الإصحاح الثانى والخمسون

 

التاريخ هو أحسن شارح للنبوات هنا نرى أن كل ما تنبأ به أرمياء قد تحقق. وذلك وحتى نفهم نبوات هذا الكتاب وضع هذا الإصحاح التاريخى الذى يحدثنا عن خراب اورشليم ومملكة يهوذا وعن أحداثه المحزنة. وهو مشابه تماماً لـ (2مل25،24). وهناك حوادث مشابهة لحوادث هذا الإصحاح وضعت بطريقة متفرقة داخل سفر أرمياء ولكنها هنا تم تجميعها لتشرح النبوات السابقة وليعطى مدخلاً ونوراً للمراثى ويكون كمفتاح لها. وقصة رفع مكانة يهوياكين فى سبيه تؤيد رأى من قال إن هذا الإصحاح بقلم كاتب آخر غير أرمياء وقد يكون باروخ أو عزرا.

 

الأيات (1-11):-"  1كَانَ صِدْقِيَّا ابْنَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ إِحْدَى عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ حَمِيطَلُ بِنْتُ إِرْمِيَا مِنْ لِبْنَةَ. 2وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ يَهُويَاقِيمُ. 3لأَنَّهُ لأَجْلِ غَضَبِ الرَّبِّ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَيَهُوذَا حَتَى طَرَحَهُمْ مِنْ أَمَامِ وَجْهِهِ، كَانَ أَنَّ صِدْقِيَّا تَمَرَّدَ عَلَى مَلِكِ بَابِلَ.

4وَفِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِمُلْكِهِ، فِي الشَّهْرِ الْعَاشِرِ، فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ، جَاءَ نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ هُوَ وَكُلُّ جَيْشِهِ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَنَزَلُوا عَلَيْهَا وَبَنَوْا عَلَيْهَا أَبْرَاجًا حَوَالَيْهَا. 5فَدَخَلَتِ الْمَدِينَةُ فِي الْحِصَارِ إِلَى السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ صِدْقِيَّا. 6فِي الشَّهْرِ الرَّابعِ، فِي تَاسِعِ الشَّهْرِ اشْتَدَّ الْجُوعُ فِي الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ خُبْزٌ لِشَعْبِ الأَرْضِ. 7فَثُغِرَتِ الْمَدِينَةُ وَهَرَبَ كُلُّ رِجَالِ الْقِتَالِ، وَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ لَيْلاً فِي طَرِيقِ الْبَابِ بَيْنَ السُّورَيْنِ اللَّذَيْنِ عِنْدَ جَنَّةِ الْمَلِكِ، وَالْكَلْدَانِيُّونَ عِنْدَ الْمَدِينَةِ حَوَالَيْهَا، فَذَهَبُوا فِي طَرِيقِ الْبَرِّيَّةِ.

8فَتَبِعَتْ جُيُوشُ الْكَلْدَانِيِّينَ الْمَلِكَ، فَأَدْرَكُوا صِدْقِيَّا فِي بَرِّيَّةِ أَرِيحَا، وَتَفَرَّقَ كُلُّ جَيْشِهِ عَنْهُ. 9فَأَخَذُوا الْمَلِكَ وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَلِكِ بَابِلَ إِلَى رَبْلَةَ فِي أَرْضِ حَمَاةَ، فَكَلَّمَهُ بِالْقَضَاءِ عَلَيْهِ. 10فَقَتَلَ مَلِكُ بَابِلَ بَنِي صِدْقِيَّا أَمَامَ عَيْنَيْهِ، وَقَتَلَ أَيْضًا كُلَّ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا فِي رَبْلَةَ، 11وَأَعْمَى عَيْنَيْ صِدْقِيَّا، وَقَيَّدَهُ بِسِلْسِلَتَيْنِ مِنْ نُحَاسٍ، وَجَاءَ بِهِ مَلِكُ بَابِلَ إِلَى بَابِلَ، وَجَعَلَهُ فِي السِّجْنِ إِلَى يَوْمِ وَفَاتِهِ."

