الإصحاح الثامن والأربعون

 

سبق أشعياء وتنبأ عن خراب موآب وتحقق هذا على يد شلمنأصر الأشورى. وهذه النبوة تشير لخراب أخر على يد بابل. وهذه عادة الله كما قلنا خراب محدود يعقبه خراب مدمَر فى حالة عدم التوبة.

 

الأيات (1-13):-" 1عَنْ مُوآبَ: «هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: وَيْلٌ لِنَبُو لأَنَّهَا قَدْ خَرِبَتْ. خَزِيَتْ وَأُخِذَتْ قَرْيَتَايِمُ. خَزِيَتْ مِسْجَابُ وَارْتَعَبَتْ. 2لَيْسَ مَوْجُودًا بَعْدُ فَخْرُ مُوآبَ. فِي حَشْبُونَ فَكَّرُوا عَلَيْهَا شَرًّا. هَلُمَّ فَنَقْرِضُهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةً. وَأَنْتِ أَيْضًا يَا مَدْمِينُ تُصَمِّينَ وَيَذْهَبُ وَرَاءَكِ السَّيْفُ. 3صَوْتُ صِيَاحٍ مِنْ حُورُونَايِمَ، هَلاَكٌ وَسَحْقٌ عَظِيمٌ. 4قَدْ حُطِّمَتْ مُوآبُ، وَأَسْمَعَ صِغَارُهَا صُرَاخًا. 5لأَنَّهُ فِي عَقَبَةِ لُوحِيتَ يَصْعَدُ بُكَاءٌ عَلَى بُكَاءٍ، لأَنَّهُ فِي مُنْحَدَرِ حُورُونَايِمَ سَمِعَ الأَعْدَاءُ صُرَاخَ انْكِسَارٍ. 6اهْرُبُوا نَجُّوا أَنْفُسَكُمْ، وَكُونُوا كَعَرْعَرٍ فِي الْبَرِّيَّةِ. 7«فَمِنْ أَجْلِ اتِّكَالِكِ عَلَى أَعْمَالِكِ وَعَلَى خَزَائِنِكِ سَتُؤْخَذِينَ أَنْتِ أَيْضًا، وَيَخْرُجُ كَمُوشُ إِلَى السَّبْيِ، كَهَنَتُهُ ورُؤَسَاؤُهُ مَعًا. 8وَيَأْتِي الْمُهْلِكُ إِلَى كُلِّ مَدِينَةٍ، فَلاَ تُفْلِتُ مَدِينَةٌ، فَيَبِيدُ الْوَطَاءُ، وَيَهْلِكُ السَّهْلُ كَمَا قَالَ الرَّبُّ. 9أَعْطُوا مُوآبَ جَنَاحًا لأَنَّهَا تَخْرُجُ طَائِرَةً وَتَصِيرُ مُدُنُهَا خَرِبَةً بِلاَ سَاكِنٍ فِيهَا. 10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ، وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ. 11«مُسْتَرِيحٌ مُوآبُ مُنْذُ صِبَاهُ، وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ عَلَى دُرْدِيِّهِ، وَلَمْ يُفْرَغْ مِنْ إِنَاءٍ إِلَى إِنَاءٍ، وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى السَّبْيِ. لِذلِكَ بَقِيَ طَعْمُهُ فِيهِ، وَرَائِحَتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ. 12لِذلِكَ هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُرْسِلُ إِلَيْهِ مُصْغِينَ فَيُصْغُونَهُ، وَيُفَرِّغُونَ آنِيَتَهُ، وَيَكْسِرُونَ أَوْعِيَتَهُمْ. 13فَيَخْجَلُ مُوآبُ مِنْ كَمُوشَ، كَمَا خَجِلَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ مِنْ بَيْتِ إِيلَ مُتَّكَلِهِمْ."

