الإصحاح الثالث والعشرون

 

هذه هى المرة الثالثة التى يتهم الله فيها شعبه بخيانته والإتكال على شعوب أخرى مثل أشور وبابل ومصر. فهذا يعتبر أهانة لله أن لا يؤمن شعبه بقدرته على خلاصهم وحمايتهم، كما أن إعتمادهم على هذه الشعوب قد فتح الأبواب لدخول أصنام هذه الأمم إلى شعب الله فعبدوها وزادت الخيانة بل أن ما يصاحب العبادات الوثنية من زنا جسدى فاقم الوضع.

 

الآيات (1-10):-" 1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: 2«يَا ابْنَ آدَمَ، كَانَ امْرَأَتَانِ ابْنَتَا أُمٍّ وَاحِدَةٍ، 3وَزَنَتَا بِمِصْرَ. فِي صِبَاهُمَا زَنَتَا. هُنَاكَ دُغْدِغَتْ ثُدِيُّهُمَا، وَهُنَاكَ تَزَغْزَغَتْ تَرَائِبُ عُذْرَتِهِمَا. 4وَاسْمُهُمَا: أُهُولَةُ الْكَبِيرَةُ، وَأُهُولِيبَةُ أُخْتُهَا. وَكَانَتَا لِي، وَوَلَدَتَا بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَاسْمَاهُمَا: السَّامِرَةُ «أُهُولَةُ»، وَأُورُشَلِيمُ «أُهُولِيبَةُ». 5وَزَنَتْ أُهُولَةُ مِنْ تَحْتِي وَعَشِقَتْ مُحِبِّيهَا، أَشُّورَ الأَبْطَالَ 6اللاَّبِسِينَ الأَسْمَانْجُونِيَّ وُلاَةً وَشِحَنًا، كُلُّهُمْ شُبَّانُ شَهْوَةٍ، فُرْسَانٌ رَاكِبُونَ الْخَيْلَ. 7فَدَفَعَتْ لَهُمْ عُقْرَهَا لِمُخْتَارِي بَنِي أَشُّورَ كُلِّهِمْ، وَتَنَجَّسَتْ بِكُلِّ مَنْ عَشِقَتْهُمْ بِكُلِّ أَصْنَامِهِمْ. 8وَلَمْ تَتْرُكْ زِنَاهَا مِنْ مِصْرَ أَيْضًا، لأَنَّهُمْ ضَاجَعُوهَا فِي صِبَاهَا، وَزَغْزَغُوا تَرَائِبَ عِذْرَتِهَا وَسَكَبُوا عَلَيْهَا زِنَاهُمْ. 9لِذلِكَ سَلَّمْتُهَا لِيَدِ عُشَّاقِهَا، لِيَدِ بَنِي أَشُّورَ الَّذِينَ عَشِقَتْهُمْ. 10هُمْ كَشَفُوا عَوْرَتَهَا. أَخَذُوا بَنِيهَا وَبَنَاتِهَا، وَذَبَحُوهَا بِالسَّيْفِ، فَصَارَتْ عِبْرَةً لِلنِّسَاءِ. وَأَجْرَوْا عَلَيْهَا حُكْمًا."

إمرأتان إبنتا أم واحدة = هما إسرائيل الأخت الكبرى (10 أسباط) ويهوذا الأخت الصغرى (سبطين) وزنتا بمصر. فى صباهما زنتا = بدء سقوطهم كان فى مصر حينما عشقوا العبادة الوثنية بطقوسها المثيرة وأغانيها وموسيقاها والزنا المصاحب لها. وهم تعلموا هذا فى بداياتهم فى مصر (حزقيال 20 : 7، 8). فحزقيال هو أول من كشف أن الشعب فى مصر تعلم العبادة الوثنية. عموماً فهذا يتضح أيضاً من سفر الخروج حيث صنعوا عجلاً ذهبياً ليعبدوه خر 32 : 4. فهم صنعوا فى البرية ما تعلموه فى مصر

