الإصحاح العشرون

 

أتى بعض الشيوخ للنبى ليسألوه. والله يظهر لهم إستياءه منهم، ويظهر لهم تاريخ معاملاته الكريمة معهم، وأيضاً خياناتهم المستمرة، ويعلن لهم أحكامه ضدهم ومراحمه التى يختزنها للبقية وأنه سوف يعيدهم لأرضهم

 

الآيات (1-4):-" 1وَكَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ، فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ،فِي الْعَاشِرِ مِنَ الشَّهْرِ، أَنَّ أُنَاسًا مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ جَاءُوا لِيَسْأَلُوا الرَّبَّ، فَجَلَسُوا أَمَامِي. 2فَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: 3«يَا ابْنَ آدَمَ، كَلِّمْ شُيُوخَ إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلْ أَنْتُمْ آتُونَ لِتَسْأَلُونِي؟ حَيٌّ أَنَا، لاَ أُسْأَلُ مِنْكُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 4هَلْ تَدِينُهُمْ؟ هَلْ تَدِينُ يَا ابْنَ آدَمَ؟ عَرِّفْهُمْ رَجَاسَاتِ آبَائِهِمْ، "

لاحظ إهتمام النبى بذكر التواريخ، وهكذا كان كل من آمن بالله من هذا الشعب، فهم يعرفون من نبوات أرمياء أن مدة السبى محددة بسبعين سنة، وكأن الشعب المؤمن يحسب الأيام ليعود إلي اورشليم . حىٌ أنا لا أسأل منكم = وماذا كان سؤالهم ؟ هم كانوا يسألون.. ما دمنا وسط البابليين الوثنيين وليس لدينا هيكل نعبد فيه الله، وحتى نحظى برضا سادتنا البابليين، فلماذا لا نعبد الهتهم (آية 32). ومع هذه الطبيعة المتمردة لا يجيب الله. فالله لن يجيب إلا إذا قدموا توبة عن هذه الخطايا. أما مظاهر التقوى الجالسين بها أمام الله، فهى لا تنطلى على الله الذى يعرف خبايا قلوبهم وقد كشفها للنبى. هل تدينهم. هل تدين يا إبن آدم = أنت الآن كنبى ولقد كشفت لك ما فى قلوبهم فلا تدافع عنهم كشفيع، بل إعلن الأحكام عليهم، وهذه الأحكام ليس فقط عن خطاياهم بل أكشف لهم أيضاً عن خطايا أبائهم التى أغاظت الله ولذلك فالله سوف يقطعهم. إبن آدم = هنا نفهم معنى قول الله له يا إبن آدم. فهو كبشر وإبن آدم له نفس الظروف التى تجرى على الشعب، فالكل أولاد آدم. ولكنه أستطاع بالرغم من ضعفه البشرى أن يسلك بإستقامة. وإستقامته هذه تكون سبب دينونة لبقية الشعب، إذ ليس لهم عذر (رو 1 : 20، 2 : 1) لذلك فحين يعلن حزقيال أحكام الدينونة يعلنها ضد الشعب كمن هو إبن آدم مثلهم، وهذا معنى أننا سندين العالم 1كو 6 : 2، 3

 

الآيات (5-9):-" 5وَقُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي يَوْمِ اخْتَرْتُ إِسْرَائِيلَ وَرَفَعْتُ يَدِي لِنَسْلِ بَيْتِ يَعْقُوبَ، وَعَرَّفْتُهُمْ نَفْسِي فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَرَفَعْتُ لَهُمْ يَدِي قَائِلاً: أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ، 6فِي ذلِكَ الْيَوْمِ رَفَعْتُ لَهُمْ يَدِي لأُخْرِجَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي تَجَسَّسْتُهَا لَهُمْ، تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلاً، هِيَ فَخْرُ كُلِّ الأَرَاضِي، 7وَقُلْتُ لَهُمُ: اطْرَحُوا كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ أَرْجَاسَ عَيْنَيْهِ، وَلاَ تَتَنَجَّسُوا بِأَصْنَامِ مِصْرَ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 8فَتَمَرَّدُوا عَلَيَّ وَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَسْمَعُوا لِي، وَلَمْ يَطْرَحِ الإِنْسَانُ مِنْهُمْ أَرْجَاسَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَتْرُكُوا أَصْنَامَ مِصْرَ. فَقُلْتُ: إِنِّي أَسْكُبُ رِجْزِي عَلَيْهِمْ لأُتِمَّ عَلَيْهِمْ سَخَطِي فِي وَسْطِ أَرْضِ مِصْرَ. 9لكِنْ صَنَعْتُ لأَجْلِ اسْمِي لِكَيْلاَ يَتَنَجَّسَ أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ الَّذِينَ هُمْ فِي وَسْطِهِمِ، الَّذِينَ عَرَّفْتُهُمْ نَفْسِي أَمَامَ عُيُونِهِمْ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.  "  