هذا الإصحاح يتناول حفداء لوط من إبنته الكبرى والإصحاح التالى يتناول حفداء لوط (بنى عمون) من إبنته الصغرى. وهؤلاء يشيرون اليوم لمن يسميهم الكتاب "نغول لا

بنون".

(عب8:12) ويمثلون فئة عريضة "ممن لهم إسم أنهم أحياء وهم أموات" وهم لأنهم أولاد غير شرعيين فلا حق لهم فى الميراث مع إسرائيل هؤلاء قد يكون لهم نجاح مؤقت ولكن الدينونة ستلحقهم ولذلك فى أول الإصحاح يعرف الله نفسه بأنه إله إسرائيل فإسرائيل هو الإبن الشرعى (خر8:6) + (خر22:4) وقد لعب موآب دوراً هاماً فى تاريخ إسرائيل منذ إجتياز بنى إسرائيل البرية فى طريقهم من مصر إلى فلسطين. فكانت موآب العدو اللدود لهم. وكان بالاق ملك موآب حينما إستدعى بلعام ليعلن لهُ الشعب حينما خاف منهم وحينما لم يلعنه بسبب أن الله منعهُ من ذلك، أشار بلعام على بالاق بأن يجعل إسرائيل يزنى فيلعنه الله. وهكذا جعل بالاق إسرائيل يزنى مع بنات موأب فهلك منهم 24.000 رجل ولهذا فموآب يشير أيضاً للشيطان الذى يلقى معثرة أمام أولاد الله فيموتون. لذلك فالله يعاقب موآب لكل الشر الذى ألحقته بإسرائيل لذلك سمى هذا الخراب عمل الرب (10) فالويل "لمن يعثر أحد هؤلاء الصغار" أية (1) نبو هو جبل فى موأب رأى منهُ موسى أرض الميعاد (تث1:34) ونبو وقريتايم ومسجاب  مدن موأبية وأية (2) فى حشبون فكروا عليها شراً = هى مدينة على حدود موأب وصلها الأعداء وفكروا بالشر على موأب هناك. وحشبون = مدينة المكايد. والمعنى أن موآب التى كادت لإسرائيل وأسقطتها فى الشر ها هى تسقط بنفس الطريقة فالعدو يكيد لها فى نفس المكان الذى كادت فيه الشر للأخرين. وأنتِ أيضاً يا مدمين = مدمين تعنى مزبلة أو إبادة تامة. فالشر الذى فى العالم ما هو إلا مزبلة ولا يقود إلا للإبادة التامة وسيبيد الله العالم كله ورمزاً لذلك خراب موأب. تصَمين = تسقطين وتصبحين عاجزة. ويذهب وراءها سيف الرب. وفى (3) صوت صياح وبكاء نتيجة الضربة ولكنه بكاء العذارى الجاهلات بلا فائدة.