تزغزغت ترائب عذرتهما = لشرح هذا نقول أنه حين يولد طفل، فإنه يولد بريئاً لا يعرف شيئاً عن الخطايا فلا يشتهيها، ولكن إذا علمه أحد هذه الخطايا فإنها تتلاعب بأحاسيسه العذراوية وتدنسها، ويكون أنه كلما يحاول أن ينسى ذكرى هذه الخطايا الأولى أن ذكراها تثير أحاسيسه بملذاتها الجسدية ثانية. وهذا ما تسميه الكنيسة فى صلاة الصلح للقداس الباسيلى "تذكار الشر الملبس الموت" ويكون عمل المسيح بعد ذلك تقديس النفس حتى تنال قوة لنسيان هذه الخطايا وإستعادة البساطة الطفولية، ومن يستعيد هذه الصورة يخلص أما من يستمر فى حالته التى شوهتها الخطية فهو لا يخلص، وهذا معنى قول السيد المسيح "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل هؤلاء الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات". فاليهود فى مصر إذاً كانوا كالأطفال الذين تعلموا الوثنية فلم تقتلع منهم، فهناك فى مصر تزغزغت ترائب عذرتهما = أى أثيرت شهواتهما العذراوية التى كانت غير دنسة من قبل

أهولة وأهوليبة = كلمتان مشتقان من الكلمة العبرية "أوهل" أى خيمة تشير للحياة المؤقتة على الأرض فهى إذن تشير لجسدنا "قارن مع 2كو 5 : 1" وسميت إسرائيل أهولة = أى خيمتها. فهى قد أقامت لها هيكل مستقل عن الله بعد إنفصالها عن يهوذا. أما يهوذا فسميت أهوليبة = أى خيمتى فيها، فالله هو الذى أمر ببناء هيكله فى أورشليم

وواضح أن الكلمات المستخدمة فى هذا الإصحاح قاسية فى تعبيرها عن الزنا ولكن هذه هى بشاعة الخطية، وكم تثير الخطية الله وتغيظه. فإلهنا غيور، وتصور حال رجل يكتشف أن زوجته التى يحبها تخونه مع كل من تراهم، ماذا يكون حال هذا الرجل، وكم تكون ثورته ؟ هذا هو لسان حال الله فى هذا الإصحاح، فهو يعبر عن حزنه من خيانة شعبه الذى فاض عليه ببركاته فتركه وذهب لآلهة أخرى... جرياً وراء شهواته.

ولقد إتضحت الشهوات المنحرفة لهذا الشعب فور خروجهم من أرض مصر حين صنعوا عجلاً ذهبياً لعبادته... ثم قاموا للعب خر 32 : 6. وبعد أن دخلوا أرض كنعان إستمروا فترة بدون عبادة وثنية، إلي أن إنفصلت المملكة أيام رحبعام. فبدأت أهولة أى السامرة ممارستها الخاطئة فوراً فهى بلا هيكل ولا كهنة. وهنا كان تذكار الشر الملبس الموت، حين رأت فى أشور وعبادتها ما ذكرها بشهواتها الأولى = وزنت أهولة من تحتى = أى خانتنى بمحبتها لشبان أشور وعباداتهم، وعقد معاهدات مع أشور فيها تقدم لآلهة أشور العبادة. من تحتي = فهم كانوا تحت رعاية الله وخاضعين لوصاياه متمتعين بمحبته . عشقت أشور الأبطال اللابسين... ولقد إنجذبوا لما هو جديد فيهم، ومازال حتى اليوم من أبناء الله من ينجذب للأفكار والتقاليع الجديدة البعيدة عن أفكار الكنيسة التى توارثتها عن الأباء الرسل والنتيجة أن سلمتها ليد عشاقها = فوقعت إسرائيل فى سبى أشور. وهكذا كل من يسلم نفسه لخطية ما تقضى عليه هذه الخطية. مثلاً ما هو معروف الآن، فمن يسلم نفسه للشذوذ الجنسى يقضى عليه مرض الإيدز، ومن يسلم نفسه للقلق والغضب تقضى عليه أمراض القلب....الخ

