الإصحاح السادس والأربعون

 

بعد سقوط بابل أمام كورش الذي يؤمن بالإله الواحد، لم يشفق كورش على آلهة بابل الكثيرة، بل جردوها من جواهرها وحملوا الآلهة على الحيوانات كغنائم حرب. وهنا يقارن هذه الآلهة المحمولة بالله الذي يحمل إسرائيل كطفله فالبعض يحملون آلهتهم ودياناتهم والبعض وهم نحن يحملنا إلهنا وديننا.

و الله هنا يدعو الشعب للاستهزاء بآلهة بابل فهي غير قادرة على أن تمنعهم من الرجوع إلى أورشليم وخلاصهم. وكم كانت هذه الآيات مشجعة للشعب وقت الرجوع. لذلك يطلب الله من شعبه أن لا يساووا بينه وبين هذه الآلهة العاجزة المحمولة، وهو حامل الجميع بكلمة قدرته (عب 1 :3) وهو الذي يقول حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إلىَ (خر 19 : 4 + تث 1 : 31 ) بل هو حمل عنا خطايانا.

 

آية (1):- "1قَدْ جَثَا بِيلُ، انْحَنَى نَبُو. صَارَتْ تَمَاثِيلُهُمَا عَلَى الْحَيَوَانَاتِ وَالْبَهَائِمِ. مَحْمُولاَتُكُمْ مُحَمَّلَةٌ حِمْلاً لِلْمُعْيِي. "

بِيلُ = أسم إله بابلي ومنه تنسب أسماء مثل بيلشاصر. وهو يناظر الاسم العبري بعل أي السيد وغالباً هو نفسه الإله مرودخ. نَبُو = أسم اله آخر ينسب له أسماء مثل نبوخذ نصر وهذين الإلهين هما أعظم آلهة بابل, وقد حطم الفرس تماثيلهم فكأنها جثث وحملها الفرس على البهائم ليس كآلهة بل لقيمة المعدن المصنوعة منه فقط.

 

آية (2):- "2قَدِ انْحَنَتْ. جَثَتْ مَعًا. لَمْ تَقْدِرْ أَنْ تُنَجِّيَ الْحِمْلَ، وَهِيَ نَفْسُهَا قَدْ مَضَتْ فِي السَّبْيِ. "

قَدِ انْحَنَتْ جَثَتْ = الحيوانات المُتعَبة من حمل هذه التماثيل انحنت وهذه الآلهة لم تستطع أن تعينها.

 

الآيات (3-5):- "3«اِسْمَعُوا لِي يَا بَيْتَ يَعْقُوبَ وَكُلَّ بَقِيَّةِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، الْمُحَمَّلِينَ عَلَيَّ مِنَ الْبَطْنِ، الْمَحْمُولِينَ مِنَ الرَّحِمِ. 4وَإِلَى الشَّيْخُوخَةِ أَنَا هُوَ، وَإِلَى الشَّيْبَةِ أَنَا أَحْمِلُ. قَدْ فَعَلْتُ، وَأَنَا أَرْفَعُ، وَأَنَا أَحْمِلُ وَأُنَجِّي. 5بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ؟."

كُلَّ بَقِيَّةِ إِسْرَائِيلَ = الباقين من الحرب مع بابل وذهبوا للسبي في بابل الْمُحَمَّلِينَ عَلَيَّ = الله يحمل شعبه من وقت ولادتهم في الرحم إلى وقت شيخوختهم وذلك برعايته لهم وتدبيره كل أمورهم ومواعيده الثابتة لهم واحتماله لهم ثم بغفران خطاياهم. قَدْ فَعَلْتُ وَأَنَا أَرْفَعُ = الله أرسلهم للسبي لتأديبهم وها هو يعيدهم من السبي. وهو أسلمنا لإبليس بسبب خطايانا فاستعبدنا وها هو يرفع عبودية إبليس عنا ويغفر لنا خطايانا.