هنا كشف الله سر عبوديتهم فى مصر، وذلك أن أصنام مصر كانت ترعى فى قلوبهم. إذاً السبب فى ألامهم فى أرض مصر لم يكن هو قساوة قلب فرعون، إنما الخطية الرابضة داخلهم وإنحراف قلبهم وفى نفس الوقت كان الله يعد لهم أرض كنعان. ومع هذا لم يسخط عليهم بل أخرجهم بقوة من أرض مصر. بل هم فى أرض مصر لم يسألوا عن الله، بل هو الذى أعلن ذاته لأجلهم، فالله هو الذى يلاحقنا بإحساناته وإعلاناته. ورفعت لهم يدى = كأنه يقسم أن يخرجهم. ولم يطلب منهم شيئاً سوى أن يتخلوا عن رجاساتهم. وهم كانوا يستحقون أن يسكب الله رجزه عليهم، ولكنه حتى يتقدس إسمه ويتمجد وسط المصريين لم يصنع هذا الشر بهم، حتى لا يقول المصريين أن الله بدد شعبه أو أنه لم يقدر أن يحافظ على شعبه. ولذلك السبب فنحن مطمئنين على الكنيسة فالله لن يهملها لأجل مجد إسمه

 

الآيات (10-26):-" 10فَأَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وَأَتَيْتُ بِهِمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ. 11وَأَعْطَيْتُهُمْ فَرَائِضِي وَعَرَّفْتُهُمْ أَحْكَامِي الَّتِي إِنْ عَمِلَهَا إِنْسَانٌ يَحْيَا بِهَا. 12وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا سُبُوتِي لِتَكُونَ عَلاَمَةً بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، لِيَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ.

13«فَتَمَرَّدَ عَلَيَّ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ فِي الْبَرِّيَّةِ. لَمْ يَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِي وَرَفَضُوا أَحْكَامِي الَّتِي إِنْ عَمِلَهَا إِنْسَانٌ يَحْيَا بِهَا، وَنَجَّسُوا سُبُوتِي كَثِيرًا. فَقُلْتُ: إِنِّي أَسْكُبُ رِجْزِي عَلَيْهِمْ فِي الْبَرِّيَّةِ لإِفْنَائِهِمْ. 14لكِنْ صَنَعْتُ لأَجْلِ اسْمِي لِكَيْلاَ يَتَنَجَّسَ أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ الَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ. 15وَرَفَعْتُ أَيْضًا يَدِي لَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ بِأَنِّي لاَ آتِي بِهِمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلاً، هِيَ فَخْرُ كُلِّ الأَرَاضِي. 16لأَنَّهُمْ رَفَضُوا أَحْكَامِي وَلَمْ يَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِي، بَلْ نَجَّسُوا سُبُوتِي، لأَنَّ قَلْبَهُمْ ذَهَبَ وَرَاءَ أَصْنَامِهِمْ. 17لكِنَّ عَيْنِي أَشْفَقَتْ عَلَيْهِمْ عَنْ إِهْلاَكِهِمْ، فَلَمْ أُفْنِهِمْ فِي الْبَرِّيَّةِ. 18وَقُلْتُ لأَبْنَائِهِمْ فِي الْبَرِّيَّةِ: لاَ تَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِ آبَائِكُمْ، وَلاَ تَحْفَظُوا أَحْكَامَهُمْ، وَلاَ تَتَنَجَّسُوا بِأَصْنَامِهِمْ. 19أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ، فَاسْلُكُوا فِي فَرَائِضِي وَاحْفَظُوا أَحْكَامِي وَاعْمَلُوا بِهَا، 20وَقَدِّسُوا سُبُوتِي فَتَكُونَ عَلاَمَةً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، لِتَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 21فَتَمَرَّدَ الأَبْنَاءُ عَلَيَّ. لَمْ يَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِي وَلَمْ يَحْفَظُوا أَحْكَامِي لِيَعْمَلُوهَا، الَّتِي إِنْ عَمِلَهَا إِنْسَانٌ يَحْيَا بِهَا، وَنَجَّسُوا سُبُوتِي. فَقُلْتُ: إِنِّي أَسْكُبُ رِجْزِي عَلَيْهِمْ لأُتِمَّ سَخَطِي عَلَيْهِمْ فِي الْبَرِّيَّةِ. 22ثُمَّ كَفَفْتُ يَدِي وَصَنَعْتُ لأَجْلِ اسْمِي لِكَيْلاَ يَتَنَجَّسَ أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ الَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ. 23وَرَفَعْتُ أَيْضًا يَدِي لَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ لأُفَرِّقَهُمْ فِي الأُمَمِ وَأُذَرِّيَهُمْ فِي الأَرَاضِي، 24لأَنَّهُمْ لَمْ يَصْنَعُوا أَحْكَامِي، بَلْ رَفَضُوا فَرَائِضِي، وَنَجَّسُوا سُبُوتِي، وَكَانَتْ عُيُونُهُمْ وَرَاءَ أَصْنَامِ آبَائِهِمْ. 25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ، وَأَحْكَامًا لاَ يَحْيَوْنَ بِهَا، 26وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحْمٍ، لأُبِيدَهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ."