وفى (4) صغارها = تترجم الأية هكذا "وأسمعت صراخها حتى صوغر" أى إلى أقصى البلاد وفى (6) كونوا كعرعر = راجع (أر6:17) والمعنى أنهم بعد طردهم من بلادهم سيكونوا فى حالة ضعف كالعرعر، هاربين بلا حماية فى البرية. والمسيح كشف الشياطين وأضعفهم وفضح أساليبهم فى الغواية. وفى (7) كموش = أعظم ألهة الموأبيين ولاحظ خطية موأب إتكالها على ثروتها وقوتها وحيلها = أعمالها وخزائنها = ثقة الشياطين فى أنفسهم وحيلهم سيخزيها الله وسيسقط الشيطان ورمزه هنا كموش وكل من يتبعه = كهنته ورؤساؤه  وفى (8) يبيد الوطاء = المقصود به وادى موأب أى شاطىء بحر لوط. ولنلاحظ أن المسيح صخرتنا وكل من يحتمى به يرفعه "رفعت عينى إلى الجبال" ولكن كل من إنخدع بحيل إبليس وأحب الأرض بشهواتها يصبح أرضياً (أى وطاء) وهذا يبيد حينما يباد إبليس. وحتى يشرح الله للشعب قديماً ألا يلتصقوا بالأرضيات منعهم من أكل الحيات وكل ما يزحف على بطنه (لا41:11-44) وفى (9) أعطوها جناحاً = فتستطيع الهرب سريعاً ولكنها بهذا ستصير مثل الطيور التى تطير فوق الخرِبْ. وأية (10) ولأن هذا هو عمل الرب فملعون من يعمله برخاوة = وعملنا الأن أن نستخدم سيف الرب، سيف الصلاة والإيمان سيف كلمة الله ضد الشياطين وذلك لنصيبها فى الصميم. وملعون من يعمل عمل الرب برخاء. وهذه الأية موجهة لكل خادم ولكل مسيحى يعمل فى كرم الرب. وأية (11) يقال أن الخمر الجيدة إذا إرتاحت فلا تنقل من إناء لإناء تتحسن، أما الخمر الرديئة فعلى نقيض ذلك. والمعنى هنا أنهم يشبهون الخمر الرديئة فهم لم ينتقلون من مكانهم ولم يذهبوا للسبى مدة طويلة = (ولم تواجههم تجارب أليمة)=  لم يفرغ من إناء لإناء. وكان المنتظر أن يتحسن طعمهم لكن لأنهم أردياء ولأنهم مستقر على درديه (عكارة الخمر) أى إستمروا فى أفراحهم وملذاتهم الجسدانية الشهوانية كما يستمد الخمر قوته من الدردى الذى فيه. هم لم يستفيدوا من أيام راحتهم فى أنهم يقدمون توبة والله أطال لهم فترة راحتهم فهم أقدم من إسرائيل كدولة ولم يعرفوا أية متاعب. ولم يفرغوا من أنية لأنية مما يضعفهم. ولكن كل هذا لم يقودهم للتوبة بل بقى طعمهُ فيه ورائحتهُ لم تتغير = أى بقيت رائحة خطيته فيه، رديئة طول الأيام. وهكذا كل من يفرح بالعالم يكون ردىء فى نظر الله. وفى (12) مصغين فيصغونه = لها عدة ترجمات تقود كلها لنفس المعنى فهى إما مضلين يُضلونه أو عمال يصبون الإناء فينسكب الخمر. والمعنى أن البابليين فى تخريبهم لموأب سيفقدونها كل مصادر لذاتها الجسدية.فإذا لم نستغل بركات الله أيام راحتنا ونتوب يحرمنا الله من هذه البركات. بيت إيل = حيث هيكل العجول التى عبدها إسرائيل.

 