فدفعت لهم عُقرها = العقر هو أجر الزانية. فلقد سبق فى 16 : 34 أن الله يتعجب من تصرفهم، فهو يشبه إسرائيل بزانية ولكنها على عكس عادة الزوانى، هى تدفع أجراً لمن يزنى معها (بينما أن أى زانية تأخذ أجراً عن زناها). فعبادتها لآلهة أشور هو زنا، وهى تدفع لأشور لكى تحميها. وهنا يقول نفس الكلام أنها تدفع للشعوب الوثنية حولها أجراً. وهنا يسمى أموالهم عقرها = فهم فى حالة زنا، وأموالهم أموال زنا، يحصلون عليها من زنا وتذهب فى زنا (مى 1 : 7)، حصلوا على أموالهم بطريقة غير شريفة، وها هى تذهب لزانية أخرى هى أشور. هم كشفوا عورتها = أزالوا عنها زينتها وسبوا شبانها وفتياتها. فصارت عبرة للنساء = هذه صورة حية لطبيعة الخطية وفاعليتها، أنها مخادعة وجذابة يجرى وراءها الإنسان ظناً منه أنه يجد فيها شبعه الجسدى والنفسى، لكنها سرعان ما تحدره تحت قدميها وتفقده كرامته وتحرمه سلامه، كما أنها تضره جسدياً ونفسياً وروحياً، وتقوده للهلاك.

 

الآيات (11-21):-" 11«فَلَمَّا رَأَتْ أُخْتُهَا أُهُولِيبَةُ ذلِكَ أَفْسَدَتْ فِي عِشْقِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا، وَفِي زِنَاهَا أَكْثَرَ مِنْ زِنَا أُخْتِهَا. 12عَشِقَتْ بَنِي أَشُّورَ الْوُلاَةَ وَالشِّحَنَ الأَبْطَالَ اللاَّبِسِينَ أَفْخَرَ لِبَاسٍ، فُرْسَانًا رَاكِبِينَ الْخَيْلَ كُلُّهُمْ شُبَّانُ شَهْوَةٍ. 13فَرَأَيْتُ أَنَّهَا قَدْ تَنَجَّسَتْ، وَلِكِلْتَيْهِمَا طَرِيقٌ وَاحِدَةٌ. 14وَزَادَتْ زِنَاهَا. وَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَى رِجَال مُصَوَّرِينَ عَلَى الْحَائِطِ، صُوَرُ الْكَلْدَانِيِّينَ مُصَوَّرَةً بِمُغْرَةٍ، 15مُنَطَّقِينَ بِمَنَاطِقَ عَلَى أَحْقَائِهِمْ، عَمَائِمُهُمْ مَسْدُولَةٌ عَلَى رُؤُوسِهِمْ. كُلُّهُمْ فِي الْمَنْظَرِ رُؤَسَاءُ مَرْكَبَاتٍ شِبْهُ بَنِي بَابِلَ الْكَلْدَانِيِّينَ أَرْضُ مِيلاَدِهِمْ، 16عَشِقَتْهُمْ عِنْدَ لَمْحِ عَيْنَيْهَا إِيَّاهُمْ، وَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ رُسُلاً إِلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ. 17فَأَتَاهَا بَنُو بَابِلَ فِي مَضْجَعِ الْحُبِّ وَنَجَّسُوهَا بِزِنَاهُمْ، فَتَنَجَّسَتْ بِهِمْ، وجَفَتْهُمْ نَفْسُهَا. 18وَكَشَفَتْ زِنَاهَا وَكَشَفَتْ عَوْرَتَهَا، فَجَفَتْهَا نَفْسِي، كَمَا جَفَتْ نَفْسِي أُخْتَهَا. 19وَأَكْثَرَتْ زِنَاهَا بِذِكْرِهَا أَيَّامَ صِبَاهَا الَّتِي فِيهَا زَنَتْ بِأَرْضِ مِصْرَ. 20وَعَشِقَتْ مَعْشُوقِيهِمِ الَّذِينَ لَحْمُهُمْ كَلَحْمِ الْحَمِيرِ وَمَنِيُّهُمْ كَمَنِيِّ الْخَيْلِ. 21وَافْتَقَدْتِ رَذِيلَةَ صِبَاكِ بِزَغْزَغَةِ الْمِصْرِيِّينَ تَرَائِبَكِ لأَجْلِ ثَدْيِ صِبَاكِ."