كان قبل ذلك قد حدث عدة مرات أن أتى جيش بابل ليسبى من يهوذا ثمَ عشم الشعب نفسه بأنه لن يحدث سبى آخر. ولكن الله كان مستاء منهم لدرجة أنه قررَ أن يطردهم من أمامه كما يطرد أب غاضب إبنه العاق من أمامه. فطردهم الله من هذه الأرض الجيدة كما طرد الكنعانيين قبلهم. وطردهم الله من هيكله المقدس. لذلك كان داود يصلى " لا تطرحنى من أمام وجهك " فهذا هو أشر شىء أن يطردنا الله من أمام وجهه.

وصدقيا هذا لم يكن أسوأ الكل ولكن كان فاعل شر وكان تمرده على ملك بابل خطية وغباء، خطية لأنه كسر حلفه لهُ بإسم الله (حز15:17) وغباء لظنه أن مصر تسنده. ولأن الله كان غاضباً على يهوذا وأورشليم فقد تركه لمشوراته الرديئة التى إتضحت خطورتها على المملكة. وحاصر الكلدانيين أورشليم فى السنة التاسعة لملك صدقيا فى الشهر العاشر وسقطت المدينة فى السنة الحادية عشرة لصدقيا فى الشهر الرابع وكتذكار لهذين الحدثين اللذين تمَ بهما خراب أورشليم صام الشعب فى سبيهم فى الشهر الرابع والعاشر (زك19:8) أما صوم الشهر الخامس فكان تذكاراً لحرق الهيكل وصوم الشهر السابع كان تذكاراً لقتل جدليا. ولنا أن نتصوَر الفزع الذى إجتاح المدينة أثناء الحصار وكانوا منتظرين هلاكهم بينما هم مصممين على الصمود للنهاية حتى لم يصبح خبز للجنود فلم يستطيعوا الوقوف، والأسوار لا تحمى بدون رجال وراءها. وإذا وُجد الرجال والأسوار ولكن بدون الله فلن يفعلوا شيئاً. " فإن لم يحرس الرب المدينة فباطل سهر الحراس " ( مز 127 : 1 )وحين هرب الملك وقع فى أيدى أعدائه فلا أحد يمكنه الهروب من يد الله. ولكن يبدو أنهُ كان لهُ  بعض الكرامة فى موته (5:34) ولطالما نبهه أرمياء لما سيحدث لهُ ولكنه لم يستمع.

 

