقَضِيبِ. 3فَقَالَ لَهَا الْمَلِكُ: «مَا لَكِ يَا أَسْتِيرُ الْمَلِكَةُ؟ وَمَا هِيَ طِلْبَتُكِ؟ إِلَى نِصْفِ الْمَمْلَكَةِ تُعْطَى لَكِ». 4فَقَالَتْ أَسْتِيرُ: «إِنْ حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ فَلْيَأْتِ الْمَلِكُ وَهَامَانُ الْيَوْمَ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلْتُهَا لَهُ»."

وفى اليوم الثالث = أى اليوم الثالث من الصوم ورقم (3) يشير للقيامة وبهذا نفهم أن وليمة أستير تشير إلى الصليب فبه خلص الله شعبه وصلب إبليس وكل أعماله الشريرة، فما أصاب هامان كان بعد هذه الوليمة، وما أصاب الشيطان من هلاك كان بصليب الرب القائم من الأموات، على الصليب هلك هامان الحقيقى أى إبليس لأن المرتفع على الصليب هو " القيامة " بعينه ولأن إستير إنطلقت للملك فى اليوم الثالث كانت مرتدية الثياب الملكية. وبحكمة أعدت وليمة للملك لتسر قلبه. وكما ذهب هامان إلى الوليمة فرحاً شاعراً أنه يوم إنتصار لهُ، ذهب الشيطان للصليب شاعراً أنه يوم إنتصاره وكما كانت هذه الوليمة هزيمة وإنكسار لهامان، هكذا كان الصليب للشيطان.

 

الأيات (5-7):-" 5فَقَالَ الْمَلِكُ: «أَسْرِعُوا بِهَامَانَ لِيُفْعَلَ كَلاَمُ أَسْتِيرَ». فَأَتَى الْمَلِكُ وَهَامَانُ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلَتْهَا أَسْتِيرُ. 6فَقَالَ الْمَلِكُ لأَسْتِيرَ عِنْدَ شُرْبِ الْخَمْرِ: «مَا هُوَ سُؤْلُكِ فَيُعْطَى لَكِ؟ وَمَا هِيَ طِلْبَتُكِ؟ إِلَى نِصْفِ الْمَمْلَكَةِ تُقْضَى». 7فَأَجَابَتْ أَسْتِيرُ وَقَالتْ: «إِنَّ سُؤْلِي وَطِلْبَتِي،"

 

آية (8):- " 8إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الْمَلِكِ، وَإِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ أَنْ يُعْطَى سُؤْلِي وَتُقْضَى طِلْبَتِي، أَنْ يَأْتِيَ الْمَلِكُ وَهَامَانُ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي أَعْمَلُهَا لَهُمَا، وَغَدًا أَفْعَلُ حَسَبَ أَمْرِ الْمَلِكِ»."

لا نعرف لماذا أجلت إستير طلبتها من الملك ربما لأنها شعرت أنه مسرور أثناء الوليمة فأرادت أن تدخل سروراً أكثر إلى قلبه، وربما أنها أرادت أن تصلى فتزداد شجاعتها، أو لعلها بحكمتها لم ترد أن تتعجل الطلب حتى لا يشعر الملك انها إستغلت حبه لها لتضغط عليه. لكن الأحداث بعد هذا كشفت أن هذا التأجيل كان بتدبير إلهى فحين أجلت إستير طلبها إلى غد كان شر هامان قد إكتمل وإمتلأ كأس شره بصنع صليب لمردخاى وفى نفس الليلة ينزع نوم الملك منه ويذكر أن مردخاى أنقذ حياته من الموت فيكون صليب مردخاى لهامان نفسه وكأن هامان أشعل ناراً ليحترق بها هو نفسه عوضاً عن حرق مردخاى عدوه.

والآن نسأل من الذى جعل إستير تطلب التأجيل للغد مرتين؟ الإجابة هى حكمة من الله

ومن الذى أعطاها هذه الحكمة؟ والإجابة ألم تصلى وتصوم فالله سمع وإستجاب " إسألوا تعطوا". ولماذا طلبت إستير أن يأتى هامان لوليمتها؟ هى أرادت أن تشتكيه للملك لكن فى مواجهة حتى لا تكون لهُ فرصة أن يدبر مؤامرة من ورائها بل تفاجئه امام الملك.