الأيات (14-47):-" 14«كَيْفَ تَقُولُونَ نَحْنُ جَبَابِرَةٌ وَرِجَالُ قُوَّةٍ لِلْحَرْبِ؟ 15أُهْلِكَتْ مُوآبُ وَصَعِدَتْ مُدُنُهَا، وَخِيَارُ مُنْتَخَبِيهَا نَزَلُوا لِلْقَتْلِ، يَقُولُ الْمَلِكُ رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ. 16قَرِيبٌ مَجِيءُ هَلاَكِ مُوآبَ، وَبَلِيَّتُهَا مُسْرِعَةٌ جِدًّا. 17اُنْدُبُوهَا يَا جَمِيعَ الَّذِينَ حَوَالَيْهَا، وَكُلَّ الْعَارِفِينَ اسْمَهَا قُولُوا: كَيْفَ انْكَسَرَ قَضِيبُ الْعِزِّ، عَصَا الْجَلاَلِ؟ 18اِنْزِلِي مِنَ الْمَجْدِ، اجْلِسِي فِي الظَّمَاءِ أَيَّتُهَا السَّاكِنَةُ بِنْتَ دِيبُونَ، لأَنَّ مُهْلِكَ مُوآبَ قَدْ صَعِدَ إِلَيْكِ وَأَهْلَكَ حُصُونَكِ. 19قِفِي عَلَى الطَّرِيقِ وَتَطَلَّعِي يَا سَاكِنَةَ عَرُوعِيرَ. اسْأَلِي الْهَارِبَ وَالنَّاجِيَةَ. قُولِي: مَاذَا حَدَثَ؟ 20قَدْ خَزِيَ مُوآبُ لأَنَّهُ قَدْ نُقِضَ. وَلْوِلُوا وَاصْرُخُوا. أَخْبِرُوا فِي أَرْنُونَ أَنَّ مُوآبَ قَدْ أُهْلِكَ. 21وَقَدْ جَاءَ الْقَضَاءُ عَلَى أَرْضِ السَّهْلِ، عَلَى حُولُونَ وَعَلَى يَهْصَةَ وَعَلَى مَيْفَعَةَ، 22وَعَلَى دِيبُونَ وَعَلَى نَبُو وَعَلَى بَيْتَ دَبْلَتَايِمَ، 23وَعَلَى قَرْيَتَايِمَ وَعَلَى بَيْتَ جَامُولَ وَعَلَى بَيْتَ مَعُونَ، 24وَعَلَى قَرْيُوتَ وَعَلَى بُصْرَةَ وَعَلَى كُلِّ مُدُنِ أَرْضِ مُوآبَ الْبَعِيدَةِ وَالْقَرِيبَةِ. 25عُضِبَ قَرْنُ مُوآبَ، وَتَحَطَّمَتْ ذِرَاعُهُ، يَقُولُ الرَّبُّ.