كانت أهوليبة = يهوذا أفضل نسبياً من أختها، ولذلك فإن الله أعطاها فرصة أخرى أيام حزقيا، فلم تدمر أشور يهوذا بل حطم الله جيش أشور على أسوار أورشليم (يوم ال 185.000) لينقذ يهوذا وأورشليم. ولكن كانت أشور قد حطمت إسرائيل المملكة الشمالية. ولكن يهوذا عادت وفسدت أكثر من إسرائيل، بل أن حزقيا فتح قصره وفتح الهيكل للبابليين لإعجابه بهم وظنه أنهم سيكونون له الحليف القوى، وكان فتح الهيكل والقصر للبابليين بمثابة كشف عورة يهوذا لهم (آية 18) أما الشعب ففرح بملابسهم وفرسانهم وخيلهم، فهم فرحوا بكل ما هو غريب وأجنبى وإزدروا بتقاليدهم وبدينهم وإعتبروه حقيراً بجانب الممارسات المثيرة لهذه الشعوب.( إش 8 :5-8 ) بل هم عشقوا صور الكلدانيين، وفرحوا بأن يقيموا أحلافاً معهم. وربما أرسلوا يطلبون صوراً لهياكلهم وأصنامهم ليستخدموها فى عبادتهم. وكانت هذه الصور مصورة بمغرة = المغرة هى مسحوق أكسيد الحديد، ويوجد فى الطبيعة مختلطاً بالطفال، وقد يكون أصفراً أو أحمر بنياً ويستعمل فى أعمال الطلاء.

وجفتهم نفسها = هذه طبيعة عبودية الخطيئة والشيطان فحين نسلم أنفسنا لهم يستعبدوننا فنكرههم لقسوتهم، وللأسف يستمر الخطاة فى السعى وراء شهوتهم من أجل اللذة الجسدية مع أنهم يعلمون أن فى توبتهم الخلاص من العبودية التى هم فيها. (هذه مثل ما قال الشاعر داونى بالتى كانت هى الداء)وعوضاً عن أن تستنجد بإلهها، ذهبت يهوذا للمصريين أيام يكنيا وصدقيا فهى ذكرت أيام صباها التى فيها زنت بأرض مصر = كما لو كانوا يسترجعون متعتهم بنكهة البصل والكرات التى أكلها الشعب فى مصر، أو بالأحرى أوثان مصر فهم عشقوا معشوقيهم = أى إشتهوا من أحبوهم سابقاً أى المصريين وهم فى نظر الله لكبريائهم وغباوتهم فى وثنيتهم، وتعاملهم مع الشياطين فى ديانتهم كالخيل والحمير، فهى فى زناها كأنها إشتهت أن تزنى مع حيوانات وهذا شئ بالغ النجاسة. بل في زناها مع هؤلاء النجسين بوثنيتهم دخل فيها نفس النجاسة وكأنها تلقحت بمحبة العبادة الوثنية وهي الزنا الروحي و بما تشمله من زنا جسدي . فهى بهذا إفتقدت رذيلة صباها = أى تذكرت خطايا صباها من عبادة وثنية في مصر ، فإشتهت العودة للخطية مرة ثانية. (راجع أش 30 : 6، 7) . ولكل هذا يقول الله جفتها نفسي.

 