يكشف الرب هنا عن تمردهم عليه فى البرية، ومن محبته لم يذكر كل ما عمله لهم (من / سلوى / ماء من الصخرة / شق البحر وشق الأردن / هزيمة كل أعدائهم...) ولكن ركز الله على أمرين  1) الوصية  2) السبت وإعتبر الله أن هذين الإثنين هما أفضل عطاياه لهم (آيات 11، 12) فالوصية هى علامة حب الله لنا، حتى لا يسير الإنسان حسب طبيعته المنحرفة فيهلك ويعيش حزيناً. الله قدم للإنسان الحرية، ولكنه وهبه الوصية حتى يضبط بها نفسه بهدوء فلا يهلك. كان الإنسان فى الجنة لا يعرف الخير والشر وكانت الجنة إسمها جنة عدن أى الفرح إشارة للفرح الذى تمتع به آدم فى الجنة قبل أن يسقط، والله قال له لا تفعل كذا حتى لا تخرج منها، لأن الله يعرف الطبيعة الإنسانية، وهى حين تتذوق الشر تشتهيه، وينقلب الفرح إلى حزن. ولما خرج الإنسان من الجنة، أعطاه الله الوصايا التى بها يستطيع أن يحيا نسبياً فى فرح (كان آدم فى الجنة كمريض بالإيدز وقد وضعوه فى غرفة معقمة، وقالوا له لاتخرج منها وإلا تموت بسبب الأمراض المنتشرة، فلما خرج أعطوه وصايا تطيل عمره مثل لا تأكل دون أن تغسل ما تأكله، لا تخالط المرضى... وإلا تموت) لذلك كانت الوصية هى لضمان حياة سعيدة على الأرض.

أما السبوت ففيها عبادة وإمتناع عن العمل لنذكر الله، فهى إذاً لتقديس الإنسان، وهى تشير للمسيح الذى قدم الفداء فى اليوم السابع، فهو إستراح بخلاصنا. ونحن حصلنا على الراحة فيه فكلمة سبت تعنى راحة. والمسيح فهو سر راحتنا وتقديسنا. فالسبت إذاً فيه إنعزال عن العالم، بلا إنشغال بأموره وإتصال بالله سر راحتنا، وفى إتصالنا بالله فى عبادة السبت نذكر إنتمائنا للسماء وغربتنا فى هذا العالم، فتزيد إشتياقاتنا للسماء وبهذا تكون لنا أبدية سعيدة إذا حفظنا السبوت  