26«أَسْكِرُوهُ لأَنَّهُ قَدْ تَعَاظَمَ عَلَى الرَّبِّ، فَيَتَمَرَّغَ مُوآبُ فِي قُيَائِهِ، وَهُوَ أَيْضًا يَكُونُ ضُحْكَةً. 27أَفَمَا كَانَ إِسْرَائِيلُ ضُحْكَةً لَكَ؟ هَلْ وُجِدَ بَيْنَ اللُّصُوصِ حَتَّى أَنَّكَ كُلَّمَا كُنْتَ تَتَكَلَّمُ بِهِ كُنْتَ تَنْغَضُ الرَّأْسَ؟ 28خَلُّوا الْمُدُنَ، وَاسْكُنُوا فِي الصَّخْرِ يَا سُكَّانَ مُوآبَ، وَكُونُوا كَحَمَامَةٍ تُعَشِّشُ فِي جَوَانِبِ فَمِ الْحُفْرَةِ. 29قَدْ سَمِعْنَا بِكِبْرِيَاءِ مُوآبَ. هُوَ مُتَكَبِّرٌ جِدًّا. بِعَظَمَتِهِ وَبِكِبْرِيَائِهِ وَجَلاَلِهِ وَارْتِفَاعِ قَلْبِهِ. 30أَنَا عَرَفْتُ سَخَطَهُ، يَقُولُ الرَّبُّ، إِنَّهُ بَاطِلٌ. أَكَاذِيبُهُ فَعَلَتْ بَاطِلاً. 31مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أُوَلْوِلُ عَلَى مُوآبَ، وَعَلَى مُوآبَ كُلِّهِ أَصْرُخُ. يُؤَنُّ عَلَى رِجَالِ قِيرَ حَارِسَ. 32أَبْكِي عَلَيْكِ بُكَاءَ يَعْزِيرَ، يَا جَفْنَةَ سَبْمَةَ. قَدْ عَبَرَتْ قُضْبَانُكِ الْبَحْرَ، وَصَلَتْ إِلَى بَحْرِ يَعْزِيرَ. وَقَعَ الْمُهْلِكُ عَلَى جَنَاكِ، وَعَلَى قِطَافِكِ. 33وَنُزِعَ الْفَرَحُ وَالطَّرَبُ مِنَ الْبُسْتَانِ، وَمِنْ أَرْضِ مُوآبَ. وَقَدْ أُبْطِلَتِ الْخَمْرُ مِنَ الْمَعَاصِرِ. لاَ يُدَاسُ بِهُتَافٍ. جَلَبَةٌ لاَ هُتَافٌ. 34قَدْ أَطْلَقُوا صَوْتَهُمْ مِنْ صُرَاخِ حَشْبُونَ إِلَى أَلْعَالَةَ إِلَى يَاهَصَ، مِنْ صُوغَرَ إِلَى حُورُونَايِمَ، كَعِجْلَةٍ ثُلاَثِيَّةٍ، لأَنَّ مِيَاهَ نِمْرِيمَ أَيْضًا تَصِيرُ خَرِبَةً. 35وَأُبَطِّلُ مِنْ مُوآبَ، يَقُولُ الرَّبُّ، مَنْ يُصْعِدُ فِي مُرْتَفَعَةٍ، وَمَنْ يُبَخِّرُ لآلِهَتِهِ. 36مِنْ أَجْلِ ذلِكَ يُصَوِّتُ قَلْبِي لِمُوآبَ كَنَايٍ، وَيُصَوِّتُ قَلْبِي لِرِجَالِ قِيرَ حَارِسَ كَنَايٍ، لأَنَّ الثَّرْوَةَ الَّتِي اكْتَسَبُوهَا قَدْ بَادَتْ. 37لأَنَّ كُلَّ رَأْسٍ أَقْرَعُ، وَكُلَّ لِحْيَةٍ مَجْزُوزَةٌ، وَعَلَى كُلِّ الأَيَادِي خُمُوشٌ، وَعَلَى الأَحْقَاءِ مُسُوحٌ. 38عَلَى كُلِّ سُطُوحِ مُوآبَ وَفِي شَوَارِعِهَا كُلِّهَا نَوْحٌ، لأَنِّي قَدْ حَطَمْتُ مُوآبَ كَإِنَاءٍ لاَ مَسَرَّةَ بِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ. 39يُوَلْوِلُونَ قَائِلِينَ: كَيْفَ نُقِضَتْ؟ كَيْفَ حَوَّلَتْ مُوآبُ قَفَاهَا بِخِزْيٍ؟ فَقَدْ صَارَتْ مُوآبُ ضُحْكَةً وَرُعْبًا لِكُلِّ مَنْ حَوَالَيْهَا. 40لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَا هُوَ يَطِيرُ كَنَسْرٍ، وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ عَلَى مُوآبَ. 41قَدْ أُخِذَتْ قَرْيُوتُ، وَأُمْسِكَتِ الْحَصِينَاتُ، وَسَيَكُونُ قَلْبُ جَبَابِرَةِ مُوآبَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ كَقَلْبِ امْرَأَةٍ مَاخِضٍ. 42وَيَهْلِكُ مُوآبُ عَنْ أَنْ يَكُونَ شَعْبًا، لأَنَّهُ قَدْ تَعَاظَمَ عَلَى الرَّبِّ. 43خَوْفٌ وَحُفْرَةٌ وَفَخٌّ عَلَيْكَ يَا سَاكِنَ مُوآبَ، يَقُولُ الرَّبُّ. 44الَّذِي يَهْرُبُ مِنْ وَجْهِ الْخَوْفِ يَسْقُطُ فِي الْحُفْرَةِ، وَالَّذِي يَصْعَدُ مِنَ الْحُفْرَةِ يَعْلَقُ فِي الْفَخِّ، لأَنِّي أَجْلِبُ عَلَيْهَا، أيْ عَلَى مُوآبَ، سَنَةَ عِقَابِهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. 45فِي ظِلِّ حَشْبُونَ وَقَفَ الْهَارِبُونَ بِلاَ قُوَّةٍ، لأَنَّهُ قَدْ خَرَجَتْ نَارٌ مِنْ حَشْبُونَ، وَلَهِيبٌ مِنْ وَسْطِ سِيحُونَ، فَأَكَلَتْ زَاوِيَةَ مُوآبَ، وَهَامَةَ بَنِي الْوَغَى. 46وَيْلٌ لَكَ يَا مُوآبُ! بَادَ شَعْبُ كَمُوشَ، لأَنَّ بَنِيكَ قَدْ أُخِذُوا إِلَى السَّبْيِ وَبَنَاتِكَ إِلَى الْجَلاَءِ. 47وَلكِنَّنِي أَرُدُّ سَبْيَ مُوآبَ فِي آخِرِ الأَيَّامِ، يَقُولُ الرَّبُّ». إِلَى هُنَا قَضَاءُ مُوآبَ."

