"لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة." (فى2: 13)

منح الرب إيليا قوة عظيمة فى مواجهة الشر المنتشر فى عصره. فطلب من الله أن لاتمطر السماء حتى يطلب نزول المطر مرة ثانية، فاستجاب له. وبجرأة وبخ إيليا آخاب الملك عندما اتهمه بأنه مكدر إسرائيل قائلاً له: "لم أكدر إسرئيل بل أنت وبيت أبيك بترككم وصايا الرب وبسيرك وراء البعليم" وقبل أن يصلي إيليا لله لكى ينزل المطر أمر آخاب أن يجمع له كل أنبياء البعل وكل الشعب، وقدم إيليا لله ذبيحة، فنزلت نار من السماء وأكلت ذبيحته ولحست الماء المسكوب حولها فصرخ الشعب يمجد الله قائلاً: "الرب هو الرب"

فطلب إيليا من الشعب أن يمسكوا أنبياء البعل وقام وأبادهم ولم تسكت إيزابل على ما فعله إيليا فأرسلت له تهديداً بقتله وخاف إيليا وهرب لأجل نجاته إلى البرية ونام تحت رتمة (شجرة) طالباً الموت لنفسه ولكن الله أرسل له ملاكه ليقويه.

سجل لنا الوحى الإلهي خوف إيليا النبي وضعفه لئلا ننسى أن كل البشر ضعفاء حتى ولو تمت على ايديهم المعجزات أو أعظم الأعمال. ولكن الإنسان قد يخطئ ويغتر أحياناً بأعماله وإنجازاته سواء فى مجال العمل أو الخدمة ناسباً لنفسه مجداً ليس له، وقد يظن أن القوة التي أنجز بها أعماله هى قوته الذاتية، وانه سيتمتع بهذه القوة على الدوام. ولذلك يسمح الله للبشر بأوقات يشعر فيها الإنسان بصغر النفس ليدرك صعفه فيتضع طالباً العون .

لقد ظن إيليا أنه الغيور الوحيد الذى لم يسجد للبعل وأنه هو الوحيد من شعب إسرائيل الذى بقي أميناً لله. ولهذا سمح الله أن تفارقه قوته لبعض الوقت. وكانت نتيجة ذلك هروبه ونومه تحت الرتمة فى يأس طالباً الموت لنفسه ولكن الله الحنان لم يترك إيليا، بل أعلن له خطأه مبيناً له أنه هو القدير الذى بقدرته تنشق أمامه الجبال وتتكسر الصخور، وأعمله الله أنه ليس وحده الغيور لأن الله أبقى لنفسه سبعة آلاف ركب التى لم تجث لبعل، وكما أخطأ إيليا فتركه الله لضعفه أخطأ شمشون حين ظن أنه بمقدوره أن ينتفض من تراخيه فى أي وقت يريده ليقوم ويحطم العشرات أو المئات من أعدائة، ولم يدرِ أنه سيفقد قوته عندما يسلم نفسه أسيراً فى يد دليلة لتصنع به ما تريد، وقد سجل لنا معلمنا بولس الرسول الكارز العظيم فى رسالته الثانية لأهل كورنثوس ما أصابه من ضيقة شديدة أدت به إلى اليأس الشديد. وقد فسر سر سماح الله له بهذه الضيقة قائلاً: لكن كان لنا حكم الموت فى أنفسنا لكى لانكون متكلين على أنفسنا بل على الله الذى يقيم الأموات "وقد شرح سبب خلق الله لنا بطبيعة بشرية ضعيفة قائلاً: "ولكن لنا هذا الكنز فى أوان خزفية، ليكون فضل القوة لله لا منا".

أخى ....أختى:

إن كان الله قد منحك قوة لتعمل أعمالاً وإنجازات عظيمة فلا تغتر بقوتك متناسياً ضعفك وإن كنت في شك من هذا فانظر لإيليا النبى العظيم تحت الرتمة فسيعلن لك أننا جميعاً بشر تحت الالآم.