الإصحاح السابع

 

الآيات (1-4):- "1 وفي السنة المئة والحادية والخمسين خرج ديمتريوس بن سلوقس من رومية وصعد في نفر يسير إلى مدينة بالساحل وملك هناك. 2 ولما دخل دار ملك آبائه قبضت الجيوش على انطيوكس وليسياس لتأتيه بهما. 3 فلما علم بذلك قال لا تروني أوجههما. 4 فقتلتهما الجيوش وجلس ديمتريوس على عرش ملكه. "

بعد أن تخلص ليسياس وأنطيوخس من فيلبس، لم يكادا يهدءان حتى وصل ديمتريوس الوريث الشرعي للعرش، وهذا كان أسيراً في روما لكنه إستطاع الهرب. وكان بصحبته 16رجلاً فقط وتعاطف معه كثيرين كوريث شرعي بالإضافة لإستياء الناس من ليسياس وأوباطور. وكان ديمتريوس قد خدع الناس بأن روما عينته ملكاً بدلاً من أوباطور. وكان في هذا الوقت أن روما لم تعينه ملكاً إلا أنهم بعد ذلك إضطروا للموافقة على ذلك. وذهب ديمتريوس أولاً إلى طرابلس بلبنان وكوش جيشاً قوياً من المتعاطفين معه وذهب بهذا الجيش إلى إنطاكية حيث قتل ليسياس وأوباطور وملك مكان أوباطور.

لا تروني وجهيهما= لئلا يرق قلبه لهما إذ أن أوباطور الصبي هو إبن أخيه.

مدينة بالساحل= هي طرابلس بلبنان. نفر يسير= 16رجلاً.

 

الآيات (5-7):- 5 فاتاه جميع رجال النفاق والكفر من إسرائيل وفي مقدمتهم الكيمس وهو يطمع أن يصير كاهنا اعظم. 6 ووشوا على الشعب عند الملك قائلين أن يهوذا واخوته قد اهلكوا أصحابك وطردونا عن أرضنا. 7 فالآن أرسل رجلا تثق به يذهب ويفحص عن جميع ما أنزله بنا وببلاد الملك من الدمار ويعاقبهم مع جميع أعوانهم. "

مرة أخرى نرى خيانة ووشاية حزب اليونانيين من اليهود ضد المكابيين وضد شعبهم. الكيمس= هو بالعبرية الياقيم وهو من نسل هرون، ولكنه لم يكن من عشيرة رؤساء الكهنة. وهذا قد عينه ليسياس وأوباطور رئيساً للكهنة بعد مقتل منلاوس، وقد زكاه لهذا المنصب ميله للحضارة اليونانية ومناهضته للمكابيين. ولأن المكابيين لم يوافقوا عليه ذهب للملك الجديد يطلب تأكيد تعيينه منه. ويقول يوسيفوس أن الشعب لم يقبله بعد أن سجد للتماثيل الوثنية. وتعاطف معه الحسيديون (التقاة) أولاً لأنه من نسل هرون إذ ظنوا أنه يعمل لخيرهم، غير أنه خذلهم وأعان بكيديس اليوناني على أن يستولى على أورشليم. ولكن يهوذا إنتقم منه ومن أتباعه. وعاد لإثارة حفيظة ديمتريوس ضد شعبه فأرسل ديمتريوس نكانور الذي توصل إلى معاهدة صلح مع يهوذا، وهذا جعل ألكيمس يوقع بين يهوذا ونكانور.

وعاد ديمتريوس وأرسل بكيديس وألكيمس على رأس جيش جرار فإستوليا على أورشليم وقُتل يهوذا في بئروت سنة 160ق.م. وبعدها بدأ ألكيمس في الإنتقام من اليهود وشرع في هدم الحائط الذي يفصل بين اليهود والأمم داخل الهيكل فطرده سمعان المكابي من أورشليم. وعاد الملك فأرسل جيشاً بقيادة نكانور وألكيمس حيث هُزِم الجيش وقُتِل نكانور وبقى ألكيمس مع قوة كبيرة في أورشليم وواصل أعمال التدمير فعاقبه الله بالشلل وعقد لسانه ومات شر ميتة مما شكك بكيديس في الأمر فرجع عن اليهودية وعاشت اليهودية سنتان في سلام أيام يوناثان المكابي.

