الإصحاح الخامس

 

الآيات (1-4):- " 1«وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ سِكِّينًا حَادًّا، مُوسَى الْحَلاَّقِ تَأْخُذُ لِنَفْسِكَ، وَأَمْرِرْهَا عَلَى رَأْسِكَ وَعَلَى لِحْيَتِكَ. وَخُذْ لِنَفْسِكَ مِيزَانًا لِلْوَزْنِ وَاقْسِمْهُ، 2وَأَحْرِقْ بِالنَّارِ ثُلُثَهُ فِي وَسْطِ الْمَدِينَةِ إِذَا تَمَّتْ أَيَّامُ الْحِصَارِ. وَخُذْ ثُلُثًا وَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ حَوَالَيْهِ، وَذَرِّ ثُلُثًا إِلَى الرِّيحِ، وَأَنَا أَسْتَلُّ سَيْفًا وَرَاءَهُمْ. 3وَخُذْ مِنْهُ قَلِيلاً بِالْعَدَدِ وَصُرَّهُ فِي أَذْيَالِكَ. 4وَخُذْ مِنْهُ أَيْضًا وَأَلْقِهِ فِي وَسْطِ النَّارِ، وَأَحْرِقْهُ بِالنَّارِ. مِنْهُ تَخْرُجُ نَارٌ عَلَى كُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ."

قارن مع المزمور 133 "هوذا ما أحسن وما أحلى أن يجتمع الإخوة معاً، مثل الدهن الطيب النازل على اللحية" ومعنى المزمور أنه حين يجتمع الإخوة أى شعب الله فى محبة يكونون كلحية حول الرأس، والرأس هو المسيح واللحية هى شعبه الثابت فيه، وطالما الشعب ثابت فى مسيحه ينزل الروح القدس وينسكب من رأس المسيح على شعبه. ولكن إذا عاش الشعب فى الخطية يرفضه الله كمن يحلق شعره ولحيته حينما يتضايق منهما.. هكذا يقول الله "إنى استريح من خصمائى أش 1 : 24" وهنا هو يحلق الكل فلا فائدة من الإصلاح.

أما وزن الشعر فيوضح أن أحكام الله كلها عدل وهو يزن بميزان لا يخطئ كله بر وحق. والبعض سيعاقب بعقوبة والبعض الآخر بعقوبة أخرى، ولكن لاحظ معنى الوزن أن الضربات ليست عشوائية بل بميزان. والموسى الحاد الذى يستخدمه الله هو جيش بابل.

وإحرق بالنار ثلثه وسط المدينة = هذا يشير للجماعة التى ستهلك بالوباء والمجاعة وبحريق المدينة. وخذ ثلثاً وإضربه بالسيف = إشارة لمن يهلك بسيف البابليين. وذر ثلثاً إلى الريح = رمزاً لسبى هذا الثلث وفرار البعض إلى البلدان المجاورة. ولكن ياللهول فسيستل الله سيفاً وراءهم. ولكن هناك بقية قليلة من الثلث الأخير محفوظة والله يهتم بها = صُرَهُ فى أذيالك = رمزاً لحرص الله على حماية هذه البقية، ولكن منهم من أخطأ ولم يعتبر هؤلاء ضربوا أيضاً = خذ منه أيضاً والقه فى وسط النار. وقد يشير هذا للباقين تحت حكم جدليا، ثم فرار البعض إلى مصر.

 