الأيات (12-23):-" 12وَفِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ، فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ، وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةُ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، جَاءَ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ، الَّذِي كَانَ يَقِفُ أَمَامَ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 13وَأَحْرَقَ بَيْتَ الرَّبِّ، وَبَيْتَ الْمَلِكِ، وَكُلَّ بُيُوتِ أُورُشَلِيمَ، وَكُلَّ بُيُوتِ الْعُظَمَاءِ، أَحْرَقَهَا بِالنَّارِ. 14وَكُلَّ أَسْوَارِ أُورُشَلِيمَ مُسْتَدِيرًا هَدَمَهَا كُلُّ جَيْشِ الْكَلْدَانِيِّينَ الَّذِي مَعَ رَئِيسِ الشُّرَطِ. 15وَسَبَى نَبُوزَرَادَانُ، رَئِيسُ الشُّرَطِ، بَعْضًا مِنْ فُقَرَاءِ الشَّعْبِ، وَبَقِيَّةَ الشَّعْبِ الَّذِينَ بَقُوا فِي الْمَدِينَةِ، وَالْهَارِبِينَ الَّذِينَ سَقَطُوا إِلَى مَلِكِ بَابِلَ، وَبَقِيَّةَ الْجُمْهُورِ. 16وَلكِنَّ نَبُوزَرَادَانَ، رَئِيسَ الشُّرَطِ، أَبْقَى مِنْ مَسَاكِينِ الأَرْضِ كَرَّامِينَ وَفَلاَّحِينَ. 17وَكَسَّرَ الْكَلْدَانِيُّونَ أَعْمِدَةَ النُّحَاسِ الَّتِي لِبَيْتِ الرَّبِّ، وَالْقَوَاعِدَ وَبَحْرَ النُّحَاسِ الَّذِي فِي بَيْتِ الرَّبِّ، وَحَمَلُوا كُلَّ نُحَاسِهَا إِلَى بَابِلَ. 18وَأَخَذُوا الْقُدُورَ وَالرُّفُوشَ وَالْمَقَاصَّ وَالْمَنَاضِحَ وَالصُّحُونَ وَكُلَّ آنِيَةِ النُّحَاسِ الَّتِي كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهَا. 19وَأَخَذَ رَئِيسُ الشُّرَطِ الطُّسُوسَ وَالْمَجَامِرَ وَالْمَنَاضِحَ وَالْقُدُورَ وَالْمَنَايِرَ وَالصُّحُونَ وَالأَقْدَاحَ، مَا كَانَ مِنْ ذَهَبٍ فَالذَّهَبَ، وَمَا كَانَ مِنْ فِضَّةٍ فَالْفِضَّةَ. 20وَالْعَمُودَيْنِ وَالْبَحْرَ الْوَاحِدَ، وَالاثْنَيْ عَشَرَ ثَوْرًا مِنْ نُحَاسٍ الَّتِي تَحْتَ الْقَوَاعِدِ، الَّتِي عَمِلَهَا الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ لِبَيْتِ الرَّبِّ. لَمْ يَكُنْ وَزْنٌ لِنُحَاسِ كُلِّ هذِهِ الأَدَوَاتِ. 21أَمَّا الْعَمُودَانِ فَكَانَ طُولُ الْعَمُودِ الْوَاحِدِ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ ذِرَاعًا، وَخَيْطٌ اثْنَتَا عَشَرَةَ ذِرَاعًا يُحِيطُ بِهِ، وَغِلَظُهُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ، وَهُوَ أَجْوَفُ. 22وَعَلَيْهِ تَاجٌ مِنْ نُحَاسٍ، ارْتِفَاعُ التَّاجِ الْوَاحِدِ خَمْسُ أَذْرُعٍ. وَعَلَى التَّاجِ حَوَالَيْهِ شَبَكَةٌ وَرُمَّانَاتُ، الْكُلِّ مِنْ نُحَاسٍ. وَمِثْلُ ذلِكَ لِلْعَمُودِ الثَّانِي، وَالرُّمَّانَاتِ. 23وَكَانَتِ الرُّمَّانَاتُ سِتًّا وَتِسْعِينَ لِلْجَانِبِ. كُلُّ الرُّمَّانَاتِ مِئَةٌ عَلَى الشَّبَكَةِ حَوَالَيْهَا."

كل هذا الخراب كان إنتقاماً من ملك بابل لوقوفهم فى وجهه طويلاً. ولاحظ أن كل ما أخذه هذه المرة كان نحاساً فقد سبق وأخذوا الذهب والفضة. ولاحظ أن العمودين أحدهما إسمه بوعز أى فيه القوة والثانى ياكين أى الله يؤسس وفى تحطيمهم معنى أن الله لن يعود مهتماً أن يؤسس هيكله ولا يعود يكون قوته فقد فارقه.