 

الآيات (8-24):- "8 فاختار الملك بكيديس أحد أصحاب الملك أمير عبر النهر وكان عظيما في المملكة وأمينا للملك وأرسله. 9 هو والكيمس الكافر وقد قلده الكهنوت وآمره أن ينتقم من بني إسرائيل. 10 فسارا وقدما ارض يهوذا في جيش كثيف وانفذا رسلا إلى يهوذا واخوته يخاطبونهم بالسلام مكرا. 11 فلم يلتفتوا إلى كلامهما لأنهم رأوهما قادمين في جيش كثيف. 12 واجتمعت إلى الكيمس وبكيديس جماعة الكتبة يسألون حقوقا. 13 ووافى الحسيديون وهم المقدمون في بني إسرائيل يسألونهما السلم. 14 لأنهم قالوا أن مع جيوشه كاهنا من نسل هرون فلا يظلمنا. 15 فخاطبهم خطاب سلام وحلف لهم قائلا أنا لا نريد بكم ولا بأصحابكم سوءا. 16 فصدقوه فقبض على ستين رجلا منهم وقتلهم في يوم واحد كما هو مكتوب. 17 جعلوا لحوم أصفيائك وسفكوا دماءهم حول أورشليم ولم يكن لهم من دافن. 18 فوقع خوفهم ورعبهم على جميع الشعب لأنهم قالوا ليس فيهم شيء من الحق والعدل إذ نكثوا العهد والحلف الذي حلفوه. 19 وارتحل بكيديس عن أورشليم ونزل ببيت زيت وأرسل وقبض على كثيرين من الذين كانوا قد خذلوه وعلى بعض من الشعب وذبحهم على الجب العظيم. 20 ثم سلم البلاد إلى ألكيمس وأبقى معه جيشا يؤازره وانصرف بكيديس إلى الملك. 21 وكان ألكيمس يجهد في تولى الكهنوت الأعظم. 22 واجتمع إليه جميع المفسدين في الشعب واستولوا على ارض يهوذا وضربوا إسرائيل ضربة عظيمة. 23 ورأى يهوذا جميع الشر الذي صنعه ألكيمس ومن معه في بني إسرائيل وكان فوق ما صنعت الأمم. 24 فخرج إلى جميع حدود اليهودية مما حولها وانزل نقمته بالقوم الذين خذلوه فكفوا عن مهاجمة البلاد. "

بكيديس أحد أصحاب الملك= هو لقب مثل لقب "محب لقيصر" الروماني. الكيمس الكافر= لإتجهاته اليونانية. الكتبة= هم ليسوا فقط ناسخين للتوراة بل مفسرين وشراح لاهوتيين ودارسين. وقد أطلق عليهم بعد ذلك حاخام من حاكام أي حكيم. وهؤلاء إنضموا لألكيمس ظناً منهم أنه سيأتي لهم بحقوق كثيرة.

الحسيديين= بدأوا أولاً بالإنضمام إلى يهوذا المكابي حتى تطهير الهيكل لكنهم تخلوا عنه إذ صار للمكابيين رغبة في الإتساع وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، مما سبب سفك دماء كثيرة وصراع لا ينتهي مع اليونايين (السلوكيين). فإنضم الكتبة والحسيديين لألكيمس ظناً منهم أن هذا سيكون حقناً للدماء، والتصالح مع السلوكيين، لأنهم رأوا التوافق بين ألكيمس وبكيديس. لكن يهوذا لم يطمئن لهم إذ رأي معهم جيشاً كثيفاً فشك فيهما. والنبوة المشار إليها تجد معانيها في (صف1:1-3:2) ولذا فعليهم أن يسعوا للعدل والإتضاع من أجل الحماية في يوم الغضب. ولكن خطأ الكتبة والحسيديين أنهم وضعوا أيديهم مع اليونانيين وألكيمس المعين من الملك بالخداع تاركين يهوذا الأمين الذي حارب حروب الرب. وما حدث أن قتل 60رجلاً منهم بل وكثيرين بعد ذلك وجعل من الجب العظيم مقبرة جماعية. والجب هو بئر كبير. وكان ذلك عقاباً لخيانتهم ليهوذا الأمين لشعبه.

بيت زيت قريبة من أورشليم. وواضح أن يهوذا المكابي توارى قليلاً حتى تهدأ العاصفة وواضح أن ألكيمس كان رئيساً للكهنة ورئيساً مدنياً معيناً من قبل الملك.

وخاف يهوذا أنه بسبب هذه الأحداث ينفض من حوله شعبه فضرب المرتدين الذين بدأوا يجاملون ألكيمس ويضربوا البلاد.