ونحن نقرأ هذه الأيات فليكن فى أذهاننا أنها رثاء على موأب لكنها نبوة عن سقوط الشيطان الذى طالما أذل شعب الله وفى (14) هذه سخرية منهم لأنهم يتصوَرون أنفسهم جبابرة ومازال حتى اليوم من يتصور أنه أضعف من الشياطين. ولكن نحن بالمسيح الذى فينا أقوى منهم وفى (15) صعدت مدنها = أى صعد الأعداء مدنها الجبلية. فنحن بالمسيح صعدنا لفوق فقهرنا قوة الشياطين.

وفى (16) قريب هلاك موأب = حين يجىء ملك بابل أو حين يجىء المسيح ضد إبليس. وفى (17) اندبوها = فالله حزين على أثار الخطية. قضيب وعصا = إشارة للمُلك وفى (18) إجلسى فى الظماء = أى فى العطش بلا تعزية من الروح القدس وهكذا كل من يفصل نفسه عن الله يفقد مجده ويعطش. أما الذى يشرب من الماء الذى يعطيه المسيح فلن يعطش أبداً. ومن (19-24) تصوير أوضح للمأساة وأنها عامة. هذه دعوة لنا أيضاً فالشيطان رئيس هذا العالم، وإذا سقط الرئيس أو الملك تخرب مدن ملكه. لذلك فهذا العالم مُقدم على الخراب كما خربت مدن موأب. فلنقتنع بتفاهة هذا العالم ونخشى غضب الله. وخراب هذا العالم سيكون مفاجئاً ومدهشاً لمن يظنون أنفسهم أقوياء قادرين على حماية أنفسهم. والخراب سيكون عاماً لأن الخطية عامة. وستنقطع موأب من أن تكون شعباً لأنها إعتدت على شعب الله ولكن هذا الخراب لا يفرح قلب الله بل يحزنه لذلك يرثيه. وهناك كلمات كثيرة كررت هنا وفى أش 15 لأن الروح القدس الذى أوحى للنبيين هو روح واحد وفى (25) عُضب قرن موأب = كُسِرَ قوته فالقرن رمز للقوة وسط مجتمعات الرعاة. وقرن الشيطان هو قوته التى طالما هاجم بها البشر ولكن هذه القوة كسرها صليب المسيح. وتحطمت ذراعه = بمعنى فقد قوته. وفى (26) يشبه موأب أو الشيطان بإنسان سَكِرَ وهو هنا سَكِرَ من كأس خمر سخط الرب ففقد وعيه بل تمرغ فى قيئه فصار ضحكة. وفى (27) أفما كان إسرائيل ضحكة لكِ = لطالما سخرت الشياطين من شعب الله حين سقط وشمتت فيه والأن جاء الدور عليها. هل وُجِدَ بين اللصوص = حين سقط إسرائيل أو شعب الله هزأ بهم موأب أو هزأ بهم الشيطان كما لو كانوا لصوص بدلاً من رثائهم وهذا هو الفرق فالشيطان شامت فى سقوط أولاد الله وهلاكهم. وهذه الأيات ترثيه وترثى من تبعه. وفى (28) خلوا المدن وإسكنوا فى الصخر = وصخرتنا هو المسيح ولهُ وحدهُ نلجأ ولنعتزل العالم وشره حتى ننجو من الهلاك القادم. هذه دعوة لشعب موأب ليهرب من وجه خراب جيش بابل وهي دعوة لكل منا(رؤ4:18 + أش20:48) لنهرب من الشر القادم فنهرب منهُ. كونوا