 

الأيات (24-30):-" 24وَأَخَذَ رَئِيسُ الشُّرَطِ سَرَايَا الْكَاهِنَ الأَوَّلَ، وَصَفَنْيَا الْكَاهِنَ الثَّانِي وَحَارِسِي الْبَابِ الثَّلاَثَةَ. 25وَأَخَذَ مِنَ الْمَدِينَةِ خَصِيًّا وَاحِدًا كَانَ وَكِيلاً عَلَى رِجَالِ الْحَرْبِ، وَسَبْعَةَ رِجَال مِنَ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ وَجْهَ الْمَلِكِ، الَّذِينَ وُجِدُوا فِي الْمَدِينَةِ، وَكَاتِبَ رَئِيسِ الْجُنْدِ الَّذِي كَانَ يَجْمَعُ شَعْبَ الأَرْضِ لِلتَّجَنُّدِ، وَسِتِّينَ رَجُلاً مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ، الَّذِينَ وُجِدُوا فِي وَسْطِ الْمَدِينَةِ. 26أَخَذَهُمْ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ، وَسَارَ بِهِمْ إِلَى مَلِكِ بَابِلَ، إِلَى رَبْلَةَ، 27فَضَرَبَهُمْ مَلِكُ بَابِلَ وَقَتَلَهُمْ فِي رَبْلَةَ فِي أَرْضِ حَمَاةَ. فَسُبِيَ يَهُوذَا مِنْ أَرْضِهِ. 28هذَا هُوَ الشَّعْبُ الَّذِي سَبَاهُ نَبُوخَذْرَاصَّرُ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ: مِنَ الْيَهُودِ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ وَثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ. 29وَفِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ عَشَرَةَ لِنَبُوخَذْرَاصَّرَ سُبِيَ مِنْ أُورُشَلِيمَ ثَمَانُ مِئَةٍ وَاثْنَانِ وَثَلاَثُونَ نَفْسًا. 30فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ لِنَبُوخَذْرَاصَّرَ، سَبَى نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ مِنَ الْيَهُودِ سَبْعَ مِئَةٍ وَخَمْسًا وَأَرْبَعِينَ نَفْسًا. جُمْلَةُ النُّفُوسِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَسِتُّ مِئَةٍ."

 هنا حادثة محزنة عن ذبح عظماء يهوذا. وهناك خلاف فى الأرقام فقد قيل هنا 7 رجال ينظرون وجه الملك اما فى الملوك فقيل خمسة والحل يبدو أن إثنين من السبعة هما أرمياء وعبد ملك الذين أطلق سراحهم فلم يموتوا. والذين قتلوا هم ممثلين لكل الطوائف فالكل أخطأ. وأول من ذكر هو سرايا الكاهن فهو أخطأ وجعل الشعب يخطىء. وبخصوص المسبيين وأعدادهم ولنرى كيف لفظت الأرض سكانها اليهود كما لفظت سكانها الكنعانيين من قبل بسبب الخطية (27) وكان الله قد سبق وحذرهم أنه سيطردهم من الأرض لو ساروا فى نفس خطايا الكنعانيين (لا28:18) وهناك خلاف أيضاً بين سفر الملوك فى أعداد المسبيين فأعداد سفر الملوك أكثر كثيراً من هنا ويبدو أن أعداد سفر الملوك هى أعداد السبايا إلى بابل وأن الأعداد التى ذُكرت هنا هم الذين أعدمهم نبوخذ نصر كمتمردين ثوار. ونلاحظ أن الزمنين المذكورين فى الملوك وأرمياء مختلفين لذلك فهم غالباً يشيروا لحدثين مختلفين. فيبدو ان ما لفت نظر كاتب هذا الإصحاح الثورات والفتن التى قمعها نبوخذ نصر أما كاتب سفر الملوك فإهتم بأن يضع أعداد من ذهبوا للسبى. وهناك سبى ثالث لم يذكر سوى هنا وهو فى السنة 23 لنبوخذ نصر بعد 4 سنين من خراب أورشليم حيث سبى 745 نفساً وقد يكون هذا قد حدث كإنتقام لمقتل جدليا. ومن المحتمل أيضاً أن يكون هؤلاء الأشخاص قد قتلوا كمساعدين أو مؤيدين لإسمعيل قاتل جدليا والكلدانيين الذين كانوا معهُ.

