الإصحاح الثاني

 

الآيات (1-3):- "1هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ مُوآبَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ أَحْرَقُوا عِظَامَ مَلِكِ أَدُومَ كِلْسًا. 2فَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى مُوآبَ فَتَأْكُلُ قُصُورَ قَرْيُوتَ، وَيَمُوتُ مُوآبُ بِضَجِيجٍ، بِجَلَبَةٍ، بِصَوْتِ الْبُوقِ. 3وَأَقْطَعُ الْقَاضِيَ مِنْ وَسَطِهَا، وَأَقْتُلُ جَمِيعَ رُؤَسَائِهَا مَعَهُ، قَالَ الرَّبُّ»."

مُوآبَ      (نسل لوط) من الابنة الكبرى.

كانت حروب موآب كثيرة مع إسرائيل.  والخطية التي يدينهم عليها الله هنا هي أنهم أحرقوا عِظَامَ مَلِكِ أَدُومَ كِلْسًا = وهذا يعني أنه أخرجوا عظام ملك أدوم بعد أن نبشوا قبره وأحرقوها لتصير كلساً أي جير كانتقام منه بسبب حروب موآب مع أدوم. ومع أن ملك أدوم هو ملك وثني إلاّ أن الله يرفض هذا العمل الوحشي البربري، وهذه الخطية ضد أي شخص سواء من شعبه أو من أي مكان، فالله ملك على الأرض كلها، سواء من يؤمنوا به أو من لا يؤمنوا به. والتعدي على عظام ميت هو انتهاك للحرمات وتدنيس للمقدسات. قَرْيُوتَ = يبدو أنها مدينة مهمة، أو تكون كلمة قريوت تعني جمع قرية ويكون المقصود كل مدن موآب، حيث لم تذكر مدينة باسم قريوت في سفر إشعياء إصحاحي 15،16. وَيَمُوتُ مُوآبُ بِضَجِيجٍ = أي يقطع موآب بسيف الحرب وَأَقْطَعُ الْقَاضِيَ = قد يكون القاضي أو الرئيس الذي حكم هذا الحكم القاسي بحرق عظام ملك أدوم. فيعرف الجميع أن هناك قاضي وملك فوق جميع الملوك وكان دمار موآب على يد بابل.

 

الآيات (4-5):- "4هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ يَهُوذَا الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ رَفَضُوا نَامُوسَ اللهِ وَلَمْ يَحْفَظُوا فَرَائِضَهُ، وَأَضَلَّتْهُمْ أَكَاذِيبُهُمُ الَّتِي سَارَ آبَاؤُهُمْ وَرَاءَهَا. 5فَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى يَهُوذَا فَتَأْكُلُ قُصُورَ أُورُشَلِيمَ»."

يَهُوذَا            مملكة الجنوب

كل الأمم السابقة كانت خطاياهم موجهة للبشر، أما هنا مع يهوذا فنسمع أن خطاياهم موجهة لله فهم شعبه. خطية يهوذا أنهم احتقروا ورفضوا ناموس الله. هؤلاء كان من المفروض أن يعلنوا إيمانهم بالله بطاعتهم للوصية، ولكنهم عوضاً عن ذلك خالفوها وتبعوا الأوثان = وَأَضَلَّتْهُمْ أَكَاذِيبُهُمُ أي أوثانهم الكاذبة. والناموس الذي خالفوه هو الناموس الأدبي والروحي فهم ظلموا الفقراء وسلكوا بالطمع والزنى والسكر. ومن كان لهم ناموس الله فدينونتهم أعظم من الباقين.

 

الآيات (6-8):- "6هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ إِسْرَائِيلَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ بَاعُوا الْبَارَّ بِالْفِضَّةِ، وَالْبَائِسَ لأَجْلِ نَعْلَيْنِ. 7الَّذِينَ يَتَهَمَّمُونَ تُرَابَ الأَرْضِ عَلَى رُؤُوسِ الْمَسَاكِينِ، وَيَصُدُّونَ سَبِيلَ الْبَائِسِينَ، وَيَذْهَبُ رَجُلٌ وَأَبُوهُ إِلَى صَبِيَّةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُدَنِّسُوا اسْمَ قُدْسِي. 8وَيَتَمَدَّدُونَ عَلَى ثِيَابٍ مَرْهُونَةٍ بِجَانِبِ كُلِّ مَذْبَحٍ، وَيَشْرَبُونَ خَمْرَ الْمُغَرَّمِينَ فِي بَيْتِ آلِهَتِهِمْ. "

إِسْرَائِيلَ        (مملكة الشمال) "وإسرائيل هي هدف النبوة الأساسي لعاموس".