الآيات (22-35):-" 22«لأَجْلِ ذلِكَ يَا أُهُولِيبَةُ، هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْكِ عُشَّاقَكِ الَّذِينَ جَفَتْهُمْ نَفْسُكِ، وَآتِي بِهِمْ عَلَيْكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ: 23بَنِي بَابِلَ وَكُلَّ الْكَلْدَانِيِّينَ، فَقُودَ وَشُوعَ وَقُوعَ، وَمَعَهُمْ كُلُّ بَنِي أَشُّورَ، شُبَّانُ شَهْوَةٍ، وُلاَةٌ وَشِحَنٌ كُلُّهُمْ رُؤَسَاءُ مَرْكَبَاتٍ وَشُهَرَاءُ. كُلُّهُمْ رَاكِبُونَ الْخَيْلَ. 24فَيَأْتُونَ عَلَيْكِ بِأَسْلِحَةٍ مَرْكَبَاتٍ وَعَجَلاَتٍ، وَبِجَمَاعَةِ شُعُوبٍ يُقِيمُونَ عَلَيْكِ التُّرْسَ وَالْمِجَنَّ وَالْخُوذَةَ مِنْ حَوْلِكِ، وَأُسَلِّمُ لَهُمُ الْحُكْمَ فَيَحْكُمُونَ عَلَيْكِ بِأَحْكَامِهِمْ. 25وَأَجْعَلُ غَيْرَتِي عَلَيْكِ فَيُعَامِلُونَكِ بِالسَّخَطِ. يَقْطَعُونَ أَنْفَكِ وَأُذُنَيْكِ، وَبَقِيَّتُكِ تَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. يَأْخُذُونَ بَنِيكِ وَبَنَاتِكِ، وَتُؤْكَلُ بَقِيَّتُكِ بِالنَّارِ. 26وَيَنْزِعُونَ عَنْكِ ثِيَابَكِ، وَيَأْخُذُونَ أَدَوَاتِ زِينَتِكِ. 27وَأُبَطِّلُ رَذِيلَتَكِ عَنْكِ وَزِنَاكِ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، فَلاَ تَرْفَعِينَ عَيْنَيْكِ إِلَيْهِمْ وَلاَ تَذْكُرِينَ مِصْرَ بَعْدُ. 28لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُسَلِّمُكِ لِيَدِ الَّذِينَ أَبْغَضْتِهِمْ، لِيَدِ الَّذِينَ جَفَتْهُمْ نَفْسُكِ. 29فَيُعَامِلُونَكِ بِالْبُغْضَاءِ وَيَأْخُذُونَ كُلَّ تَعَبِكِ، وَيَتْرُكُونَكِ عُرْيَانَةً وَعَارِيَةً، فَتَنْكَشِفُ عَوْرَةُ زِنَاكِ وَرَذِيلَتُكِ وَزِنَاكِ. 30أَفْعَلُ بِكِ هذَا لأَنَّكِ زَنَيْتِ وَرَاءَ الأُمَمِ، لأَنَّكِ تَنَجَّسْتِ بِأَصْنَامِهِمْ. 31فِي طَرِيقِ أُخْتِكِ سَلَكْتِ فَأَدْفَعُ كَأْسَهَا لِيَدِكِ. 32هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنَّكِ تَشْرَبِينَ كَأْسَ أُخْتِكِ الْعَمِيقَةَ الْكَبِيرَةَ. تَكُونِينَ لِلضَّحِكِ وَلِلاسْتِهْزَاءِ. تَسَعُ كَثِيرًا. 33تَمْتَلِئِينَ سُكْرًا وَحُزْنًا، كَأْسَ التَّحَيُّرِ وَالْخَرَابِ، كَأْسَ أُخْتِكِ السَّامِرَةِ. 34فَتَشْرَبِينَهَا وَتَمْتَصِّينَهَا وَتَقْضَمِينَ شُقَفَهَا وَتَجْتَثِّينَ ثَدْيَيْكِ، لأَنِّي تَكَلَّمْتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 35لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ نَسِيتِنِي وَطَرَحْتِنِي وَرَاءَ ظَهْرِكِ، فَتَحْمِلِي أَيْضًا رَذِيلَتَكِ وَزِنَاكِ»."

من إشتهتهم سيكونون هم سبب خرابها. وسيخربها الكلدانيين أى البابليين المكون جيشهم من قبائل مختلفة فقود وشوع وقوع = وهى قبائل من شرق نهر دجلة. وبقايا جيش أشور الذى إنضم إلى بابل بعد خراب أشور بيد بابل. ويقطعون أنفك = أى ملكها الذى كان ينبغى أن يكون فى المقدمة له حاسة التمييز، فيدرك الطريق الآمن ويقود شعبه له لكنه ذهب للطريق الخطر بتحالفه مع مصر. أما لنا فثمر الخطية هو فقداننا روح التمييز الذى به ندرك الحق ونرفض الباطل. وأذنيك = هذا يشير لسبى الكهنة ومشيرى الملك الذين عوضاً عن أن يسمعوا صوت الله ويميزوا إرادته ويستمعوا لأنبيائه إستمعوا لشهوات قلوبهم. أما بقية أورشليم فتهلك بالسيف = إشارة لهلاك الشعب بسبب هذه التصرفات، وهذا يرمز لهلاك الجسد الذى يتدنس ويهلك بسبب حرماننا من نعمة التمييز وعدم سماعنا  لصوت الله. ويأخذون بنيك وبناتك = قد يأخذونهم سبايا أو يقدمونهم محرقات. وهذا يشير لتبديد المواهب والطاقات، فبدلاً أن تقدم لخدمة الله تستخدم لحساب الشيطان. وينزعون عنك ثيابك = الخطية الأولى سببت الإحساس بالعرى، والله من نعمته كسا البشر وستر عليهم، ولكن من يرتد عنه تذهب عنه نعمة الله فيعود للعرى والفضيحة ثانية، إذ حرم نفسه من ستر الله. ويأخذون أدوات زينتك = لقد جعلها الله جميلة وكساها ولكن كل شئ سيذهب للبابليين. وأبطل رذيلتك عنك = إذاً الله سمح بكل هذا ليبطل الرزيلة وليس للإنتقام. وهذا معنى لا تذكرين مصر بعد. وبعد هذه الضربات التى تشربها كما تشرب كأس تحير وخراب. تشربها كما شربت أختها كأسها تجتثين ثدييك = المقصود أنها ستتخلى عن كل ما كان يثيرها وتترك عبادة الأصنام تماماً.

