الإصحاح التاسع والثلاثون

 

الآيات (1-15):- "1 فانه يبحث عن حكمة جميع المتقدمين ويتفرغ للنبوءات. 2 يحفظ أحاديث الرجال المشهورين ويدخل في أفانين الأمثال. 3 يبحث عن خفايا الأقوال السائرة ويتبحر في الغاز الاحاجي. 4 يخدم بين أيدي العظماء ويقف أمام الرئيس. 5 يجول في ارض الأمم الغريبة فيختبر في الناس الخير والشر. 6 يوجه قلبه إلى الابتكار أمام الرب صانعه ويتضرع إلى العلي. 7 ويفتح فاه بالصلاة ويستغفر لخطاياه. 8 فان شاء الرب العظيم يملاه من روح الفهم. 9 فيمطر بأقوال حكمته وفي الصلاة يعترف للرب. 10 يستهدي بمشورته وعلمه ويتأمل في خفاياه. 11 يبين تأديب إرشاده ويفتخر بشريعة عهد الرب. 12 كثيرون يمدحون حكمته وهي لا تمحى إلى الأبد. 13 ذكره لا يزول واسمه يحيا إلى جيل الأجيال. 14 تحدث الأمم بحكمته وتشيد الجماعة بحمده. 15 أن بقي خلف اسما اكثر من ألف وان دخل إلى الراحة أفاد نفسه."

إستمراراً لكلامه عن وظيفة الكاتب التي ذكرها في الإصحاح السابق، يتكلم عنهم هنا فهو يبحث عن حكمة الأباء السابقين= جميع المتقدمين. ويتفرغ للنبوءات يدرسها ويفسرها. يدخل في أفانين الأمثال= تشعباتها وإحتمالاتها. والأقوال السائرة يبحث عن خفاياها وحكمتها وهؤلاء الدارسين يستخدمهم العظماء والملوك ويرسلونهم كسفراء (5) فتزداد خبراتهم= فيختبر في الناس الخير والشر. وهو رجل مصلي= يوجه قلبه إلى الإبتكار أمام الرب صانعه ويتضرع ومعنى الإبتكار أن يقوم باكراً ليُصلى، فهو لا يمكنه أن يفهم دون معونة من الله. هكذا قال السيد المسيح "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يو5:15). فإن شاء الرب العظيم يملأه من روح الفهم (8) ويمطر الله عليه بأقوال حكمته وهو يرد بالشكر لله= وفي الصلاة يعترف للرب. وهو يعلم الناس ما تعلمه= يبين تأديب إرشاده ويفتخر بشريعة عهد الرب= ولا يفتخر بأي مجد عالمي. وإن دخل إلى الراحة= عند موته يخلص= أفاد نفسه .

 

الآيات (16-41):- "16 أني استمر على بيان أفكاري لأني امتلأت كبدر تم. 17 اسمعوني أيها البنون الأصفياء أنبتوا كورد مغروس على نهر الصحراء. 18 وأفيحوا عرفكم كاللبان. 19وأزهروا كالزنبق انشروا عرفكم وسبحوا بترنيمكم باركوا الرب على جميع أعماله. 20 وعظموا اسمه اعترفوا له بالتسبيح بترانيم الشفاه وبالكنارة وقولوا هكذا بالاعتراف. 21 أعمال الرب كلها حسنة جدا وجميع أوامره تجرى في أوقاتها وكلها تطلب في أونتها. 22 بكلمته وقف الماء كربوة وقفت حياض المياه بقول فمه. 23 في أمره كل مرضاة وليس أحد يمنع تمام خلاصه. 24 أعمال كل ذي جسد أمامه ولا شيء يخفى عن عينيه. 25 ينظر من دهر إلى دهر وليس شيء عجيبا أمامه. 26 ليس لقائل أن يقول ما هذا أو لم هذا لان كل شيء خلق لفوائد تختص به. 27 فاضت بركته كنهر. 28 وروت اليبس كطوفان كذلك يورث الأمم غضبه. 29 كما حول المياه إلى يبس طرقه مستقيمة للقديسين كذلك هي معاثر للاثماء. 30 الصالحات خلقت للصالحين منذ البدء كذلك الشرور للأشرار. 31 راس ما تحتاج إليه حياة الإنسان الماء والنار والحديد والملح وسميذ الحنطة والعسل واللبن ودم العنب والزيت واللباس. 32 كل هذه خيرات للأتقياء وكذلك هي تتحول للخطاة شرورا. 33 من الأرواح أرواح خلقت للانتقام وهذه في غضبها تشدد سياطها. 34 وفي وقت الانقضاء تصب قوتها وتسكن غضب صانعها. 35 النار والبرد والجوع والموت كل هذه خلقت للانتقام. 36 أنياب السباع والعقارب والأفاعي والسيف تنتقم من المنافقين بإهلاكهم. 37 هذه تفرح بوصيته وعلى الأرض تستعد لوقت الحاجة وفي أزمنتها لا تتعدى كلمته. 38 فلذلك ترسخت منذ البدء وتأملت ورسمت في كتابي. 39 أن جميع أعمال الرب صالحة فتؤتي كل فائدة في ساعتها. 40وليس لقائل أن يقول أن هذا شر من هذا فان كل أمر يستحسن في وقته. 41 فالان سبحوا بكل قلوبكم وأفواهكم وباركوا اسم الرب."

هذه تسبحة للرب، فالحكيم في حكمته أدرك حكمة الله، التي ظهرت للحكيم فسبحه. وهو هنا يبين أفكاره عن الله إذ صار ممتلئاً من حكمة الله ونور الله كبدرٍ تام وهو يدعو تلاميذه لينبتوا كورد مغروس على نهر الصحراء= هم كورد له رائحة المسيح الزكية على نهر الروح القدس (مز1) في وسط عالم كالصحراء. عَرْفكُم= الريح سواء طيبة أو نتنة (مختار الصحاح). أفيحوا عرفكم= لتكن سيرتكم كاللبان= البخور، فيها تقوى ورائحة زكية وسيرة حلوة.

إزهروا كالزنبق= ليكن شكلكم أمام الناس وأعمالكم تمجد الله. ويطلب التسبيح لله. أعمال الرب كلها حسنة جداً= حتى ما لا نفهمه منها. وكل أوامره محددة بأوقاتها= فالله لا يخطئ وفي (22) عن شق البحر ونهر الأردن. في أمره كل مرضاة= هو يصنع مرضاته وليس أحد يمنع تمام خلاصه= هو دائماً يسعى لخلاص الإنسان. كل ما خلقه له فائدة ولا حق لأحد أن يعترض لأن فهمنا محدود (26). يورث الأمم غضبه= كما حدث لسدوم وعمورة وغيرهما. حَوَّل الماء إلى يبس= ليمر شعبه في البحر الأحمر، كذلك هي معاثر للأثماء= حين مر المصريون من البحر إنغلق عليهم. وفي (32) الماء قد يغرق الأشرار، والنار أحرقت سدوم وعمورة بينما هي خير لا يستغنى الإنسان عنه. من الأرواح أرواح خلقت للإنتقام= كلمة روح وريح هي كلمة واحدة. والمقصود هنا الريح التي تصبح زوابع مدمرة. أدوات الإنتقام هذه هي رهن إشارة الله= تفرح بوصيته= هو يصورها كأنها أشخاص تحب الله ورهن إشارته فتفرح بأن تنفذ إرادته في عقاب الأشرار. ولما أدرك إبن سيراخ حكمة الله في كل خليقة دون هذا وطلب أن نسبح الله.