في هذه الآيات يكشف لهم الله الظلم الذي يمارسونه فهم بَاعُوا الْبَارَّ بِالْفِضَّةِ = أي أن القضاة باعوا الشخص البرئ بعد أن ارتشوا ظلماً من خصمه الظالم. وهم في بعض الأحيان باعوا هذا البرئ بشئ زهيد كنَعْلَيْنِ. ولكن هذه الآية هي نبوة عن المسيح البار الذي بيع بثلاثين من الفضة حسب ما تنبأ أيضاً زكريا النبي (12:11،13) وهذه هي خطيتنا حتى الآن أننا نبيع المسيح بمحبتنا للعالميات. وماذا يعني بقوله وَالْبَائِسَ لأَجْلِ نَعْلَيْنِ = قال الله لموسى أن يخلع نعليه لكي يدخل للمقدسات الإلهية، والمقصود أن لا يسلك كإنسان أرضي مرتبط بالعالم حتى يتمكن من أن يرتفع إلى الإلهيات، فمن يرتبط بالأرضيات (كأنه يلبس نعلين ويتلامس مع طين الأرض) يبيع المسيح (الذي قال أنه أخو البائس والمحتاج). وهم يَتَهَمَّمُونَ تُرَابَ الأَرْضِ عَلَى رُؤُوسِ الْمَسَاكِينِ = وفي ترجمة أخرى يطأون راس المسكين حتى تراب الأرض فهم ليس فقط لا يرحمونهم بل يدوسونهم. ولكن ليذكر كل ظالم أن المساكين هم أخوة الرب. وهم يَصُدُّونَ سَبِيلَ الْبَائِسِينَ = يغلقون سبيل الخلاص أمامه حتى لا يُسمع صوته إذا اشتكى إلى القضاة. ثم نأتي لأبشع صور الرجاسات وهي أن وَيَذْهَبُ رَجُلٌ وَأَبُوهُ إِلَى صَبِيَّةٍ وَاحِدَةٍ = (ربما في هذا إشارة لممارسة الزنا في هياكل الأوثان) عموماً مثل هذا العمل يدنس أسم الله القدوس. وفي ظلمهم يَتَمَدَّدُونَ عَلَى ثِيَابٍ مَرْهُونَةٍ بِجَانِبِ كُلِّ مَذْبَحٍ وثني من مذابحهم فهم لم يذهبوا فقط لهذه المذابح بل ناموا هناك على ثياب الفقراء الذين رهنوا ثيابهم. وَيَشْرَبُونَ خَمْرَ الْمُغَرَّمِينَ = هم أقاموا ولائمهم الماجنة التي فيها شربوا الخمر من الغرامات التي فرضوها على المساكين غير القادرين على الدفع.

 

الآيات (9-12):- "9«وَأَنَا قَدْ أَبَدْتُ مِنْ أَمَامِهِمِ الأَمُورِيَّ الَّذِي قَامَتُهُ مِثْلُ قَامَةِ الأَرْزِ، وَهُوَ قَوِيٌّ كَالْبَلُّوطِ. أَبَدْتُ ثَمَرَهُ مِنْ فَوْقُ، وَأُصُولَهُ مِنْ تَحْتُ. 10وَأَنَا أَصْعَدْتُكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وَسِرْتُ بِكُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً لِتَرِثُوا أَرْضَ الأَمُورِيِّ. 11وَأَقَمْتُ مِنْ بَنِيكُمْ أَنْبِيَاءَ، وَمِنْ فِتْيَانِكُمْ نَذِيرِينَ. أَلَيْسَ هكَذَا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ 12لكِنَّكُمْ سَقَيْتُمُ النَّذِيرِينَ خَمْرًا، وَأَوْصَيْتُمُ الأَنْبِيَاءَ قَائِلِينَ: لاَ تَتَنَبَّأُو. "