ملحوظة :- خرابها جاء على يد من أحبتهم حباً خاطئاً، وهكذا الحب الخاطئ يتحول لكراهية شديدة (راجع قصة أمنون وثامار أولاد داود.) ولاحظ أن الله يسمح بهذا لعل الخاطئ يكره هذه الخطية ويتركها فيخلص بدلاً من أن يهلك.

 

الآيات (36-49):-" 36وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، أَتَحْكُمُ عَلَى أُهُولَةَ وَأُهُولِيبَةَ؟ بَلْ أَخْبِرْهُمَا بِرَجَاسَاتِهِمَا، 37لأَنَّهُمَا قَدْ زَنَتَا وَفِي أَيْدِيهِمَا دَمٌ، وَزَنَتَا بِأَصْنَامِهِمَا وَأَيْضًا أَجَازَتَا بَنِيهِمَا الَّذِينَ وَلَدَتَاهُمْ لِي النَّارَ أَكْلاً لَهَا. 38وَفَعَلَتَا أَيْضًا بِي هذَا: نَجَّسَتَا مَقْدِسِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَدَنَّسَتَا سُبُوتِي. 39وَلَمَّا ذَبَحَتَا بَنِيهِمَا لأَصْنَامِهِمَا، أَتَتَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ إِلَى مَقْدِسِي لِتُنَجِّسَاهُ. فَهُوَذَا هكَذَا فَعَلَتَا فِي وَسْطِ بَيْتِي. 40بَلْ أَرْسَلْتُمَا إِلَى رِجَال آتِينَ مِنْ بَعِيدٍ. الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ رَسُولٌ فَهُوَذَا جَاءُوا. هُمُ الَّذِينَ لأَجْلِهِمِ اسْتَحْمَمْتِ وَكَحَّلْتِ عَيْنَيْكِ وَتَحَلَّيْتِ بِالْحُلِيِّ، 41وَجَلَسْتِ عَلَى سَرِيرٍ فَاخِرٍ أَمَامَهُ مَائِدَةٌ مُنَضَّضَةٌ، وَوَضَعْتِ عَلَيْهَا بَخُورِي وَزَيْتِي. 42وَصَوْتُ جُمْهُورٍ مُتَرَفِّهِينَ مَعَهَا، مَعَ أُنَاسٍ مِنْ رَعَاعِ الْخَلْقِ. أُتِيَ بِسَكَارَى مِنَ الْبَرِّيَّةِ، الَّذِينَ جَعَلُوا أَسْوِرَةً عَلَى أَيْدِيهِمَا وَتَاجَ جَمَال عَلَى رُؤُوسِهِمَا. 43فَقُلْتُ عَنِ الْبَالِيَةِ فِي الزِّنَا: آلآنَ يَزْنُونَ زِنًا مَعَهَا وَهِيَ. 44فَدَخَلُوا عَلَيْهَا كَمَا يُدْخَلُ عَلَى امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ. هكَذَا دَخَلُوا عَلَى أُهُولَةَ وَعَلَى أُهُولِيبَةَ الْمَرْأَتَيْنِ الزَّانِيَتَيْنِ. 45وَالرِّجَالُ الصِّدِّيقُونَ هُمْ يَحْكُمُونَ عَلَيْهِمَا حُكْمَ زَانِيَةٍ وَحُكْمَ سَفَّاكَةِ الدَّمِ، لأَنَّهُمَا زَانِيَتَانِ وَفِي أَيْدِيهِمَا دَمٌ. 46لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أُصْعِدُ عَلَيْهِمَا جَمَاعَةً وَأُسَلِّمُهُمَا لِلْجَوْرِ وَالنَّهْبِ. 47وَتَرْجُمُهُمَا الْجَمَاعَةُ بِالْحِجَارَةِ، وَيُقَطِّعُونَهُمَا بِسُيُوفِهِمْ، وَيَذْبَحُونَ أَبْنَاءَهُمَا وَبَنَاتِهِمَا، وَيُحْرِقُونَ بُيُوتَهُمَا بِالنَّارِ. 48فَأُبَطِّلُ الرَّذِيلَةَ مِنَ الأَرْضِ، فَتَتَأَدَّبُ جَمِيعُ النِّسَاءِ وَلاَ يَفْعَلْنَ مِثْلَ رَذِيلَتِكُمَا. 49وَيَرُدُّونَ عَلَيْكُمَا رَذِيلَتَكُمَا، فَتَحْمِلاَنِ خَطَايَا أَصْنَامِكُمَا، وَتَعْلَمَانِ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ». "