وهم لم يطيعوا الوصية ونجسوا السبت. وكانوا يستحقون أن يسكب الله رجزه عليهم، لكن الله إمتنع من أجل أن الأمم أيضاً لا يقولوا ان الله لم يستطع حماية شعبه. ولنلاحظ أن الله الذى يعطى بسخاء ولا يعير، هو لا يعيرهم هنا بإحساناته، بل يستعرضها لهم ليعرفوا كم كانوا ناكرين للجميل. فهو حررهم من عبودية مصر، ولكن هذه العبودية يبدو أنها عاشت فيهم فإشتهوا العودة لمصر، الله بهذا يثير فيهم مشاعر الحب والتصالح معه ليعودوا إليه فيتحرروا، لكنه لا يعيرهم. وهم إحتقروا الوصية، مع أن من ينفذها أو من يعمل بها يحيا، ويجد تعزيات كثيرة فى طاعتها. والنتيجة المؤلمة للعبودية الساكنة فيهم أن الله رفع يده ثانية لا ليقسم لهم بأن يحفظهم بل رفع يده ضدهم بأن = لا آتى بهم إلى الأرض = ومات هذا الجيل فعلاً، أما أولادهم فهم الذين دخلوا. فأرض كنعان لا يدخلها سوى من تخلص من عبودية إبليس. ولكن للأسف فإن جيل الأبناء هو أيضاً قد ثار ضد الله = فتمرد الأبناء على. فكانت خطية آبائهم العجل الذهبى، وخطية الأبناء بعل فغور، وإنتشر الوبأ فى المحلة وهؤلاء أعطيتهم فرائض غير صالحة = هذه تساوى (أسلمهم الله لذهن مرفوض رو 1 : 24، 26) وأسلمهم الله لشهوات قلوبهم (مز 71 : 12). فحين يترك الله إنسان لنفسه سيخرب نفسه، وهم حين إندفعوا فى العبادات الوثنية قدموا أبنائهم ذبائح. فالله لا يسمح بالخطية بل هو يجعل الخطية هى عقوبة الخاطئ، فالخطية عقوبتها فى نفسها. وأحكاماً لا يحيون بها = مثل الحيات المحرقة والوباء، وشق الأرض لتبلع الناس.

 

الآيات (27-32):-" 27«لأَجْلِ ذلِكَ كَلِّمْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ يَا ابْنَ آدَمَ، وَقُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي هذَا أَيْضًا جَدَّفَ عَلَيَّ آبَاؤُكُمْ، إِذْ خَانُونِي خِيَانَةً 28لَمَّا أَتَيْتُ بِهِمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي رَفَعْتُ لَهُمْ يَدِي لأُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا، فَرَأَوْا كُلَّ تَلّ عَال وَكُلَّ شَجَرَةٍ غَبْيَاءَ، فَذَبَحُوا هُنَاكَ ذَبَائِحَهُمْ، وَقَرَّبُوا هُنَاكَ قَرَابِينَهُمُ الْمُغِيظَةَ، وَقَدَّمُوا هُنَاكَ رَوَائِحَ سُرُورِهِمْ، وَسَكَبُوا هُنَاكَ سَكَائِبَهُمْ. 29فَقُلْتُ لَهُمْ: مَا هذِهِ الْمُرْتَفَعَةُ الَّتِي تَأْتُونَ إِلَيْهَا؟ فَدُعِيَ اسْمُهَا «مُرْتَفَعَةً» إِلَى هذَا الْيَوْمِ. 30« لِذلِكَ قُلْ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلْ تَنَجَّسْتُمْ بِطَرِيقِ آبَائِكُمْ، وَزَنَيْتُمْ وَرَاءَ أَرْجَاسِهِمْ؟ 31وَبِتَقْدِيمِ عَطَايَاكُمْ وَإِجَازَةِ أَبْنَائِكُمْ فِي النَّارِ، تَتَنَجَّسُونَ بِكُلِّ أَصْنَامِكُمْ إِلَى الْيَوْمِ. فَهَلْ أُسْأَلُ مِنْكُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، لاَ أُسْأَلُ مِنْكُمْ. 32وَالَّذِي يَخْطُرُ بِبَالِكُمْ لَنْ يَكُونَ، إِذْ تَقُولُونَ: نَكُونُ كَالأُمَمِ، كَقَبَائِلِ الأَرَاضِي فَنَعْبُدُ الْخَشَبَ وَالْحَجَرَ " 