 

الآيات (25-32):- "25 فلما رأى الكيمس أن قد تقوى يهوذا ومن معه وعلم انه لا يستطيع الثبات أمامهم رجع إلى الملك ووشى عليهم بجرائم. 26 فأرسل الملك نكانور أحد رؤسائه المشهورين وكان عدوا مبغضا لإسرائيل وأمره بإبادة الشعب. 27 فوفد نكانور على أورشليم في جيش كثير وأرسل إلى يهوذا واخوته يخاطبهم بالسلام مكرا. 28 قائلا لا يكن قتال بيني وبينكم فأنني قادم في نفر قليل لأواجهكم بسلام. 29 وجاء إلى يهوذا وحيا بعضهما بعضا تحية السلم وكان الأعداء مستعدين لاختطاف يهوذا. 30 وعلم يهوذا أن مواجهته كانت مكرا فأجفل منه وأبى أن يعود إلى مواجهته. 31 فلما رأى نكانور أن مشورته قد كشفت خرج لملاقاة يهوذا بالقتال عند كفر سلامة. 32 فسقط من جيش نكانور نحو خمسة آلاف رجل وفر الباقون إلى مدينة داود. "

ألكيمس يشعر أن كرسيه مهتز بسبب يهوذا فيستعدى الملك ضد شعبه. وجاء نكانور بخدعة ليهوذا. لكن الله الذي يعطي حكمة لعبيده جعلت يهوذا يكتشف خداع نكانور، وهزمه عند كفر سلامة بجوار يافا.

 

الآيات (33-38):- "33 وبعد هذه الأمور صعد نكانور إلى جبل صهيون فخرج بعض الكهنة من المقادس وبعض شيوخ الشعب يحيونه تحية السلم ويرونه المحرقات المقربة عن الملك. 34فاستهزأ بهم وسخر منهم وتقذرهم وكلمهم بتجبر. 35 واقسم بغضب قائلا ان لم يسلم يهوذا وجيشه إلى يدي اليوم فسيكون متى عدت بسلام أني احرق هذا البيت وخرج بحنق شديد. 36 فدخل الكهنة ووقفوا أمام المذبح والهيكل وبكوا وقالوا. 37 انك يا رب قد اخترت هذا البيت ليدعى فيه باسمك ويكون بيت صلاة وتضرع لشعبك. 38 فانزل النقمة بهذا الرجل وجيشه وليسقطوا بالسيف واذكر تجاديفهم ولا تبق عليهم. "

عاد الكيمس ليوقع بين الملك ويهوذا، فجاء نكانور بغيظ شديد ليقتل يهوذا ومن معه، وشعر الكهنة بالخطورة، فجاءوا به إلى الهيكل ليروه أنهم يقدمون الذبائح ويصلون للملك فإحتقرهم. فصلى الكهنة لله حتى ينهزم هذا المتعجرف الذي أهان وجدف على الله.

 

الآيات (39-50):- "39 ثم خرج نكانور من أورشليم ونزل ببيت حورون فانحاز إليه جيش سورية. 40ونزل يهوذا باداسة في ثلاثة آلاف رجل وصلى يهوذا وقال. 41 انه لما جدف الذين كانوا مع ملك أشور خرج ملاكك يا رب وضرب مئة ألف وخمسة وثمانين ألفا منهم. 42 هكذا فأحطم هذا الجيش أمامنا اليوم فيعلم الباقون انهم تكلموا على اقداسك سوءا واقض عليه بحسب خبثه. 43 ثم الحم الجيشان القتال في اليوم الثالث عشر من شهر آذار فانكسر جيش نكانور وكان هو أول من سقط في القتال. 44 فلما رأى جيش نكانور انه قد سقط القوا أسلحتهم وهربوا. 45 فتعقبوهم مسيرة يوم من اداسة إلى مدخل جازر ونفخوا وراءهم في أبواق الإشارة. 46 فخرج الناس من جميع قرى اليهودية من كل جانب وصدموهم فارتدوا إلى جهة الذين يتعقبونهم فسقطوا جميعهم بالسيف ولم يبق منهم أحد. 47 فاخذوا الغنائم والأسلاب وقطعوا راس نكانور ويمينه التي مدها بتجبر وأتوا بهما وعلقوهما قبالة أورشليم. 48 ففرح الشعب جدا وقضوا ذلك النهار بمسرة عظيمة. 49 ورسموا أن يعيد ذلك اليوم الثالث عشر من آذار كل سنة. 50 وهدأت ارض يهوذا أياما يسيرة .

هنا نرى يهوذا يحارب نكانور ويهزمه لكن قبل الحرب يصلي فينصره الله. وإستمر الإحتفال بيوم هزيمة نكانور هذا قروناً عديدة عند اليهود.