الآيات (5-17):- " 5«هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هذِهِ أُورُشَلِيمُ. فِي وَسْطِ الشُّعُوبِ قَدْ أَقَمْتُهَا وَحَوَالَيْهَا الأَرَاضِي. 6فَخَالَفَتْ أَحْكَامِي بِأَشَرَّ مِنَ الأُمَمِ، وَفَرَائِضِي بِأَشَرَّ مِنَ الأَرَاضِي الَّتِي حَوَالَيْهَا، لأَنَّ أَحْكَامِي رَفَضُوهَا وَفَرَائِضِي لَمْ يَسْلُكُوا فِيهَا. 7لأَجْلِ ذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ ضَجَجْتُمْ أَكْثَرَ مِنَ الأُمَمِ الَّتِي حَوَالَيْكُمْ، وَلَمْ تَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِي، وَلَمْ تَعْمَلُوا حَسَبَ أَحْكَامِي، وَلاَ عَمِلْتُمْ حَسَبَ أَحْكَامِ الأُمَمِ الَّتِي حَوَالَيْكُمْ، 8لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَا إِنِّي أَنَا أَيْضًا عَلَيْكِ، وَسَأُجْرِي فِي وَسْطِكِ أَحْكَامًا أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ، 9وَأَفْعَلُ بِكِ مَا لَمْ أَفْعَلْ، وَمَا لَنْ أَفْعَلَ مِثْلَهُ بَعْدُ، بِسَبَبِ كُلِّ أَرْجَاسِكِ. 10لأَجْلِ ذلِكَ تَأْكُلُ الآبَاءُ الأَبْنَاءَ فِي وَسْطِكِ، وَالأَبْنَاءُ يَأْكُلُونَ آبَاءَهُمْ. وَأُجْرِي فِيكِ أَحْكَامًا، وَأُذَرِّي بَقِيَّتَكِ كُلَّهَا فِي كُلِّ رِيحٍ. 11مِنْ أَجْلِ ذلِكَ حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ قَدْ نَجَّسْتِ مَقْدِسِي بِكُلِّ مَكْرُهَاتِكِ وَبِكُلِّ أَرْجَاسِكِ، فَأَنَا أَيْضًا أَجُزُّ وَلاَ تُشْفُقُ عَيْنِي، وَأَنَا أَيْضًا لاَ أَعْفُو. 12ثُلُثُكِ يَمُوتُ بِالْوَبَإِ، وَبِالْجُوعِ يَفْنَوْنَ فِي وَسْطِكِ. وَثُلُثٌ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ مِنْ حَوْلِكِ، وَثُلُثٌ أُذَرِّيهِ فِي كُلِّ رِيحٍ، وَأَسْتَلُّ سَيْفًا وَرَاءَهُمْ. 13وَإِذَا تَمَّ غَضَبِي وَأَحْلَلْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ وَتَشَفَّيْتُ، يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ فِي غَيْرَتِي، إِذَا أَتْمَمْتُ سَخَطِي فِيهِمْ. 14وَأَجْعَلُكِ خَرَابًا وَعَارًا بَيْنَ الأُمَمِ الَّتِي حَوَالَيْكِ أَمَامَ عَيْنَيْ كُلِّ عَابِرٍ، 15فَتَكُونِينَ عَارًا وَلَعْنَةً وَتَأْدِيبًا وَدَهَشًا لِلأُمَمِ الَّتِي حَوَالَيْكِ، إِذَا أَجْرَيْتُ فِيكِ أَحْكَامًا بِغَضَبٍ وَبِسَخَطٍ وَبِتَوْبِيخَاتٍ حَامِيَةٍ. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ. 16إِذَا أَرْسَلْتُ عَلَيْهِمْ سِهَامَ الْجُوعِ الشِّرِّيرَةَ الَّتِي تَكُونُ لِلْخَرَابِ الَّتِي أُرْسِلُهَا لِخَرَابِكُمْ، وَأَزِيدُ الْجُوعَ عَلَيْكُمْ، وَأُكَسِّرُ لَكُمْ قِوَامَ الْخُبْزِ، 17وَإِذَا أَرْسَلْتُ عَلَيْكُمُ الْجُوعَ وَالْوُحُوشَ الرَّدِيئَةَ فَتُثْكِلُكِ، وَيَعْبُرُ فِيكِ الْوَبَأُ وَالدَّمُ، وَأَجْلُبُ عَلَيْكِ سَيْفًا. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ»."