 

آية (9):- "9فَخَرَجَ هَامَانُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ فَرِحًا وَطَيِّبَ الْقَلْبِ. وَلكِنْ لَمَّا رَأَى هَامَانُ مُرْدَخَايَ فِي بَابِ الْمَلِكِ وَلَمْ يَقُمْ وَلاَ تَحَرَّكَ لَهُ، امْتَلأَ هَامَانُ غَيْظًا عَلَى مُرْدَخَايَ. "

هذا فكر المتكبر دائماً فهو لا يهدأ إن رأى أحداً لا يعطيه إحتراماً فهو يطلب إحترام وتوقير كل أحد ولا يشبع من هذا أبداً، فهو فى نظر نفسه يستحق كل إحترام وتوقير. وهذا المتكبر الذى لا يفكر إلا فى نفسه شبع تكريماً فى وليمة الملكة وفى صحبته للملك لكنه حين رأى مردخاى وأنه رفض السجود لهُ كان كل التكريم الذى رآه لا يساوى شيئاً. وبذلك يعيش المتكبر دائماً غير سعيداً وغير راضياً بسبب أى بادرة من شخص تدل على أنه لا يعطيه كل الإحترام لكن السبب الحقيقى وراء الألم الذى يشعر به المتكبر ليس أنه فقد إحترام شخص ما بل لأنه فاقد وجود الله فى قلبه وهكذا كل خاطىء. فأخاب كان سر ألمه ليس أن نابوت لم يعطه أرض كرمه بل لأن الله ليس فى قلبه فلا سلام لهُ. ولاحظ كيف إمتلأت نفس هامان عظمة = فخرج فرحاً وطيب القلب بسبب دعوة الملكة له وتصور أن هذه الدعوة هى لتعظيمه ولم يعلم أنها لهلاكه، فكل متكبر يظل ينتفخ إلى أن يهلك بسبب تصورات كبرياء قلبه. ونجد هامان فى كبريائه:-

1-  أراد أن يكرم كملك فارس(6:6-9) فقلب المتكبر لا يشبع أبداً

2-  هو ظن أن الملك لا يتكلم عن سواه فهو لا يفكر سوى فى نفسه ويدور حول ذاته فقط.

3-  غضبه الجنونى على مردخاى بل التفكير فى قتل شعب باكمله بسبب هذا الغضب.

وماذا تكون نتيجة الكبرياء؟ حياة معذبة بلا سلام وخسارته لحياته الأبدية، وصلبه على الصليب بدلاً من مردخاى فهو خسر كل شىء حياته وبيته وكرامته وأبديته.

 

آية (10):- " 10وَتَجَلَّدَ هَامَانُ وَدَخَلَ بَيْتَهُ وَأَرْسَلَ فَاسْتَحْضَرَ أَحِبَّاءَهُ وَزَرَشَ زَوْجَتَهُ،"

 

الأيات (11-12):-" 11وَعَدَّدَ لَهُمْ هَامَانُ عَظَمَةَ غِنَاهُ وَكَثْرَةَ بَنِيهِ، وَكُلَّ مَا عَظَّمَهُ الْمَلِكُ بِهِ وَرَقَّاهُ عَلَى الرُّؤَسَاءِ وَعَبِيدِ الْمَلِكِ. 12وَقَالَ هَامَانُ: «حَتَّى إِنَّ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ لَمْ تُدْخِلْ مَعَ الْمَلِكِ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلَتْهَا إِلاَّ إِيَّايَ. وَأَنَا غَدًا أَيْضًا مَدْعُوٌّ إِلَيْهَا مَعَ الْمَلِكِ. "

هذه سمة أخرى للمتكبر فهو دائم الحديث عن نفسه.

 

آية (13):- " 13وَكُلُّ هذَا لاَ يُسَاوِي عِنْدِي شَيْئًا كُلَّمَا أَرَى مُرْدَخَايَ الْيَهُودِيَّ جَالِسًا فِي بَابِ الْمَلِكِ»."

 

آية (14):- "14فَقَالَتْ لَهُ زَرَشُ زَوْجَتُهُ وَكُلُّ أَحِبَّائِهِ: «فَلْيَعْمَلُوا خَشَبَةً ارْتِفَاعُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَفِي الصَّبَاحِ قُلْ لِلْمَلِكِ أَنْ يَصْلِبُوا مُرْدَخَايَ عَلَيْهَا، ثُمَّ ادْخُلْ مَعَ الْمَلِكِ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَرِحًا». فَحَسُنَ الْكَلاَمُ عِنْدَ هَامَانَ وَعَمِلَ الْخَشَبَةَ."

هامان فى غيظه لم يستطع أن ينتظر اليوم الذى حددته القرعة بل هو يريد إنتقاماًفورياً من مردخاى لذلك رحب بفكرة صلبه. وهذا ما حدث مع إبليس لكن تدبيره إرتد فوق راسه كو 15، 14:2. الصليب الذى أعطانا الحرية ورمزه هنا صليب هامان وطوله 50 ذراعاً ورقم 50 يشير للحرية (سنة اليوبيل التى فيها يتحرر العبيد) فبالصليب تحررنا.