حتى بعد أن دخلوا لأرض الميعاد لم يتركوا عنهم عباداتهم الوثنية، وصنعوا لأصنامهم مذابح على المرتفعات. بل شيوخهم أتوا ليسألوا هل نعبد آلهة بابل. ولذلك يقول الرب فهل أسأل منكم يا بيت إسرائيل. يا من جدف على أباؤكم = أى حينما أعتبروا أحكامى بلا معنى أو أنها لا تستحق الإعتبار. وهم الآن لا يكرمون الله فهم يتصورون أن يعبدوا أوثان بابل ليسترضوا سادتهم ولكن يعبدون الله فى الخفاء. فطريقهم ملتو. ولنلاحظ أن من لا يعطى قلبه بإخلاص لله، بل يعطيه كل القلب ، فهو لن يجنى أى فرح من علاقته بالله، بل أن حتى الأمم سيرفضونهم.

 

الآيات (33-44):-" 33حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي بِيَدٍ قَوِيَّةٍ وَبِذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ، وَبِسَخَطٍ مَسْكُوبٍ أَمْلِكُ عَلَيْكُمْ. 34وَأُخْرِجُكُمْ مِنْ بَيْنِ الشُّعُوبِ، وَأَجْمَعُكُمْ مِنَ الأَرَاضِي الَّتِي تَفَرَّقْتُمْ فِيهَا بِيَدٍ قَوِيَّةٍ وَبِذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ، وَبِسَخَطٍ مَسْكُوبٍ. 35وَآتِي بِكُمْ إِلَى بَرِّيَّةِ الشُّعُوبِ، وَأُحَاكِمُكُمْ هُنَاكَ وَجْهًا لِوَجْهٍ. 36كَمَا حَاكَمْتُ آبَاءَكُمْ فِي بَرِّيَّةِ أَرْضِ مِصْرَ، كَذلِكَ أُحَاكِمُكُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 37وَأُمِرُّكُمْ تَحْتَ الْعَصَا، وَأُدْخِلُكُمْ فِي رِبَاطِ الْعَهْدِ. 38وَأَعْزِلُ مِنْكُمُ الْمُتَمَرِّدِينَ وَالْعُصَاةَ عَلَيَّ. أُخْرِجُهُمْ مِنْ أَرْضِ غُرْبَتِهِمْ وَلاَ يَدْخُلُونَ أَرْضَ إِسْرَائِيلَ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.

39«أَمَّا أَنْتُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، فَهكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: اذْهَبُوا اعْبُدُوا كُلُّ إِنْسَانٍ أَصْنَامَهُ. وَبَعْدُ إِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي فَلاَ تُنَجِّسُوا اسْمِي الْقُدُّوسَ بَعْدُ بِعَطَايَاكُمْ وَبِأَصْنَامِكُمْ. 40لأَنَّهُ فِي جَبَلِ قُدْسِي، فِي جَبَلِ إِسْرَائِيلَ الْعَالِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، هُنَاكَ يَعْبُدُنِي كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، كُلُّهُمْ فِي الأَرْضِ. هُنَاكَ أَرْضَى عَنْهُمْ، وَهُنَاكَ أَطْلُبُ تَقْدِمَاتِكُمْ وَبَاكُورَاتِ جِزَاكُمْ مَعَ جَمِيعِ مُقَدَّسَاتِكُمْ. 41بِرَائِحَةِ سُرُورِكُمْ أَرْضَى عَنْكُمْ، حِينَ أُخْرِجُكُمْ مِنْ بَيْنِ الشُّعُوبِ، وَأَجْمَعُكُمْ مِنَ الأَرَاضِي الَّتِي تَفَرَّقْتُمْ فِيهَا، وَأَتَقَدَّسُ فِيكُمْ أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ، 42فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، حِينَ آتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، إِلَى الأَرْضِ الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي لأُعْطِي آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا. 43وَهُنَاكَ تَذْكُرُونَ طُرُقَكُمْ وَكُلَّ أَعْمَالِكُمُ الَّتِي تَنَجَّسْتُمْ بِهَا، وَتَمْقُتُونَ أَنْفُسَكُمْ لِجَمِيعِ الشُّرُورِ الَّتِي فَعَلْتُمْ. 44فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِذَا فَعَلْتُ بِكُمْ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. لاَ كَطُرُقِكُمُ الشِّرِّيرَةِ، وَلاَ كَأَعْمَالِكُمُ الْفَاسِدَةِ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ». "