هذا تفسير لما سبق = هذه أورشليم = إذاً فهذه هى الشعر المحلوق. فبعد أن ميزها الله بأن أقامها وسط الشعوب = أقامها كنور لكل الأمم حولها، تطيع شريعته فيفيض عليها من بركاته، وتصبح كمدينة منيرة موضوعة فوق تل يراها الجميع، فيُعرَف أسم يهوه وسط الأمم التى تحيا فى الظلام. وهذا ما حدث أيام سليمان إذ أتى الغرباء ليسألونه عن سر حكمته والبركة التى يحيا فيها. وهذه هى الكرازة، علينا إذاً أن نطيع فنحيا فى بركات يفيض بها الله علينا، ونكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذى فينا 1بط 3 : 15. وهذا قصد الله أن يملأنا من الروح القدس فنكون نوراً للعالم ونكون كرازة. ولكن أورشليم لم تحفظ هذا بل كانوا أشر ممن حولهم. ولنلاحظ أن إحتقار كلمة الله يفتح الباب لكل إثم. ولنلاحظ أيضاً أن فرائض الله هى نصوص المعاهدة التى يتعاهد بها الله مع البشر ومن يرفض وصايا وفرائض الله يرفض أيضاً عطاياه ويحرم نفسه منها. وهم حينما خالفوا وصايا الله وشرائعه صاروا أشر من الأمم، فهم إنحدروا لدرجات أسوأ منهم "فالله أسلمهم لذهن مرفوض رو 1 : 28 وهكذا الملح إذا فسد لا يصلح لشئ سوى أن يرمى ويداس من الناس مت 5 : 13. فالأمم حول اليهود كان لكل أمة صنمها الخاص بها، أما أورشليم فعبدت كل أصنام الأمم المجاورة، وهذا لم تصنعه الأمم المجاورة أى تعدد الأصنام أر 2 : 28، 2 : 11 + حز 8 : 9، 10. ولنلاحظ أن أبناء الله وخدامه إذا إرتدوا يصبحوا أشر من الآخرين كمن دخله سبعة أرواح أشر لو 11 : 26 ولننظر عقوبة الله المروعة جزاء الخطية. فالله بنفسه عليها.. ويارب من يصمد أمام غضبك. وقارن، فبعد أن كان الله فى أيام قداستها يدافع هو عنها أصبح الله الآن هو الذى يضربها. وحين يقوم الله على أحد يهيج العالم كله ضده، ليس البابليين هم الذين كانوا ضدهم بل الله. وعلى العكس فإن أرضت الرب طرق إنسان جعل أعداؤه يسالمونه أم 16 : 7 وهذه الأحكام كان يجب أن تظهر أمام الأمم حتى يظهر لهم بر الله ورفضه وكراهيته للخطية. ولذلك يقول أجرى فى وسطك أحكاماً أمام عيون الأمم = فالله أقامهم وسط الشعوب (آية 5) لتكون نوراً، وكان الله يريد أن يظهر قداسته ببركاته التى يفيض بها عليهم إن التزموا بوصاياه، ولكن نظراً لعنادهم فالله سيظهر قداسته فى عقابهم ورفضه لخطاياهم. فالله لا يحابى شعبه إذا كان شعبه يخطئ. والله يجازى ويقول لا تشفق عينى = هذه الأيات مصممه لتنطبق على العذاب الأبدى للأشرار. ولاحظ أن هناك خطيتان هما اللذان أحزنا قلب الله  1) الوصية المكسورة  2) تدنيس الهيكل  ولاحظ أن الله قبل أن يضرب بهذه الضربات أرسل لهم أرمياء ليحذرهم حتى يتوبوا، ولما لم يتوبوا قرر معاقبتهم علناً أمام عيون الأمم ولاحظ نتائج الخطية تأكل الأباء الأبناء = فحين تتخلى نعمة الله يدب فيهم الفساد والإنقسامات، ويأكل كل عضو الأخر، وأخيراً لا يبقى منهم إلا رماد بعد أن إلتهمت نار غضب الله كل شئ. وإذ كان الأباء يأكلون أبنائهم، فما الذى يحدث بين أفراد المجتمع من جيران وأصدقاء، أو بين من لا يعرفون بعضهم... حقاً انها صورة مخيفة. هذه صورة معاكسة لمزمور 133 فهذا شعب بلا محبة، وهذا الشعب يمثل اللحية التى تنزع وترمى وتحرق.