 

الآيات (6-7):- "6«اَلَّذِينَ يُفْرِغُونَ الذَّهَبَ مِنَ الْكِيسِ، وَالْفِضَّةَ بِالْمِيزَانِ يَزِنُونَ. يَسْتَأْجِرُونَ صَائِغًا لِيَصْنَعَهَا إِلهًا، يَخُرُّونَ وَيَسْجُدُونَ! 7يَرْفَعُونَهُ عَلَى الْكَتِفِ. يَحْمِلُونَهُ وَيَضَعُونَهُ فِي مَكَانِهِ لِيَقِفَ. مِنْ مَوْضِعِهِ لاَ يَبْرَحُ. يَزْعَقُ أَحَدٌ إِلَيْهِ فَلاَ يُجِيبُ. مِنْ شِدَّتِهِ لاَ يُخَلِّصُهُ. "

يُفْرِغُونَ الذَّهَبَ = ينفقون مبالغ باهظة لصنع آلهة لهم. كم ننفق نحن على شهواتنا التي نتعبد لها. يجب أن نخجل من قلة عطايانا للإله الحقيقي.

 

الآيات (8-10):- "8«اُذْكُرُوا هذَا وَكُونُوا رِجَالاً. رَدِّدُوهُ فِي قُلُوبِكُمْ أَيُّهَا الْعُصَاةُ. 9اُذْكُرُوا الأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ الْقَدِيمِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ. الإِلهُ وَلَيْسَ مِثْلِي. 10مُخْبِرٌ مُنْذُ الْبَدْءِ بِالأَخِيرِ، وَمُنْذُ الْقَدِيمِ بِمَا لَمْ يُفْعَلْ، قَائِلاً: رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي. "

كُونُوا رِجَالاً= من مميزات الرجال الثبات والشجاعة واحتمالات المشقات. أَيُّهَا الْعُصَاةُ = الذين يختارون الخطية ويستغنون عن الله. وهذا قاله بولس الرسول لأهل كورنثوس (1 كو 16 : 13) إذاً نفهم أن الله يريدهم أن يكونوا رجالاً ويتخذوا قراراً ثابتاً بأن يتركوا عبادة الأوثان ويعبدوه هو.

 

آية (11):- "11دَاعٍ مِنَ الْمَشْرِقِ الْكَاسِرَ، مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ رَجُلَ مَشُورَتِي. قَدْ تَكَلَّمْتُ فَأُجْرِيهِ. قَضَيْتُ فَأَفْعَلُهُ. "

الْكَاسِر = طائر من الجوارح مثل النسر. وكورش سُمِى بهذا الاسم لأنه سريع الحركة ولشدته وكان له أنف تشبه الكواسر فسموه هكذا فعلاً. وقد أتى كورش من المشرق فعلاً كنسر أنقض على بابل وخطفها  كفريسة رمزاً للمسيح شمس البر المُشرِق من المَشرِق الذي أنقض من السماء على عدو الخير كما ينقض النسر علي فريسته وحطم مملكته. مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ = كانت فارس ومادى آخر البلاد المعروفة ولكن هذه تشير للمسيح الآتي من السماء. رَجُلَ مَشُورَتِي = الذي يحقق إرادة الآب.

 

الآيات (12-13):- "12«اِسْمَعُوا لِي يَا أَشِدَّاءَ الْقُلُوبِ الْبَعِيدِينَ عَنِ الْبِرِّ. 13قَدْ قَرَّبْتُ بِرِّي، لاَ يَبْعُدُ. وَخَلاَصِي لاَ يَتَأَخَّرُ. وَأَجْعَلُ فِي صِهْيَوْنَ خَلاَصًا، لإِسْرَائِيلَ جَلاَلِي. "

قَدْ قَرَّبْتُ بِرِّي = بر الله الذي سيعطيه للمؤمنين أي خلاصهم هذا قد أقترب موعده. هذه مثل ها أنا آتى سريعاً (رؤ 22 :20). لإِسْرَائِيلَ جَلاَلِي = مجد الرب وجلاله سيكونان في وسط كنيسته (زك 2 :5) "وأكون في وسطها مجداً" إذا أجتمع أثنين أو ثلاثة بأسمى فأنا أكون في وسطهم" وجود المسيح وسط كنيسته مجد لها. هذه الآيات دعوة لكل إنسان حتى لا يتردد في قبول الخلاص.