وفيها يظهر الله أنهم قابلوا إحساناته بالجحود:- وهي قصة الإنسان في كل جيل. فالله يفيض من إحساناته علينا، ونحن لا نقابل هذا إلاّ بالجحود. الأَمُورِيَّ = سكن الأموريون أورشليم وحبرون وجبعون وباشان. وكانوا طوال القَامَةِ الأَرْزِ. وأقوياء كَالْبَلُّوطِ لكن الله أبادهم من أمام شعبه وأباد الله.. وَأُصُولَهُ مِنْ تَحْتُ = أي أبادهم تماماً ومن علامات حب الله لهم إقامتهم كأمة مكان الأموريين الأقوياء، والله أقام لهم أنبياء في وسطهم، وأقام منهم مكرسين له، ولكنهم أفسدوا النذيرين وأغووهم أن يشربوا الخمر، فيقفوا أمام الله وهم فاقدين وعيهم وبلا وقار. وهم منعوا الأنبياء من أن يتكلموا بكلمة الله، وذلك بالتهديد والوعيد والإرهاب، حتى لا يزعجوا بنبواتهم ضمائرهم المخدرة. ولكي نطبق هذه الآيات علينا. فقد حطَّم الله إبليس (الأموري) أمامنا، وهو في قوته (كالبلوط) وهو متكبر (كالأرز) والله أصعدنا من (أرض مصر) أرض العبودية لنرث الأرض التي ملكها الأموري زماناً. وصرنا ملوكاً وكهنة للرب. فيا ليتنا لا نشرب ونفرح بخمر هذا العالم فنتوقف عن روح النبوة والشهادة للرب. والله يملأنا من نعمته لنشهد له حين نكون نذيرين أي مكرسين لله ورافضين لخمر (أفراح) هذا العالم التي يغوينا الشيطان أن نشرب منها.

 

الآيات (13-16):- "13« هأَنَذَا أَضْغَطُ مَا تَحْتَكُمْ كَمَا تَضْغَطُ الْعَجَلَةُ الْمَلآنَةُ حِزَمًا. 14وَيَبِيدُ الْمَنَاصُ عَنِ السَّرِيعِ، وَالْقَوِيُّ لاَ يُشَدِّدُ قُوَّتَهُ، وَالْبَطَلُ لاَ يُنَجِّي نَفْسَهُ، 15وَمَاسِكُ الْقَوْسِ لاَ يَثْبُتُ، وَسَرِيعُ الرِّجْلَيْنِ لاَ يَنْجُو، وَرَاكِبُ الْخَيْلِ لاَ يُنَجِّي نَفْسَهُ. 16وَالْقَوِيُّ الْقَلْبِ بَيْنَ الأَبْطَالِ يَهْرُبُ عُرْيَانًا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ»."

هنا صورة للتأديب الذي سيشمل الجميع : هأَنَذَا أَضْغَطُ مَا تَحْتَكُمْ  = وفي ترجمة أخرى "هاأنذا أضغطكم في مواضعكم" كَمَا تَضْغَطُ الْعَجَلَةُ (العربة) الْمَلآنَةُ حِزَمًا = أي أن خطاياها سوف تتكدس فوقهم،  ويتكدس أيضاً فوقهم قصاصات خطاياهم حتى ينضغطوا، كما تنضغط الحزم التي في العربة من كثرة الحزم الموضوعة فوقها. ولن يمكنهم الهرب من هذه القصاصات = وَيَبِيدُ الْمَنَاصُ (المفر) عَنِ السَّرِيعِ.   فإنه لا السرعة ولا القوة تنجي في ذلك اليوم، فالله هو الذي يحارب. وَالْبَطَلُ الذي عادة ما يدافع عن غيره لن يستطيع حتى أن يدافع عن نفسه. لن ينفعنا في هذا اليوم سوى المسيح برنا الذي يستر عرينا فلا نهرب في ذلك اليوم عرايا، وهو قوتنا وقوسنا وشفيعنا. نلبسه ونحتمي فيه، نمسك بصليبه كسر قوتنا.