 

الأيات (31-34):-" 31وَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِسَبْيِ يَهُويَاكِينَ، فِي الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ، فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ، رَفَعَ أَوِيلُ مَرُودَخُ مَلِكُ بَابِلَ، فِي سَنَةِ تَمَلُّكِهِ، رَأْسَ يَهُويَاكِينَ مَلِكِ يَهُوذَا، وَأَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ. 32وَكَلَّمَهُ بِخَيْرٍ، وَجَعَلَ كُرْسِيَّهُ فَوْقَ كَرَاسِيِّ الْمُلُوكِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي بَابِلَ. 33وَغَيَّرَ ثِيَابَ سِجْنِهِ، وَكَانَ يَأْكُلُ دَائِمًا الْخُبْزَ أَمَامَهُ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. 34وَوَظِيفَتُهُ وَظِيفَةٌ دَائِمَةٌ تُعْطَى لَهُ مِنْ عِنْدِ مَلِكِ بَابِلَ، أَمْرَ كُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ، إِلَى يَوْمِ وَفَاتِهِ، كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ."

هناك خلاف بين سفر الملوك وهنا فى أرمياء فى التاريخ فقد قيل هناك فى اليوم السابع والعشرين وهنا قيل فى اليوم الخامس والعشرين. وقد يرجع السبب أن القرار صدر فى يوم 25 وظهر الملك فى مكانه الرفيع يوم 27. ولنلاحظ تغير حال يهوياكين من الملك للسجن ثم إلى مركز سام لدى ملك بابل. وهكذا العالم فلنفرح كأننا لا نفرح ونحزن كأننا لا نحزن وحين يجىء ليل تجربة طويل فعلينا أن نتوقع أن يكون هناك فجر جديد لمراحم الله. ولاحظ أن سجن يهوياكين كان حوالى 37 سنة ولكن مهما طالت الغيمة فلنأمل فى أن تظهر الشمس من ورائها ولنلاحظ أن الله إستخدم أعداء شعبه ليعطوا الخير لشعبه.

يهوياكين يمثل الإنسان الذى خلقه الله ليكون ملكاً على شهواته وعلى كل الخليقة ولكنه بسبب خطيته سقط وفقد ملكه، بل صار فى عبودية لنبوخذ نصر ملك بابل (رمز لما قيل أن الخليقة أسلمت للباطل.... ليس طوعاً بل من أجل الذى أخضعها على الرجاء... رو 20:8). ونلاحظ المدة البسيطة التى ملك فيها يهوياكين وهى 3 شهور رمز للمدة البسيطة التى قضاها آدم بدون خطية، وهذا قبل أن يأكل فيسقط. ثم ذهب يهوياكين للسبى مدة طويلة ولكن فى وسط هذه المدة يرفعه ملك بابل لمركز سام ولكن مع بقائه فى الأسر، وهذا ما عمله المسيح بفدائه أنه حررنا ورفعنا لدرجة البنوة لله ولكن مع بقائنا فى هذا العالم. حقاً لقد أسلمنا لله للعبودية ولكن كان هناك رجاء، فى شخص من نسل المرأة حين يأتى يسحق رأس الحية. وال 37 سنة التى قضاها يهوياكين فى السبى هى رمز لحياة الإنسان على الأرض بعد سقوطه. وعودة المسبيين فى نهاية مملكة بابل هى رمز لدخولنا أورشليم السماوية بعد إنقضاء صورة هذا العالم. فالله أسلمنا للعبودية لإبليس لنتأدب وتركنا فى العالم لنستعد لدخولنا السماء، وأرسل المسيح فى وسط الأيام ليتم الفداء وبهذا نعود لملكنا ويرفعنا إلى سمائه، فهو أسلمنا للباطل ولكن على رجاء.