(ليتك أصغيت لوصاياي، لكان سلامك كنهر وبرك كلجج البحر.. لاسلام، قال إلهي للأشرار"(أش48-18"

   في مساء أحد القيامة اجتمع التلاميذ معاً وأغلقوا الأبواب عليهم من الداخل خوفاً من اليهود الذين صلبوا المخلص الحبيب والمعلم، وفجأة جاء يسوع وسطهم، وقال لهم:"سلام لكم!" ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه، ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب.. فقال لهم يسوع أيضاً:\"سلام لكم! كما أرسلني ألآب أرسلكم أنا".. ولما قال هذا نفخ وقال لهم:"اقبلوا الروح القدس.. من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت".

    يشبه العالم في اضطرابه ببحر ويشبه الأشرار بأمواج هائجة لأتعرف الهدوء أو الاستقرار، والعالم يفتقد السلام على الدوام ولن ينعم به أبداً، لأن طبيعته الشريرة تسبب الخصام والانقسام والصراع والدمار.. فمن أين يأتي السلام للعالم المضطرب! أما السماء فتمتلئ بالسلام.. وعندما تجسد رب المجد يسوع وهب أبناء البشر سلاماً، وهذا ما أعلنته الملائكة للرعاة الذين رأوا جمهوراً من الجند السماوي مسبحين الله قائلين:"المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة!!"

    وصف أشعياء النبي المسيح في نبوءاته بألقاب عديدة تظهر إلوهيته وقد كان أحد هذه النبوءات:"رئيس السلام الذي لنمو رياسته وللسلام (الذي يعطيه) لانهاية".. وقد اقتبست الكنيسة لقب "ملك السلام" من هذه النبوءة لتنادي به الرب في صلواتها؛ فالأب الكاهن يختتم الصلاة في الكنيسة طالباً سلام الرب لشعبه قائلاً:"يا ملك السلام أعطنا سلامك.. قرر لنا سلامك".. ومادام المسيح هو ملك السلام إذاً فهو مانح السلام، وحيثما يحل المسيح في مكان ما، يحل السلام في القلوب ويتبدد الخوف والاضطراب.. وسفر أعمال آبائنا الرسل يشهد كيف كان آباؤنا الرسل يتمتعون بالسلام لحضور الرب في حياتهم على الدوام.. فالقديس بطرس الرسول كان ينام في سلام نوماً عميقاً وهو مكبل بالقيود في السجن، ويتناوب على حراسته أربعة من الجنود على الرغم من أن هيرودس كان ينوي أن يسلمه للقتل.. وفي اليوم التالي، وبولس وسيلا الرسولان كانا يسبحان الرب هما والمسجونون معهما بعدما جلدا وألقيا في السجن، ولما حدثت زلزلة وانفكت قيود الجميع ظل الجميع في أماكنهم حتي أتى حارس السجن الذي اندهش وآمن في الحال...

    لقد سبق الرب يسوع قبل صعوده للسماء وترك لتلاميذه أعظم عطية وهي سلامه الذي لا يمكن أن يعطيه لهم العالم.. وكما أعطى الرب يسوع كنيسته السلام من خلال تلاميذه ورسله الأطهار  ومن يخلفهم؛ أمرهم  أن يمنحوا السلام لكل بيت يدخلونه:"وإن كان هناك ابن السلام يحل عليه السلام وإن لم يكن يرجع سلامكم إليكم".. وتحرص الكنيسة أثناء صلاة القداس الإلهي على منح السلام لشعبها على فم الأب الكاهن الذي يهب سلام المسيح مراراً لشعبه قائلاً:"السلام لجميعكم"...

أخي.. أختي:

    احرص على حضور الرب في حياتك على الدوام.. واطلبه كل يوم في كل أمر بسيط  كان أو خطير، وإذا أحسست بفقدان السلام؛ فاعلم أن هناك ضعف أو خطيئة قد تسللت إليك فلا تتوان؛ بل افحص ذاتك.. وقدم على الفور توبة.. وارجوه لكي يحل بسلامه في قلبك مرة أخرى؛ فيفيض سلامك من جديد كمياه نهر عذب تسير للأمام في هدوء...