هذا حديث ختامى للأختين يوجهه الرب لهما يكشف فيه شرهما وبشاعته بعبادتهم للأصنام وتقديم أولادهم ذبائح لهم. ولنلاحظ أن الله يعتبر أن الأولاد هم له ولدتاهم لى = فالأباء ينجبون الأولاد ويربونهم لحساب الله، فهم لله وليس لأبائهم. وهم تجملوا وأرسلوا لرجال آتين من بعيد = ليرتكبوا معهم الشر ويعبدوا أوثانهم ويقدموا لهم زيت وبخور الله = لاحظ أن الله يعتبر أن كل ما فى أيدينا (زيت وبخور... الخ) هو له فهو الذى أعطاه. الله أعطانا الكثير لنمجده به فماذا نفعل بما أعطاه لنا الله ؟ هو الذى يعطى كل شئ، وله كل شئ. هذه الصورة تثبت أنهم لم يسقطوا عفواً ولا نتيجة غواية من الآخرين بل دبرتا خطة الشر بنفسيهما وإستخدمتا حتى المقدسات الإلهية (الزيت والبخور) لتدفع الغير لإرتكاب الشر معها. ويا للعار لقد قبلتا من الغرباء إسورة على أيديهما وتاج جمال على رؤوسهما عوض مواهب الله وأكاليله الأبدية فهم قدموا مواهبهم وقدراتهم (أيديهم) للشر. لذلك إستحقوا التأديب الإلهى. ونلاحظ أن الحديث هنا هو للأختين معاً، فبعد سبى أشور لإسرائيل وخراب المملكة الكبرى ذهب الكثير من شعب إسرائيل ليهوذا وعاشوا هناك. وكلمة الله للنبى أتحكم على أهولة وأهوليبة = أى لا تحاول أن تجد لهما أعذاراً بل إصدر عليهما أحكاماً. ولاحظ أيضاً بشاعة خطيتهم فى تقديم أولادهم للنار فهم أحبوا الأوثان أكثر من أولادهم. ولاحظ أيضاً أن الله إعتبر المعاهدات مع البابليين زنا = وجلست على سرير فاخر. فهم تجملوا جداً أمامهم كما تتجمل زانية أمام عاشقيها. بل هم تمادوا حتى يثبتوا للبابليين تسامحهم الدينى بأن قدموا زيتاً وبخوراً لآلهة البابليين، كان يجب أن يقدم لله. وكان هناك فرح كبير من الشعب بهذه المعاهدات كما لو كانت بركة لهم = فكان صوت جمهور مترفهين معاً = فهم أحسوا بالأمان فى المعاهدات. وأتوا بالرعاع والسكارى من البرية = ليفرحوا معهم، والسكارى من البرية هم غالباً شعوب عمون والعرب وآدوم وموآب. مترفهين = مبتهجين، وبلا هَمْ

وفى آية 43 :- الآن يزنون زنا معها وهى = المقصود وهى معهم حسب الترجمة الإنجليزية. وربما تركت الكلمة فى الأصل العبرى دون أن تكتب وذلك كنوع من إظهار التعجب كيف يسقط شعب الله فى خطية كهذه. وفى آية 45 :- رجال صديقون = البقية التى تعرف الرب فى أورشليم وهؤلاء يشجبون سياسة ملوكهم.