معنى هذه الآيات أن الله سيؤدبهم بيد قوية لا لينتقم بل ليدخل بهم إلى عهد جديد بعد أن يحاكمهم (أى يجرى عليهم أحكام تأديبيه)

فى برية الشعوب = أى بابل. ويعطيهم بعد ذلك صورة فيها رجاء بعد عودتهم من السبى وإصلاح طبيعتهم الفاسدة. وهو خلاص مجانى لا إستحقاق لهم فيه. هم كانوا يعشمون أنفسهم بصلح بين أورشليم وبابل وعبادة مشتركة تجئ بالخير عليهم، ولكن الله قال أبداً، بل ستضربهم بابل وتخربهم. ويبدأ الله كلامه بقسم حى أنا يقول الرب = as i live لتشديد على أنه سيصنع ما يقول. وكما حاكم أباءهم وأفناهم فى برية سيناء سيكرر نفس الشئ فى برية بابل. وأمركم تحت العصا = تكون لهم بابل كعصا الراعى، فالراعى يضع عصاه ليمر منها القطيع، فيعزل من هو ليس من القطيع، وبابل ستبيد الأشرار ولكن تأديب بابل التى هى كالعصا سيكون تطهيراً للأبرار

إذهبوا أعبدوا كل واحد أصنامه = هذه تساوى تماماً قول إيليا "أن كان الله هو الله فأعبدوه  وإن كان البعل هو الله فأعبدوه ولا تعرجوا بين الفرقتين" فلا تنجسوا إسمى القدوس بعطاياكم = أى لن أقبل عطاياكم وسأفرزكم طالما قلبكم مع أصنامكم. وفى الآيات (40 – 44) نبوة بعودتهم لأرضهم بعد تطهيرهم وإمتناعهم عن عبادة الأوثان. تمقتون أنفسكم = هذه هى علامة التوبة الحقيقية.

 

الآيات (45-49):-" 45وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: 46«يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ التَّيْمَنِ، وَتَكَلَّمْ نَحْوَ الْجَنُوبِ، وَتَنَبَّأْ عَلَى وَعْرِ الْحَقْلِ فِي الْجَنُوبِ، 47وَقُلْ لِوَعْرِ الْجَنُوبِ: اسْمَعْ كَلاَمَ الرَّبِّ. هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُضْرِمُ فِيكَ نَارًا فَتَأْكُلُ كُلَّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ فِيكَ وَكُلَّ شَجَرَةٍ يَابِسَةٍ. لاَ يُطْفَأُ لَهِيبُهَا الْمُلْتَهِبُ، وَتُحْرَقُ بِهَا كُلُّ الْوُجُوهِ مِنَ الْجَنُوبِ إِلَى الشِّمَالِ. 48فَيَرَى كُلُّ بَشَرٍ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ أَضْرَمْتُهَا. لاَ تُطْفَأُ». 49فَقُلْتُ: «آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ! هُمْ يَقُولُونَ: أَمَا يُمَثِّلُ هُوَ أَمْثَالاً؟». "

التيمن = أى الجنوب إشارة لأرض فلسطين. فالنبى الآن فى بابل، وبابل شمال يهوذا. عموماً كان يقال على بابل أنها شمال فلسطين فطريق القوافل كان يجتاز الفرات ثم يتجه إلى الجنوب عبر سوريا. ورأينا فيما سبق أن هناك رجاء فى العودة، لكن لابد من التأديب الذى سيبدأ من التيمن. وهو الحريق الذى سيشعله ملك بابل. وكون أن النبى يوجه نفسه للجنوب، فهذا معناه إصرار الله على التأديب، وسيحترق كل الشجر شجر الوعر = وهذا بلا ثمر = الشجر اليابس. وهذا إشارة للأشرار الذين لا رجاء فى إصلاحهم، فحريقهم هو للهلاك. أما الشجر الأخضر فهو إشارة لمن فيهم رجاء، وهؤلاء حريقهم للتطهير. والكلام واضح جداً ولكن اليهود لعماهم قالوا هذا مجرد مثل.