كحمامة تعشش فى جوانب فم الحفرة = فم الحفرة هو جنب المسيح المطعون الذى نلجأ إليه للحماية كما لجأت حمامة نوح إلى الفلك، لنحتمى بدم المسيح. وفى (29) تظهر خطية موأب أو خطية الشيطان فقد تكررت كلمة كبرياء 6 مرات بما يعنى كمال النقص. وهذا يشير لمدى ضيق الله من هذه الخطية (كبرياء موأب + متكبر جداَ + عظمته + كبريائه + جلاله + إرتفاع قلبه). حقاً قبل السقوط تشامخ الروح والكبرياء قبل الكسر. وموأب الذى لا يريد أن يتذلل فسوف يُذل. وفى (30) يظهر شرهم ضد شعب الله وخيانتهم فى معاملاتهم معهم لكراهيتهم لأولاد الله. فموأب أوقع بين الكلدانيين وبين شعب يهوذا وقالوا عنهم  كلام شرير حتى يفنوهم كشعب ولكن أليس هذا هو عمل الشياطين ضدَنا ولذلك فأحد أسماء الشياطين " المشتكى" والسيد لهُ المجد أطلق عليه "الكذاب وابو الكذاب" فهو يشتكى علينا أمام الله وبأضاليله وأكاذيبه يخدعنا فنسقط فيشتكى علينا. ولكن الله يقول هنا إنه باطل = لأن الله سيبطل مؤامراته ويفضحه. وفى (31) النبى يولول ويرثى الخراب الأتى وسيبطل صوت الفرح العالمى المشار لهُ بالخمر والمعاصر والجفنة ويحل مكانهُ الصراخ= جلبة لا هتاف (32-34) وفى هربهم يكونون كعجلة ثلاثية = أى لها ثلاث سنين وهى تندفع فى طيش وتهور من الرعب القادم. لأن مياه نمريم تصير خربة = مصدر المياه أى مصدر العزاء يتوقف. هذا أكبر مصدر للرعب. وفى (35) نهاية هذه العبادة الوثنية. وفى (36) الصفير على الناى يستخدم فى الحزن. والنبى هنا يرثى من "ربح العالم وخسر نفسه" وفى (37) علامات وثنية لإظهار الحزن وفى (38) نجد النوح على الأسطح حيث سبق وقدموا عباداتهم للأوثان بلا خجل وفى (38) تشبه بإناء محطَم فمهما كان ثمنه إذا تحطم لا يصير لهُ أية قيمة. وفى (40) ملك بابل يأتى باسطاً جناحين ضد موأب= أى جيوشه ولكن المعنى الروحى فالمسيح هو الذى أتى كنسر بلاهوته وناسوته ليحارب الشيطان. وفى (41) سقوط الجبابرة مهما تحصنوا، بل سيكونوا فى رعبهم كقلب إمرأة ماخض. وفى (42) نهاية كل متكبر والأيات (43-45) فيها تحقيق لنبوة موسى عن موأب (عد 21-28) فهم سيلحق بهم غضب رهيب وسيهربون إلى حشبون ويظنون أن الغضب هكذا إنتهى بحصول الكلدانيين على المدن الأخرى ولكن تخرج نار لتلتهمهم. وفى (47،46) ينتقل الكلام من الرمز للشياطين لشعب موأب نفسه. وهم كشعب أممى لهم رجاء فى الخلاص بالمسيح. وهنا يظهر حنو الله على الجميع وحزنه على سبيهم ولكن حين يأتى المسيح يرد سبى موأب أيضاً.